بحث قدم لمؤتمر أسبوع الفقه الإسلامي الأول
في جامعة إسطنبول صباح الدين الزعيم الوقفية
عام 2015م
إعداد: الأستاذ الدكتور أسامة الحموي
استئجار الأرحام في الفقه الإسلامي (1)
لا بد من التعرض لمسألة هامة لها علاقة بالآثار التي تترتب على الولادة، وتتعلق بحقوق الطفل وأحكام النسب والتي انتشرت كثيراً في أيامنا وهي من النوازل المعاصرة، في الإنجاب ومعالجة العقم ، حيث تم استحداث طرق جدیدة في إنجاب الأولاد ، تُسمى استئجار الأرحام، التي أصبحت الحل الأمثل للحصول على الأطفال في دول الغرب خاصة وانتقلت إلى بعض الدول الأخرى ومنها بعض الدول الإسلامية .
ومفهوم استئجار الأرحام المعاصر هو :استئجار رحم امرأة سلیمة ،لزرعِ لقيحة مكونةٍ من بویضة امرأة ونطفة زوجها، مقابل أجرة مالية متفق عليها بين الطرفين ، وما إن تضع المرأة المولود تسلمه للزوجین، ویصبح ولدهما قانوناً.
وقد أخذت هذه الطریقة من الإنجاب بالانتشار في الغرب، وتم الاعتراف بها قانوناً ،ويتم تطبيقها على صور عدة .
وقد أخذت إجارة الأرحام تنتشر في بعض دول العالم الإسلامي مما دعا العلماء المعاصرين لبیان الحكم الشرعي فیها والآثار المترتبة علیها.
الألفاظ المعاصرة ذات الصلة في استئجار الأرحام :
نذكر هنا أهم تلك المصطلحات:
_____________________
- انظر إجارة الأرحام والآثار المترتبة عليه للدكتورة كريمة عبود جبر مجلة أبحاث كلية التربية الأساسية المجلد 9 / العدد 3 . جامعة الموصل. بتصرف كبير .
- الرحم الظئر :
الظئر: بكسر الظاء المشددة بعدها همز‑ هي العاطفة على ولد غیرها، المرضعة له في الناس وغیرها، وجمعه “أظئر” و”آظار”([1])، ومن هنا قیل للبذرة الأنثویة “البویضة” من امرأة بعد تعرضها لمني الزوج مثلها حتى یلتحم بها ثم إیداع ذلك في رحم امرأة أخرى قیل لذلك “الرحم الظئر”([2]).
2-شتل الجنین: الشتل “القطع”،وشتل الجنین هو واحد من المصطلحات للرحم الظئر، وحقیقته:أن یجامع رجل امرأته التي هي غیر صالحة للحمل، ثم ینقل الماء منها إلى رحم امرأة ذات زوج بطریقة طبیعیة فتحمله إلى نهایة وضعه، وطریقة النقل هذه هي “الشتل”([3]).
3-المضیفة: وهي المرأة الأخرى التي تنتقل إلى رحمها البیضة الملقحة، وتسمى أیضاً الحاضنة.([4])
4-الأم المستعارة: وهي التي نقل إلى رحمها البویضة اللقیحة وتسمى أیضاً “مؤجرة البطن”([5])
5-الرحم المستأجر: الرحم المستأجر أو الرحم البدیل هما الأكثر شیوعاً، والرحم المستأجر أطلق من باب التغلیب، لأن الأغلب في مثل هذه العملیات أن تكون بعوض.
وتسمى الأم هنا بالمستأجرة أو البدیلة، أو الأم بالوكالة أو بالإنابة. . .. . إلخ([6]).
أهم الأسباب الداعية إلى استئجار الأرحام ([7]):
١. ضعف الرحم وعدم القدرة على الاستمساك بالجنین والاحتفاظ به مدة الحمل، مما یؤدي إلى طرد الجنین.
٢. معاناة المرأة من أمراض تؤدي إلى وفاة الجنین المتكررة قبل بلوغه المدة اللازمة للولادة .
٣. أن يكون الحمل یُسبب للمرأة أمراضاً شدیدة كتسمم الحمل.
٤. وجود عیوب خلقیة شدیدة في الرحم تجعله غير قادر على الإنجاب.
٥. أن یكون رحم المرأة قد أزیل بعملیة جراحیة مع سلامة مبیضها، أو مولودة بلا رحم أصلاً.
٦. أن تكون المرأة سلیمة لا یوجد فیها مانع من الحمل، وإنما تفعل ذلك ترفهاً للمحافظة على رشاقتها.
أسباب المرأة المستأجرة الملجئة لإجارة رحمها:
بعد الاستقراء للواقع نجد أن الدافع الرئيسي في اللجوء لإجارة المرأة رحمها هو الفقر. فبالرغم من أن الأمومة من أكثر الغرائز قدسيةً، إلا أنها تحولت في بعض الدول إلى سلعة رخيصة استغلها معدومو الضمیر للمتاجرة بها، لتظهر تجارة من نوع جدید تُسمى”تأجیر الأرحام” وهذه التجارة أصبحت من أحد مظاهر تداعیات الفقر في بعض الدول النامیة.
ثم تسللت هذه الظاهرة إلى عالمنا الإسلامي،ففي إیران ازدهرت تجارة الأرحام بعد أن سن البرلمان الإیراني قانوناً یجیز ذلك بشروط محددة وتحت رعایة طبیة. كما انتشرت هذه الظاهرة في المغرب، وأخیراً في مصر حیث أعلنت أمُّ لها ولدان عبر موقعها في الإنترنت عن استعدادها لتأجیر رحمها لمن ترغب في الإنجاب مقابل مبلغ ٢٥٠٠ دولار ونفقة شهریة أثناء الحمل، مما أثار جدلاً فقهیاً داخل الأزهر ودار الإفتاء المصریة.([8])
صور الرحم المستأجر وحكمها والآثار المترتبة عليها :
أولاً: صور الرحم المستأجر([9]):
الصورة الأولى: أن یجري تلقیح خارجي في أنبوب اختبار بین نطفة رجل وبویضة زوجته ثم تزرع اللقیحة في رحم امرأة أخرى تتطوع بحملها ( امرأة متبرعة ) وتلجأ الزوجة إلى ذلك عند عجز رحمها عن الحمل، أو تفعل ذلك ترفهاً للمحافظة على جسدها، وتخلصاً من متاعب الحمل وآلام الولادة. وهذه الصورة أشهر صورة دار حولها الجدل الفقهي.
الصورة الثانیة: هي الأولى نفسها، إلا أن المتطوعة بالحمل هي زوجة ثانیة للزوج صاحب النطفة فتتطوع لها ضرتها لحمل اللقیحة عنها.
الصورة الثالثة: أن تلقح بویضة الزوجة بماء رجل لیس زوجها وتوضع اللقیحة في رحم المرأة المستأجرة. والدافع إلیها عقم الزوج وعجز رحم الزوجة عن الحمل لكن مبیضها سلیم. وهذه الصورة انتشرت كثيراً في الغرب وهي متفق على تحریمها.
