آثار العدول عن الخطبة في الفقه والقانون

يعالج هذا البحث ما يترتب على العدول عن الخِطبة من آثار فقهاً و قانوناً في ثلاثة أمـور ، وهـي
المهر، والهدايا ، والتعويض عن الضرر الواقع بسبب من أحد الخاطبين علـى الآخـر، لبيـان رأي
العلماء و القانون السوري في ذلك للوصول إلى أفضل الآراء التي ينبغي اعتمادهـا فـي القـانون
وخصوصاً في المسكوت عنه في تلك الآثار.

آثار العدول عن الخطبة في الفقه والقانون دراسة مقارنة

416

أولاً ـ مقدمة البحث:
الخطبة مقدمة لعقد الزواج وتوطئة له، وقد أقام الشارع الخطبة على أحكام يكفل عن طريقهـا لعقـد
الزواج الاستمرار والبقاء ؛ لأنه أراد أن يكون عقد الزواج عقد العمـر، لإقامـة أسـرة، وتحـصين
النفوس، وحفظ النسل، وقد يرافق الخطبة في الغالب دفع المهر، أو تقديم الهدايا، ثم يتم عدول أحـد
الطرفين عن الخطبة، فإذا وقع ذلك ترتب على فسخ الخطبة آثار مالية ؛ وضع لها الشارع الأحكـام
اللازمة لمعالجتها، وإقامة العدالة بين أطراف الخطبة.
كما أنه قد يرافق العدول عن الخطبة أفعال مستقلة عنها ينتج عنها أذى وإضرار يلحق بالطرف الآخر
فهل يجب التعويض للطرف الآخر المتضرر؟
وهذا البحث ـ الذي بين أيدينا ـ سيتحدث عن الآثار المالية الناتجة عن العدول عن الخطبة والتـي
تتعلق بها، والوصول لأفضل الآراء الفقهية التي يجب أن تطبق قانوناً بعد المقارنـة بـين موقـف
الفقهاء وموقف القانون.
ثانياً ـ أهمية البحث:
هذا البحث يعالج موضوعاً من موضوعات الأحوال الشخصية، وهو موضوع تقليدي، إذ الكتابة فـي
موضوعات أحكام الأسرة ونظامها كثيرة وكثيرة جداً. لكن أهمية هذا البحث والجديد فيه تكمن في أنه
سوف يكون ضمن سلسلة من الدراسات والبحوث التي تهدف إلى الكشف عن مواضـع الـضعف أو
النقص في قانون الأحوال الشخصية السوري الذي مر على وضعه أكثر من ستين عامـاً فـي عـام
1953م وتم تعديله في عام 1975م، ولكن التعديل لم يتناول موضوع البحث، والقـانون معـروض
للتعديل منذ بضع سنوات، وهذا البحث يعد لبنة في التعديل المرجو والمنشود، وذلك من خـلال عـدة
نقاط:
الأولى: فيما سكت عنه القانون ويحتاج إلى تقنين.
الثانية: ضعف بعض الأقوال التي اعتمدها القانون، وعدم صلاحية تطبيقها في عصر تبدلت فيه كثير
من الأعراف والمصالح التي قامت عليها تلك الأقوال، والتي كانت سبباً في تقنينها.
الثالثة: تناقض بعض الأحكام مع أحكام أخرى أخذ بها القانون.وأضرب لذلك مثـالاً واحـداً خـشية
الإطالة ؛ كمسألة نفقة المعتدة، إذ جعل القانون أقصى مدة لنفقة المعتدة تسعة شهور، في حين جعـل
القانون أقصى مدة للعدة سنة كاملة، وهي عدة ممتدة الطهر.

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد -27 العدد الثالث2011- أسامة محمد منصور الحموي

417

وسوف يكون هذا البحث ضمن سلسلة من البحوث تتبعه كخطوة أو لبنة في مشروع يـسهم ويعـين
المتخصصين في المستقبل في تعديل قانون الأحوال الشخصية، إذ أصبح هذا الموضوع أمراً ضرورياً
وملحاً في بعض جوانبه، بعد أن مضى على وضعه أكثر من ستين عاماً.
ثالثاً ـ منهج البحث:
اتبعت في هذا البحث المنهج الاستقرائي التحليلي المقارن، ثم المنهج الاستنتاجي، وذلـك باسـتقراء
الآثار والأحكام التي تترتب على العدول عن الخطبة شرعاً وقانوناً، ثم تحليل الآراء الفقهية للوصول
إلى الرأي الراجح والمناسب للتطبيق قضاء، وكذلك تحليل مواد القانون المتعلقة بأحكام الخطبة وآثار
العدول عنها، ثم المقارنة بين رأي الفقهاء وموقف القانون الـسوري، وبعـض القـوانين العربيـة
الأخرى، ثم استنتاج أوجه الاتفاق بين موقف القانون وآراء الفقهاء، ثم الوصول إلى أفـضل الآراء
التي يحسن تطبيقها قانوناً، وبيان ما سكت عنه القانون ويحتاج إلى تقنين.
رابعاً ـ خطة البحث:
سوف تكون خطة البحث على النحو الآتي:
ينقسم هذا البحث إلى ثلاثة مباحث وخاتمة مع أهم النتائج.
ـ مبحث تمهيدي: التعريف بالخطبة وأحكامها العامة.
ـ المبحث الأول: أثر العدول عن الخطبة في المهر والهدايا.
ـ المبحث الثاني: أثر العدول عن الخطبة في التعويض.
الخاتمة وأهم النتائج.
مبحث تمهيدي ـ التعريف بالخطبة وأحكامها العامة:
ـ نظراً إلى خطورة عقد الزواج وقدسيته، شرع له الشارع أحكاماً كثيرة ليكفل له الدوام والاستمرار
لأنه عقد العمر، ومن هذه الأحكام الخطبة كمقدمة لهذا العقد الخطير الذي عده الشارع ميثاقاً غليظاً.
ـ والخطبة في أصلها اللغوي أتت من الخِطاب، وهو الكلام بين متكلم وسامع، ومنـه اشـتق لفظـا
ال(خِطبة) وال (خُطبة).
والخُطبة بضم الخاء هي الموعظة، يقال: خَطب القوم أي: ألقى عليهم موعظة.

آثار العدول عن الخطبة في الفقه والقانون دراسة مقارنة

418

والخِطبة بكسر الخاء هي طلب الزواج من امرأة معينة، يقال: خَطب المرأة واختطبها فهـو خاطـب،
(1) والاسم خِطبة بالكسر
.

وأما معنى الخِطبة الشرعي فهو مطابق لمعناها اللغوي، فهي طلب الرجل الزواج بامرأة معينة، بـأن
يتقدم إلى أهلها يطلب الزواج منها.
والخطبة مشروعة بالقرآن والسنة:
أما من القرآن فبقول االله تعالى: ( ولا جنَاح علَيكُم فِيما عرضتُم بِهِ مِن خِطْبةِ النِّساءِ )(البقـرة: مـن
الآية235)
ومن السنة أحاديث كثيرة منها: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا يخطب أحـدكم علـى خطبـة
(2) أخيه)
.
ـ والخطبة ليست عقداً؛ بل هي وعد بالعقد، وهذا تكييفها الشرعي والقانوني.
وهذا التكييف متفق عليه بين المذاهب الإسلامية كلها، وهو متفق مع النظر القانوني الحـديث فـي
(3) القوانين العربية والغربية، إذ نصت كل القوانين العربية على أن الوعد بالزواج لا يعد زواجاً
.
ـ وقد نصت المادة الثانية من قانون الأحوال الشخصية السوري على ما يـأتي: (الخطبـة والوعـد
بالزواج وقراءة الفاتحة وقبض المهر وقبول الهدايا لا تكون زواجاً ).

