دراسة فقهية اجتماعية مقارنة
الدكتور أسامة الحموي
قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه
كلية الشريعة
جامعة دمشق
الملخص
التبني حرام ، حرمته الشريعة بشكل قاطع، واستبدلت به الشريعة الإسلامية كفالة اللقطـاء ماديـاً
ومعنوياً وتربوياً، بأن جعلتهم في كفالة المجتمع والدولة، وعاملتهم معاملة قائمة علـى الواقـع
وبعيدة عن الخداع. وكفلت لهم الرعاية الاجتماعية بأوسع معانيها.
وحرمت الشريعة ثبوت النسب عن طريق الزنا وكل ما يشجع على الزنا، ونظام التبني ذو صـلة
وثيقة بالزنا.
ولما كان النسب من أعظم المصالح الضرورية للإنسان جعلت السبب الوحيد لثبوته عقد الـزواج
الذي يحمي الطفل من الضياع، ويكفل له النشأة السوية مع الحفاظ على كامل حقوقه مـن ثبـوت
النسب والحضانة والنفقة والتأديب والتربية والولاية على ماله. حتى يكبر. وبذلك حفظت الشريعة
للأطفال جميع حقوقهم التي يحتاجونها.
التبني ومشكلة اللقطاء وأسباب ثبوت النسب ((دراسة فقهية اجتماعية مقارنة))
512
المقدمة وأسباب اختيار البحث:
بسم االله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد فإن:
من القضايا التي تتعلق بشؤون الأسرة المطروحة للدراسة والبحث في بعض المجتمعات الإسـلامية،
ومنها المجتمع السوري مشكلة اللقطاء كقضية اجتماعية موجودة في الواقع وتحتاج إلى حل. وقـد
ارتفعت بعض الأصوات التي ينادي أصحابها إلى تقنين التبني، وقد اطلعت على دراسة أعدتها إحدى
مراسلات صحيفة يومية سورية عن مشكلة اللقطاء وكيفية حلها، ودهشت عندما علمت مـن خـلال
هذه الدراسة بوجود من ينادي بإباحة التبني والدعوة لتقنينه كحل لهذه المشكلة الاجتماعية الخطيرة،
كما طُرِحتْ قضية إباحة التبني في مؤتمر حماية الطفل الذي عقد في مدرج جامعة دمشـق بتـاريخ
29 – 30 / 10 / 2006م.وقد يكون الدافع لذلك الجهل بالشريعة الإسلامية وموقفها مـن التبنـي،
وعدم علمهم بالحلول التي وضعتها وعالجت بها هذه المشكلة الاجتماعية، وعليها بنى قانون الأحوال
الشخصية السوري حل هذه المشكلة.
وكان هذا الأمر الدافع والسبب الرئيس في إعداد هذا البحث الأكاديمي الذي من خلالـه بينـت حكـم
التبني وموقف الشريعة الإسلامية منه. ثم شرحت كيف وضع الإسلام البديل والحل المناسـب لهـذه
المشكلة الاجتماعية. وهذا الموضوع يستدعي الباحث بيان أسباب ثبوت النسب في الشريعة الإسلامية
إتماماً للبحث لتصبح الصورة واضحة ومتكاملة عند أي باحث أو قارئ، وليعلم كيـف حـل الإسـلام
مشكلة اللقطاء وموقف الشريعة من التبني.
والسبب الآخر الذي كان من دوافع كتابة هذا البحث ما يثار من ضجة في المطالبـة بتعـديل قـانون
الأحوال الشخصية السوري، ومن القضايا المطروحة للتعديل قضية إباحـة التبنـي، مـع أن هــذه
القضية لا تخضع للتعديل، لأن حكم التبني في الإسلام يدخل ضمن النظـام العـام الـذي لا يجـوز
المساس به، ويدخل ضمن دائرة الأحكام القطعية التي ثبتت بأدلة قطعية الثبوت والدلالـة، والتـي لا
يجوز الاجتهاد فيها فضلاً عن إلغائها تحت دعوى تطبيق القاعدة الفقهية المشهورة ¡ تتغير الأحكام
بتغير الأزمان . وجهلوا أن هذه القاعدة لا يعمل بها إلا في الأحكام التي تقبل الاجتهـاد، و الأحكـام
القائمة على الأعراف. والأسباب السابقة نفسها تكشف عن مدى أهمية هذا البحث.
ويتألف البحث من تمهيد ومبحثين وتحتهما عدة مطالب على النحو الآتي:
المبحث الأول: التبني ومشكلة اللقطاء.
المطلب الأول: التبني قبل الإسلام وموقف الإسلام منه.
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -23 العدد الثاني2007- أسامة الحموي
513
المطلب الثاني: حكم التبني في الشريعة وحكمة تحريمه.
المطلب الثالث: كيف حلت الشريعة الإسلامية مشكلة اللقطاء.
المبحث الثاني: أسباب ثبوت النسب في الشريعة الإسلامية:
المطلب الأول: أسباب ثبوت النسب من عقد الزواج.
المطلب الثاني: ثبوت النسب بالإقرار.
المطلب الثالث: ثبوت النسب بالبينة.
الخاتمة والنتائج.
تمهيد:
النسب حق من حقوق الأولاد في الشريعة الإسلامية، إذ من أهم الأغراض والمصـالح التـي رتبهـا
الشارع على عقد الزواج التوالد والنسل، فالإنسان يميل بفطرته إلى الولد، ويود أن يكون لــه أولاد
يبادلهم العطف والمحبة. ومجيء الأولاد ليس مقصوداً لذاته، بل ليكونوا أفراداً صالحين في المجتمع،
ولن يكون ذلك إلا بتكوين أُسر يتم بها بناء المجتمع، ولا يتحقق بناء الأسرة إلا برباط متين يربط بين
أفرادها ليعيشوا متحابين متعاطفين، وهذا الرباط جعله الشارع النسب. والنسب هو الحق الأول للولد
يدفع به عن نفسه الذل والضياع، كما أنه حق لوالديه، يحفظ بـه الأب ولـده مـن أن ينسـب إلـى
. (1) غيره،وتدفع به الأم عن نفسها العار والتهم
وقد عنيت الشريعة الإسلامية بشأن الأولاد، فشرعت لهم من الحقوق ما يكفل سعادتهم، ويحفظهم من
الانحلال والفساد، وما يهيئهم لحياة صالحة، فبعد أن شرعت لهم أحكاماً لثبوت النسـب لحفـظ هـذا
المولود من الهلاك في مستهل حياته، شرعت لهم أحكاماً للحضانة. فالمولود في هذه المرحلـة ومـا
بعدها يحتاج إلى من يرعى شؤونه، فكان له حق الحضانة، ثم الولاية. كما شرعت لهم أحكاماً للنفقة.
ولما كان الطفل ينشأ ضعيفاً عاجزاً عن الكسب، كان في حاجة إلى من ينفق عليه، فيثبت لـه حـق
النفقة على الوالدين أولاً، وعلى من يحل محلهما من الأقارب إن ثبت عجزهما أو فارقا الحياة. كمـا
شُرعت لهما أحكام للتربية والحفظ والتوجيه، وأحكام لإدارة المال والتصرف فيه، ولكن الذي يعنينـا
في هذا البحث هو الكلام عن حق النسب وأسباب ثبوته. وحكم التبني وكيف حـل الإسـلام مشـكلة
اللقطاء.
انظر أحكام الأسرة في الإسلام 671 د. محمد مصطفى الشلبي. (1) ص
التبني ومشكلة اللقطاء وأسباب ثبوت النسب ((دراسة فقهية اجتماعية مقارنة))
514
وقد اعتنى الشارع الحكيم بالنسب ونظمه، وأرسى قواعده وأحكامه، حفظاً لـه من الضياع أو الفساد
والاضطراب، وقد جعل الشارع النسب من النعم التي امتن بها على عباده، فقال االله سـبحانه: وهو
الَّذِي خَلَقَ مِن الْماء بشَرا فَجعلَه نَسبا وصِهرا وكَان ربك قَدِيرا ] الفرقان: 54 ].
أي خلق البشر من الماء، وجعل منه الزوجين، الذكر الذي ينتسب إليه ويتعرف به، والأنثـى التـي
يصهر ويرتبط بها، وكَان ربك قَدِيرا حيث خلق هذه الرابطة الكريمة، رابطة النسب والمصـاهرة
ليجد الأطفال في ظلالها من العطف والرحمة والحنان ما يكفل لهم التربية الحسنة وكَان ربك قَدِيرا
حيث اقتضت حكمته، أن يحيط هذه الرابطة القوية ذات الأثر البعيد في كيان المجتمع كله بجملة مـن
الأحكام تشكل سياجاً منيعاً يحفظها من الفساد والفناء، ويكفل لها الإنتاج القوي الصالح لخير المجتمع
.كمل جعل الشارع الحكيم للنسب سبباً واضحاً كريمـاً يتفـق مـع (1) الإسلامي بل وخير البشرية كلها
كرامة بني آدم، وهو الاتصال بالمرأة عن طريق عقد الزواج، ولم يتركه لرغبات الناس وأهـوائهم،
يهبه الشخص لمن يحب، ويمنعه عمن يحب، فأبطل طرقه غير المشروعة التي كانـت سـائدة عـن
. (2) طريق الفاحشة
قال االله تعالى: وما جعلَ أَدعِياءكُم أَبنَاءكُم ذَلِكُم قَولُكُم بِأَفْواهِكُم واللَّه يقُولُ الْحقَّ وهو يهدِي السبِيلَ
[ الأحزاب: 4 ].