الصورة الرابعة: لهذه الصورة وجوه متعددة خلاصتها:أن تؤخذ البویضة من المرأة سواء كانت متزوجة أم لا، وتلقح من ماء رجل أجنبي عنها سواء كان متزوجاً أم لا، ثم یزرع الجنین في رحم امرأة أجنبیة عن صاحب المني سواء كانت المرأة أخذت البویضة منها أم غیرها. فهذه الصورة مهما اختلفت وجوهها فهي متفق على تحريمها أيضاً.
الصورة الخامسة: أن تؤخذ اللقیحة المجمدة للزوجین بعد وفاة الزوجین وتزرع في رحم المرأة المستأجرة، وهذه الصورة محرمة بلا خلاف.
ثانياً- بيان الحكم الشرعي لصور الرحم المستأجر:
حكم المرأة السلیمة التي لا ترید الحمل ترفهاً، هذه الصورة لا یحل لها استئجار الرحم باتفاق العلماء المعاصرين ، وذلك لأنها فاقدة لكل شروط الحل ابتداءً.([10])
أما حالة المرأة غیر السلیمة، فقد حصل الخلاف فیها من نواح متعددة لاختلاف صورها. ولكن من حیث الجملة یمكننا القول بأن اتفاق العلماء حاصل على حرمة صور الرحم المستأجر باستثناء الصورتین الأولى والثانیة منها، فقد اختلفوا فیها كما اختلفوا في الآثار المترتبة علیها. لذلك سوف نستعرض آراء العلماء في الصورتین مقرونة بأدلتها ثم نذكر بعد ذلك الآثار المترتبة على كل صورة، على النحو الآتي:
١. حكم الصورة الأولى:
وهي أن یجري تلقیح خارجي بین نطفة رجل وبویضة زوجته ثم تزرع اللقیحة في رحم امرأة أخرى تتطوع بحملها ( متبرعة ) وقد اختلف العلماء المعاصرين في حكم هذه الصورة وانقسموا إلى فريقين:
الفريق الأول: وهم أغلب العلماء المعاصرين قالوا بالتحریم.([11])، وبه صدر قرار مجمع البحوث الإسلامیة بمصر رقم(١) بجلسته المنعقدة بتاریخ الخمیس /٢٩/ مارس / ٢٠٠١ م/، وقرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الثامنة المنعقدة بمقر رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة في الفترة من یوم السبت /٢٨/ ربیع الأخر /١٤٠٥ ه إلى یوم الاثنین /٧/ جمادي الأولى /١٤٠٥ه الموافق /٢٨/ ینایر /١٩٨٥م.
الفريق الثاني: ذهب إلى القول بإباحة هذه الصورة ، وبهذا أفتى قليل من العلماء المعاصرین([12]).
عرض الأدلة والمناقشة والترجيح:
أدلة الفريق الأول القائلین بالتحریم ومناقشتها:
١. قالوا إن الأصل في الأبضاع التحریم، ولا یُباح إلا ما نص علیه الشارع، والرحم تابع لبضع المرأة. فكما أن البضع لا یحل إلا بعقد شرعي صحیح، فكذلك الرحم لا یجوز شغله بغیر حمل الزوج فیبقى على أصل التحریم.([13])
٢. قالوا إن الرحم لیس قابلاً للبذل والإباحة، فإن الشارع حرم استمتاع غیر الزوج ببضع المرأة لأنه یؤدي إلى شغل رحم هذه المرأة التي استمتع ببضعها بنطفة لا یسمح الشرع بوضعها فیها إلا في إطار علاقة زوجیة یقرها الشرع، فیكون الرحم أیضاً غیر قابل للبذل والإباحة من باب أولى، وذلك للمحافظة على صحة الأنساب ونقائها. وما لا یقبل البذل والإباحة لا تصح هبته، وكذلك إجارته،لأن الإجارة “عقد على منفعة مقصودة معلومة قابلة للبذل والإباحة لعوض معلوم”، وقد مثل الفقهاء للشيء الذي لا یقبل البذل والإباحة ببضع المرأة لأن الاستمتاع به قاصر على الزوج، ولا یجوز إباحة هذا الاستمتاع لغیر الزوج، فلا یجوز أن یكون حملاً بالإجارة.([14])
٣. وجود شبهة اختلاط الأنساب لاحتمال أن تفشل عملیة التلقیح بعد وضع اللقیحة في الرحم المؤجر ویحدث الحمل عن طریق مباشرة الزوج لزوجته، فیظن أن الحمل والولید للمستأجر، مع أنه بالواقع لیس له. وكذلك ترد هذه الشبهة في حالة استمرار الزوج مباشرة زوجته وهي حاملة للبویضة الملقحة، لأن الجنین یتغذى بماء الزوج، كما یتغذى من الأم الحامل. وقد ورد النهي الصریح عن وطء الحامل التي هي من هذا القبیل فعن رویفع بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله علیه الصلاة والسلام قال: ((لا یحل لامرئ أن یسقي ماءه زرع غیره)). وفي روایة “فلا یسقِ ماءه ولد غیره”([15]). ولا یمكن أن نقول بمنع الزوج من وطء زوجته مدة الحمل، لما في هذا من منعه من واجب علیه إذ لم یكن له عذر، كما هو منصوص مذهب المالكیة والحنابلة، بل قد یكون واجباً علیه بالإجماع إذا خاف على نفسه الوقوع في الزنا، والمنع من الواجب حرام، وما یؤدي إلى الحرام یكون حراماً، كما أن اشتراط منع الزوج من وطء زوجته شرط باطل لمخالفته لمقتضى العقد.([16])
٤. وقالوا إن التلقیح بهذه الطریقة مستلزم لانكشاف عورة المرأة والنظر إلیها ولمسها، والأصل في ذلك أنه محرم شرعاً، ولا یجوز إلا لضرورة أو حاجة شرعیتین، ولو سلمنا بقیام حالة الضرورة أو الحاجة في حق صاحبة البویضة لم نسلمها في حق صاحبة الرحم البدیل، لأنها لیست هي الزوجة المحتاجة للأمومة . ([17])
٥. واستدلوا أيضاً بأن من أهداف الشریعة الإسلامیة، سد الأبواب التي تؤدي إلى حدوث النزاع والخلاف بین أفراد المجتمع، فكل ما یؤدي إلى حدوث نزاع بین الأفراد هو غیر جائز شرعاً. وتأجیر الأرحام سیؤدي في الغالب إلى حدوث هذا النزاع بین المرأتین، أیهما الأم؟ أهي صاحبة البیضة الملقحة، أم هي التي حملت وولدت، بل الاحتمال قائم بصورة قویة إذا امتد الخلاف بین أطراف أخرى یمكن أن يستفيدوا من ثبوت نسب الطفل من جهتهم، وخاصة إذا كان للطفل حقوق مادیة كالمیراث من أبیه مثلاً.([18])
أدلة أصحاب القول الثاني القائلین بالإباحة ومناقشتها:
١. قالوا: إن الأصل في الأشیاء الإباحة، ولا تحریم إلا بنص قطعي.([19])
وهذا الاستدلال فيه نظر، لأن الصحیح أن الأصل في الأشیاء بعد ورود الشرع هو الحل في المنافع والتحریم في المضار، لا الإباحة المطلقة. ولو سلمنا بها، فهي مقیدة بقاعدة أخرى، وهي أن الأصل في الأبضاع التحریم.