  • ونص قانون حقوق العائلة العثماني في المادة الأولى منه على أنه: ( لا ينعقد النكاح بالهدية والوعد ).
    ـ ونصت المادة 17 من القانون الإماراتي لعام 2005م في الفقرة الأولى على ما يـأتي: ((الخطبـة
    طلب التزوج والوعد به ولا يعد ذلك نكاحاً)).
    ـ فالخطبة شرعاً وقانوناً وإن تمت لا تُعد عقداً ولا زواجاً، ولا يترتب عليها شيء من الإلزام بإتمام
    العقد، لأنها لو كانت لها صفة الإلزام لتم العقد من غير رضا الطرفين أو أحدهما في بعض الحـالات،
    وهذا باطل باتفاق العلماء.

(1) انظر: لسان العرب لابن منظور، مادة: خطب، 5 / ،98 إيضاح مختار الصحاح لأبي بكر الرازي، .180
(2) صحيح البخاري: كتاب النكاح، باب لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع، 3 / ،1849 رقم ،4848 وصحيح مـسلم:
كتاب النكاح، باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه حتى يأذن أو يدع، 3 / ،1439 رقم .1412
(3) انظر: شرح قانون الأحوال الشخصية للدكتور مصطفى السباعي، /1 ،61 وشرح القانون للدكتور عبد الرحمن الصابوني، /1 .31

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد -27 العدد الثالث2011- أسامة محمد منصور الحموي

419

ـ والخطبة مدة تروي ودراسة من قبل الطرفين، وتأتي عادة بعد الانتقاء والنظر المباح، ولا يترتـب
عليها في الأصل أي التزام ؛ لأنها ليست عقداً، وإنما هي بمنزلة وعد بالزواج كما أشرنا سابقاً، ولذا
كان لكل من طرفي الخطبة الحق في العدول متى أراد، حتى لو قُرِئت الفاتحة، وتـم قـبض المهـر،
وتبادل الطرفان الهدايا. ولكن إذا عدل الخاطب عن الخطبة من غير سبب مقبول شرعاً كان آثماً عند
االله تعالى ديانة ؛ لأن الخطبة عهد والعدول عنها دون سبب معقول إخلاف بهذا العهد، وقد أمـر االله
سبحانه وتعالى بالوفاء بالعهد: [ وأَوفُواْ بِالْعهدِ إِن الْعهد كَان مسؤُولًا ] [الإسراء34:]
ـ كما أن الخلوة في أثناء الخطبة حرام، والدخول بالمخطوبة زنا، ولا يترتب عليه أي أثر من آثـار
عقد الزواج الصحيح.

  • ويشترط في الخطبة أن تكون المخطوبة ممن تحل للرجل شرعاً الزواج بها، وألا تكون مخطوبة للغير.
    4
    ـ والخطبة تتم بالتراضي بين الطرفين أو ذويهما دون إجراءات شكلية، وقد جرت الأعراف أن يتقدم
    أهل الخاطب إلى أهل المخطوبة، فيقرؤون الفاتحة ثم يتفقون على المهر وإعداد الجهاز، كما جـرى
    العرف بأن يتقدم الخاطب بالهدايا للمخطوبة، فما هو الحكم فيما لو تم العدول عن الخطبة، وأثر ذلك
    في رد الهدايا والمهر، وهل يجب التعويض في حال تم العدول للطرف الآخر ؟
    وهذا البحث سيبين الجواب عن هذه المسائل التي تُعد آثاراً للخطبة تترتب عليها عند العدول عنهـا،
    لبيان رأي الفقهاء والقانون حولها.
    المبحث الأول ـ أثر العدول عن الخطبة في المهر والهدايا:
    أولاً ـ أثر العدول في المهر:
    لا خلاف بين الفقهاء في أن المهر يجب رده في حال العدول عن الخطبة إلى الزوج، سواء كان
    العدول من طرف الخاطب أو من طرف المخطوبة ؛ لأن المهر أثر من آثار عقد الزواج الصحيح،
    وحق من حقوق الزوجة. والخاطب إذا دفعه في أثناء الخطبة فعلى سبيل إتمام الخطبة بعقد الزواج
    ولم يتم، فيجب رده إلى الخاطب في حال العدول عن الخطبة ؛ لعدم تعلق حق المخطوبة به إذ لم
    تصبح زوجة، ويد المخطوبة عليه يد أمانة، وحكمه حكم الوديعة.

(4 ) انظر: بداية المجتهد لابن رشد، 2 / ،3 دار المعرفة، بيروت، والمهذب للشيرازي، 2 / ،47 دار الفكر، بيروت.

آثار العدول عن الخطبة في الفقه والقانون دراسة مقارنة

420

فإن كان المهر مثلياً استرد مثله، وإن كان قيمياً استرد عينه إن كان قائماً، وقيمته إن هلك أو
. جاء في الفتاوى الأنقروية: (خطب بنت رجل وبعث إليها شيئاً ولم يزوجها أبوها فما بعث 5 استهلك
6 للمهر يسترد أي عينه قائماً وإن تغير بالاستعمال أو قيمته هالكاً)
.

فإن كان المهر نقداً، أو بقي على حاله إلى حين العدول عن الخطبة، وجب على المخطوبة أن تعيده
إلى خاطبها كاملاً، سواء أكان من طرفها أم من طرفه، أو كان بالاتفاق بين الطرفين، وكذلك لو كان
المهر أشياء عينية إذا بقيت أعيانها إلى حين العدول، فإن تصرفت بها وجب على المخطوبة إعادة
مثلها أوعينها، وإن تلفت بتعدٍ منها وجب عليها الضمان، وإن تلفت بقوة قاهرة لا يد لها فيها فلا
ضمان عليها ؛ لأن لها في هذه الحالة حكم الوديعة كما سبق الإشارة لذلك.
وإن كان المهر بستاناً فعليها إعادة البستان مع قيمة ثمارها، وإن كان مواشي فعليها إعادة المواشي
مع مواليدها، ويحق لها أن ترجع على خاطبها بما أنفقته لإطعام المواشي وصلاح الثمر، وأما ما
7 يفقد من المواشي، وما يتلف من الثمار، فلا تضمن منه شيئاً إلا في حالة التعدي.
ـ والحكم السابق لأثر العدول عن الخطبة في المهر نصت عليه المادة الثانية في قانون حقوق
العائلة العثماني: (إذا امتنع أحد الخاطبين أو توفي بعد الرضا بالزواج، فإن كان ما أعطاه الخاطب
من أصل المهر موجوداً يجوز استرداده عيناً، وإن كان قد تلف يجوز استرداده بدلاً ).
ـ وأما القانون السوري فقد تعرض لهذه المسألة في المادة الرابعة منه، وذهب إلى ما ذهب إليه
العلماء من وجوب رد مثل المهر أو قيمته في حال العدول، ولكن إذا كان المهر نقداً واشترت به
المرأة أشياء جهازية، أو اشترى به الخاطب أشياء جهازية لها بتكليف منها أو من وليها
الشرعي، فإن القانون في هذه الحالة فرق بين كون العدول من طرفه أو من طرفها. فإن كان
العدول من طرف المخطوبة فعليها إعادة قيمته نقداً، وإن كان العدول من طرف الخاطب
فللمخطوبة الخيار بين إعادة الجهاز أو دفع قيمته. وهذا مضمون المادة الرابعة وهذا نصها.