. (3) وقال رسول الله : } الولد للفراش وللعاهر الحجر }
وشدد رسول االله النكير على الآباء الذين يجحدون نسب أولادهم فقال: {أيما رجل جحد ولده وهـو
لأن في هذا الإنكار (4) ينظر إليه احتجب الله منه يوم القيامة وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين}
تعريضاً للولد وأمه للذل والعار.
كما توعد الأبناء الذين ينتسبون إلى غير آبائهم بقوله : } من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلـم أنـه
لأن الانتساب إلى غير الآباء من أكبر العقوق لهم. (5) غير أبيه فالجنة حرام عليه }
انظر أحكام الأسرة في الإسلام 193 د. أحمد فراج حسين. (1) ص
أحكام الأسرة في الإسلام 675 د. محمد مصطفى الشلبي. (2) ص
أخرجه البخاري- كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة- باب للعاهر الحجر- رقم ( 6432 ) جـ 4 ص .2342 (3)
ومسلم- كتاب الرضاع- باب الولد للفراش وتوقي الشبهات- حديث رقم ( 1458 ) جـ 2 ص .1081
أخرجه النسائي- كتاب الطلاق- باب التغليظ في الانتفاء من الولد- رقم 5675 جـ 3 ص 378 – وأخرجه ابن حبان- (4)
كتاب النكاح- باب ثبوت النسب وما جاء في القائف- ذكر نفي دخول الجنة عن المرأة الداخلة على قوم بولد ليس منهم رقم
-4108 جـ 9 ص .418 وأخرجه الحاكم في المستدرك- كتاب الطرق رقم 2814 – جـ 2 ص 220 – 221 .
أخرجه البخاري- كتاب المغازي- باب غزوة الطائف- رقم 4071 – جـ ،3 ص 1466 – .1467 (5)
ومسلم – كتاب الإيمان- باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم رقم ( 115 ) ج 1 ص .80
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -23 العدد الثاني2007- أسامة الحموي
515
وكذلك حذر النبي النساء من أن ينسـبن إلى أزواجهن من يعلمن أنه ليـس منهم فقـال: {أيمـا
. (1) امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها جنته}
المبحث الأول: التبني ومشكلة اللقطاء:
كان النسب في الجاهلية قبل الإسلام يثبت عن طريق الفراش والولادة، والادعاء، والتبني. كان يولـد
الوليد على فراش الزوجية أو الملك، فينسب إلى صاحبه، ويولد الوليد من سفاح فيدعيه رجل فيقول:
أصبت أمه وهو يشبهني، فيكون له، وينسب إليه.
ويولد الوليد لأبيه وأمه، فيتبناه رجل ويستلحقه، فيكون له وينسب إليه، ويكون لديه كالابن النسـبي
على السواء. وغير هذا أو ذاك صور وأوضاع توارثوها، وأقاموا عليها، حتى جاء الإسلام وسار في
علاج هذا الأمر سيره في علاج سائر الأمور، التي عد لها أو قضى عليها من الأساس، يتئد ويتدرج،
حتى إذا صلحت النفوس قضى فحسم، وحكم فقطع. جارى الأوضاع وسايرها زمناً، ثم قضـى علـى
التبني وأبطل حكمه. وكذلك أبطل أن يكون الزنا والعهر طريقاً لثبوت النسب. فقال النبي :} الولـد
. (2) للفراش وللعاهر الحجر}
والمراد بالعاهر الزاني، أي إن الولد يكون نسبه لصاحب الفراش، وينسب إليه وهـو الـزوج، أمـا
. (3) الزاني فليس له إلا الخيبة والخسران
والشارع الحكيم يتشوف إلى ثبوت نسب الولد، إذْ هو من أعظم المصالح له.
المطلب الأول: التبني قبل الإسلام وموقف الإسلام منه:
أ) عند الرومان:
يعد الشخص المتبنى ابناً للميت في القانون الروماني فيرثه كأولاد الصلب. وهكذا كان الوضـع فـي
دول أوروبا قديماً، ولا يزال الوضع على حاله في قوانين هذه الدول في العصر الحاضر.
ب) عند العرب:
وكان العرب قبل الإسلام يلحقون المتبنى بالأبناء الصلبيين فيتقاسمهم الحقوق نفسها إن وجدوا، وإلا
انفرد بالتركة إن توافرت فيه شروط الميراث عند العرب قبل الإسلام.
أخرجه النسائي- كتاب الطلاق- باب التغليظ في الانتفاء من الولد- رقم 5675 جـ 3 ص 378 – وأخرجه ابن حبان- كتاب (1)
النكاح- باب ثبوت النسب وما جاء في القائف- ذكر نفي دخول الجنة عن المرأة الداخلة على قوم بولد ليس منهم رقم -4108
جـ 9 ص .418 وأخرجه الحاكم في المستدرك- كتاب الطرق رقم 2814 – جـ 2 ص 220 – 221 .
سبق تخريجه. (2)
انظر أحكام الأسرة في الإسلام 194 والتي بعدها د. أحمد فراج حسين. وانظر بدائع الصنائع: 242/6 . (3) ص
التبني ومشكلة اللقطاء وأسباب ثبوت النسب ((دراسة فقهية اجتماعية مقارنة))
516
والعرب قبل الإسلام كانوا لا يورثون النساء ولا الأطفال وإن كانوا ذكوراً. إذ كانوا لا يعطون المال إلا
من قاتل على ظهور الخيل أو طاعن بالرمح، أو قاتل بالسيف وحاز الغنيمة. فأول من يـرث عنـدهم
الأبناء الذكور سواء أكانوا من نكاح أو سفاح أو بالتبني، فإن لم يوجد الكبير منهم، ورث الأخ، فـإن
. (1) لم يوجد ورث العم
وكان العربي في الجاهلية يتبنى الرجل منهم ولد غيره فيقول لـه: أنت ابني أرثك وترثني، فيصـبح
ولده وتجري عليه أحكام البنوة كلها من الإرث والنكاح والطلاق ومحرمات المصاهرة، وغير ذلك مما
. (2) يتعلق بأحوال الابن الصلبي على الوجه الشرعي المعروف
ولما أشرقت شمس الإسلام، أخرج العرب من ظلمات الجاهلية وخرافاتها، وأبطل كثيراً من العـادات
القبيحة، وخلصها من عقائد زائفة وأوهام باطلة، كالظهار، والتطير، والفخـر بالأحسـاب، والطعـن
بالأنساب، كما أبطل وحرم عادة التبني، لأن فيه نسبة الولد إلى غير أبيه، فيهدم بـذلك كثيـر مـن
المصالح التي أقامها الإسلام على عقد الزواج.
واعتبرت الشريعة الإسلامية التبني من الكبائر التي توجب سخط االله تعالى. فقد جـاء فـي الحـديث
الصحيح عن سعد بن أبي وقاص أن رسول االله قال: {من ادعى إلى غير أبيه، وهو يعلم فالجنـة
. (3) عليه حرام}
. (4) كما ورد في الحديث: { ليس من رجلٍ ادعى لغير أبيه وهو يعلم إلا كفر }
تعريف التبني:
يقال: تبنيته أي ادعيت بنوته، وتبناه اتخذه ابناً.
وفي حديث أبي حذيفة: أنه تبنى سالماً، أي اتخذه ابناً.
. (5) والدعي: المنسوب إلى غير أبيه، والدعوة بكسر الدال ادعاء الولد
انظر الميراث في الشريعة الإسلامية 32 وما بعدها د. محمد علي الصابوني. (1) ص
آيات الأحكام جـ 2 ص 268 د. محمد علي الصابوني. (2)
أخرجـه البخاري- كتـاب المغازي- بـاب غزوة الطائف- رقـم الحديـث ( 4071 ، 4072 ) جـ 3 / 1446 ، دار (3)
العلوم الإنسانية ط 2 ومسلم في كتاب الإيمان، باب حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم رقم الحديث 63 ، جـ 1 ص 80
دار إحياء التراث العربي ط 1 .
رواه البخاري كتـاب المناقب، باب نسـبة اليمين إلى اسـماعيل، رقم الحديث ( 3317 )، ج 2 ص .1204 (4)
ومسلم، كتاب الإيمان، باب إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم رقم الحديث 61 ، جـ 1 ، ص 79 .
لسـان العرب جـ 1 ص 364 مادة دعا ، ط دار المعارف. ومختار الصحاح ص 138 ، والمغرب للمطرزي جـ 1 ص (5)
.289
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -23 العدد الثاني2007- أسامة الحموي
517
قال الشاعر
دعي القوم ينصر مدعيـه ليلحقه بذي النسب الصميم
أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيسٍ أو تميم
قال الله تعالى: وما جعلَ أَدعِياءكُم أَبنَاءكُم ] الأحزاب: 4 ].