أما القول بأنه لا تحریم إلا بنص قطعي، فإن أرید قطعي الثبوت لم یسلم، لأن خبر الواحد ظني الثبوت، ویثبت التعبد به مع قصوره عن إفادة العلم، وإن أرید به قطعي الدلالة فلا یسلم أیضاً، فالكتاب والسنة المتواترة منها ما هو ظني الدلالة إلا أنه یحتج به.([20])
٢. واستدلوا بقیاس الرحم على الثدي بجامع التغذیة في كل، فكما تتم التغذیة عن طریق الفم في حالة الإرضاع، تتم في الرحم بمواد مستخلصة من الطعام المهضوم في أحشاء الأم بواسطة الحبل السري، فهي مصدر الغذاء الضروري لاستبقاء الجنین في كل منهما، وقال بعضهم : فهذه تؤجر رحمها وتلك تؤجر ثدیها.([21])
٣. وجود حالة الحاجة الشرعیة، حیث یلجأ لهذه الطریقة عند وجود أسباب طبیة غالباً ما تمنع المرأة من الحمل، كأن تولد بلا رحم، أو تكون مصابة بتشوهات أو مرض یجعل الحمل مستحیلاً أو عند إرادة الوقایة من انتقال بعض الأمراض الوارثیة عن طریق الأم البیولوجیة، والرغبة في تحصیل الولد حاجة لا تنكر، والحاجة تنزل منزلة الضرورة.
وتم رد هذا الدلیل : بعدم التسلیم بوجود حالة الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة، فإن دفع الحاجة إلى التنعم بالولد لمن حرم منه عن طریق استئجار الأرحام، وإن كان مصلحة، فإن المفاسد المترتبة على وسیلة دفع الحاجة أرجح منها، فهذه الطریقة تؤدي إلى التنازع بین الناس مع ما فیها من شبهة الاختلاط في الأنساب.
الترجيح:
ونرى رجحان القول الأول القائل بالتحریم سواء كانت المرأة المستأجرة متزوجة أم لا، وسواء كانت أجنبیة عن زوج صاحب البویضة أم لا، وسواء كانت منجبة أم غیر منجبة، ففي كل الحالات والصور یحرم أن یُزرع في رحم المرأة جنین انعقد من بویضة لیست منه، سواء لقحت هذه البویضة بماء أجنبي أم بماء الزوج، وذلك بالإضافة إلى ما قدمه المانعون لها من أدلة، لاسیما الدلیلان الأول والثاني، فإن قاعدة “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح” تصلح دلیلاً قویاً للقول بالتحریم، لما تخلفه هذه العملیة من مفاسد وأضرار خطيرة على جمیع الأصعدة تجعلها مرفوضة شرعاً وعقلاً وعرفاً. فلو نظرنا إلى:
أولاً- المحرمیة: فالأثر المترتب على تأجیر الرحم من هذه الناحیة هو القول: ” بأنه یحرم من تأجیر الرحم ما یحرم من الرضاع” فیصبح عندئذ المولود محرماً على المرأة المستأجرة كالأم الرضاعیة، وعلى أولادها، كما یحرم على زوج المستأجرة الزواج بالمولود على فرض أنها أنثى. ولو سلمنا بأن هذا كله یمكن ضبطه، فكیف سنضبطها لو أجرت هذه المرأة رحمها لأكثر من أسرة، وتوفیت، ثم حدث مستقبلاً زواج بین أبناء هذه الأسر، ألیس في هذا مخالفة لمقاصد الشرع الذي یحرص على نقاء النسب وصیانته من التدلیس والتزییف والضیاع.
ثانیاً- النفقة: فالسبب الملجئ إلى تأجیر المرأة رحمها في الغرب هو الحصول على المال لتنفقه على نفسها وأسرتها، والمرأة في الإسلام لیست ملزمة بالإنفاق على أولادها فضلاً عن نفسها ولو كانت موسرة، بل النفقة واجبة على الزوج وجعلت أساس القوامة لقوله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾([22]) حتى إن بعض العلماء قالوا: “إذا لم ینفق علیها لم یكن قواماً علیها “([23]). وعندئذ لا یوجد هنا أي سبب ملجئ للمرأة المسلمة إلى أن تعرض رحمها لتنفق على زوجها وأولاده، وكیف یرضى هذا الزوج أن یشغل رحم زوجته بماء رجل أجنبي؟.
ثالثاً- الحیاء: إذ هو أجمل ما تتصف به المرأة المسلمة، وهو شعبة من الإیمان لقوله علیه الصلاة والسلام: “الحیاء شعبة من الإیمان” لذا نرى المرأة المتزوجة المسلمة إذا ما علمت بحملها ازدادت حیاءً، وأول شيء تفكر فیه هو الملابس الفضفاضة لتستر نفسها وتخفي حملها فیه، مع أنه حمل شرعي لا غبار علیه، وكلما كبر الجنین ازدادت حیاءً ولا تخرج إلا للضرورة. فأین هذا كله من المرأة المستأجر رحمها، لاسیما إذا كانت أرملة أو مطلقة، كیف تغدو وتروح بین الناس وهي حامل بلا زوج!!. ثم إن كانت غیر متزوجة على رأي المبیحین لذلك، وظهر علیها الحمل، ألیس في ذلك تعریض لها للقذف وإشاعة للفاحشة في المجتمع.
٢-حكم الصورة الثانیة:
إن هذه الصورة یتم فیها تلقیح بویضة الزوجة بماء زوجها ثم تزرع في رحم زوجة ثانیة لذات الرجل، وذلك بمحض اختیارها ( متبرعة ) للقیام بهذا الحمل عن ضرتها. عند قیام الحاجة، كأن یكون رحم إحدى الزوجتین معطلاً أو منزوعاً، ولكن مبیضها سلیم، بینما یكون رحم ضرتها سلیماً. فالقائلون بالإباحة بالصورة الأولى یبیحون هذه الصورة من باب أولى. أما القائلون بتحریم الصورة الأولى فقد اختلفوا في شرعیة هذه الصورة، وكانوا على رأیین.
الرأي الأول: یرى جواز هذه الصورة. وممن قال بذلك المجمع الفقهي بالأغلبیة في دورته السابعة (١٤٠٤ه) والقاضي الأستاذ عبد القادر العماري، والدكتور علي محمد یوسف المحمدي، والدكتور عارف علي عارف وآخرون.([24]) وعللوا ذلك: بأن المرأتین زوجتان لرجل واحد، والزوجة الأخرى قد تبرعت بحمل اللقیحة لضرتها، فوحدة الأبوة متحققة، والتماسك العائلي موجود وشبهة اختلاط الأنساب هنا مختفیة. لأجل هذا أباح المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي بالأغلبیة هذه الصورة في دورته السابعة، ولكن بشرط الحیطة الكاملة في عدم اختلاط النطاف، لأن الخطأ في اختلاط بویضة ملقحة بأخرى ستمتد آثاره إلى أجیال وأجیال. كما يشترط قیام الحاجة لذلك.