(5) انظر: الشرح الكبير 2 / ،219 حاشية ابن عابدين 2 / 364 ـ ،365 الإنصاف 8 / ،296 منار السبيل 1 / ،198 إعانـة
الطالبين 3 / ،355 والأحوال الشخصية محمد أبو زهرة ص ،37 أحكام الأحوال الشخصية لعبد الوهاب خلاف ص ،23 وشـرح
قانون الأحوال الشخصية للدكتور عبد الرحمن الصابوني 1 / ،44 وشرح القانون للسباعي 1 / ،63 نظام الأسرة وحل مـشكلاتها
في ضوء الإسلام للصابوني ،48 وشرح أحكام الأحوال الشخصية لمحمد فهر شقفة ص 125 ـ .126
(6) الفتاوى الأنقروية، 1 / .47
(7) انظر: بداية المجتهد 2 / ،306 وانظر: شرح أحكام الأحوال الشخصية لمحمد فهر شقفة 1 / .126

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد -27 العدد الثالث2011- أسامة محمد منصور الحموي

421

((م :4 1 ـ إذا دفع الخاطب المهر نقداً واشترت المرأة به جهازها ثم عدل الخاطب فللمرأة الخيار
بين إعادة مثل النقد أو تسليم الجهاز.
2 ـ إذا عدلت المرأة فعليها إعادة مثل المهر أو قيمته)).
والذي يبدو أن القانون في هذه المادة لم يأخذ من أي مذهب فقهي، وإنما ذهب إليه معتمداً على
قواعد العدالة والإنصاف عندما فرق بين العدول من الخاطب والعدول من المخطوبة في حالة شراء
الجهاز من المهر ؛ وذلك لرفع الضرر عن المخطوبة في حالة عدول الخاطب فخيرها بين إعادة مثل
النقد أو تسليم الجهاز، إذ لو ألزمناها برد مثل المهر أو قيمته، فقد ألزمناها بأن تتحمل الأضرار التي
لحقتها من شراء الأثاث أو الجهاز.
وأما إن كان العدول من جهة المخطوبة فيجب عليها إعادة المهر أو قيمته، فمن العدل أن تتحمل
8 المخطوبة هذه الأضرار، لأنها كانت سبباً فيها (
.(

إلا أن ما ذهب إليه القانون حتى يتفق تماماً مع قواعد العدالة والإنصاف، يجب أن يقيد الحكم السابق
في حال عدول الخاطب بما إذا كان العدول بسبب من الخاطب لا من المخطوبة.
كما يجب أن يقيد الحكم في حال عدول المخطوبة بما إذا كان العدول بسـب من المخطوبة لا من
9 الخاطب، ويترك التحقق من ذلك للقاضي.(

) وهذا عين العدالة والإنصاف.

وذلك أن الخاطب قد يكون عدوله لسبب من المخطوبة، فقد يعدل لاطلاعه على عيب في المخطوبة
لم يكن يعلمه أو لخلق يكرهه منها، وحينئذٍ يكون معذوراً في حالة عدوله، ويكون من العدل عندئذٍ أن
تقوم المخطوبة برد مثل المهر أو قيمته، لأنها السبب الحقيقي في هذا النكول، فيجب عليها أن تتحمل
الضرر.
وقد يكون العدول من طرف المخطوبة ولكن بسبب من الخاطب، فقد تطلع على عيب في الخاطب أو
خلق تكرهه أو انحراف في سلوكه، وحينئذٍ تكون معذورة في هذا العدول، وليس من العدالة أن تلزم
برد مثل المهر أو قيمته، بل يجب أن تخير بين إعادة المثل أو القيمة وبين تسليم الجهاز للخاطب
على حاله ؛ لأن العدول كان بسبب من الخاطب وإن حصل من المخطوبة، فالخاطب هو السبب الباعث
10 على نكولها، فيجب أن يتحمل الضرر وحده. (
(
(8 ) انظر: شرح القانون للسباعي 1 / ،64 شرح القانون للصابوني 1 / .55
(9) انظر: شرح القانون للسباعي 1 ،65/ شرح القانون للصابوني 1 / .55
(10 ) شرح القانون للسباعي 1 .65/

آثار العدول عن الخطبة في الفقه والقانون دراسة مقارنة

422

وقد اقترح الدكتور السباعي أن تعدل المادة الرابعة ليبنى الحكم فيها على بحث أسباب العدول السابق
ذكره، هل هو بسبب موجود في المرأة أو لسبب موجود في الرجل ويترك للقاضي التحري عن
11 ذلك.(
(
إلا أننا لا نرى هذا الرأي ولا نفضله ؛ وذلك لأن التحري عن الأسباب قد يلحق بالمخطوبة أضراراً
معنوية أو يؤذيها في مشاعرها الوجدانية مما يفوق أضعاف مضاعفة ما كانت ستجنيه من إعادة
12 أعيان الجهاز، كما يلحق بالخاطب إذا كان السبب فيه مثل ذلك (
.(

وقد جاء في اجتهاد لمحكمة استئناف مصر: (إن التحري عن العوامل التي دعت إلى فسخ الخطبة
والظروف التي لابست هذا الفسخ يقتضي التدخل في أدق الشؤون الشخصية والاعتبارات اللصيقة
بحرمات الناس).(
13
(

ـ كما أن نص القانون السوري في المادة الرابعة منه لم يتعرض لحالتـي موت أحد الخاطبين أو
العدول برغبة الطرفين، وإن كان معنى المادة الرابعة يحتمله، لذا فالمخطوبة بالخيار بين إعادة مثل
النقد أو تسليم الجهاز فيما إذا كان قد اشتري من المهر.
وقد ذكر قانون حقوق العائلة العثماني حالة وفاة أحد الخاطبين في المادة الثانية التي نصت على أنه
( في حال وفاة أحد الخاطبين فإن كان ما أعطاه الخاطب من أصل المهر موجوداً يجوز استرداده
14 عيناً، وإن كان قد تلف يجوز استرداده بدلاً ) (
.(
ثانياً ـ أثر العدول في الهدايا:
من الأمور التي جرى بها عرف الناس أن يتقدم الخاطب بالعديد من الهدايا في أثناء الخطبة، سواء
كانت طعاماً أو لباساً أو قماشاً أو ذهباً وما إلى ذلك.فما حكم هذه الهدايا في حال العدول عن الخطبة؟
ذهب الفقهاء إلى إعطاء الهدايا بين الخطيبين حكم الهبة، وقد نص بعضهم على ذلك صراحة، فقد
15 جاء في الفتاوى الأنقروية (
) ما يأتي:

(11 ) شرح القانون للسباعي 1 .65/
(12 ) انظر: شرح أحكام الأحوال الشخصية لمحمد فهر شقفة، 1 / 127 ـ .128
(13 ) الوسيط للسنهوري، نظرية الالتزام /1 ،688 استئناف مصر الوطنية في 15 يناير سنة 1924م، مجلة المحاماة 5 / .324
(14 ) انظر: شرح أحكام الأحوال الشخصية لمحمد فهر شقفة، 1 .127/
(15 ) الفتاوى الأنقروية 1 / .48

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد -27 العدد الثالث2011- أسامة محمد منصور الحموي

423

“خطب بنت غيره فقال: إن نقدت المهر إلى شهر زوجتكها، وجعل يهدي إليها هدايا فمضت المدة ولم
ينقد ولم يزوجه، له أن يسترد ما دفعه على وجه المهر قائماً وهالكاً، وبالقائم من الهدية يرجع لا
الهالك والمستهلك مثلياً أو قيمياً لأنه هبة”.
ولما كانت الهدايا تأخذ حكم الهبة، فإن الفقهاء اختلفوا في رد الهبة ” الهدايا ” إلى أربعة أقوال:
القول الأول للحنفية: الذين ذهبوا إلى وجوب رد الهدايا إن كانت قائمة، وعدم ردها إن كانت هالكة أو
مستهلكة، لأنه من موانع الرجوع بالهبة عندهم الهلاك أو الاستهلاك (
16
.(

وجاء في الفتاوى الأنقروية أيضاً ” خطب بنت رجل وبعث إليها شيئاً ولم يزوجها أبوها فما بعث
للمهر يسترد أي عينه قائماً وإن تغير بالاستعمال أو قيمته هالكاً، وكذا كل ما بعث هدية وهو قائم
17 دون الهالك والمستهلك لأن فيه معنى الهبة “(
.(