أدعياءكم: جمع دعي، وهو الذي يدعى ابناً وليس ابناً، وهو التبني الذي كان في الجاهليـة وأبطلـه
. (1) الإسلام، وقد تبنى زيد بن حارثة قبل النبوة لحكمة جليلة
وقال ابن عربي في تفسير قوله تعالى: وما جعلَ أَدعِياءكُم أَبنَاءكُم ] الأحزاب: 4 ] كان الرجل يـدعو
الرجل ابناً إذ ارباه، أي يقيمه مقام الابن، فرد الله عليهم قولهم، لأنهم تعدوا به إلى أن قالوا: المسيح
ابن الله، وإلى أن يقولوا: زيد بن محمد، فمسخ الله هذه الذريعة وقطع حبلها، وقطع وصلها بما أخبر
. (2) من إبطال ذلك
وقد روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر بن الخطاب أنه قال: ما كنا ندعو زيد بن
. (3) حارثة إلا زيد بن محمد حتى نزلت الآية الكريمة: ادعوهم لِآبائِهِم هو أَقْسطُ عِند اللَّهِ
وقد روى السيوطي عن مجاهد رضي الله عنه أن النبي تبنى زيد بن حارثة وأعتقه قبل الـوحي،
فلما تزوج رسول الله زينب بنت جحش، قال اليهود والمنافقون: تزوج محمد امرأة ابنه وهو ينهى
الناس عنها، فنزل قول الله تعالى: وما جعلَ أَدعِياءكُم أَبنَاءكُم الآية: [ الأحزاب: 4 ].
. (4) وأما سبب تبني النبي لزيد بن حارثة قبل البعثة لقصة من أروع القصص
المطلب الثاني: حكم التبني في الإسلام وحكمة تحريمه:
حرم الإسلام التبني تحريماً قاطعاً ومؤبداً بعد أن كان عرفاً سائداً عند العرب في الجاهلية وفي صـدر
الإسلام ، حيث كان العرب يلحقون الابن المتبنى بالابن العصبي، حتى أنزل االله عز وجل قولـه فـي
تفسير آيات الأحكام جـ 2 ص 253 ، د. محمد علي الصابوني ، ط / دار البيان العربي. (1)
أحكام القرآن لابن عربي جـ 3 ص 1504 . (2)
رواه البخاري- كتاب التفسير- باب (( ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله )) ،1688/3 رقم ( 4504 ). (3)
ورواه مسلم- كتاب فضائل الصحابة- باب فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد رضي االله عنهما، ،1884/4 رقم ( 2425 ).
الدر المنثور جـ 5 ص 180 للسيوطي. (4)
وانظر خلاصة القصة في كتب السير.
وانظر أحكام القرآن للصابوني جـ 2 ص 269 وما بعدها.
وذكرها ابن عربي في أحكام القرآن جـ.3
التبني ومشكلة اللقطاء وأسباب ثبوت النسب ((دراسة فقهية اجتماعية مقارنة))
518
القرآن الكريم وما علَ أَدعِياءكُم أَبنَاءكُم ذَلِكُم قَولُكُم بِأَفْواهِكُم واللَّه يقُولُ الْحقَّ وهو يهدِي السـبِيلَ
ادعوهم لِآبائِهِم هو أَقْسطُ عِند اللَّهِ فَإِن لَّم تَعلَموا آباءهم فَإِخْوانُكُم فِي الدينِ] الأحزاب: 4 – 5].
فأبطل الله عز وجل بذلك عادة التبني، وما يترتب عليه من الحقوق والآثار، وبين أنه لا يستقيم فـي
منطق العقل أن يكون الطفل دعياً وابناً في آن واحد.
وكان أول من طبق هذا الحكم، وخالف العرف السائد عند العرب وبين بطلانه رسول الله ، وذلـك
عندما تزوج مطلقة زيد بن حارثة الذي تبناه قبل أن ينزل القرآن بإبطال التبني.
وكان يقال لزيد قبل ذلك: زيد بن محمد حتى نزلت هذه الآية.
وإن الإسلام لما حرم التبني حرمه لأنه يتنافى مع نظامه العام، ويهدم كثيراً من الأحكـام التـي
بني عليها نظام الأسرة، كما يهدم كثيراً من الحقوق ويفوتها على أصحابها الحقيقيين. وقـد يكـون
وسيلة للكيد والإضرار وحرمان الورثة، فتنهدر بذلك النظم الشرعية، ويحل الحرام محل الحلال.
ونظام الأسرة قائم على أسس شرعية ثابتة لا تتغير والتبني قد يتخذ وسيلة للفسـاد والاضـطراب
. (1) وإثارة الأحقاد والضغائن بين أفراد الأسرة الواحدة
كما أن التبني وثيق الصلة بالزنا الذي حرمه الإسلام وكل الأديان السماوية تحريماً شـديداً ولـذلك لا
تعترف الشريعة الإسلامية بأي أثر من آثار الزنا ومنها النسب.
. وذلك لأن أصول الشريعة الإسلامية لا تسـمح أبـداً بجعـل (2) فالنسب لا يثبت أبداً من طريق الزنا
المحرمات طريقاً لتحصيل المصالح، وثبوت النسب من أعظم المصالح بالنسبة للأولاد، لأن في ذلـك
تشجيعاً على الفاحشة، وعوناً على انتشارها، فكيف يحرم الإسلام الزنا ثم يعترف بثمرته.
فولد الزنا لا نسب لـه في الشريعة الإسلامية، ولذلك قال رسول االله :} الولـد للفـراش وللعـاهر
. (3) الحجر}
والفراش هنا كناية عن الزوج، ومعنى الحديث أن النسب لا يثبت للولـد إلا عـن طريـق الـزواج
الصحيح.
انظر قانون الأحوال الشخصية السوري جـ 2 ص 196 د . عبد الرحمن الصابوني (1)
انظر بدائع الصنائع للكاساني: 242/6 والتي بعدها. (2)
سبق تخريجه. (3)
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -23 العدد الثاني2007- أسامة الحموي
519
، لأنهـا مشـكلة (1) ولكن الشريعة الإسلامية بما تتصف من واقعية عالجت مشـكلة الأولاد اللقطـاء
اجتماعية خطيرة، ووجود اللقطاء أمر واقعي في كل المجتمعات،ولكن نسبتهم في بلاد المسلمين أقـل
نسبة بسبب أثر الوازع الديني الذي يقلل من شيوع الفاحشة وثمرتها بين أفـراد المجتمـع. حيـث
فرضت أحكامه رعاية اللقيط حتى إن الفقهاء أفردوا له باباً من أبواب الفقه لبيان أحكامه.
المطلب الثالث: كيف حلت الشريعة الإسلامية مشكلة اللقطاء:
نظرت الشريعة الإسلامية إلى هؤلاء اللقطاء نظرة رحمة وإنسانية ونظرة تبرؤهم من جريمة غيرهم
إذ من أبسط بدهيات الشريعة وأصولها أنه ولَا تَزِر وازِرةٌ وِزر أُخْرى ] النجم: 38 ]. ولا يؤخـذ
أحد بجريرة غيره أو ذنبه.
ولذلك عاملهم الإسلام معاملة الأيتام، من حيث وجوب الإنفاق عليهم، ما داموا بحاجة إلى مسـاعدة
مادية ومعنوية. وجعلهم في كفالة المجتمع أولاً، ثم في كفالة الدولة ثانياً. فمن المقرر عند الفقهـاء
وجوب حفظ اللقيط ورعايته على من يجده في مكان يغلب فيه موته أو هلاكه. وهو أحـق (2) بالاتفاق
به من غيره، وليس لأحد أن ينتزعه منه. إلا إذا جاء من أقر بنسب هذا اللقيط منه، فيثبت نسبه منه
. (4) وإن لم يخش هلاكه فيه كان إيواؤه مندوباً إليه (3) إذا استوفى شروط الإقرار بالنسب
، لقاء مـا وعـد بـه (5) وعلى من يلتقط هذا الإنسان أن يقوم بتربيته وتعليمه، وتقديم ما يحتاج إليه
رسول الله من أجر وثواب عظيم عند الله تعالى حيث قال: { أنا وكافل اليتيم فـي الجنـة كهـاتين
. (6) وأشار بالسبابة والوسطى }
- ولكن بشرط أن لا ينسبه إليه. وبذلك أراد الإسلام لهذا اللقيط أن ينشأ في كنف أسرة ورعايتهـا،
حتى ينشأ نشأة سليمة في جسمه وعقله وانفعالاته النفسية والعاطفية، فإن عجز هذا الإنسان عن
القيام برعايته و الإنفاق عليه، وجب عليه أن يدفع به ويسلمه للدولة لتتولى رعايته، لأن نفقتـه
. (7) تجب في بيت المال في هذه الحالة
اللقيط: هو مولود نبذه أهله فراراً من تهمة الزنا، أو نبذه أهله بسبب ظروف اجتماعية وهو من أب وأم شرعيين. حالت تلك (1)
الظروف الاعتراف به.
انظر البدائع للكاساني: ،198/6 والهداية: ،173/2 والقوانين الفقهية لابن جزيء. ومغني المحتاج ج 2 ص 418 والمهذب: .434/1 (2)
انظر مغني المحتاج ج 2 ص 227 والمهذب: .436/1 ويلاحظ هنا رأي الإمام مالك الذي لا يحكم بثبوت النسب إلا إذا بين (3)
المقر وجهاً شرعياً له.