الرأي الثاني: ذهب إلى تحریم هذه الصورة أیضاً.([25]) ودليلهم:
١- أن هذه الصورة یندرج تحتها مشاكل كثیرة، لاحتمال أن تحمل الزوجة الأخرى، ویتم تلقیح بویضتها هي إذا لم یمتنع عنها زوجها، وفي هذه الحالة لا يُعلم من هي الأم. وقد كان المجمع الفقهي قد أجاز هذه الصورة في دورته السابعة في(١٤٠٤ ه)، ولكن عاد وألغى هذا القرار في دورته الثامنة (١٤٠٥ ه). وذلك: (لأن الزوجة الأخرى التي زرعت فیها لقیحه بویضة الزوجة الأولى، قد تحمل قبل انسداد رحمها على حمل اللقیحة من معاشرة الزوج لها في فترة متقاربة مع زرع اللقیحة، ثم تلد توأمین، ولا یعلم ولد اللقیحة من ولد معاشرة الزوج، كما لا تعلم أم ولد اللقیحة التي أخذت منها البویضة من أم ولد معاشرة الزوج، كما قد تموت علقة أو مضغة أحد الحملین ولا تسقط إلا مع ولادة الحمل الآخر الذي لا یعلم أیضاً أهو ولد اللقیحة أم حمل معاشرة الزوج، وذلك یوجب اختلاط الأنساب لجهة الأم الحقیقیة لكل من الحملین والتباس ما یترتب على ذلك من أحكام المیراث والنفقة والبر، وإن ذلك كله یوجب الإمساك عن الحكم في الحالة المذكورة.([26])
ولكن أهل الاختصاص من الأطباء يقولون بأن هذا الاحتمال مستبعد، لأن عملیة زرع اللقیحة تحتاج إلى تحضیرات، وهذه التحضیرات الكثیرة تمنع اتصال الزوج بها، ولا تخرج من المستشفى إلا بعد أن یكون المبیض قد أغلق بعد العلوق، لذلك فإن الحمل الثاني مستبعد وهذا ما قرره فریق من الأطباء المختصين.([27])
٢. وقالوا أیضاً بوجوب التفریق بین المني والجنین، فمني الزوج یجوز استدخاله للزوجة لأنه مأذون به، أما الجنین الذي تكون البویضة فیه من غیر التي یُراد زرعه في رحمها فهو غیر مأذون به شرعاً، وإن لقحت البویضة بماء الزوج، لأن ماء الزوج وحده هو المأذون، والجنین لیس ماء الزوج فقط، وإنما اختلطت البویضة معه، والبویضة خارجة عن نطاق الزوجین ولو جاءت من زوجة أخرى للزوج. إذاً هي غیر مأذون في استدخالها. فهنا اجتمع محظور ومأذون فیه، والقاعدة الواجب تطبیقها هنا معروفة وهي: إن ما اجتمع فیه حظر وإباحة قُدم جانب الحظر فیه على جانب الإباحة لاسیما في ما یتعلق في الفروج.([28])
الترجيح :
أرى ترجيح القول بجواز هذه الصورة ، وذلك لعدم وجود مانع شرعي إذ النطفة من الزوج والبويضة من الزوجة، وأما الرحم وإن كان من زوجته الثانية فهي بمثابة الأم الرضاعية لأن اللقيحة تتغذى من دمها وعلة ثبوت حرمة الرضاع هو الجزئية وهنا في هذه الحالة إن الجنين يتغذى فقط من الزوجة الثانية وينبت لحمه وينشز عظمه منها فتكون كالأم بالرضاع . كما لا مانع من بذلها رحمها لحمل البويضة الملقحة لأنها من زوجها وهي متبرعة وليست مؤجرة. كما لا تؤدي هذه الصورة إلى أي نوع من المفاسد أو النزاع أو الإخلال بنظام وأحكام الأسرة . والله تعالى أعلم .
ثالثاً – الآثار المترتبة على صور الرحم المستأجر:
الآثار المترتبة على الصورة الأولى:([29])
وتتمثل الصورة الأولى بزرع اللقیحة المكونة من بویضة امرأة، وماء زوجها في رحم امرأة أخرى أجنبية تُستأجر لهذا الغرض. إذا وقعت هذه الصورة من التلقیح یترتب علیها الأحكام الآتية:
أولاً: إیقاع عقوبة تعزیریة على كل من ساهم في هذه العملیة سواء كان طرفاً فیها أم منفذاً لها لأنها عملیة محرمة وتُعد جريمة شرعاً .
ثانیاً: المتبرعة بالحمل إذا كانت ذات زوج، حرم على زوجها مقاربتها حتى تضع الحمل.
ثالثاً: تأخذ المتبرعة بالحمل حكم الأم من الرضاعة.
رابعاً: نفقة المرأة المستأجرة تكون على صاحب النطفة حتى تضع المولود.
خامساً: أما عن نسب المولود من جهة الأب، لمن یثبت أهو لزوج المرأة المستأجرة أم لصاحب النطفة؟ قبل عرض أقوال الباحثین في نسب المولود، لابد من بیان علاقة الرحم المستأجر بجریمة الزنا، وهل تُعد عملیة استئجار الرحم زنا بحیث تترتب علیها آثاره ؟ ، لأن هذا ینعكس على الحكم الفرعي الآخر وهو نسب المولود، لأن الزنا لا یُثبت نسباً من جهة الأب.
انقسم العلماء في هذه المسألة إلى مذهبین :
المذهب الأول: قال أصحابه تُعد هذه العملیة زنا.وعللوا ذلك: بأن إدخال ماء رجل في رحم امرأة لیس بینها وبین الرجل نكاح یُعد زنا([30]). ونوقش هذا التعلیل: بأن هذا القول فیه خلط بین الزنا بمعناه الشرعي وبین استدخال المني. فالزنا شيء، واستدخال المني شيء آخر، كما فیه خلط بین استدخال المني وبین استئجار الرحم.
إن اندماج البویضة مع مني الرجل یكون خلیة واحدة تسمى (البویضة الملقحة)، وهي أولى مراحل تخلق الإنسان، ومعنى هذا أن الإنسان ابتدأت مراحل حیاته من هنا، وما یأتیه بعد ذلك هو الغذاء. فإذا كان الذي یُشتل في الرحم إنساناً، فكیف یُعطى له حكم المني، والمني لا یمكن أن یكون بمفرده جنیناً؟ على أن دخول كل منهما له تأثیر یختلف عن تأثیر الآخر؛ فالمني إذا دخل هبت الملایین من حیواناته تبحث عن بویضة تتحد معها، بینما زرع الجنین واستقراره في الرحم یؤدي إلى منع المبیض من الإباضة، وذلك عن طریق قیام هرمون یُسمى: البروجسترون بذلك. ولذلك نرى أن المني غیر الجنین، وأن أثر كل منهما مختلف، وأن الخلط بینهما غیر صحیح([31]).