وعلى هذا إذا قدم الخاطب لمخطوبته هدية ثم فسخت الخطوبة، فإن له أن يسترد هداياه إن كانت
قائمة وفي ملك المخطوبة كالحلي الذهبي مثلاً ، أو قماشاً لم يخاط، أما إن استهلكت كاللباس إن تم
استعماله أو طعام فأكل، فلا يجوز للخاطب أن يسترد قيمته، وكذلك الأمر لو طرأت على الهبة زيادة
أو تغيير، كما لو كان قماشاً فخاطته.
القول الثاني للمالكية: مع أن المالكية وافقوا الحنفية والشافعية في حكم الجواز في الرجوع بالهبة
لكنهم ذهبوا إلى التفريق في حكم استرداد الهدايا المقدمة في أثناء الخطبة بعد العدول بين العدول من
جهة الخاطب أو المخطوبة ؛ فإن كان العدول من المخطوبة جاز للخاطب أن يسترد جميع ما قدمه من
هدايا برد عينها إن كانت قائمة أو برد قيمتها إن كانت مستهلكة.
وإن كان العدول من جهة الخاطب فلا يجوز له أن يسترد شيئاً من الهدايا سواء كانت قائمة أم
مستهلكة. وهذا كله بشرط عدم وجود شرط أو عرف ينافي ذلك عند المالكية (
18
.(

(16 ) انظر: فتح القدير 7 / ،129 وشرح القانون للصابوني 1 / ،44 45 وموانع الرجوع بالهبة عندهم هي: زيادة الموهـوب
ـ القرابة المحرمية ـ موت الواهب أو الموهوب له ـ هلاك العين الموهوبة ـ العوض عن الهبة، وقـد أخـذ القـانون المـدني
السوري بهذه الموانع في المادة 470 ق. م.
(17 ) الفتاوى الأنقروية /1 .47
(18 ) انظر: حاشية الصاوي على الشرح الصغير 2 / ،345 والأحوال الشخصية ص 39 محمد أبو زهـرة، وشـرح القـانون
للسـباعي 1 / ،66 وشرح القانون للصابوني 1 / ،45 أحكام الأسرة في الإسلام ص83 للدكتور مصطفى شلبي.

آثار العدول عن الخطبة في الفقه والقانون دراسة مقارنة

424

القول الثالث للشافعية: حيث ذهبوا إلى وجوب رد الهدايا، سواء كانت قائمة برد عينها، أو مستهلكة
برد مثلها أو قيمتها، وسواء كان العدول من قبله أو من قبلها أو منهما معاً ؛ لأن الهدايا قدمت على
19 أساس إتمام عقد الزواج ولم يتم (
.(

القول الرابع للحنابلة: الذين ذهبوا إلى أنه لا يجوز استرداد الهدايا في حال العدول عن الخطبة، لأنهم
يرون عدم جواز الرجوع بالهبة بعد تمامها بالقبض (
20
.(

ولا فرق في الحكم في المذاهب جميعها في رد الهدايا عند العدول عن الخطبة فيما لو كانت الهدايا
مقدمة من المخطوبة للخاطب أيضاً.
ولا شك أن أعدل الآراء وأقربها إلى الإنصاف والعدالة وقواعد الشريعة هو رأي المالكية، وقد رجح
)، وحيثما تحققت العدالة والمصلحة فثم شرع 21 أكثر العلماء المعاصرين وشراح القانون هذا الرأي (
االله ودينه.
يقول الشيخ محمد أبو زهرة: ” فلا يجوز أن يجمع على المهدى إليه بين ألم العدول وألم الاسترداد إن
لم يكن هو الذي عدل عن الخطبة، ولا يجمع على المهدي ألم العدول والغرم المالي إن كان العدول
22 من الجانب الآخر “.(
(

  • وقد أخذ برأي المالكية القانون المغربي والتونسي
    (23)
    ، وأخذ به القانون الإماراتي لعام 2005 م.(
    24
    (
    25 كما أخذ بهذا الرأي في مشروعات الإصلاح التي وضعت في مصر لكنه لم يتقرر بعد.
    وهو المشروع الذي أُعد برياسة الجمهورية في مصر بناء على اقتراح اللجنة التي ألفت في سنة
    26 1915م في مشروعها لوضع قانون الأحوال الشخصية
    .

(19 ) انظر: حاشية الجمل 4 / ،129 حاشية البجيرمي على الخطيب 3 / ،409 وشرح القـانون للـصابوني 1 / ،45 أحكـام
الأسرة في الإسلام ص83 للدكتور مصطفى شلبي.
(20 ) انظر: بداية المجتهد 2 / .332
(21) انظر: شرح القانون للسباعي 1 / ،66 وشرح القانون للصابوني 1 / ،45 وشرح أحكام الأحوال الشخصية ص130 محمد
فهر شقفة.
(22 ) الأحوال الشخصية ص40 محمد أبو زهرة.
(23) انظر: شرح القانون للسباعي 1 / ،66 وشرح أحكام الأحوال الشخصية 130/1 محمد فهر شقفة.
( 24 ) انظر: مجلة الشريعة والقانون، جامعة الإمارات، العدد ،25 السنة العشرون ،2006 ص.15
(25 ) أحكام الأسرة في الإسلام ص84 للدكتور مصطفى شلبي.

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد -27 العدد الثالث2011- أسامة محمد منصور الحموي

425

ـ وقد نصت المادة الثالثة من القانون المغربي: ” يسترد الخاطب الهدايا التي يقدمها إلى خطيبته إلا
إذا كان العدول من قبله “.
ـ وجاء في المادة الثانية من القانون التونسي:” يسترد الخاطب الهدايا التي يقدمها إلى خطيبته إلا
إذا كان العدول من قبله أو وجد شرط خاص “.
ـ وجاء في الفقرة الخامسة من المادة 18 من القانون الإماراتي لعام 2005 م: ” إذا عدل أحد
الطرفين عن الخطبة وليس ثمة شرط أو عرف، فإن كان بغير مقتضي فلاحق له في استرداد شيء
مما أهداه للآخر، وللآخر استرداد ما أهداه “
ونصت في الفقرة السادسة: “إن كان العدول بمقتضٍ فله أن يسترد ما أهداه إن كان قائماً، أو قيمته
يوم القبض إن كان هالكاً أو مستهلكاً وليس للآخر أن يسترد “.
ونصت في الفقرة السابعة: “إذا انتهت الخطبة بعدول من الطرفين استرد كل منهما ما أهداه للآخر إن
كان قائماً “.
ونصت في الفقرة الثامنة: “إذا انتهت الخطبـة بالوفاة أو بسـبب لا يد لأحد الطرفين فيه أو بعارض
حال دون الزواج فلا يسترد شيء من الهدايا “.
وهذا أحسن ما جاءت به القوانين في حكم الهدايا، وهو تطبيق لرأي المالكية.
ـ أما القانون السوري فقد نص على الهدايا في الفقرة الثالثة من المادة الرابعة التي جاء فيها: م4
ف:3 “تجري على الهدايا أحكام الهبة “.
جاء هذا النص مطلقاً، ولم يبين حكم الرجوع بالهدايا، وكل ما نص عليه أنها تأخذ حكم الهبة، ولما
كانت المنازعات على الهدايا تنظر أمام المحاكم المدنية، وأن أحكام الهبة قد قننها القانون المدني، فلا
يجوز أن يعمد القاضي إلى تطبيق المادة 305 أحوال في المسكوت عنه، لأن الهبة قد أخرجها
). وهذا يقتضي منا بيان حكم الرجوع بالهبة في 27 المشرع من قضايا الأحوال الشخصية للمسلمين (
القانون المدني السوري، لبيان حكم الرجوع بالهدايا بين الخاطبين عند العدول عن الخطبة
وبالرجوع للقانون المدني نجد أنه أباح للواهب الرجوع في هبته إذا قبل الموهوب له ذلك ، فإن لم

(26 ) الأحوال الشخصية ص40 محمد أبو زهرة.
(27 ) انظر: شرح أحكام الأحوال الشخصية 1 / 128 ـ 129 محمد فهر شقفة.