البدائع: ،198/6 الهداية ،173/2 والقوانين الفقهية ص .224 (4)
انظر الأحوال الشخصية 400 للأستاذ محمد أبو زهرة ط دار الفكر ط .3 (5) ص
رواه البخاري، كتاب الطلاق، باب اللعان رقم الحديث .4998 ج 3 ص .1906 دار العلوم الإنسانية ط .2 (6)
البدائع: ،199/6 الهداية: ،173/2 القوانين الفقهية: ص ،224 ومغني المحتاج ج 2 ص 220 و ص 221 ، والمهذب: .435/1 (7)
التبني ومشكلة اللقطاء وأسباب ثبوت النسب ((دراسة فقهية اجتماعية مقارنة))
520 - وبذلك ضمن الإسـلام للقيط مجهول النسـب الحياة الكريمة، إذْ أوجب رعايته والإحسـان إليـه
بدافع نبيل وشريف، وهو إنقاذ هذا الإنسان بغية الإحسان إليه تقرباً إلى الله تعالى. وبشرط أن لا
ينسبه إلى نفسه، ويكفينا في ذلك قول الله تعالى في القرآن: فَإِن لَّم تَعلَموا آباءهم فَإِخْوانُكُم فِي
الدينِ ] الأحزاب: 5 ]، أي لتكن معاملة مجهول النسب معاملة الأخ لأخيه. - وحين يتضح هذا الأمر دون خداع وافتراء، تحدد الصلة الحقيقية بين مجهـول النسـب، وبـين
الآخرين على أساس من الواقع الصريح لا الخيالي الزائف، الأمر الذي يوجـب القيـام بواجـب
الإخوة الإنسانية الكاملة نحو هذا الإنسان من رعاية وإنفاق وعطف. - فالإسلام أقام حاجزاً قوياً بين الولد الشرعي الذي ينسب لأبويه نتيجة عقد زواج صـحيح، وبـين
ثمرة جريمة الزنا، فجعل للأول النسب الشرعي، وللثاني حق الرعاية الاجتماعية بأوسـع مـدى
بعد وفاته لأنـه غيـر (1) حتى أجاز العلماء للشخص الذي يكفل لقيطاً أن يوصي لـه بثلث أمواله
وارث، وربما كان ذلك المقدار أكثر من حصة أولاده الحقيقيين من الميراث، إعانة له على متابعة
حياته بعد الكبر والاعتماد على نفسه. - ثم إن التبني عقد ينشئ بين شخصين علاقات صورية ومدنية محضة لأبوة وبنوة مفترضـة، قـد
تكون بين رجل ولقيط مجهول النسب وثمرة من ثمرات الزنا، وقد يكون بين رجل وآخـر معلـوم
لأبوين وباتفاقهما يتم هذا التبني.
فالتبني مجرد كلام يخرج من الفم وادعاء لا يجعل هذا الطفل الغريب ابناً شرعياً لأنه كذب وافتراء، إذ
لا قرابة حقيقية تربط الطرفين ولا تشدهما مودة وعاطفة حقيقية، بل كثيراً ما تنشأ جراء ذلك عقدة
ثابتة في نفس كل منهما نحو الآخر ونحو المجتمع الذي حرمهما من البنوة والأبوة الشرعية.
وهذا ما أشارت إليه الآية الكريمة في قوله : وما جعلَ أَدعِياءكُم أَبنَاءكُم ذَلِكُم قَـولُكُم بِـأَفْواهِكُم
واللَّه يقُولُ الْحقَّ وهو يهدِي السبِيلَ ادعوهم لِآبائِهِم هو أَقْسطُ عِند اللَّهِ فَإِن لَّـم تَعلَمـوا آبـاءهم
فَإِخْوانُكُم فِي الدينِ ] الأحزاب: -4 5 ].
فالتبني لفظ وليس بحقيقة تنشئ حنان الأم، وعطف الأب واحترام الأبوين. فإن كان التبني لمجهـول
النسب ففيه تشجيع على الزنا حين يدرك الزاني أن ما تثمر عنه جريمته من ولد سيلقى من الرعاية
والكفالة بحيث يتساوى مع الولد الشرعي مما يخفف عنه التفكير حين يقدم على جريمته، لأن الزاني
. (2) حين يتصور المستقبل المظلم لثمرة جريمته قد يعدل عن ارتكابها قبل وقوعها
انظر شرح قانون الأحوال الشخصية السوري ج ،2 ص 194 والتي تليها، د. عبد الرحمن الصابوني. (1)
انظر شرح قانون الأحوال الشخصية السوري ج ،2 ص 195 والتي تليها، د. عبد الرحمن الصابوني. (2)
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -23 العدد الثاني2007- أسامة الحموي
521
وأما إن كان التبني لولد معلوم النسب ولكن تخلى عنه أبواه لفقرهما، فهو نوع من البيع والشراء يتم
بين المتبني وأب فقير عاجز عن سد نفقات أطفاله، لعجز نظام الدولة التي يعيش في ظلها عن تأمين
الحياة الكريمة لجميع أفرادها، فيلجأ لبيع أولاده كبيع الحيوان كما يحدث في بعض دول شرقي آسية. - وهذا الذي ذكرته هو موقف الشريعة الإسلامية من التبني والسبب في تحريمها له، وهو الذي دفع
بالقوانين العربية والإسلامية إلى تحريمه خلافاً لما تبيحه القوانين الأجنبية، بسبب الفارق الكبيـر
بين الحضارتين، والأسس التي تقوم عليهما. - وفي ظل زيادة عدد اللقطاء، وإقبال بعض الناس على التبني، فإن ذلك لا يشكل حلاً نافعاً، أو دافعاً
لإباحته قانوناً في مجتمعنا، لأن المفاسد والأضرار التي تترتب عنه أكثر من المنافع المتوهمة. - ثم إن الادعاء بأن إباحة التبني فيه مصلحة للمجتمع واللقيط المتبنى ادعاء باطل، وما قام علـى
باطل فهو باطل، ذلك لأن من شروط المصلحة التي تُبنى عليهـا الأحكـام أن لا تصـادم قواعـد
، وحرمة التبني من النظام العام في الشرع الذي تحرم مخالفته. (1) الشريعة ونصوصها - كما أنه وفي ظل تطور المجتمعات الإنسانية الغربية التي أباحت التبني فإنه ينبغي أن لا يشكل ذلك
أيضاً دافعاً لدينا لتقليدهم والسير وراءهم في حل هذه المشكلة الاجتماعية الخطيرة، إذ الفارق بين
الحضارتين واسع وكبير. وآثار إباحة التبني في المجتمعات الغربية خطيرة وكبيرة،كما كشف عن
ذلك علماء النفس والتربية والاجتماع عندهم. ذلك لأن الدراسات النفسية والتربوية التي قام بهـا
علماء النفس التربوي في الدول الغربية، قد أثبتت إصابة الأطفال اللقطاء الـذين نشـؤوا علـى
أساس بنوة زائفة ومفترضة بالعقَد والأمراض النفسية، مما دفع بهم للحقد على المجتمع، ومن ثَم
وجد علماء النفس أن ذلك كان دافعاً لهم إلى الإجرام، وأن نسبة المجرمين مـنهم كانـت عاليـة
. (2) جداً - ولكن الحل الأمثل في نظري يكون بنشر القيم الإسلامية الصحيحة، والحفاظ على صـرح وبنيـان
الأخلاق، والحرص على قدر معين من العفاف في المجتمع، والحفاظ على الهوية الإسلامية، وذلك
عن طريق محاربة ظاهرة التغريب، لأن ذلك يقلل من هذه المشكلة الاجتماعية الخطيرة ويقلل جداً
من أعداد اللقطاء.
انظر المستصفى للغزالي ج 1 ص 285 وانظر الوجيز في أصول الفقه الإسلامي- د. محمد الزحيلي ج 1 ص .256 (1)
انظر علم النفس التربوي 110 وما بعدها د. فاخر عاقر ط / دار العلم للملايين، بيروت، ط ،8 .1985 (2) ص
التبني ومشكلة اللقطاء وأسباب ثبوت النسب ((دراسة فقهية اجتماعية مقارنة))
522
ولأن هذه المشكلة الاجتماعية عندما أباحتها القوانين الغربية أصبحت عبئاً ثقيلاً جـداً علـى الـدول
الغربية بسبب كثرة أعداد اللقطاء الذين لا يجدون من يتبناهم، فاضطرت تلك الدول لإنفاق المليـارات
من الدولارات لرعايتهم، وذلك لأن إباحة التبني يشجع كثيراً على الزنا فيكثر اللقطاء وهذا هو الواقع
المشاهد عندهم. - كما أرى أنه من الحلول المناسبة علاجاً لهذه المشكلة أيضاً وبما يتفق مع أحكام الشريعة، تشجيع
الدولة للأسر رعاية اللقطاء واحتضانهم دون تبني، لينشؤوا في كنف أسرة، وتنمو انفعالاتهم نمواً
سليماً، وذلك بصرف راتب شهري لكل لقيط تتبناه أسرة وأن تكفل الدولة ذلك اللقيط ماديـاً لتلـك
الأسر التي تحتضنه حتى يكبر ويستقل بنفسه.
وبعد هذا البيان لموقف الشريعة الإسلامية من التبني، وكيف وجدت الشريعة الحل لمشكلة اللقطاء في
المجتمع، لا بد من بيان أسباب ثبوت النسب في الشريعة الإسلامية تتميماً لهذا الموضوع الخطير.