المذهب الثاني([32]):لا تُعد عملیة زرع اللقیحة في رحم المستأجرة زنا. وعللوا ذلك : بأن هنالك فرقاً بین الاثنین من نواحٍ عدة وهي :
١- الزنا هو الإیلاج المحرم الخالي من شبهة الحل، وهو ركنه الأساسي وهو هنا معدوم، لذلك مرتكب هذا الفعل لا یُعد زانیاً، فلا یقام علیه حد، ولكن لما كان هذا الفعل محرماً، فإن كل من یساهم فیه یستحق التعزیر ٠
٢- في الزنا قد یحدث اختلاط الأنساب، إذ قد یختلط ماء الرجل ببویضة المرأة الزانیة فیلقحها، أما ههنا فلا اختلاط بین ماء الزوجین وماء صاحبة الرحم، لأن زرع اللقیحة یتم بعملیة جراحیة، ودور صاحبة الرحم الحامل مثل دور المرضع تعطیه الغذاء ولا تعطیه الصفات الوارثیة، فالرحم هنا عبارة عن وعاء ومحصن ومستودع فقط لا علاقة له باختلاط الأنساب.
٣- القصد من الزنا لیس الاستیلاد ونسبة الولد إلى الزاني، وإنما المتعة وقضاء الشهوة، وهذا خلاف الرحم المستأجر الذي قصد منه الاستیلاد فقط ([33]). ولا شك في رجحان هذا القول على القول الأول بأن استئجار الرحم ليس من الزنا وغن كان محرماً .
أولاً- نسب المولود من جهة أبیه:
اختلف العلماء في ذلك على رأيين:
الرأي الأول: قالوا ینسب المولود إلى أبویه اللذین جاءت منهما اللقیحة المتكونة من بویضة امرأة وماء رجل بینهما نكاح صحیح. وعللوا ذلك : بأن الجنین بعد زرعه لن یستفید من المستأجرة غیر الغذاء، والرحم لا ینقل أي صفة وراثیة، ولا یعمل إلا كحضانة للجنین تحمیه وتمده بما یلزم نموه.
الرأي الثاني:
یرى بعض الباحثین: أنه إذا كانت المرأة المستأجرة ذات زوج فإن نسب المولود ثبت لزوجها، ولا یتبع صاحب النطفة.([34])ودلیل ذلك حدیث “الولد للفراش وللعاهر الحجر”([35]).
وقد رد الدكتور هاشم جمیل على هذا الاستدلال ([36]): بأن هذا الحدیث الشریف یحكم كل حالة یكون فیها مصدر الجنین غیر مقطوع به بیقین: فلو اغتصبت امرأة، أو زنت، أو وطئت بشبهة، ثم ظهر بها حمل وكان بالإمكان أن یكون الحمل من هذا الوطء كما یمكن أن یكون من الزوج، ففي هذه الحال ینسب الحمل لصاحب الفراش، أي: للزوج ما لم ینفه، فإن تنازع الزوج والزاني مثلاً فهنا نقول: “الولد للفراش وللعاهر الحجر”، فالحدیث إنما یحكم مثل هذه الحالات. أما إذا قطعنا بیقین أن الولد لیس لصاحب الفراش فإن الولد لا ینسب إلیه، یدلل على ذلك:لو أن رجل تزوج فولدت المرأة لأقل من ستة أشهر، فالولد لا یلحق الزوج إجماعاً. ولو زوج الولي صغیراً لا یستطیع الوطء فولدت زوجته فالولد لا یلحق الزوج، ونظائر ذلك كثیرة، وأقوال الفقهاء من مختلف المذاهب في ذلك متضافرة، ومن ذلك قول لابن قدامة في المغني: ” من ولدت امرأته ولداً لا یمكن أن یكون منه في النكاح، لم یلحقه نسب ولم یحتج إلى نفیه، لأنه یعلم أنه لیس منه فلم یلحقه، كما لو أتت به عقب نكاحها لدون ستة أشهر من حین تزوجها، فلا یلحق به في قول كل من علمت قوله من أهل العلم”.([37])
وبهذا یتبین أن المقطوع بعدم نسبته إلى صاحب الفراش، ولا یوجد بحسب الظاهر ما یمكن معه أن ینسب إلیه فإن المولود في هذه الحالة لا ینسب إلى صاحب الفراش ولا یحتاج فيذلك إلى نفیه. أما إذا ألحق به حسب الظاهر، وهو یعلم یقیناً أنه لیس منه، فاٍن من الواجب علیه في هذه الحالة نفیه.
وفي شرح المنهاج قال: “ولو أتت بولد یمكن أن یكون منه بحسب الظاهر وعلم أنه لیس منه، لزمه نفیه، لأن ترك النفي یتضمن استلحقاته “.([38])واستلحاق من لیس منه حرام، كما یحرم نفي من هو منه، وعلیه فإنه باستثناء ما إذا كانت المتبرعة زوجة ثانیة لزوج صاحبة البیضة في الصورة التي ذكرناها لزرع الجنین لا یحتمل معها أن یكون الجنین لزوج المتبرعة، لأن التلقیح بین البویضة ومني الزوج قد تم خارج الرحم، وبذلك تكوَّن الجنین، ثم إن الزرع في رحم المتبرعة لا يكون إلا بعد التأكد من خلوه من الحمل واستعداده لاستقبال الجنین، والزرع یمنع المبیض من الإباضة، ومن ثمَّة فإن المولود من المتبرعة لا علاقة لزوجها به قطعاً، فلا یجوز أن ینسب إلیه، وإن نسب فعلیه نفیه عن نسبه.([39])
الترجيح :
والذي أراه راجحاً هو قول القائل بأن المولود ينسب هنا للزوجین صاحبي اللقیحة، ولیس لزوج المستأجرة ، لأنه يحمل صفاتهما الوراثية وكان دور صاحبة الرحم تغذية الجنين، ولأن الغایة من هذه العملیة بغض النظر عن كونها محرمة، هو أن یكون لهما مولود یحمل اسمهما ویبر بهما في الكبر ویصلهما فكیف یكون ذلك وهو منسوب لغیرهما؟.
ثانیاً: أما عن نسب المولود من جهة الأم لمن ینسب؟ هل ينسب لصاحبة الرحم المستأجر أم لصاحبة البویضة؟.
لا خلاف بین العلماء على أن المولود ینسب لصاحبة البویضة إذا كانت المستأجرة غیر متزوجة، إنما الخلاف حصل فیما لو كانت المستأجرة امرأة ذات زوج على قولین:
القول الأول: ینسب المولود لصاحبة الرحم التي ولدته، وهو قول كثیر من الباحثین، واستدلوا على ذلك بما یأتي:([40])
أولاً: الآیات القرآنیة الكریمة التي دلت بصریح النص أن الأم هي التي تحمل وتلد، وأن التي یتم التخلیق في بطنها هي الأم، فمن هذه الآیات:
قوله تعالى:﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا ﴾([41])، وقوله تعالى:﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ ﴾([42])، وقوله تعالى:﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا﴾([43]).