آثار العدول عن الخطبة في الفقه والقانون دراسة مقارنة

426

يقبل جاز للواهب أن يطلب من القضاء الترخيص له في الرجوع، متى كان يستند إلى عذر مقبول ولم
يوجد مانع من الرجوع، وهذا مضمون المادة 468 قانون مدني.
وقد عددت المادة 470 قانون مدني على سبيل الحصر موانع الرجوع في الهبة، بشكل يتفق مع
المذهب الحنفي تماماً، فجاء فيها ما يأتي:
م470 ـ يرفض طلب الرجوع في الهبة إذا وجد مانع من الموانع الآتية:
1ـ إذا حصل للشيء الموهوب زيادة متصلة موجبة لزيادة قيمته فإذا زال المانع عاد حق الرجوع.
2ـ إذا مات أحد طرفي عقد الهبة.
3ـ إذا تصرف الموهوب له في الشيء تصرفاً نهائياً، فإذا اقتصر على بعض الموهوب، جاز للواهب
أن يرجع في الباقي.
4 ـ إذا كانت الهبة من أحد الزوجين للآخر ولو أراد الواهب الرجوع بعد انقضاء الزوجية.
5 ـ إذا كانت الهبة لذي رحم محرم.
6 ـ إذا هلك الشيء الموهوب في يد الموهوب له، سواء كان الهلاك بفعله أو بحادث أجنبي لا يد له
فيه أو بسبب الاستعمال، فإذا لم يهلك إلا بعض الشيء جاز الرجوع في الباقي.
7ـ إذا قدم الموهوب له بدلاً عن الهبة.
8 ـ إذا كانت الهبة صدقة أو عملاً من أعمال البر.
كما نصت المادة 471 من القانون المدني السوري على حكم ثمرات الموهوب ومصروفاته بما يأتي:
لايرد الموهوب له الثمرات إلا من وقت الاتفاق على الرجوع، أو من وقت رفع الدعوى، وله أن
يرجع بجميع ما أنفقه من مصروفات ضرورية، أما المصروفات النافعة فلا يجاز في الرجوع بها إلا
بالقدر الذي زاد في قيمة الشيء الموهوب.
ومما سبق ذكره يتبين أن القانون المدني السوري قد أخذ بمذهب الحنفية في الحالات التي لا يجوز
الرجوع فيها بالهبة، كما أخذ برأي المالكية من ناحية وجود عذر الرجوع، لأن المالكية قد اشترطوا
لاستعادة هدايا الخطبة أن يكون العدول من طرف المخطوبة، أي أن يوجد عذر للخاطب في استرداد
28 هبته (
.(

(28 ) انظر: شرح أحكام الأحوال الشخصية 1 / 132 محمد فهر شقفة.

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد -27 العدد الثالث2011- أسامة محمد منصور الحموي

427

وقد كان مشرع القانون المدني المصري قد ذكر أن أحكام وجود العذر المقبول للرجوع في الهبة
مأخوذ من القانون الفرنسي، ولكن عند المناقشة في مجلـس الشيوخ لم يوافق على هذا النص إلا
بعد أن تبين أنه قول لبعض فقهاء الشريعة الإسلامية وخاصة المالكية(
29
.(

كما يلاحظ أن القانون المدني السوري لم يفرق في جواز الرجوع بالهدايا بين أن تكون الهدايا مقدمة
30 من الخاطب لمخطوبته أو من المخطوبة لخاطبها متى توفر العذر وانتفى المانع (
.(
وهذا ما أخذ به قانون حقوق العائلة العثمانية في المادة الثانية التي نصت على أن الأشياء التي
أعطاها الطرفان لبعضهما بعضاً هدية تجري أحكام الهبة بحقها.
ـ وقد استقر الاجتهاد في سورية على أن الرجوع في الهبة بين الخاطبين بعد فسخ الخطبة يرجع
فيه إلى القانون المدني، وأن الهدايا التي تقدم من أحد الخطيبين إلى الآخر إنما يكون الدافع لها هو
إتمام الزواج.
وحيث إن الخطبة لا تعدو كونها تمهيداً لإجراء العقد، ومدة زمنية للاختيار، ولا تلزم ـ من ثم ـ
أحداً من الخاطبين الذين يحق لكل منهما العدول عنها ( المادة 3 أحوال ) فإذا فسخت عد هذا الفسخ
عذراً مقبولاً يجيز للخاطب الرجوع في الهدايا التي قدمها ما لم يترافق هذا الفسخ بخطأ يرتب
مسؤولية الواهب فتطبق القواعد العامة المتعلقة بالمسؤولية التقصيرية (
31
.(

كما استقر الاجتهاد في سورية على أنه لا رجوع في الهدايا المقدمة في أثناء الخطبة إذا انعقد القران
ولو لجأ المهدى له إلى التفريق بسبب منه قبل الدخول، لأن قيام الزوجية بمجرد العقد تعد مانعاً من
موانع الرجوع في القانون المدني.(
32
(

وبالمقارنة بين ما ذهب إليه الفقهاء في شأن الرجوع بالهدايا بين الخطيبين في حالة العدول عن
الخطبة وبين ما ذهب إليه القانون نجد:
1 – أن القانون المدني السوري أخذ بمذهب الحنفية في مسألة موانع الرجوع بالهبة.
-2 أن القانون أخذ بالمذهب المالكي من ناحية وجود عذر للرجوع، لأن المالكية اشترطوا للرجوع بهدايا
الخطبة أن يكون العدول من طرف المخطوبة، أي وجود عذر للخاطب في استرداد هبته.

(29) الوسيط للسنهوري 5 / 148 في الحاشية.
(30 ) شرح أحكام الأحوال الشخصية 1 / 133 محمد فهر شقفة.
(31 ) القاعدتان 1160 ـ 1161 من مجموعة القواعد القانونية السورية للأحوال الشخصية.
(32 ) القاعدة 1159 من مجموعة القواعد القانونية السورية للأحوال الشخصية.

آثار العدول عن الخطبة في الفقه والقانون دراسة مقارنة

428

ويعد ما ذهب إليه القانون المدني ـ في ما سبق ذكره ـ تفسيراً لما ذهب إليه قانون الأحوال
الشخصية في الفقرة الثالثة في المادة الرابعة التي نصت على: تجري على الهدايا أحكام الهبة.
ولو كان نص المادة الرابعة صريحاً في حكم الهدايا مأخوذاً من المذهب المالكي كما في القانون
المدني التونسي والمغربي والإماراتي لكان أفضل ولأغنى عن الرجوع إلى القانون المدني لتفسير
النص. وأدق ما جاء في حكم الهدايا مما يتوافق مع المذهب المالكي ويتفق مع قواعد العدالة
والإنصاف والذي رجحناه سابقاً هو نص القانون الإمارتي السابق ذكره. ولذلك نقترح تعديل الفقرة
الثالثة من المادة الرابعة أحوال بشكل يتفق مع ما ذهب إليه القانون الإماراتي.
وهذا التعديل الذي يراه الباحث راجحاً يتفق مع ما جاء في قرار لمحكمة النقض السورية الآتي:
“يجوز الرجوع في الهدايا المقدمة أثناء الخطبة إذا رفضت المخطوبة إتمام الزواج “(
33
(
وقرار محكمة النقض: “فسخ الخطوبة بدون ذنب يوجب على الخطيب أن يبرر طلبه استرداد
34 الهدايا”.(
(
المبحث الثاني: أثر العدول عن الخطبة في التعويض
مر بنا في المبحث التمهيدي أن التكييف الفقهي والقانوني للخطبة أنها وعد بالعقد وليست عقداً.
وهذا الحكم متفق عليه بين أصحاب المذاهب الإسلامية، ومتفق مع النظر القانوني الحديث. ومؤدى
ذلك أن الخطبة لا يترتب عليها شيء من الإلزام بإتمام العقد، وأن حق العدول عنها جائز لكل من
طرفي الخطبة، وإذا تم العدول عن الخطبة من الخاطب فإنه يكون قد باشر تصرفاً مأذوناً له فيه.
ولما كانت الخطبة وعداً بالعقد، فهي وعد غير ملزم قضاء عند جمهور العلماء إلا في قول عند
35 المالكية، وإن كان ملزماً ديانة(
.(

ولكن قد يترتب على العدول عن الخطبة بعض الأضرار المادية أو المعنوية في بعض الأحيان، فقد
تستمر الخطبة لسنوات، ويفوت على المخطوبة خطاباً آخرين، وفرص زواج أخرى. كما قد يطلب
(33 ) قرار رقم 286 تاريخ 12 / 6 / 1968م ( م1 / 269 ).
(34 ) قرار رقم 617 تاريخ 5 / 12 / 1967م ( م1 / 706 )، انظر: موسوعة الأحوال الشخصية ص45 والتي بعدها للمحامي
نبيل الظواهرة الصائغ.
(35 ) انظر: شرح القانون 1 / 62 للدكتور السباعي، والأحوال الشخصية ص35 محمد أبو زهـرة، وشـرح أحكـام الأحـوال
الشخصية 1 / 117 محمد فهر شقفة.