المبحث الثاني- أسباب ثبوت النسب في الشريعة الإسلامية:
المطلب الأول- أسباب ثبوت النسب في عقد الزواج:
أ) ثبوت النسب من المرأة:
إن سبب ثبوت النسب من المرأة في الفقه الإسلامي هو الولادة، فمتى جاءت بولد ثبت نسبه منهـا،
دون توقف على شيء آخر من عقد الزواج أو إقرار أو ادعاء ولا فرق بين أن تكون الـولادة مـن
زواج صحيح أو فاسد، أو اتصال بشبهة، أو من زنا لأن الولد جزء منها، وإذا ثبـت النسـب منهـا
. (1) بالولادة كان لازماً ولا يمكن نفيه
ب) ثبوت النسب من الرجل:
يثبت النسب في الفقه الإسلامي من الرجل بأحد الأسباب الآتية:
السبب الأول: عقد الزواج، السبب الثاني: الإقرار، السبب الثالث البينة.
أولاً- ثبوت النسب من عقد زواج صحيح:
ونفرق هنا بين حالتين:
الأولى- حال قيام الزوجية:
انظر بدائع الصنائع ج 6 ص 253 و ص 255 للكاساني. (1)
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -23 العدد الثاني2007- أسامة الحموي
523
على أن الولد الذي تأتي به المرأة المتزوجة زواجاً صحيحاً ينسب إلـى زوجهـا (1) – اتفق الفقهاء
والمراد بالفراش أن تكون المرأة حلالاً للرجـل بنـاء) (لحديث: { الولد للفراش وللعاهر الحجر }
على عقد زواج صحيح. ولكن لا يثبت النسب عن هذا الطريق إلا بالشروط الآتية:
أ- أن يكون الزوج ممن يتصور منه الحمل عادة: فلا يثبت النسب من الصغير غير البـالغ باتفـاق
الفقهاء، لأن هذه قرينة قاطعة على أن الحمل ليس منه.
ب- أن تلد الزوجة بعد ستة أشهر فأكثر من تاريخ عقد الزواج عند الحنفيـة، ومـع إمكـان
الوطء بعد العقد عند جمهور الفقهاء، في حين اشـترط ابن تيمية تحقـق الـوطء، أو الـدخول
ولا شـك أن (3) الحقيقي. ولا يكفي عنده إمكان الدخول. ورجح هذا القول ابن القيم في زاد المعاد
رأي جمهور الفقهاء فيه احتياط للأنساب، وهو رأي وسط يتفق مع موقف الشارع وتشوفه إلـى
ثبوت الأنساب، لأن ثبوت النسب من أعظم المصالح والحقوق للأولاد.
فإن جاءت به الزوجة لأقل من ستة أشهر لا يثبت نسبه من الزوج باتفاق الفقهاء لتحقـق حصـول
. إلا إذا ادعاه الـزوج ولـم (4) الحمل به قبل الزواج، لأن أقل مدة الحمل ستة شهور باتفاق الفقهاء
يصرح أنه من زنا، فيحمل ادعاؤه على محمل حسن وذلك على أن المرأة قد حملت بـه قبـل العقـد
عليها، إما بناء على عقد آخر، وإما بناء على دخول في عقد فاسد، أو وطء بشبهة مراعاة لمصلحة
. (5) الولد وستراً للأعراض بقدر الإمكان
ج- إمكان تلاقي الزوجين بعد العقد: وهو شرط متفق عليه.
انظر بدائع الصنائع للكاساني: ،242/6 والهداية: .33/2 (1)
سبق تخريجه. (2)
انظر زاد المعاد جـ 5 ، ص 415 ، المغني جـ 9 ، ص 54 ، واللباب جـ 3 ، ص 90 . (3)
ومغني المحتاج جـ 3 ، ص 380 ، وبداية المجتهد جـ 2 ، ص 391 والتي يليها ، الأحوال الشخصية ص 387 والتي بعدها
محمد أبو زهرة.
استدلوا على ذلك بقوله تعالى: وحملُه وفِصالُه ثَلَاثُون شَهرا وفِصالُه فِي عامينِ .) (
واختلفوا في أقصى فترة للحمل شرعاً فذهب الحنفية إلى أنها سنتان، وقدرها الشافعية بأربع سنوات وعند المالكية والحنابلة عدة أقوال
وأرجح هذه الأقوال قول محمد بن الحكم عند المالكية بأنها سنة وهو الذي يوافق رأي الطب اليوم.
انظر بدائع ج 3 ، ص 211 ، ومغني المحتاج ج 3 ، ص .390 والهداية: 35/2
انظر المغني ج 9 ، ص 53 ، والهداية: ،35/2 الفقه الإسلامي وأدلته جـ 7 ، ص 281 وما بعدها. د. وهبة الزحيلي (5)
وأحكام الأسرة في الإسلام ص 199 ، د. أحمد فراج حسين.
التبني ومشكلة اللقطاء وأسباب ثبوت النسب ((دراسة فقهية اجتماعية مقارنة))
524
ولكن المقصود بالإمكان عند الحنفية هو الإمكان العقلي، فمتى أمكن اللقاء بين الزوجين عقـلاً ثبـت
نسب الولد من الزوجين إن ولدته الزوجة لستة أشهر من تاريخ العقد، حتى ولو لم يثبـت التلاقـي
حساً، ولكن إن تيقن الزوج أن الولد ليس منه، فله أن ينفيه عن طريق اللعان.
وذهب جمهور الفقهاء إلى اشتراط إمكان التلاقي بعد العقد بين الزوجين بالفعل أو الحس والعادة،
وإمكان الوطء والدخول.
فلو تأكد عدم اللقاء بين الزوجين فعلاً لم يثبت نسب الولد من الزوج. وقد أخذت القـوانين العربيـة
بهذا الرأي ومنها قانون الأحوال الشخصية السوري في المادة ( 129 ).
وفائدة الخلاف هنا أن الولد لا ينتفي نسبه عند الحنفية إلا باللعـان وينتفـي دون لعـان علـى رأي
. (1) الجمهور لعدم إمكان التلاقي بين الزوجين عادة
وقد كان العمل بالمحاكم يجري على مقتضى المذهب الحنفي حتى عدل عن العمل به لما قد يجر إليـه
من الاحتمال والتزوير، فصدر القانون رقم ( 25 ) لسنة 1929 في مصر متضمناً النص في المـادة
(15 ) على أنه: (( لا تسمع عند الإنكار دعوى النسب لولد زوجة ثبت عدم التلاقـي بينهـا وبـين
زوجها من حين العقد، ولا لولد زوجة أتت به بعد سنة من غيبة الـزوج عنهـا ولا لولـد المطلقـة
والمتوفى عنها زوجها إذا أتت به لأكثر من سنة وقت الطلاق أو الوفاة )).
والقانون بهذا النص يخالف المذهب الحنفي في أمرين:
الأول: اعتبارهم العقد صحيحاً وكافٍياً في إثبات النسب حال قيام الزوجية ولو لم يتلاق الزوجان.
الثاني: اعتبارهم أقصى مدة الحمل سنتين، بل اعتبر أقصى مدة الحمل سنة واحدة شمسية، وحسـناً
فعل، لأن أهل الاختصاص في الطب قالوا: بعدم بقاء الولد في بطن أمه أكثر من سنة فالغالـب فـي
الحمل تسعة شهور وقد يمتد أكثر بقليل، ولكن لا يبقى أكثر من سنة، وفي ذلك يتفق مع رأي بعـض
. (2) المالكية الذين قالوا بأن أقصى فترة للحمل هي سنة قمرية
انظر الهداية: 35/2 ، بداية المجتهد: ،391/2 وشرح قانون الأحوال الشخصية ج 1 ، ص 288 والتي بعدها د. مصطفى (1)
السباعي.
انظر الأحوال الشخصية ص 388 محمد أبو زهرة و ص 390 والتي بعدها.
أحكام الأسرة في الإسلام ص 200 د. أحمد فراج حسين.
الفقه الإسلامي ج 7 ، ص 683 د. وهبة الزحيلي.
ذهب إلى ذلك محمد بن الحكم من المالكية انظر بداية المجتهد ج 2 ، ص 391 ، لابن رشد، وقال ابن حزم والشيعة أكثره (2)
تسعة شهور.
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -23 العدد الثاني2007- أسامة الحموي
525
غير أن القانون لم يجعل التلاقي شرطاً في ثبوت النسب وإنما جعله شرطاً في سماع دعوى النسـب
عند الإنكار. وبذلك يتفق القانون مع مذهب الجمهور في اشتراط إمكان التلاقي بعد العقـد، وإن لـم
يجعله شرطاً لثبوت النسب، وإنما جعله شرطاً في سماع الدعوى بنسب الولد ورتب على ثبوت عدمه
عدم جواز سماع الدعوى.
الحالة الثانية- ثبوت النسب بعد الفرقة من زواج صحيح:
وله حالتان: فرقة قبل الدخول والخلوة أو فرقة بعد الدخول.
أ) الفرقة قبل الدخول والخلوة: وفي هذه الحالة إذا جاءت بولد بعد الطلاق وقبل مضي ستة أشـهر مـن
تاريخ الطلاق، ثبت نسب الولد من الزوج لليقين بأنها حملت به قبل الفرقة.