فبین الله تعالى في الآیة الأولى أن التي ولدت وخرج منها الجنین هي التي تسمى أماً، وفي الآیة الثانیة أن التي تحمل الجنین هي التي تسمى أماً حقیقیة، وینسب لها، وفي الآیة الثالثة أن التي تحمل الولد كرهاً وتضعه كرهاً هي أمه.
ونوقش هذا الاستدلال : بأن الأم الحقیقیة على مر التاریخ ووقت نزول القرآن هي مجموعة الهیئة التي هي صاحبة الحمل والوضع، وهي ذاتها وفي الوقت نفسه صاحبة البویضة. فكل مولود له بأمه صلتان: صلة تكوین ووارثة، وأصلها البویضة. وصلة حمل وولادة وحضانة، وأصلها الرحم، فإطلاق الأم على التي حملت ووضعت فقط من غیر أن تكون البویضة منها، إطلاق على غیر الهیئة الكاملة لها وقت التنزیل([44]).
ثانیاً: ذكر القرآن الكریم صفة الأمومة للتي حملت وولدت بصیغة تدل على أن الأمومة تختص بها فمن ذلك:
أ. قوله تعالى: ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾([45])، والوالدة حقیقة في التي ولدت بالفعل.
ب. وكذلك قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ﴾([46]).
وجه الاستدلال : إن القرآن صرح أن الأم هي التي ولدت، وقد أورد ذلك بأقوى أساليب القصر([47])، وهي النفي والإثبات فنفى الأمومة عن التي لم تلد الولد، وأثبتها للتي ولدت.
نوقش هذا الاستدلال: بأن هذه الآیة تتحدث عن الظهار وهو قول الرجل لامرأته :أنت علي كأمي، أو كظهر أمي، فهذا كان ینتج عنه عند العرب قبل الإسلام تحریم الزوجة على زوجها، لأنها بهذا القول قد أصبحت في عرفهم كالأم. فأراد الشارع الحكیم أن یبین لهم بأسلوب واضح یتفق ومداركهم بأنهم على خطأ في تصورهم هذا، وذلك لأن المظاهر أمام امرأتین، زوجته التي ظاهر منها، وأمه التي ولدته وشبه زوجته بها، أما زوجته فهي بعیدة كل البعد عن معنى الأمومة بالنسبة له، لذلك فهي غیر محرمة علیه:” ما هن أمهاتهم”، وقولهم هذا لا یحرمهن، لأن التحریم إنما یأتي من قبل الشرع، وإذا كان الأمر كذلك فمن هي أمه المحرمة علیه من هاتین المرأتین؟ هي المرأة الأخرى التي ولدته ولیست التي ظاهر منها:﴿إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ﴾.فإذا كان للآیة حصر فهو بالنسبة للمرأتین المذكورتین في سیاقها ولیس على الإطلاق، وعلیه لیس مراد الآیة هنا حصر الأمومة بالولادة، وإلا فإنها ستتعارض مع قول الله تعالى: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ ﴾، إذ كیف یصح أن یحصر الأمومة بالولادة، وهنا سمى المرضعات أمهات؟([48])
القول الثاني : ینسب المولود إلى صاحبة البیضة، أما المرأة المستأجرة التي حملته([49])وولدته فهي مثل الأم الرضاعیة، لا یثبت لها النسب بل یثبت لها حكم الرضاع، واستدلوا على قولهم هذا بالأدلة ذاتها التي استدلوا بها على ثبوت النسب للأب صاحب البویضة.
الترجيح :
الملاحظ أن خلاف الباحثین حول نسب المولود سواء من جهة الأب أم الأم سببه صاحبة الرحم لأنها ذات زوج، فلو كانت غیر متزوجة أو أرملة أو مطلقة فلا إشكال في نسب المولود إلى أبویه صاحبي البویضة. والصحیح الذي يرجحه الباحث هو القول بنسبة المولود إلى أبویه الحقیقیین صاحبي اللقیحة دون غیرهما للأسباب الآتیة :
١. لأن سبب ثبوت النسب من الزوج كونه مخلوقاً من مائه، لذا أجمع الفقهاء على عدم ثبوت النسب لمن تزوج فولدت امرأته لأقل من ستة أشهر، أو إذا ولدت زوجة الصغیر، وله نفیه وعلیه فالمولود هنا لیس من ماء زوج المستأجرة ولا من بویضتها ولا علاقة جنینیة بینهما، فلا ینسب المولود لهما ولهما نفیه.
٢. علمنا أن حدیث النبي علیه الصلاة والسلام:”الولد للفراش وللعاهر الحجر”إنما یكون حال النزاع والخلاف على الولد، فإذا كانت المرأة المستأجرة وزوجها على یقین بأن المولود لیس ابنهما ولا یريدانه أصلاً فكیف نحكم بأن المولود لهما ؟ وعلى فرض حصل نزاع في ذلك فإن وسائل ثبوت النسب كثیرة، وإن الطب الیوم أصبح قادراً على كشف النسب وبسهولة من خلال تحلیل البصمة الوراثية (الحمض النووي ) لهما.
ب:الآثار المترتبة على الصورة الثالثة:([50])
وهذه الصورة تتمثل بأخذ لقیحة مكونة من بویضة امرأة متزوجة وماء رجل غیر زوجها. وزرعها في رحم امرأة أخرى. قلنا سابقاً الملجئ إلى ذلك عقم الزوج، مع عجز رحم الزوجة، إلا أن مبیضها سلیم، هذه الصورة محرمة بالاتفاق لأنه استعمال رحم المرأة المتبرعة بالحمل على وجه غیر مأذون به شرعاً عند القائلین بتحریمه. بتلقيح تلك البویضة بغیر ماء الزوج.
وتترتب على هذه الصورة الآثار التالیة إن وقعت:
١- العقوبة التعزيرية.
٢- حرمة مقاربة زوج المرأة المتبرعة بالحمل لزوجته مادامت حاملاً إلى الولادة لأن الحمل لیس منه.
٣- لا ینسب المولود لزوج صاحبة البیضة ولا إلى صاحب المني لأنه انعقد من مائه على وجه غیر مشروع، كما لا ینسب إلى المتبرعة بالحمل لأنه لیس منها.
٤- یُنسب المولود لصاحبة البیضة فقط.
ج _ الآثار المترتبة على الصورة الرابعة:([51])
هذه الصورة وإن تعددت وجوهها إلا أن الآثار المترتبة علیها واحدة. من حیث وجوب العقوبة، ووجوب اعتزال المرأة التي زرع الجنین فیها من قبل زوجها إن كانت ذات زوج مادامت حاملاً، وعدم نسبة الحمل إلى أب، وإلحاقه بصاحبة البویضة، إذا كانت المرأة التي زرع الحمل فیها لیست صاحبة البویضة واعتبرت الأخرى بمثابة الأم من الرضاع.
د- الآثار المترتبة على الصورة الخامسة([52])
تأخذ هذه الصورة المتمثلة بنقل اللقیحة من زوجین وزرعها في رحم امرأة مستأجرة. هذه الصورة محرمة لأنها تأخذ أحكام الصورة الأولى المشابهة لها.