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد -27 العدد الثالث2011- أسامة محمد منصور الحموي

429

الخاطب من المخطوبة الاستقالة من وظيفتها أو ترك دراستها مثلاً. ومن الأضرار المعنوية ما تلوكه
الألسنة عن أسباب العدول مما يؤذي سمعتها. فلو ترتب على هذا العدول ضرر لحق بالمخطوبة فهل
يجب التعويض بسبب ذلك؟
36 لم يتعرض الفقهاء القدامى لهذه المسألة لأسباب عديدة(

)، ولكن للعلماء المعاصرين عدة آراء.
الرأي الأول: للشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية، وقد ذهب فيه إلى عدم التعويض ؛
لأن العدول عن الخطبة حق مأذون له فيه، وإذا مارس الخاطب حقاً مأذوناً له فيه فلا يجب
37 التعويض،(
) ولأن الإذن الشرعي ينافي الضمان.
الرأي الثاني: للشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر، وقد ذهب فيه إلى وجوب التعويض للطرف الآخر
38 مطلقاً.(
(
الرأي الثالث: للأستاذ محمد أبو زهرة، وقد ذهب فيه إلى أن العدول يستوجب التعويض في حالة
39 وقوع ضرر مادي فقط، أما في حالة عدم وقوع ضرر، أو كان الضرر معنوياً فلا تعويض (
.(
وحقيقة رأي الشيخ محمد أبو زهرة أن الضرر الذي ينشأ عن مجرد الخطبة والعدول من غير عمل
من جانب العادل فلا يستوجب التعويض، أما إذا نشأ الضرر وللخاطب دخل فيه غير مجرد الخطبة
والعدول فيجب التعويض ؛ لأن في ذلك تغريراً، والتغرير يستوجب التعويض، كما لو طلب الخاطب
نوعاً من الجهاز، أو تطلب هي إعداد البيت ثم يقع العدول والضرر. فالضرر نزل بسبب عمل كان من
40 الطرف الذي عدل غير مجرد الخطبة فيعوض (
.(

يقول الأستاذ محمد أبو زهرة: “وعلى هذا يكون الضرر قسمين، ضرر ينشأ وللخاطب دخل فيه غير
مجرد الخطبة والعدول، وضرر ينشأ عن مجرد الخطبة والعدول من غير عمل من جانب العادل،
فالأول يعوض والثاني لا يعوض، إذ الأول كان تغريـراً، والتغرير يوجـب الضمـان، كما هو مقرر
في قواعد الفقه الحنفي وغيره، وفي قضايا العقل والمنطق، وقد أخذت بهذا النظر محكمة
41 النقض”(
.(
(36 ) انظر هذه الأسباب في شرح قانون الأحوال الشخصية للسباعي 1 / 67 وما بعدها.
(37 ) انظر: مجلة المحاماة الشرعية، العدد الأول، السنة الثانية ص.54
(38 ) انظر: فصول اجتماعية ص،321 وشرح القانون للسباعي 1 / .69
(39 ) انظر: الأحوال الشخصية ص37 محمد أبو زهرة، وشرح القانون للسباعي 1 / ،69 وشرح القانون للصابوني 1 / .47
(40 ) انظر: الأحوال الشخصية ص37 محمد أبو زهرة.
(41 ) نقض مدني 14 ديسمبر سنة 1939 م، الأحوال الشخصية ص37 محمد أبو زهرة.

آثار العدول عن الخطبة في الفقه والقانون دراسة مقارنة

430

الرأي الرابع: وهو للدكتور مصطفى السباعي، حيث ذهب إلى وجوب التعويض في حالة وقوع ضرر
مادي أو معنوي لحق بالمخطوبة بسبب العدول، وهو يوجب التعويض بشروط ثلاثة:
1ـ أن يثبت أن العدول لم يكن بسبب من المخطوبة.
2 ـ أن يقع ضرر مادي أو معنوي بسبب العدول غير الاستهواء الجنسي.
3 ـ أن يؤكد الخاطب رغبته في الزواج من المخطوبة (
42
.(

ويستثنى من ذلك الضرر الأدبي أو المعنوي المتمثل في الاستهواء الجنسي؛ لأن الضرر الأدبي الذي
ينشأ عن مخالفة أحكام الشريعة والوقوع في المحرم لا يستحق تعويضاً؛ لأن الشريعة لا تحترم
الأفعال المخالفة لأحكامها، بل توجب العقوبة عليها، فلا يتفق مع قواعد الشريعة وأحكامها أن نحكم
للفتاة بالتعويض عن وقوعها في الحرام نتيجة نزوات طائشة مخالفة لحدود والشريعة ومبادئ
43 الأخلاق(
.(
الرأي الخامس: للدكتور عبد الرزاق السنهوري: وقد ذهب فيه إلى أن فسخ الخطبة يترتب عليه
تعويض على أساس المسؤولية التقصيرية، لا على أساس المسؤولية العقدية ؛ لأن الخطبة وعد
وليست عقداً، فالخطأ الذي يرتكبه العادل هو الانحراف عن السلوك المعروف للشخص العادي بالنظر
إلى الظروف التي رافقت هذا العدول.
يقول الدكتور السنهوري: ” والذي يمكن تقريره في هذا الشأن باعتبار أن القضاء قد استقر عليه هو
ما يأتي:
1ـ الخطبة ليست بعقد ملزم.
2ـ مجرد العدول عن الخطبة لا يكون سبباً موجباً للتعويض.
3ـ إذا اقترن بالعدول عن الخطبة أفعال أخرى ألحقت ضرراً بأحد الخطيبين، جاز الحكم بالتعويض
) وهذا ما استقر عليه القضاء المصري وقررته محكمة النقض 44 على أساس المسؤولية التقصيرية”(
45 المصرية في قرارها المؤرخ في 14 ديسمبر عام 1939م (
.(

(42 ) انظر: شرح القانون للسباعي 1 / .72
(43 ) انظر: شرح القانون للسباعي 1 / .72
(44 ) الوسيط للسنهوري 1 / 689 ـ ،690

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد -27 العدد الثالث2011- أسامة محمد منصور الحموي