وأما إن أتت به بعد مضي ستة أشهر أو أكثر من تاريخ الطلاق فلا يثبت نسبه من الزوج لأن الطلاق
. (1) قبل الدخول والخلوة تبين به الزوجة ولا عدة فيه
ب) في حالة الفرقة بعد الدخول أو الخلوة: إن أتت الزوجة بولد بعد الطلاق أو الوفاة، ثبت نسبه مـن
الزوج إذا ولدته قبل مضي أقصى مدة الحمل من يوم الطلاق أو الوفاة فلا يثبت نسبه من الـزوج
المطلق أو المتوفى، هذا سواء أكان الطلاق رجعياً أم بائناً أم في حالـة الوفـاة عنـد جمهـور
. (2) العلماء - وفرق الحنفية بين الطلاق الرجعي والطلاق البائن فقالوا:
أ- إن كان الطلاق رجعياً ولم تُقر المرأة بانقضاء عدتها، يثبت نسب الولد من الزوج مطلقـاً سـواء
أتت به قبل مضي سنتين من تاريخ الطلاق أو بعد مضي سنتين أو أكثـر (باعتبـار أن الحنفيـة
ذهبوا إلى أن أكثر مدة الحمل سنتان) لأن الطلاق الرجعي لا يحرم المرأة علـى زوجهـا فيجـوز
. (3) الاستمتاع بها ويكون ذلك رجعة منه
أما إن أقرت الزوجة بانقضاء عدتها في الطلاق الرجعي وكانت المدة تحتمل ذلك، [بأن كانـت المـدة
ستين يوماً عند أبي حنيفة، وتسعة وثلاثين يوماً عند الصاحبين]، فلا يثبت نسب الولد من الزوج، إلا
إذا كانت المدة بين الإقرار والولادة أقل من ستة أشهر لتبين كذبها أو خطأها في إقرارها.
انظر بدائع الصنائع ج 3 ، ص 211 والتي بعدها. والهداية: 34/2 – .35 (1)
الفقه الإسلامي وأدلته د. وهبة الزحيلي ج 7 ، ص .684
انظر المغني جـ 9 ، ص ،56 الفقه الإسلامي وأدلته ج 7 ، ص 684 والتي بعدها. (2)
انظر اللباب ج 3 ، ص 88 ، والهداية: 34/2 ، الفقه الإسلامي ج 7 ، ص ،685 الأحوال الشخصية ص 393 محمد أبو (3)
زهرة.
التبني ومشكلة اللقطاء وأسباب ثبوت النسب ((دراسة فقهية اجتماعية مقارنة))
526
فإن كانت ستة أشهر فأكثر، فلا يثبت نسبه من الزوج إلا إذا ادعاه، لجواز أن تكون حملت بـه بعـد
الإقرار بانقضاء العدة، ومدة الستة أشهر كافية فيه لتكوين الجنين فيحتمل أنها حملت به بعد انقضاء
. (1) العدة، والمقر يؤخذ إقراره ما لم يوجد دليل قاطع على كذبه في إقراره
ب- إن كان الطلاق بائناً ولم تُقر بانقضاء العدة:
فلا يثبت نسب الولد إلا إذا أتت به قبل مضي سنتين من تاريخ الطلاق، لأن أقصى مدة الحمل عندهم
سنتان فإن أتت به بعد مضي هذه المدة فلا يثبت نسبه منه، لأن الحمل حينئذ كان بعـد الطـلاق ولا
يحتمل أنه منه لحرمة وطئها بعده ولو كانت في العدة لأنه طلاق بائن تحرم به المرأة على زوجها إلا
. (2) إذا ادعاه
فإن أقرت بانقضاء العدة وكانت المدة تحتمل ذلك فإن ولدته لأقل من ستة شهور من وقت الإقـرار،
وكانت المدة بين الطلاق والولادة أقل من سنتين ثبت نسبه لظهور كذبها في إقرارها بانقضاء العـدة،
ولأن أقصى مدة الحمل سنتان وقد ولدته قبل مضي السنتين وإن ولدته لستة أشهر أو أكثر من وقت
. (3) الإقرار لا يثبت نسبه لاحتمال أنها حملت به بعد انقضاء العدة فلا يكون منه
-3 ثبوت النسب بعد الفرقة بسبب الوفاة:
إذا لم تقر بانقضاء عدتها، فإن جاءت بالولد لأقل من سنتين من تاريخ الوفاة ثبت نسبه من زوجها
المتوفى، وإن جاءت به لأكثر من سنتين لا يثبت نسبه.
. (4) وأما إن أقرت بانقضاء عدتها، وجاءت به لأكثر من ستة أشهر من وقت الإقرار لا يثبت نسبه
موقف القانون: وقد أخذ قانون الأحوال الشخصية السوري في المادة (130–131) بهذا التفصيل من
حيث المبدأ لبيان نسب الولد بعد الفرقة أو وفاة الزوج، وكذلك القانون المصري رقـم (35) لسـنة
،1929 إلا أن القانون حدد أقصى مدة للحمل سنة شمسية أخذاً برأي بعض الفقهاء الذين ذهبوا إلـى
انظر الفقه الإسلامي ج 7 ، ص 684 – 685 د. وهبة الزحيلي، والهداية للمرغيناني: 34/2 – .35 (1)
أحكام الأسرة في الإسلام ص 203 والتي تليها د. أحمد فراج حسين.
انظر بدائع الصنائع ج 3 ، ص 212 ، اللباب ج 3 ، ص 88 ، والهداية: ،34/2 الأحوال الشخصية ص 392 محمد أبو (2)
زهرة.
انظر بدائع الصنائع ج 3 ، ص 213 ، اللباب ج 3 ، ص 89 . والهداية: .35/2 (3)
الفقه الإسلامي ج 7 ص 685 والتي بعدها.
انظر بدائع الصنائع ج 3 ، ص 214 ، اللباب ج 3 ، ص 89 . والهداية: 35/2 (4)
أحكام الأسرة في الإسلام ص 205 د. أحمد فراج حسين.
الفقه الإسلامي ج 7 ص 685 د. وهبة الزحيلي.
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -23 العدد الثاني2007- أسامة الحموي
527
وحسناً ما فعل لأن هذا الذي يتفق مع رأي أهـل (1) أن غالب الحمل تسعة شهور وأقصاها سنة قمرية
الخبرة والاختصاص من الأطباء، فتعد هذه المدة بدلاً عن السنتين وهذا مبني على ما قـرره الطـب
وجزم به.
ثانياً- ثبوت النسب من زواج فاسد:
الزواج الفاسد إن تم فسخه قبل الدخول كالباطل لا تترتب عليه أية آثار، أما إن حصـل دخـول فـي
الزواج الفاسد فإن بعض آثار العقد الصحيح تترتب عليه ومنها ثبوت النسب احتياطاً للأولاد في ثبوت
نسبهم لأن الشارع يتشوف إلى ذلك.
فإن عقد رجل على امرأة عقداً فاسداً ودخل بها ثم أتت بولد، فإن نسبه يثبت منه إن أتت به لستة
. (2) أشهر فأكثر من تاريخ الدخول الحقيقي بها
ثم إنه لا يتوقف ثبوت نسبه منه في هذه الحالة على اعتراف الزوج بنسبه وحتى إن نفاه لا ينتفي،
لأن النفي في حال قيام الزواج الصحيح إنما يصح عن طريق اللعان، ولا لعان في الزواج الفاسد بين
الزوجين ومتى انتفى اللعان امتنع الانتفاء للنسب.
وأما إن أتت بالولد لأقل من ستة شهور من تاريخ الدخول الحقيقي بها فلا يثبت نسب ولدها منه
لليقين بحصول الحمل حينئذٍ من زوج سابق أو رجل غيره.
وإذا فارق الرجل المرأة التي عقد عليها عقداً فاسداً، أو فرق القاضي بينهما بعد الدخول ثم ولدت بعد
هذه الفرقة، فإن ولدت به لأقل من سنتين من تاريخ الفرقة ثبت نسبه من الزوج وإن ولدت به بعد
سنتين أو أكثر لا يثبت نسبه منه.
والذي عليه القانون يشترط ألا تزيد المدة بين الفرقة والولادة على سنة شمسية، فإن زادت لا
. (3) تسمع دعوى النسب عند الإنكار
ثالثاً: ثبوت النسب بعد الدخول بشبهة:
إذا دخل رجل على امرأة بشبهة، كأن عقد على امرأة ثم زفت له امرأة غيرها وقيل له إنها زوجتك،
أو كان وطء زوجته المطلقة ثـلاثاً وهـي معتدة معتقداً أنها تحل لـه ثم جاءت بولد بعد مضي ستة
هذا ما ذهب إليه الشيعة الإمامية وبعض الفقهاء في المذهب المالكي. (1)
انظر الهداية: 36/2 . (2)
انظر قانون الأحوال الشخصية ( ج 1 ) ص 291 د. مصطفى السباعي. (3)
أحكام الأسرة في الإسلام ص 206 د ¡ أحمد فراح حسين.
الفقه الإسلامي وأدلته ( ج 7 ) ص 687 والتي تليها د . وهبة الزحيلي.
التبني ومشكلة اللقطاء وأسباب ثبوت النسب ((دراسة فقهية اجتماعية مقارنة))
528
أشهر أو أكثر من وقت الوطء، فإنه يثبت نسبه من الواطئ لتأكد الحمل أنه منه، وإن أتت به لأقل من
. (1) ستة شهور لا يثبت النسب منه. إلاّ إذا ادعاه فإنه يثبت نسبه منه
أما الزنا فلا يثبت به النسب، لأن الشريعة أهدرت الزنا وأبطلت ما كان عليه أهل الجاهلية من
اعتباره سبباً للنسب، ولأن ثبوت النسب نعمة والزنا جريمة، والجريمة لا تكون سبباً في ثبوت
النعمة.