المبحث الثالث- المفاسد والأضرار المترتبة على تأجیر الأرحام:
تترتب على عملية استئجار الأرحام، مفاسد وأضرار كثيرة على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع تفوق كثیراً المنافع والمصالح التي تحققها. والقاعدة الأساسیة في هذا المبحث هي “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح” لأن للمفاسد سریاناً وانتشاراً كالوباء، فلا بد إذاً من درء المفسدة أولاً، ولو كانت فیها بعض المصالح. قال تعالى:﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ﴾.([53]) فالله عز وجل منع الخمر والمیسر للمفاسد التي فیها رغم ما فیها من المنافع المادیة لبعض الناس. وقضیتنا فیها منفعة للزوجین من تحصیل الولد وللزوجة من تحقیق أمومتها وذاتها إلا أن إثمها أكبر من نفعها بسبب الأضرار والمفاسد التي تسببها وفي النواحي كافة، فمن هذه المفاسد والأضرار الكثيرة نذكر منها ما يلي:
أولاً- إفساد معنى الأمومة التي فطرها الله تعالى وعرفها الناس، وصبغها بالصبغة التجاریة، مما یناقض معنى الأمومة التي عظمتها الشرائع وأناطت بها مكاناً وحقوقاً عدیدة، ونوه بها الحكماء وتغنى بها الأدباء، وهذا المعنى وذلك التعظیم لا یكون من مجرد بویضة أفرزها مبیض امرأة ولقحها حیوان منوي من رجل، إنما تكون من شيء آخر بعد ذلك هو الوحم والغثیان والوهن مدة الحمل، هو التوتر والقلق والطلق عند الولادة والضعف والهبوط والتعب بعد الولادة، هذه الصحبة الطویلة لتلك العوارض هي التي تولد الأمومة.([54])
ثانیاً: ذهب بعض الباحثین إلى أن من مخاوف هذه العملیة فتح الباب على النساء الفقیرات في العالم على أداء عمل كهذا تحت وطأة الحاجة الاقتصادیة ویصبح الطفل سلعة تباع وتشترى باسم الإنسانیة، وتحت شعار”أمنیة الأسر المحرومة”، فالأسرى الثریة التي لا ترید لابنتها أن تتحمل متاعب الحمل وآلام الولادة، وترید أولاداً، ما علیها إلا أن تقدم البویضة فقط وعلى المرأة المستأجرة أن تقوم بالحمل والولادة، امرأة تبیض وأخریات یحملن ویتألمن ویعانین آلام الحمل والمخاض.
ومن ناحیة أخرى فبهذا الأسلوب تستطیع الأسر الثریة أن تملك عدداً كبیراً من الأطفال في مدة قصیرة إن أرادت ذلك عن طریق سحب بویضاتها وتلقيحها بماء الرجل، ثم زرعها في عشرات البطون المستأجرة بعد دفع أثمانها، فتحصل على عشرات الأطفال في عام واحد. وهي لم تحمل، ولم تضع، ولم ترضع([55]).
ثالثاً: الجنین یتغذى ویتأثر بالرحم وبالبیئة المحیطة به، وربما بسلوك وعادات ضارة من قبل المرأة المستأجرة تؤدي إلى تشوهات الجنین مثل التدخین وتناول الكحول، ثم ماذا لو اكتشف الطبیب تشوهات خلقیة بالجنین قبل ولادته یمكن علاجها بالتدخل الجراحي هل ستسمح بذلك المرأة المستأجرة، وهل ستعرض حیاتها لخطر الموت من أجل ولید لا تملكه؟ فضلاً عن ذلك فإن بعض النساء یحدث لهن أمراض بسب الحمل مثل الارتفاع المفاجئ في نسبة السكر، وارتفاع ضغط الدم، وتسمم الحمل مما قد یودي بحیاة الحامل، فلا بد من تدخل الطبیب للتضحیة بالجنین وإنهاء الحمل حفاظاً على حیاة الحامل فكیف تتفاعل الأم المستأجرة مع الأم الأصلیة في ذلك؟([56]).
فهرس المراجع
١- القرآن الكریم.
أولاً: كتب التفسير:
٢- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، تحقیق: هشام سعید البخاري، الناشر: دار عالم الكتب، الریاض، ١٤٢٣ه.
ثانیاً: كتب الحدیث وعلومه:
٣- إرواء الغلیل، للألباني، أشرف على الطباعة: زهیر الشاویش، المكتب الإسلامي، بیروت، ١٠٤٥ ، لبنان، ط ٢.
٤- سنن أبي داود، لأبي داود السجستاني، تحقیق: محب الدین عبد الحمید، الناشر: دار الفلك.
٥- سنن البیهقي، لأبي بكر البیهقي، تحقیق: عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمیة، ١٠٤١، بیروت، ط ١
٦- سنن النسائي، لأحمد النسائي، عبد الفتاح أبو غدة، الناشر: مكتبة المطبوعات الإسلامیة، ١٤٠٦ه، حلب، ط ١
٧- صحیح البخاري، لمحمد بن إسماعیل البخاري، تحقیق: مصطفى البغا، الناشر: دار ابنكثیر، بیروت، ط ٣، ١٠٤٧.
٨- صحیح مسلم، لمسلم بن الحجاج، تحقیق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار إحیاء التراث العربي، بیروت.
٩- مسند الإمام أحمد بن حنبل، مؤسسة قرطبة، مصر.
ثالثاً- كتب الفقه:
١٠ – المغني، لابن قدامه، طبعة جدیدة بالأوفست بعنایة جماعة من العلماء، الناشر، دار الكتاب العربي، بیروت، لبنان، ١٤٠٣ه.
١١ – مغني المحتاج، للشیخ محمد بن محمد الشربیني، دار إحياء التراث العربي، بیروت-لبنان، ٢٠٠١ م.
رابعاً- كتب الفقه الطبیة المعاصرة :
، ١٢ – بنوك النطف والأجنة/ لعطا السنباطي، الناشر: دار النهضة العربیة، القاهرة، ط1، 1421ه.
١٣ – التلقیح الصناعي بین أقوال الأطباء وآراء الفقهاء، لأحمد محمد لطفي، الناشر: دار الفكرالجامعي، الإسكندرية، ٢٠٠٦ م.
14 – ثبوت النسب، د. یاسین الطیب، دار البیان العربي جدة، ط ١،1987م.
15 – طفل الأنبوب والتلقیح الصناعي، محمد البار، الناشر: دار المنار جدة، ط ١، 1407ه.
١٦ – عقد إجارة الأرحام بین الحظر والإباحة، حني محمد، دار النهضة العربیة، القاهرة، 2000م.
١٧ – دراسات فقهیة في قضایا طبیة معاصرة، لسلیمان الأشقر وآخرون، الناشر: دار النفائس، الأردن، ط1، 1421ه.
١٨ – المفصل في أحكام المرأة والبیت المسلم، للدكتور عبد الكریم زیدان، الناشر: مؤسسة الرسالة، ط ٣، 1420ه.
خامساً- البحوث :
١٩ – استئجار الأرحام، حقیقته ودوافعه، إعداد نایف بن عمار الوفیان، انظر شبكة الانترنتGoogle.
٢٠ – الإنجاب في ضوء الإسلام، للشیخ إبراهیم القطان، نشر في مجلة البحوث الفقهیة، ندوة الإنجاب في ضوء الإسلام، الكویت.
٢١ – الإنجاب المدعوم طبیاً، بحث منشور في مجلة فقه أهل البیت، العدد السابع، شركة الغدیر، بیروت، لبنان.
٢٢ – بحوث فقهیة معاصرة، للدكتور رأفت سعید عثمان، نشر في شبكة الانترنت.
23- زراعة الأجنة، بحث منشور في مجلة الإسلام، العددان:(٢٣١-232)، سنة : (1998م).
٢٤ – التلقیح الصناعي، لأیة الله الیزدي، بحث منشور في مجلة فقه أهل البیت وشركة الغدیر، العدد السابع.
٢٥ – التلقیح الصناعي لآیة الله محسن حرم یناهي، بحث منشور في مجلة فقه أهل البیتوشركة الغدیر، العدد السابع.
سادساً: المقالات في محرك البحثGoogle:
٢٦ – مقال بعنوان تأجیر الأرحام فقر مدقع وأمومة مزیفة، لأسماء أبو شال نشر على موقع إسلام أون لاين: www. islamionlien. net
٢٧- مقال بعنوان البطالة تدفع بالأمریكیات لتأجیر أرحامهم.
٢٨ – فتوى أزهریة تبیح تأجیر الأرحام تثیر جدلاً في الأوساط الفقهیة.
٢٩ – تأجیر الأرحام تجارة مربحة في إیران.
سابعاً- المجلات والكتب العامة:
٣٠ – مجلة المجمع الفقهي، المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الأولى حتى الدورة الثامنة،عام ١٩٨٥م.
٣١ – موسوعة القضایا الفقهیة المعاصرة والاقتصاد الإسلامي للدكتور علي أحمد السالوس.
٣٢ – الموسوعة العالمیة العربیة السعودیة، مؤسسة أعمال الموسوعة العربیة، عام ١٩٩٦.
ثامناً- كتب اللغة:
٣٣ – تاج العروس في جواهر القاموس، السید محمد مرتضى الزبیدي الحنفي، المتوفى سنة:(1205ه).
٣٤ – طلبة الطلبة: لعمر بن محمد أحمد أبو حفص النفس، الناشر: مطبعة العامرة، مكتبة المثنى، بغداد.
٣٥ – لسان العرب، لابن منظور، المتوفى ٧١١ ه، الناشر: دار صادر ، بیروت، سنة ١٩٦٨م.
٣٦ – مقاییس اللغة لابن فارس، مادة (أجر).
-([1]) تاج العروس ( مادة ظئر/ ١٢ )
-([2]) طرق الإنجاب في الطب الحدیث وحكمها الشرعي لأبي بكر عبد الله بن آل زيد 10 .
-([3]) المصدر السابق ، والإنجاب في ضوء الإسلام للشيخ إبراهيم القطان 465.
-([4]) بنوك النطاف والأجنة/ لعطا السنباطي، الناشر: دار النهضة العربية، القاهرة ، ط 1 / 1421
-([5]) التلقيح الصناعي بين أقوال الأطباء وآراء الفقهاء، أحمد محمد لطفي ، دار الفكر الجامعي الإسكندرية ،2006م
-([6]) طفل الأنبوب كالتلقيح الصناعي، محمد البار، الناشر: دار المنار جدة، ط 1.
-([7]) بحوث فقهية معاصرة للدكتور رأفت عثمان بحث منشور على الانترنيت .
-([8]) الإنجاب في ضوء الإسلام، للشیخ إبراهیم القطان، نشر في مجلة البحوث الفقهیة، ندوة
الإنجاب في ضوء الإسلام، الكویت.
-([9]) الإنجاب المدعوم طبیاً، بحث منشور في مجلة فقه أهل البیت، العدد السابع، شركة
الغدیر، بیروت، لبنان.
-([10]) بحوث فقهیة معاصرة، للدكتور رأفت سعید عثمان، نشر في شبكة الانترنیت.
-([11]) زراعة الأجنة، بحث منشور في مجلة الإسلام، العددان ٢٣١ / 232 .
-([12]) أمثال الدكتور عبد المعطي بیومي عمید كلیة أصول الدین وعضو اللجنة الدینیة بمصر عبر حدیث للعربیة)نت، نشر على شبكة الانترنیت.
-([13]) عقد الإيجارة بين الحظر والإباحة لحسني محمد ص 225 .
-([14]) بحوث فقهية معاصرة للدكتور رأفت عثمان ص 5 .
-([15]) أخرجه أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان .
-([16]) . عقد إجارة الأرحام بین الحظر والإباحة/ ٢٢٧ ، وبنوك النطف والأجنة / العطا السنباطي، ٢٦٤
-([17]) عقد الإجارة بین الحظر والإباحة، ٢٢٧ – ٣٠ ، بحوث فقهية معاصرة 8 – 9 .
-([18]) قضایا طبیة معاصرة، الأم البدیلة/ ١٨١٥.
-([19]) التلقیح الصناعي، للیزدي/ ٥، والإنجاب المدعوم طبياً / ٩ .
-([20]) عقد الإجارة بین الإباحة والحظر/ ٢ .
-([21]) التلقیح الصناعي بین أقوال الفقهاء وآراء الأطباء ، لأحمد محمد لطفي/ 255.
-([23]) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5 / 169 .
-([24]) مجلة المجمع الفقهي/ ١). الأم البدیلة/ ٨٢٠ .
-([25]) قرارت مجمع المجلس الفقهي في دورته الأولى حتى دورته الثامنة عام5 ١٩٨ م / 50 / ص 150- 151 .
-([26]) قرارت مجمع المجلس الفقهي في دورته الأولى حتى دورته الثامنة عام5 ١٩٨ م / 50 / ص 150- 151 .
-([27]) انظر رأي الطبیب محمد علي البار وعبد الله سلامة ، مجلة المجمع الفقهي/ ٤٦8 .
-([28]) قضایا فقهیة معاصرة/ ٨19.
-([30]) عقد الإجارة بین الحظر والإباحة / ٢٥٩ ،
-([32]) بحوث فقهیة للدكتور ر أفت سعید عثمان 13.
-([33]) قضايا فقهية معاصرة ( الأم البديلة ) م 2 / 820.
-([34]) عقد الإجارة بين الحظر والإباحة / 259 .
-([37]) كتاب المغني لابن قدامة ج 8 / 79 .
-([38]) مغني المحتاج للشربيني / 2 / 372.
-([40]) قضایا طبیة معاصرة (الأم البدیلة) / ٣٨ ).
-([44]) قضايا طبية معاصرة ( الأم البديلة ) م 2 / 831 .
-([47]) قضايا فقهية معاصرة ( الأم البديلة ) م 2 / 831 .
-([49]) مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي عدد 2 / 1 ص 226 .
-([50]) زراعة الأجنة / 87 – 90 .