431

ورأي الدكتور السنهوري يتفق مع رأي الدكتور السباعي في التعويض عن الضرر المادي والأدبي إذا
وقع بسبب من الطرف العادل.
ـ تحرير محل النزاع والترجيح:
1ـ من المتفق عليه أن العدول في ذاته لا يترتب عليه أي تعويض ؛ لأن الخطبة وعد بالعقد غير
ملزم، ومن باشر تصرفاً مأذوناً له فيه فلا ضمان عليه ؛ إذ الجواز الشرعي ينافي الضمان.
2ـ ومن المتفق عليه أن العدول عن الخطبة إذا لم يترتب عليه ضرر فلا ضمان ولا تعويض ؛ إذ
مناط الضمان وقوع الضرر.
3ـ ولا خلاف في أن العدول عن الخطبة إذا ترتب عنه ضرر لحق بالطرف الآخر، ولم يكن لأحد
الخاطبين يد فيه فلا ضمان أيضاً كالعدول بالاتفاق والتراضي بين الخاطبين، أو كموت أحدهما.
4ـ ولا خلاف أيضاً في أن العدول عن الخطبة إذا ترتب عنه ضرر معنوي يتمثل بالإغواء الجنسي،
فلا ضمان ولا تعويض للمخطوبة شرعاً ؛ لأن قواعد الشريعة لا تعوض عن الضرر الناتج عن
فعل محرم شرعاً.
5ـ والخلاف بين العلماء محله ضمان الضرر الناتج عن العدول عن الخطبة إذا كان بسبب من العادل
أو بفعل منه، فهل يجب على الخاطب في حالة العدول عن الخطبة، وتسبب في ضرر لحق
بالمخطوبة ضمان ذلك الضرر، والحكم عليه بالتعويض ؟
والذي نراه راجحاً هو قول من ذهب إلى وجوب التعويض عند العدول إذا نشأ عنه ضرر تسبب فيه
الطرف العادل، وهذا التعويض توجبه قواعد الشريعة وأحكامها في أصلين اثنين:
الأصل الأول: مبدأ منع أو تحريم التعسف أو الإساءة في استعمال الحق، ومن المعروف أن الفقهاء
قالوا بهذا المبدأ و أقروه.
الأصل الثاني: الإلزام بالوعد قضاء ً عند المالكية، حيث ذهب المالكية إلى أن القضاء بالوعد قضاء
46 فيه أربعة أقوال(

)، والمشهور المعتمد منها عندهم أن الوعد إذا لزم منه ارتباط الموعود بعمل،

(45 ) انظر: الوسيط للسنهوري 1 / ،690 وفي هذا المعنى نظرية العقد للسنهوري فقرة .480
(46 ) انظر: الالتزامات للحطاب 1 / ،180 مطبوعة مع فتاوى الشيخ عليش.

آثار العدول عن الخطبة في الفقه والقانون دراسة مقارنة

432

ومثله إذا ما ارتبط بعقد أو قول كان سببه ذلك الوعد، ونشأ عن تخلف الواعد بتنفيذ وعده ضرر ما،
47 حكم عليه قضاء بتنفيذ ذلك (

)، وهذا القول ناشىء عن مبدأين في الشريعة:

الأول: قوله تعالى:[يا أَيها الَّذِين آمنُوا أَوفُوا بِالْعقُودِ] [المائدة، من الآية1] ومثله كل وعد صدر من
الإنسان.
)؛ ولذلك كله كان لابد من عد الضرر الناشئ عن النكول 48 الثاني: قوله r:} لا ضرر ولا ضرار} (
). ثم إن القول 49 عن الخطبة والتي هي وعد بالعقد، فلا بد من القول بوجوب التعويض عنه(
بالتعويض ليس سببه حق العدول، فممارسة الحق لا يترتب عليه تعويض، وإنما سببه الإساءة
والتعسف في استعمال هذا الحق بحيث أدى إلى ضرر بالغير.
ولهذا كله نرجح أن يعطى القاضي الحكم بالتعويض عند العدول إذا ترتب عنه ضرر، وبالشروط
التي ذكرها الدكتور مصطفى السباعي.
والخلاصة:أن الحكم بالتعويض لم ينشأ عن مجرد العدول عن الخطبة، بل عن الأضرار التي نجمت
عن ذلك مادية أو معنوية وبسبب من الطرف العادل.
ـ موقف القانون:
أما قانون الأحوال الشخصية السوري فقد سكت عن حكم التعويض في حالة العدول عن الخطبة، وقد
جاء في المادة الثالثة منه: لكل من الخاطب والمخطوبة العدول عن الخطبة.
وهذه المادة تدل على أن حق العدول جائز للطرفين ـ الخاطب والمخطوبة ـ وهذا يدل على أن
التكييف القانوني الذي أعطاها القانون للخطبة أنها وعد بالزواج لا عقد، وهي وعد غير ملزم قضاء.
وهذا ما يفهم أيضاً من نص المادة الثانية التي تنص على ما يأتي: ” الخطبة والوعد بالزواج وقراءة
الفاتحة وقبض المهر وقبول الهدية لا تكون زواجاً “.

(47 ) انظر: الفروق للقرافي 4 / .25
(48 ) رواه ابن ماجه: باب إذا تشاجروا في قدر الطريق 2 / ،784 والدار قطني: كتاب البيوع 3 / ،77 وسنن البيهقي الكبـرى:
باب لا ضرر ولا ضرار 6 / ،69 والمستدرك: كتاب البيوع 2 / ،66 وموطأ الإمام مالك: باب القضاء في المرفـق 2 / ،745
ومسند أحمد مسند عبد االله بن عباس 1 / .313
(49 ) انظر: شرح القانون 1 / 71 ـ 72 للدكتور السباعي.

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد -27 العدد الثالث2011- أسامة محمد منصور الحموي

433

ومؤدي ذلك أن حق العدول جائز لهما متى أرادا، ولكن سكوت القانون عن حكم التعويض في حال
العدول عن الأضرار الواقعة يشكل نقصاً وقصوراً في القانون، وخصوصاً إذا علمنا أن الضرر بسبب
العدول عن الخطبة يتكرر كثيراً في الواقع الاجتماعي، وأنه قد نتج خلاف كبير حول الحكم بالتعويض
50 عن الضرر الناتج عن العدول في القضاء السوري والمصري (

)، وذلك لحسم الخلاف وسد النقص
في القانون. ونظراً إلى أن الفقهاء القدامى لم يتعرضوا لهذه المسألة فلا يمكن تطبيق المادة 305
أحوال.
ونرى تطبيق الرأي الذي توصلنا إلى رجحانه بعد عرض أقوال الفقهاء المعاصرين، والذي يوجب
التعويض حسبما ذكرناه سابقاً.
وأفضل ما جاء في حكم التعويض ما نص عليه القانون الإماراتي لعام 2005م في المادة (18 ) منه
التي نصت على ما يأتي:
“لكل من الطرفين العدول عن الخطبة، وإذا ترتب ضرر من عدول أحد الطرفين عن الخطبة بغير
مقتضٍ كان للطرف الآخر المطالبة بالتعويض عما أصابه من ضرر، ويأخذ المسبب للعدول حكم
51 العادل ” (
.(
ـ وتجدر الإشارة هنا إلى أن عبء إثبات الضرر يقع على عاتق المتضرر، والتعويض الذي يحكم به
للطرف المتضرر يخضع لسلطة القاضي التقديرية. ويرى الدكتور عبد الرحمن الصابوني أنه يجب
تقييد القاضي في تحديد التعويض بما لا يتجاوز نصف المهر؛ لأن الزوج في حالة الطلاق قبل الدخول
يجب عليه دفع نصف المهر لزوجته، وذلك خشية تعسف القاضي في تقدير هذا التعويض(
52
.(
والحقيقة أن هذا الرأي محل نظر؛ لأن الأمر إنما يتصل بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية
الناشئة عن عدول أحد الخطيبين، والتعويض ينبغي أن يزيل الضرر المباشر بكليته سواء كان أقل من
نصف المهر أو أكثر منه، ثم إنه قد يكون العدول من جانب المخطوبة، فكيف سيقدر التعويض؟ وما
53 هو السند الشرعي عندئذٍ للقول بتحديده بنصف المهر.(
(

(50 ) انظر: الوسيط للسنهوري 1 / 688 ـ .689
(51 ) انظر: ملحق مجلة الشريعة والقانون، العدد الخامس والعشرين، ص14 يناير 2006م.
(52 ) انظر: شرح القانون 1 / 53 للصابوني، ونظام الأسرة وحل مشكلاتها ص50 للصابوني.
(53 ) نظر: مصادر الالتزام 2 / 34 للدكتور أيمن أبو العيال، منشورات جامعة دمشق.