والزنى الذي لا يثبت نسباً هو الخالي من أي شبهة مسقطة للحد، فإذا وجدت شبهة تمحو وصف
الجريمة، أو تسقط الحد فقط، فإن النسب يثبت على الراجح عند العلماء في الحالة الثانية، وبإجماع
. (2) العلماء في الحالة الأولى
(3) المطلب الثاني لثبوت النسب: الإقرار
الإقرار هو وسيلة من وسائل الإثبات متفق عليها، ولكن الإقرار حجة قاصرة، بعكس الشهادة فهي
حجة متعدية. ومعنى ذلك أن أحكام الإقرار تلحق بالمقر فقط ولا تتعداه وكذلك بالنسبة للنسب فإن
آثاره تثبت للمقر فقط دون غيره.
والإقرار بالنسب نوعان:
إقرار محمول على النفس، مثل أن يقول: هذا ولدي.
-1إقرار محمول على الغير، مثل أن يقول: هذا أخي.
والنوع الأول: وهو أن يقر بنسب ولد إلى نفسه، ويثبت هذا النسب منه بشروط أربعة ذكرها العلماء
وهي:
-1ً أن يصدق هذا القرار الواقع، وذلك بأن يولد للمقر ولد مثل المقر له، بحيث يكون فارق السن
بينهما يجيز ذلك. أما إذا كان فارق السن بينهما يكذب هذا الإقرار، فلا يثبت النسب من المقر.
انظـر المغني ( ج 9 ) ص 57 لابن قدامـه، والهداية: 36/2 ، الأحوال الشـخصية ص 390 محمد أبو زهرة (1)
انظر أحكام الأسرة في الإسلام ص 207 د. محمد أبو زهرة.
الفقه الإسلامي وأدلته ( ج 7 ) ص 688 د . وهبة الزحيلي.
انظر الأحوال الشخصية 389 محمد أبو زهرة. (2) ص
انظر الهداية ج 3 / 190 والتي بعدها، والقوانين الفقهية ص ،264 ومفني المحتاج ج 2 ص ،259 وانظر شرح قانون (3)
الأحوال الشخصية ( ج 2 ) ص 175 والتي بعدها عبد الرحمن الصابوني.
الفقه الإسلامي وأدلته ( ج 7 ) ص 690 والتي بعدها. د . وهبة الزحيلي.
الأحوال الشخصية ص 396 والتي بعدها – محمد أبو زهرة.
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -23 العدد الثاني2007- أسامة الحموي
529
-2ً أن يكون المقر به مجهول النسب: وذلك بأن لا يكون معروف النسب من أب آخر إذ متى تأكد
ثبوت النسب من شخص فإنه لا يقبل الانتقال إلى غيره.
ويلحق بالولد ثابت النسب الولد المنفي باللعان، لاحتمال رجوع الأب عن رأيه فيثبت نسب الولد لأبيه.
-3ً أن يصدق الولد المقَِر له بالنسب هذا الإقرار إلا إذا كان الولد صغيراً غير المميز فلا عبرة
بإقراره.
4″- عدم ادعاء المقِر أن هذا الولد ابنه من زنى، لأن الزنا لا يصلح سبباً لثبوت النسب، وكذلك
. (1) التبني لا يصلح طريقاً لثبوت النسب، لأن الإسلام قد حرمه
ويصح الإقرار بالنسب عند الحنفية دون بيان سببه، ويحمل عندئذٍ على أن السبب شرعي وصحيح.
وخالف المالكية وقالوا لابد من بيان سببه. ورأي المالكية أفضل للفتوى في زمننا الذي غلب فيه عدم
. (2) التقوى فيحتاط للأنساب
وإذا ثبت النسب بالإقرار، أصبح الولد شرعياً، وتترتب له جميع حقوق الأولاد من نفقة وإرث وغير
ذلك، وتجب عليه جميع الواجبات التي تترتب على الأولاد نحو أبيهم.
النوع الثاني- الإقرار بنسب محمول على الغير:
كأن يقول: فلان أخي، وهو حمل للنسب على أبيه. ويصح هذا الإقرار ويثبت النسب إذا توافرت
الشروط السابقة في الإقرار بنسب محمول على النفس، ويزاد عليها شرط آخر، وهو تصديق الغير
الذي ألحق به النسب، فيشترط تصديق الأب هنا. فإن قال: هذا أخي وصدقه أبوه ثبت النسب إلى
الأب. وإن لم يصدقه فلا يثبت النسب لأبيه لأن الإقرار حجة قاصرة على المقر. فإن جاء بالبينة أي
بشاهدين يشهدان على قوله ثبت نسب الولد إلى أبيه بالبينة.
وإذا أقر شخص بنسب محمول على غيره، ولم يصدقه أبوه ولا إخوته ثبتت أخوة هذا الولد المقر له
للمقِر. وثبتت له جميع حقوق الأخوة، فإذا مات الأب فإن المقر له يشارك المقِر بحصته في الميراث
ويستحق المقَر له النفقة من المقِر إذا احتاج إليها وإذا مات المقِر دون وارث استحق المقَر له
. (3) تركته
انظر بدائع الصنائع ج 3 ، ص .217 والهداية: 190/3 والتي بعدها. والقوانين الفقهية: ص ،264 ومغني المحتاج ج 2 ص (1)
259 والمهذب: .351/1
انظر الأحوال الشخصية ص 389 محمد أبو زهرة. (2)
انظر بدائع الصنائع ج 3 ص 217 ، والهداية: 3 191/ ، ومغني المحتاج: 261/2 والتي بعدها، الفقه الإسلامي وأدلته ج 7 (3)
ص 693 د. وهبة الزحيلي.
شرح قانون الأحوال الشخصية السوري ج 2 ، ص 178 والتي بعدها د. عبد الرحمن الصابوني.
الأحوال الشخصية ص 400 محمد أبو زهرة. والمهذب: 1 / .352 والمهذب: 1 / .352
التبني ومشكلة اللقطاء وأسباب ثبوت النسب ((دراسة فقهية اجتماعية مقارنة))
530
وإذا كان المقر بالنسب هو الزوجة، فإن كانت لا زوج لها كالأرملة ثبت نسب الولد لها. لأن الزوجة
ينسب الولد إليها في جميع الحالات، ولو كان ولد زنا. وإن كانت متزوجة فلا يثبت نسب الولد إلى
زوجها إلاّ إذا صدقها، فإن أنكر زوجها فلا مجال لإثبات نسبه منه إلا بالبينة.
السبب الثالث من أسباب ثبوت النسب: البينة.
الشهادة حجة متعدية، والإثبات بالشهادة أقوى من الإثبات بالإقرار لأن الإقرار حجة قاصرة، ويثبت
نسب الولد بالبينة في الحالات الآتية:
إذا ادعت الزوجة الولادة وأنكرها الزوج أو أنكر أن ما ولدته غير هذا الطفل.
ففي هاتين الحالتين يصح إثبات النسـب من الولادة أو تعيين الولد بالشـهادة.
ويكفي أن تشهد امرأة مسلمة معروفة بالعدالة بهذه الولادة أو بتعيين الولد. كشهادة القابلة أو
. (1) الطبيبة المولِّدة، لأن شهادة النساء منفردات صحيحة في كل مالا يطلع عليه الرجال
قال الزهري ((مضت السنة أن تجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن من ولادات النساء
. (2) وعيوبهن))
وكذلك تصح شهادة الطبيب المولد في عصرنا الحاضر. هذا خلال قيام الزوجية أما بعد انقضائها
وإنكار الزوج الولادة فلا بد من إثبات النسب من البينة كاملة عند أبي حنيفة وهي شهادة رجلين أو
رجل وامرأتين، لأن الزوجة بالولادة تنقضي عدتها وتصبح أجنبية، وقال الصاحبان يثبت النسب
بشهادة القابلة فقط على الولادة.
وإذا أقر شخص بأن فلانة أمه وصدقته الأم ثبت نسبه منها، وأما إن أنكرت فيستطيع الولد إثبات
نسبه منها بالبينة الكاملة وهي شهادة رجلين أو رجل وامرأتين عند الحنفية، وشهادة رجلين عند
الجمهور.
وإذا عجز الولد عن الإثبات بالشهادة لجأ إلى اليمين، فإن حلفت الأم بطل الإقرار ولم يثبت النسب،
وإن نكلت عن حلف اليمين ثبت نسب الولد المقر منها.
-1ويجوز إثبات النسب بالشهرة والتسامع بالاتفاق عند الفقهاء وشرط الإثبات بالشهرة والتسامع،
سماع المشهود به وهو النسب هنا من جمع كثير يؤمن تواطؤهم على الكذب. فيقول أشهد أنه له
الأحوال الشـخصية 395 و 398 محمد أبو زهرة. الهداية: 191/3 ، ومغني المحتاج: ( 2 ) ص 259 و ص .263 (1) ص
والمهذب: .437/1
رواه عبد الرزاق في مصنفه وابن أبي شيبة، نصب الراية 3 ص .263 (2)
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -23 العدد الثاني2007- أسامة الحموي
531
ولا يقول الناس يقولون كذا. وهذا عند جمهور العلماء الحنفية والشافعية والحنابلة وقال
الصاحبان: يكفي أن يخبر رجلان عدلان أو عدل وامرأتان.
قال المالكية: يكفي أن يكون المنقول عنه غير معين بأن ينتشر المسموع به بين الناس العدول
. (1) وغيرهم واشترطوا أن يقول الشهود سمعنا كذا ونحوه
الخاتمة وأهم النتائج:
بعد هذا العرض لمشكلة اللقطاء نجد أن الشريعة الإسلامية عالجت هذه المشكلة بشـكل موضـوعي
وعادل فيه حفاظ على كيان الأسرة وأحكامها ونظامها الكامل مع الحفاظ على اللقطاء مـن الضـياع،
وعاملتهم معاملة قائمة على الحقيقة والصراحة دون خداع، ودون إهدار لكـرامتهم، وجعلـتهم فـي
كفالة المجتمع والدولة مادياً ومعنوياً وتربوياً. وحرمت التبني لأنه وثيق الصلة بالزنا ويشجع عليـه
ولأنه ينشئ علاقة صورية قائمة على الكذب والخداع، وله آثار اجتماعية ونفسـية سـلبية، ويخـل
بنظام الأسرة وأحكامها.
وحرصت الشريعة الإسلامية حرصاً شديداً على ثبوت الأنساب. ولكن حصرت ذلك عن طريـق عقـد
الزواج فقط، وأبطلت كل الطرق الأخرى. ولكن ثبوته عن طريق العقد الفاسد بعد الدخول وفي حالـة
الدخول بشبهة يدل على حرص الشريعة على عدم إهدار الأنساب والاحتياط لأجلهـا، لأن ذلـك مـن
الضروريات الخمس للإنسان والتي جاءت أحكام الشريعة كلها لحفظها، وثبوت النسـب مـن أعظـم
المصالح والحقوق للطفل.
وأهم النتائج التي نستخلصها من هذا البحث ما يأتي:
-1ثبوت النسب من أعظم المصالح والحقوق للطفل.
-2السبب الوحيد لثبوت النسب في الشريعة الإسلامية هو عن طريق عقد الزواج.
-3احتياط الشريعة الإسلامية في ثبوت الأنساب في حالات الدخول بشبهة وبعد الدخول في عقد زواج
فاسد لأنه ذلك من أعظم المصالح.
انظر مغني المحتاج 4 / .448 والمغني 9 / 161وما بعدها. (1)
بدائع الصنائع 6 / ،266 الإسلامي وأدلته ( ج 7 ) ص 696 د. وهبة الزحيلي. انظر شرح قانون الأحوال الشخصية ( ج 2 )
ص 180 والتي بعدها. د. عبد الرحمن الصابوني.
التبني ومشكلة اللقطاء وأسباب ثبوت النسب ((دراسة فقهية اجتماعية مقارنة))
532
-4ثبوت النسب عن طريق البينة أي الشهادة والإقرار كما قرره الفقهاء هو في الحقيقـة والواقـع
ليس سبباً في ثبوت النسب وإنما هو طريق من طرق الإثبات للكشف عن ثبوت النسب من عقـد
زواج، وهذا يعني أن السبب الحقيقي في ثبوت النسب هو عقد الزواج وليس الإقرار أو البينة.
-5التبني حرام، وهذا الحكم من النظام العام الذي يحرم مخالفته أو الاتفاق على إلغائه، لأنه ثبت ذلك
بأدلة قطعية الثبوت وقطعية الدلالة فهو لا يخضع للاجتهاد.
-6التبني علاقة صورية قائمة على الكذب والخداع. وعلى بنوة مفترضة وما بني على باطـل فهـو
باطل.
-7نظام التبني وثيق الصلة بالزنا وله آثار خطيرة وسلبية في الأسرة والمجتمع والدولة.
-8على الرغم من احتياط الشريعة الإسلامية في ثبوت النسب في الحالات المذكورة في البحث، فإنها
أقامت حاجزاً متيناً بينه وبين الزنا، لأنه من أشد المحرمات وأخطرها. فلا يمكن أن يكـون سـبباً
لثبوت نعمة النسب إذ هو من أعظم النعم للطفل. ولا يمكن أن يكون الحرام سبباً وطريقاً لتحصيل
المنافع والمصالح. و إلا وقع الشرع في التناقض وشرع االله منزه عن النقص والتناقض كِتَـاب
أُحكِمتْ آياتُه ثُم فُصلَتْ مِن لَّدن حكِيمٍ خَبِيرٍ .
ومن التوصيات التي أقترحها نتيجة لهذا البحث وتقرها أحكام الشريعة وتتفق معها.. تشجيع الدولـة
على رعاية اللقطاء وكفالتهم ضمن الأسرة بدلاً من دور رعاية الأيتام، وذلك عن طريق فرض راتـب
شهري يغطي نفقات هذا اللقيط لأن نشأته ضمن أسرة دون تبنيه خير للطفل اللقيط من دور رعايـة
الأيتام من الناحية النفسية والعاطفية والفطرية كما أثبتت الدراسات التربوية.
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -23 العدد الثاني2007- أسامة الحموي
533
المراجع
-1 لسان العرب، لابن منظور، ط دار المعارف.
-2 أحكام القرآن لابن عربي.
-3 تفسير آيات الأحكام- محمد علي الصابوني- ط دار البيان العربي.
-4 الدر المنثور للسيوطي.
-5 شرح قانون الأحوال الشخصية السوري د. عبد الرحمن الصابوني- المطبعة الجديدة – دمشق
– 1985 م.
-6 شرح قانون الأحوال الشخصية السوري د. مصطفى السباعي، مطبعة جامعة دمشق.
-7 الأحوال الشخصية للأستاذ محمد أبو زهرة، ط دار الفكر العربي ط .3
-8 علم النفس التربوي، د. فاخر عاقل- ط دار العلم للملايين – بيروت، ط 5 / 1985م.
-9 أحكام الأسرة في الإسلام- د. محمد مصطفى الشلبي – ط 2 / 1977م.
-10 أحكام الأسرة في الإسلام- د. أحمد فراج حسين.
-11 زاد المعاد لابن قيم الجوزية.
-12 الفقه الإسلامي وأدلته د. وهبة الزحيلي.
-13 بداية المجتهد لابن رشد- مكتبة الكليات الأزهرية- 1983م.
-14 بدائع الصنائع- علاء الدين الكاساني- دار الكتاب العربي- بيروت- ط 2 – 1982م.
-15 مغني المحتاج- محمد الخطيب الشربيني- دار الفكر.
-16 المغني لابن قدامة المقدسي – دار الكتاب العربي – بيروت – 1983م.
-17 الهداية للمرغيناني، المكتبة الإسلامية- القاهرة.
-18 القوانين الفقهية لابن جزئ- المكتبة الثقافية- بيروت.
-19 اللباب شرح الكتاب- عبد الغني الغنيمي- دار الحديث – بيروت.
-20 زاد المعاد في هدي خير العباد – لابن قيم الجوزية- مؤسسة الرسالة- ط 3 – 1982م.
-21 شرح قانون الأحوال الشخصية – د. مصطفى السباعي- ط 7 – مطبعـة جامعـة دمشـق –
1966م.
التبني ومشكلة اللقطاء وأسباب ثبوت النسب ((دراسة فقهية اجتماعية مقارنة))
534
-22 صحيح البخاري- محمد بن إسماعيل البخاري- ضبط وترقيم د. مصطفى ديـب البغـا- دار
العلوم الإنسانية- دمشق – ط 2 – 1993م.
-23 صحيح مسلم- مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري- تحقيق: محمد فؤاد عبد البـاقي- دار
إحياء التراث العربي – ط 1 – 1956 م.
-24 سنن أبي داود- لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني – تحقيـق: محمـد عبـد العزيـز
الخالدي- دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان- ط 1 – 1996م.
-25 السنن الكبرى – أحمد بن شعيب النسائي- تحقيق د. عبد الغفار سـليمان البغـدادي- سـيد
كسروي حسن- دار الكتب العلمية- بيروت – لبنان – ط 1 – 1991م.
-26 سنن ابن ماجه- محمد بن يزيد القزويني- تحقيق- محمد فؤاد عبد البـاقي- دار الحـديث-
القاهرة- ط 1 – 1998م.
-27 مسند أحمد بن حنبل- أبي عبد االله الشيباني- دار إحياء التراث العربي- بيروت – لبنان – ط
1 – 1991م.
-28 المستدرك على الصحيحين- محمد بن عبد االله الحاكم النيسابوري- تحقيـق مصـطفى عبـد
القادر عطا- دار الكتب العلمية- بيروت – لبنان – ط 1 – 1990م.
-29 صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان- للأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي- تحقيـق شـعيب
الأرناؤوط – مؤسسة الرسالة- بيروت – ط 2 – 1993م.
-30 المغرب للمطرزي- دار أسامة بن زيد- حلب.
-31 مختار الصحاح للفيومي- دار اليمامة- تحقيق د. مصطفى البغا.
-32 المستصفى محمد الغزالي- المطبعة الأميرية- بولاق مصر 1322 ه.
. -33 الوجيز في أصول الفقه الإسلامي- الدكتور محمد الزحيلي- دار الخير ط .1
تاريخ ورود البحث إلى مجلة جامعة دمشق .2006/11/7