آثار العدول عن الخطبة في الفقه والقانون دراسة مقارنة

434

كما يرى الدكتور عبد الرحمن الصابوني أن الاختصاص في النظر في دعاوى التعويض للعدول عن
54 الخطبة يجب أن يعطى للمحاكم الشرعية.(
(

لكن هذا الرأي يتعارض مع قرار محكمة النقض السورية الذي ينص على: ” دعوى الضرر الناجمة
55 عن العدول عن الخطبة ليست من اختصاص المحاكم الشرعية “(

)، وتنبه لذلك الدكتور السباعي
). فالاجتهاد مستقر في سورية على أن دعاوى الهدايا 56 وذكر أن ذلك من اختصاص القضاء المدني (
بين الخاطبين هي من اختصاص المحاكم المدنية (

). وكذلك دعاوى التعويض، والقانون المطبق في 57

58 الموضوعين هو القانون المدني، وليس قانون الأحوال الشخصية.(

) ولكن يرى الباحث سداد رأي
الدكتور الصابوني بأن يكون ذلك من اختصاص المحاكم الشرعية، لأن الهدايا ليست مجرد أمر مالي،
بل تتعلق بمقدمات الزواج ، والعلاقة النفسية والاجتماعية والعائلية بين الخاطبين والعائلتين.
وإذا كان الخاطبان قاصرين ووقع الضرر، تولى التعويض أولياء الخاطب المسؤول عن فسخ الخطبة،
والمتسبب في وقوع الضرر على الطرف الثاني.
وأرى وجوب تقنين حكم التعويض عن الضرر الناتج عن العدول في القانون السوري. والمقترح تقنينه
النص الآتي: “الضرر الناتج عن العدول عن الخطبة واجب التعويض على الطرف المتسبب فيه”.
الخاتمة
وفيها أهم النتائج والتوصيات
أولاً ـ أهم النتائج:
1ـ التكييف الفقهي والقانوني للخطبة أنها وعد بالزواج.
2ـ يترتب على العدول عن الخطبة رد المهر للخاطب إن كان دفعه للمخطوبة أو وليها ويد المخطوبة
عليه يد مودعة (يد أمانة).
(54 ) انظر: شرح القانون 1 / 53 للصابوني.
(55 ) قرار رقم 372 تاريخ 30 / 11 / 1960م.
(56 ) انظر: شرح القانون للسباعي 1 / 73 ـ .74
(57 ) القرار المؤرخ في 14 / 3 / 1964م.
(58 ) القاعدة 1160 من مجموعة القواعد القانونية السورية للأحوال الشخصية، وانظر: شرح أحكام الأحوال الشخصية ص137
محمد فهر شقفة.

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد -27 العدد الثالث2011- أسامة محمد منصور الحموي

435

3 ـ تأخذ الهدايا بين الخاطبين حكم الهبة، وفي حال العدول عن الخطبة من المخطوبة وبسببها يجب
ردها للخاطب، ولا تردها إن كان العدول من طرف الخاطب أو بسببه.
4ـ إذا تم العدول عن الخطبة ولم يترتب على هذا العدول ضرر فلا تعويض.
5ـ إذا تم العدول عن الخطبة من أحد طرفي الخطبة ولحق بالطرف الآخر ضرر، وجب الحكم
بالتعويض له عن هذا الضرر شرعاً وقانوناً.
6ـ سكوت القانون السوري عن حكم التعويض يشكل نقصاً يجب سده.
ثانياً ـ أهم التوصيات:
1ـ تعديل المادة (4) من القانون، وذلك بالنص صراحة في فقرة مستقلة على حكم الهدايا مأخوذاً
من المذهب المالكي. وأن تستبدل به الفقرة الثالثة من المادة الرابعة.
2ـ تقنين مادة مستقلة في أحكام الخطبة توجب التعويض للطرف الذي أصابه ضرر من العدول عن
الخطبة ؛ لسد النقص في القانون بسكوته عن هذه المسألة.

آثار العدول عن الخطبة في الفقه والقانون دراسة مقارنة

436
فهرس المراجع

ـ القرآن الكريم ـ

  • إيضاح مختار الصحاح، أبو بكر الرازي، تقديم د. وهبة الزحيلي، دار البشـائر دمشـق ط1 /
    1997م.
  • لسان العرب، محمد بن مكرم بن منظور، دار صادر.
  • الجامع الصحيح، الإمام البخاري، دار العلوم الإنسانية.
  • الجامع الصحيح، الإمام مسلم، دار العلوم الإنسانية.
  • السنن، الدار قطني، عالم الكتب.
  • السنن، ابن ماجه، دار إحياء التراث العربي.
  • السنن الكبرى، البيهقي، دار المعرفة.
  • المستدرك، الحاكم، مكتبة المطبوعات الإسلامية.
  • الموطأ، الإمام مالك، دار الحديث.
  • المسند، الإمام أحمد، دار الحديث.
    الفقه الحنفي
  • بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين بن مسعود الكاساني.
    -حاشية ابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز بن عابدين، دار إحياء التراث العربي.
  • فتح القدير، الكمال بن الهمام.
  • الفتاوى الأنقروية على مذهب الإمام أبي حنيفة، محمد بن الحسين الأنقروي (1098هـ)، مطبعة
    بولاق، القاهرة، 1281هـ.
    الفقه المالكي
  • حاشية العدوي على الخرشي، العدوي، دار صادر.

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد -27 العدد الثالث2011- أسامة محمد منصور الحموي

437

  • بداية المجتهد، ابن رشد، دار المعرفة، بيروت، ط7 / 1985م.
  • حاشية الصاوي على الشرح الصغير، أحمد بن محمد الصاوي، دار المعارف، مصر.
  • الفروق، القرافي، عالم الكتب بيروت.
  • الشرح الكبير، الدردير، مطبعة فيصل عيسى البابي الحلبي.
  • الالتزامات، الحطاب، مطبعة البابي الحلبي مصر القاهرة ط.1
  • القوانين الفقهية، ابن جزيء، عالم الفكر، ط،1 القاهرة.
    الفقه الشافعي
  • إعانة الطالبين، الدمياطي، دار الفكر.
  • المهذب للشيرازي، دار الفكر، بيروت ط1 .
  • حاشية الجمل، سليمان الجمل، دار الفكر، بيروت.
  • حاشية البجيرمي على الخطيب، سليمان بن عمر بن محمد البجيرمي، المكتبة الإسلامية، ديار
    بكر، تركيا.
    الفقه الحنبلي
  • الإنصاف، المرداوي، دار إحياء التراث العربي.
  • منار السبيل، ابن ضويان، المكتب الإسلامي.
  • المغني، ابن قدامة.
    كتب الأحوال الشخصية والقانونية
  • أحكام الأسرة في الإسلام، د. محمد مصطفى الشلبي، ط4 1983م.
  • أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية، عبد الوهاب خلاف، دار القلم، الكويت ط.2
  • الأحوال الشخصية، محمد أبو زهرة، دار الفكر العربي ط.3

آثار العدول عن الخطبة في الفقه والقانون دراسة مقارنة

شرح قانون الأحوال الشخصية السوري، د. عبد الرحمن الصابوني، المطبعة الجديدة، جامعة
دمشق 1985م.
ـ شرح قانون الأحوال الشخصية السوري، د. مصطفى السباعي، جامعة دمشق.
ـ شرح أحكام الأحوال الشخصية، الجزء الأول، المحامي محمد فهر شقفة، مكتبة كلية الشريعة
بجامعة دمشق.

  • قانون الأحوال الشخصية السوري وتعديلاته، منشورات نقابة المحامين بدمشق، طبع عام 1997م.
    ـ موسوعة الأحوال الشخصية لجميع المذاهب والأديان، نبيل الظواهرة، ط،2 الناشر الأب د. متري
    هاجي اثنا سيو.
  • مصادر الالتزام ج،2 د. أيمن أبو العيال، منشورات جامعة دمشق.
    ـ الوسيط، السنهوري، منشأة المعارف بالإسكندرية، 2004م.
    المجلات
    ـ مجلة الشريعة والقانون، السنة العشرون، العدد الخامس والعشرون، ذو الحجة 1426هـ يناير
    2006م / ملحق العدد قانون الأحوال الشخصية.
    ـ مجلة المحاماة الشرعية، العدد الأول، السنة الثانية، مصر.
    ـ فصول اجتماعية، الشيخ محمود شلتوت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *