التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي

دراسة أصولية مقارنة
الدكتور أسامة الحموي
قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه
كلية الشريعة


الملخص
رفع الله تعالى الحرج ابتداء من الشريعة بأن جعلها في مقدور المكلفين. وكذلك رفع الحـرج
عن المكلف في أثناء التطبيق، بأن شرع له التخفيفات الشرعية كلّها، وهـذا مـن مقتضـيات
العدل الإلهي.
ولما كان التخيير وسيلة من وسائل رفع الحرج؛ فقد كثر ذكره وشاع في أحكام الشريعة شيوع
الشرايين في الجسد، فما من حكم إلا ودخله التخيير بشكل من الأشكال إلا ما ندر.
ونظراً لأهمية التخيير في الشريعة، فقد جاء هذا البحث لبيان الأحكام الخاصة به جمعاً ودراسة
وتحليلاً.
التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي دراسة أصولية مقارنة
702
المقدمة وأهمية البحث :
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
لقد رفع الله تعالى الحرج والمشقة عن الناس في التكاليف الشرعية، وأقام أحكام الشريعة كلها على هذا
الأسـاس وهذه القاعدة. قال الله تعالى وما جعل عليكم في الدين من حـرج ] الحـج: 78 ] وقـال
سبحانه: لا يكلف االله نفساً إلا وسعها ] البقرة186: ] وقال سبحانه: يريد االله بكم اليسر ولا يريد
بكم العسر ] البقرة: 185 ].
فجعل الله تعالى الشريعة كلها في مقدور المكلفين، وشرع لهم كافة الرخص والتخفيفـات الشـرعية،
وهذا من مقتضيات الرحمة والعدل الإلهي.
ولما كان التخيير وسيلة من وسائل التخفيف ورفع المشقة، فإن الذي يستقرئ أحكام الشريعة، يجـده
شائعاً في كل أحكامها إلا ما ندر.
وبالرغم من شيوع التخيير في كافة أحكام الشريعة بشكل أغلبي لم يفرد علماء الأصول لـه عنوانـاً
خاصاً به ونظراً لأهمية التخيير في أحكام الشريعة فقد جاء هذا البحث من أجل الكشف عـن مفهـوم
التخيير وأنواعه عند علماء الأصول، وبيان أثر التخيير في الأحكام التكليفية، لتظهر حقيقة التخييـر
بشكل متكامل وأثره على الأحكام التكليفية في وحدة موضوعية متكاملة.
منهج البحث : اتبع الباحث على المنهج التحليلي أولاً ثم الإستقرائي ثم المنهج الإسـتنتاجي ، وذلـك
بتحليل آراء علماء الأصول في تحديد مفهوم التخيير وأنواعه ثم استقراء آرائهم في تحديد أنـواعهم
ثم استنتاج أثر التخيير في الأحكام التكليفية في المباح والواجب والمندوب و المكروه ثم أثـره فـي
الرخص .
وقد جاء هذا البحث في خمسة مباحث كما يلي:
المبحث الأول: مفهوم التخيير عند علماء الأصول وأنواعه.
المبحث الثاني: التخيير وأثره في الواجبات.
المبحث الثالث: التخيير وأثره في المباح.
المبحث الرابع: التخيير وأثره في المندوب والمكروه.
المبحث الخامس: التخيير وأثره في الرخص.
الخاتمة: أهم النتائج.


مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -25 العدد الأول2009- أسامة الحموي
703
المبحث الأول- مفهوم التخيير عند الأصوليين وأنواعه:
المطلب الأول- تعريف التخيير لغةً واصطلاحاً:
أولاً- تعريف التخيير لغةً: يطلق لفظ التخيير في اللغة على ثلاثة معان وهي:
. (1) الأول- التفويض: يقال: خيرته بين شـيئين، أي فوضت إليه الاختيار فيختار ما يشـاء
الثاني- الانتقاء والاصطفاء: يقال خار الشـيء واختـاره، انتقـاه واصـطفاه، فالاختيـار الانتقـاء
. (2) والاصطفاء
. (3) الثالث- تفضيل شيء على شيء يقال: خار الشيء على غيره، أي فضله، فالتخيير التفضيل
والمعنى اللغوي الأول وهو التفويض، هو الذي له علاقة بموضوع هذا البحث وهو التخييـر، فهـو
يعطي المكلف الحق في اختيار ما يشاء وإن كان المختار مفضولاً.
ثانياً- تعريف التخيير اصطلاحاً:
بالرغم من أن علماء الأصول يتحدثون عن التخيير في مباحث عديدة ومواضيع كثيرة، كالتخيير فـي
الواجب المخير والواجب الموسع والمندوب والمكروه والرخصة والمباح، ولكن لا يجـد الباحـث
تعريفاً لـه عندهم إلا ما ذكره السرخسي في كتابه الأصول، حيث عرف التخيير بما يلي: ( تفـويض
. (4) المشيئة إلى المخير وتمليكه منه )
ومقصوده بالمشيئة هنا الإرادة، بأن يكون الفعل مراداً من المكلف المخير إن شاء فعلـه وإن شـاء
. (5) تركه
و(المخير): هو المكلف إذ لا بد في التخيير من مخير ومخير ومخير فيه.
( وتمليكه منه): أي أن يكون المخير قادراً على فعل ما خير فيه أو تركه دون وجود مانع يمنعه من ذلك.

  • ولكن من يتمعن في هذا التعريف يجده غير مانع وذلك لأنه ينطبق على التخيير الصادر عن غيـر
    الشارع، كأن يخير أحد الشريكين شريكه في بيع حصته له أو شرائها منه.
    انظر: ابن منظور ـ لسان العرب ـ .339/15 (1)
    انظر: الكفوي ـ الكليات ـ ص .130 (2)
    انظر: الفيروزبادي ـ القاموس المحيط .25/2 (3)
    انظر: السرخسي ـ أصول السرخسي.122/1 (4)
    انظر: المناوي ـ التعاريف ـ195/ـ.658 (5)
    التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي (دراسة أصولية مقارنة)
    704
    كما يدخل التخيير الذي لا يستند إلى دليل شرعي. فلا بد من إضافة بعض القيود على تعريف السرخسي السابق،
    الأول: أن يكون التخيير مستنداً إلى دليل شرعي، والثاني: أن يكون صادراً عن الشارع.
    كما أنه لا بد من إضافة قيد ثالث ضروري وبدهي، وهو أن يكون المخير أهلاً للتخييـر بـأن يكـون
    مكلفاً بالغاً عاقلاً، فلا حق في التخيير للصبي والمجنون.
    وإذا تمت مراعاة الضوابط السابقة يمكن للباحث تعريف التخيير بما يلي: ( تفويض الشارع الإنسـان
    المكلف بين فعل أمر أو تركه إلى بدل أو إلى غير بدل، بشروط معلومة تخفيفاً وتيسيراً ) وقد عرفه
    . (1) الدكتور عبد الرحمن تيلخ قريباً من هذا التعريف وبألفاظ متقاربة
    شرح التعريف:
    (التفويض) وهو جوهر التخيير، وهو ترك الأمر إلى المكلف في اختيار ما يشاء بنفسه.
    (الشارع) بمعنى أن التفويض الممنوح للمكلف هو حق للشارع، وصادر عنه، ولا بد في التخييـر أن
    يستند إلى دليل شرعي، فالشارع هو صاحب الحق في تفويض الأمر إلى اختيار المكلفين.
    وفي هذا إشارة إلى الركن الأول في التخيير وهو (المخَير): فلا يجوز للمكلف أن يتخير في مسألة ما
    دون أن يستند إلى دليل من الشارع يمنحه حق الاختيار.
    (المكلف): وهذا هو الركن الثاني في أركان التخيير وهو (المخير)، وهو الإنسان البالغ العاقل الـذي
    تعلق به خطاب الشارع وفَوض إليه الاختيار.
    (فعل أمر أو تركه): وهذا هو الركن الثالث في التخيير وهو (المخُير فيه)، وهي المسألة أو الواقعـة
    التي هي محل التخيير.
    وهذا الأمر المخير فيه قد يكون فعلاً كما في الواجب المخير، أو وقتاً كما في الواجـب الموسـع. أو
    أمارة عند من يقول بالتخيير عند التعارض من الأصوليين.
    (إلى البدل): كما في كفارة اليمين، حيث يتخير المكلف بين خصال الكفارة، الإطعـام أو الكسـوة أو
    الإعتاق.
    (أو إلى غير بدل): كما لو كان التخيير بين الفعل وتركه، كما هو الحال في المنـدوب. فـإذا اختـار
    المكلف عدم الفعل، فإنه لا يطلب منه فعل شيء آخر.
    (بشروط معلومة): وهذا يعني أنه لا بد في التخيير من ضوابط وشروط فهو ليس على إطلاقه.
    انظر: التخيير عند الأصوليين ص.18 (1)
    مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -25 العدد الأول2009- أسامة الحموي
    705
    (تخفيفاً وتيسيراً): فالتخيير من أسباب التيسير، ووجه من وجوه السعة ورفع الحـرج، وهـذه هـي
    الحكمة التي لأجلها شُرع التخيير.
    يقول ابن قدامة المقدسي: [ولا شك أن التخيير بين شيئين أيسر من تعيين أحدهما لأن مـع التخييـر
    . (1) يختار أيسرهما عليه وأحبهما]
    . (2) فالغاية والهدف من مشروعية التخيير أن تبرأ ذمة المكلف بيسر وسهولة
    المطلب الثاني: أنواع التخيير عند الأصوليين.
    قسم الأصوليون التخيير إلى عدة أنواع باعتبارات مختلفة وفيما يلي أهم هذه الأنواع.
    : حيث قسم التخيير إلى أربعة أنواع بالنظر إلى العلاقـة (3) أولاً- تقسيم إمام الحرمين الجويني
    بين الخصال التي تعلق التخيير فيها.
    الأول: تخيير تعلق بمختلفين يجوز الجمع بينهما عقلاً وسمعاً، كالتخيير بين المباحات.مثـل التخييـر
    بين شرب الماء واللبن.
    الثاني: تخيير تعلق بمختلفين يجوز الجمع بينهما عقلاً، وقد منع الشارع الجمع بينهما. مثل تخييـر
    الولي بين الأكفاء في تزويج من تحت ولايته. وكتخيير الإمام في نصب من يصلح للإمامـة إذا
    تعددوا وتساووا في الكفاءة.
    الثالث: تخيير تعلق بأمرين متضادين يستحيل الجمع بينهما عقلاً. مثل التخيير في المندوب بين الفعل
    والترك.
    الرابع: تخيير تعلق بالإلزام بين شيئين وقد تخصص أحدهما بمزيد ندب عند اختياره، كاختيار العتـق
    في كفارة اليمين فإنه خُص بمزيد ندب عن الإطعام.
    (4) ثانياً ـ تقسيم عبد العزيز البخاري والتفتازاني:
    فقد قسم التخيير بالنظر إلى إمكان الجمع بين الخصال المخير بينها، مع ملاحظة الأسباب الداعية إلى
    الجمع وعدمه إلى قسمين.
    ابن قدامة ـ المغني259/2 (1)
    الزركشي ـ البحر المحيط ـ .150/1 (2)
    انظر: الجويني ـ التلخيص ـ 102ـ.103 (3)
    انظر: التفتازاني ـ التلويح 206/1 والتي يليها. (4)
    التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي (دراسة أصولية مقارنة)
    706
    القسم الأول: ما كان الأصل فيه الإباحة، والواجب بالأمر واحد فقط، كما هو الحـال فـي كفـارة
    اليمين. حيث يجوز الجمع بين خصال الكفارة المخير فيها بحكم الإباحة الأصلية.
    القسم الثاني: وهو ما كان الأصل فيه المنع وثبت الجواز بعارض، فيمتنع الجمع فيه بين الأمـور
    المخير فيها، مثل قوله لآخر: بع هذا الشيء أو هذا، فيمتنع الجمع ويجب الاقتصار على واحد منها،
    لأنه هو المأمور به.
    قسم القرافي التخيير باعتبار محل تعلق الوجوب وعدم تعلقه إلى ثلاثـة (1) ثالثاً- تقسيم القرافي:
    أقسام، حيث كان لكل أمر من الأمور المخير فيها جهتا عموم وخصوص، جهة عموم لأنه أحد الأمور
    المخير فيها، وجهة خصوص متعلق بذاته.
    وحيث كان للحقيقة جهتا عموم وخصوص صدق عليها أحكام العموم من جهة صدق العموم عليهـا،
    . (2) وأحكام الخصوص من جهة خصوصها
    القسم الأول: التخيير بين أمرين كلاهما واجب من جهة عمومه دون خصوصه، كالتخيير في كفارة
    اليمين، فالإطعام فيها مثلاً واجب من جهة أنه أحد خصال الكفارة المخير فيها، وغير واجب من جهة
    أنه إطعام، فيصدق على خصلة من خصال الكفارة أنها واجبة من جهة وغير واجبة من جهة أخرى.
    القسم الثاني: التخيير بين أمرين، كل منهما غير واجب بخصوصه ولا بعمومـه، كـالتخيير بـين
    المباحات، فإذا خير المكلف بين شيئين في المباحات، فإن أحد هذين الشيئين ليس واجباً بخصوصـه
    من جهة، ولا بعمومه من جهة أنه أحد الأشياء المخير فيها.
    القسم الثالث: التخيير بين أمرين كل منهما واجب بخصوصه وعمومه، كالتخيير المقيد بالاجتهـاد،
    فإذا تعين أمر وجب العمل به ويحرم العدول عنه، فيكون واجباً بخصوصه من هذا الجانب، وهو أصلاً
    واجب بعمومه لأنه أحد الأمور المخير بينها. مثل تخيير الإمام في شأن الأسـرى، فيجـب عليـه أن
    يختار اختيار اجتهاد ومصلحة، لا اجتهاد تشهٍ وهوى.
    انظر: القرافي ـ نفائس الأصول 1475/3 (1)
    الفروق 707/2ـ.708
    انظر: القرافي ـ نفائس الأصول 1435/3 (2)
    مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -25 العدد الأول2009- أسامة الحموي
    707
    (1) رابعاً ـ تقسيم ابن عربي:
    حيث قسم التخيير إلى قسمين فقط بالنظر إلى حكم الشيء المخير فيه.
    القسم الأول: أن يكون الخطاب الوارد بالتخيير خطاب تكليف، وهو إما أن يكون خطاب أمر كالواجبات
    المخير فيها والمندوبات. وإما أن يكون خطاب نهي، كالحرام أو المكروه المخير فيه.
    القسم الثاني: خطاب إباحة. كقوله تعالى: قَد علِم كُلُّ أُنَاسٍ مشْربهم كُلُواْ واشْربواْ مِن رزقِ اللَّهِ
    [ البقرة: 60 ].
    التخيير إلى قسمين بالنظر إلى ما كان التخيير فيه إلى بدل (2) خامساًـ قسم بعض الأصوليين:
    أو إلى غير بدل.
    القسم الأول: ما كان التخيير فيه بين الفعل أو الترك إلى غير بدل. كالأمر بالمعروف والنهي عـن
    المنكر إذا تركه من خاف على نفسه، وكالتخيير بين فعل المندوب وتركه.
    القسم الثاني: ما كان التخيير فيه بين الفعل أو الترك إلى بدل. مثل كفارة اليمين في الإطعـام أو
    الكسوة أو الإعتاق ثم الصوم عند العجز. فالمكلف مخير بين فعل واحد منها بشرط إذا تركهـا فعـل
    خصلة غيرها.
    المبحث الثاني: التخيير وأثره في الواجبات:
    المطلب الأول: التخيير في الواجب الموسع:
    تعريف الواجب الموسع اصطلاحاً: هو الواجب المؤقت الذي يتسع وقته لأدائـه ولأداء غيـره مـن
    (3) جنسه.
    فكل ما طلب الشارع فعله طلباً جازماً في وقت يسعه ويسع غيره من جنسه فهو الواجـب الموسـع،
    مثل الصلوات الخمس، يستطيع المكلف أداءها في وقتها المخصص لها وأداء غيرهـا مـن السـنن
    والنوافل من الصلوات الأخرى، وقضاء ما يريد قضاءه.
    انظر: ابن عربي ـ المحصول/ ص.66 (1)
    انظر: السرخسي ـ أصول السرخسي 31/1ـ ،122 و الغزالي ـ المستصفى ،53/1 (2)
    و السبكي ـ الإبهاج ،95/1 و الشوكاني ـ ارشاد الفحول .180/1
    انظر: الغزالي ـ المستصفى ،69/1 ـ صدر الشريعة ـ التوضيح 189/2 ، (3)
    محمد بن نظام الدين الأنصاري- فواتح الرحموت ،69/1 د. محمد الزحيلي – الوجيز في أصول الفقه ص.312
    التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي (دراسة أصولية مقارنة)
    708
    والموسع هنا هو الوقت، ويوصف به الواجب مجازاً، فالمقصود بالواجب الفعـل الواجـب، وإذا زاد
    (1) الوقت على قدره فهو الموسع
    وبما أن الواجب الموسع يجوز إيقاع الفعل في أي جزء من أجزاء الوقت المخصص لـه، في أوله
    أو وسطه أو آخره، لذلك اختلف علماء الأصول في الجزء الذي يجب الأداء فيه إلى مذهبين:
    حيث (2) المذهب الأول: وهو لجمهور الأصوليين من المالكية والحنفية وجمهور الشافعية والحنابلة
    قالوا: المكلف مخير في أداء الواجب الموسع في أي جزء من أجزاء الوقت المحدد له، في أولـه أو
    وسطه أو آخره، لأن جميع أجزاء الوقت هي أوقات لأداء ذلك الواجب.
    واسـتدلوا بما يلي:
    -1 قوله تعالى: أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ] الإسراء78: ].
    ووجه الاستدلال بالآية أن الأمر بصلاة الظهر عام لجميع أجزاء الوقت المذكور في الآية، وكل جـزء
    (3) منه صالح لوقوع الواجب فيه، ويكون المكلف مخيراً في إيقاع الفعل في أي جزء منه
    -2 واستدلوا بحديث ابن عباس أن النبي قال: { ثم أمني جبريل عند البيت مرتين فصلى الظهر في
    الأول منهما حين كان الفيء مثل الشراك، ثم صلى العصر حين كان كل شيء مثل ظله، ثم صـلى
    المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صـلى الفجـر
    حين برق الفجر وحرم الطعام على الصائم. وصلى المرة الثانية الظهر حين كان ظل كـل شـيء
    مثله لوقت العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه، ثـم صـلى المغـرب
    لوقته الأول، ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى الصبح حين أسـفرت الأرض،
    . (4) ثم التفت إلي جبريل فقال: يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين}
    انظر: السبكي ـ الإبهاج .93/1 (1)
    انظر: الشاطبي ـ الموافقات ،155/1 حلولو ـ الضياء اللامع 333/1 (2)
    ابن الحاجب ـ منتهى الإصول والأمل في علمي الأصول والجدل ص36
    ابن قدامة ـ روضة الناظر ص،30 لمرداوي ـ التحبير شرح التحرير 902/2
    السبكي ـ الإبهاج 93/1 ، الشيرازي ـ اللمع ص16
    الاسنوي ـ نهاية السول ،75/1 الآمدي ـ الإحكام في أصول الأحكام 146/1
    السرخسي ـ أصول السرخسي ،30/1 عبد العزيز البخاري ـ كشف الأسرار 220/1
    انظر: عبد العزيز البخاري ـ كشف الأسرار ،220/1 الآمدي ـ الإحكام 147/1 (3)
    أخرجه الترمذي ـ سنن الترمذي ـ باب ما جاء في مواقيت الصلاة عن النبي حديث رقم 149ـ ج279/1 وقال حـديث (4)
    حسن صحيح.
    الحاكم ـ المستدرك على الصحيحين ـ باب مواقيت الصلاة ـ حديث رقم 693 ـ ج300/1
    مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -25 العدد الأول2009- أسامة الحموي
    709
    وجه الدلالة في الحديث أنه تناول جميع أجزاء الوقت مبيناً أوله وآخره، وليس المراد فعل الصلاة في
    كل جزء بالإجماع، كما أنه ليس المراد فعل الصلاة في أول الوقت وآخره، وإنما المراد أن كل جـزء
    . (1) من أجزاء الوقت صالح لأداء الصلاة، والمكلف مخير فيه
    -3 الإجماع منعقد على وجوب الصلاة على من بلغ أو أسلم أو طهرت في وسط الوقت أو آخره، ولو
    . (2) كان الوجوب معلقاً بأوله لما وجبت عليهم بعد فوات أوله، كما لو فات جميع الوقت
    -4 استدلوا بالقياس على الواجب المخير: فالآمر إذا قال افعل هذه العبادة إما في أول الوقت أو فـي
    منتصفه أو في آخره، فإن هذا كقوله في الواجب المخير إن الواجب عليك إما هذا أو ذاك.
    وكما أن هذا يعني أنه لا يجوز الإخلال بجميعها، ولا يجب الإتيان بجميعهـا، والأمـر فـي الاختيـار
    مفوض إلى المكلف، فكذلك هناك لا يجوز للمكلف أن لا يوقع الصلاة في شيء من أجـزاء هـذا
    الوقت، كما لا يجب عليه أن يوقعها في كل أجزاء هذا الوقت، وتعيين ذلك الجزء مفوض إلى رأي
    (3) المكلف
    فالوجوب كما تعلق في الواجب المخير بالقدر المشترك، كذلك الأمر في الواجب الموسع فإن الخطـاب
    (4) متعلق بالقدر المشترك بين أجزاء الزمان الكائنة بين الحدين
    المذهب الثاني: نفى بعض الأصوليين التخيير في الواجب الموسع، لأن التخيير في فعل العبادة ذات
    الوقت الموسع ينافي الوجوب، فالواجب حتم ولا تخيير فيه، فلا يجوز تركه ويعاقب عليـه، والقـول
    بالتوسع والتخيير فيه يوجب أن يجوز تركه ولا يعاقب عليه وهذا جمع بين المتنافيين. ثـم اختلـف
    هؤلاء الأصوليين فيما بينهم في وقت الوجوب إلى عدة أقوال وهي:
    القول الأول: قالوا الوجوب مختص بأول الوقت وما يقع في آخر الوقت فهو قضاء. وهـذا قـول
    (5) بعض الشافعية
    : فقد ذهب إلى أن المؤدى فرض على أن يكون الوجوب (1) القول الثاني: وهو لأبي الحسن الكرخي
    متعلقاً بآخر الوقت أو بالفعل، لأن الوجوب إنما لا يثبت بأول الوقت لانعدام الدليل المعين لذلك الجزء

ابن حبان ـ صحيح ابن حبان ـ باب مواقيت الصلاة ـ حديث رقم 1472 ـ ج336/4
انظر: ابن الهمام ـ التحرير مع التقرير والتحبير 158/2 (1)
انظر: ابن الهمام ـ التحرير مع التقرير والتحبير 158/2 (2)
انظر: الرازي ـ المحصول ـ 298/2ـ299 (3)
انظر: حلولو ـ الضياء اللامع شرح جمع الجوامع 333/1 (4)
انظر: البيضاوي ـ المنهاج مع معراج المنهاج ،84/1 الرازي ـ المعالم ص.63 (5)
التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي (دراسة أصولية مقارنة)
710
في كونه سبباً وبفعل الأداء يحصل التعيين، فيكون المؤدى واجباً بمنزلة ما لو باع قفيزاً من صـبرة
يتعين البيع في قفيز بالتسليم، ولو أدى شاة من أربعين في الزكاة يتعين المـؤدى واجبـاً بـالأداء،
والحانث باليمين إذا كفر بأحد الأشياء يتعين ذلك واجباً بأدائه.
وقد ذكر ابن أمير الحاج ثلاث روايات عن الكرخي ثم بين أن الرواية الراجحة والمعتمـدة هـي مـا
(2) سبقت الإشارة إليه
قالوا: يتعلق الوجوب بآخر الوقت، ثم اختلفوا فيما بيـنهم فـي (3) القول الثالث: وهو لأكثر الحنفية
صفة المؤدى في أول الوقت على رأيين:
واسـتدلوا (4) الرأي الأول: أن المؤدى في أول الوقت موقوف على ما يظهر من حاله في آخر الوقت
بما يلي:
1ـ قالوا: إن الزكاة المعجلة قبل الحول بأن أعطى شاة في أربعين إلى الساعي ثم تم الحول وفي يده
ثمان وثلاثون فله أن يسترد المدفوع إن كان قائماً، وإن كان الساعي تصدق به كان تطوعاً، ولو
تم الحول وفي يده تسع وثلاثون كان المؤدى زكاة، وكذلك الأمر إذا صلى في أول الوقـت، فإنـه
ينظر حاله في آخر الوقت فإن كان أهلاً للتكليف كان المؤدى فريضة وإلا كان نفلاً.
وردوا عليهم بما يلي:
أ- لو كان موقوفاً لتأدى بمطلق النية، ولاستوت فيه النيتان وهذا غير صحيح، لأن الإجمـاع منعقـد
(5) على أن الواجب إنما يتأدى بنية الظهر ولا يتأدى بمطلق النية
، (6) ب- وقالوا: إن قول النبي: ) إن الصلاة أولاً وآخراً وإن أول الوقت الظهر حين تزول الشـمس)
يبطل ما قالوا، لأن المراد وقت الأداء، ووقت الوجوب، فعلى قـولهم بـأن المـؤدى أول الوقـت
. (7) موقوف لا يكون أول الوقت وقتاً للوجوب ولا وقتاً لأداء الظهر فهو مخالف للنص
انظر: السرخسي ـ أصول السرخسي .32/1 (1)
انظر: ابن أمير الحاج ـ التقرير والتحبير 157/2 (2)
انظر: عبد العزيز البخاري ـ كشف الأسرار ،220/1 السرخسي ـ أصول السرخسي 31/1 (3)
انظر: عبد العزيز البخاري ـ كشف الأسرار ،220/1 السرخسي ـ أصول السرخسي 32/1 (4)
انظر: السرخسي ـ أصول السرخسي ،31/1 عبد العزيز البخاري ـ كشف الأسرار .220/1 (5)
أخرجه الترمذي ـ سنن الترمذي ـ حديث رقم /151ج.283/1 (6)
انظر: السرخسي ـ أصول السرخسي 31/1 (7)
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -25 العدد الأول2009- أسامة الحموي
711
الرأي الثاني: وقال بعضهم: هو نفل يمنع لزوم الفرض في آخر الوقت إذا كان المكلف علـى صـفة
. (1) يلزمه الأداء فيها بحكم الخطاب
واستدلوا بما يلي:
1ـ بأن حقيقة الواجب مالا يسع تركه بل يعاقب عليه، والصلاة إن أضيفت إلى آخر الوقت فيعاقـب
على تركها فيكون وجوبها في آخر الوقت، أما قبله فيتخير بين فعله وتركه، وفعله خير من تركه
وهذا حد الندب.
وردوا عليهم بما يلي:
إن حد الندب ما يجوز تركه مطلقاً، والواجب الموسع لا يجوز تركه إلا بشرط وهو الفعـل بعـده أو
العزم على الفعل عند من يقول به، وما جاز تركه بشرط فليس بندب، كما أن كل واحدة من خصـال
الكفارة يجوز تركها بشرط فعل غيرها، ولا يكون ذلك ندباً بل واجباً مخيراً، وكذلك هذا يسمى واجبـاً
(2). موسعاً، وما جاز تركه بشرط يفارق ما جاز تركه مطلقاً
2ـ واستدل أصحاب هذا الرأي أيضاً بأن المؤدى قبله في أول الوقت يكون نفلاً، لأنه مـتمكن مـن
الترك في أول الوقت لا إلى بدل وإثم، وهذا حد النفل، إلا أن المطلوب يحصل بأدائه، وهو إظهـار
فضيلة الوقت فيمنع لزوم الفرض في آخر الوقت، كمن توضأ قبل دخول الوقت فيقع نفـلاً، لأنـه
إنما يجب للصلاة فما لم يحضر وقتها لا يوصف بالوجوب ومع هذا يمنع لزوم الفرض بعد دخـول
الوقت.
وردوا عليهم: بأن الإجماع منعقد على أن الواجب إنما يتأدى بنية الظهر، ولا يتأدى بنية النفل، ولو كـان
(3). نفلاً كما زعم بعض العراقيين لتأدى بنية النفل، ولاستوت فيه نية النفل والفرض وهذا لا يصح
الترجيح ( رأي الباحث ):
إن الراجح هو المذهب الأول، والذي ذهب أصحابه إلى أن المكلف في الواجب الموسـع مخيـر فـي
إيقاع الفعل في أي جزء من أجزاء الوقت المحدد للفعل. والدليل على ذلك مما يلي:
-1 قول الكرخي الذي نسب إليه ضعيف، وهو الوقف على حال المكلف في آخر الوقت، فإن كان من
أهل التكليف كان المؤدى في أول الوقت فرضاً وإلا كان المؤدى نفلاً. وقد تبين عنـد الحنفيـة أن
الراجح المروي عن الكرخي هو القول بالتخيير بين أجزاء الوقت.
انظر: ابن همام ـ التحرير مع التقرير والتحبير 157/1 (1)
انظر: السمعاني ـ قواطع الأدلة في الأصول ،90/1 ابن قدامة ـ روضة الناظر ص31 (2)
انظر: عبد العزيز البخاري – كشف الأسرار .220/1 (3)
التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي (دراسة أصولية مقارنة)
712
-2 إن حديث جبريل ـ عليه السلام ـ صريح في بيان أن للوقت أولاً وآخراً، وأن جبريل ـ عليه
السلام ـ صلى برسول الله في أول وقت الظهر وفي آخره، وهو دليل على أن الصلاة في آخر
الوقت كانت أداء وليست قضاء. وفي هذا رد على من قال بأن الوجوب في الواجب الموسع هـو
أول الوقت و القيام بالفعل بعده يكون قضاء. ثم إن نسبة هذا القول لبعض الشافعية كانت من باب
الخطأ والوهم، فقد قال السبكي: ( وهذا القول نُسب إلى بعض أصحابنا، وقد كثر سؤال الناس من
(1). الشافعية عنه فلم يعرفوه ولا يوجد في شيء من كتب المذهب )
وقد ذكره الآمدي دون أن ينسبه لأحد من الشافعية فقال: ( وذهب قوم إلى أن وقت الوجوب هو أول
(2). الوقت )
حتى من نسبه للشافعية لم يحدد من صاحب هذا القول، بل عمم نسبة هذا الرأي دون تحديد، وهـذا
يرجح ما ذكرته من أن نسبة هذه النسبة للشافعية موهومة، ويرجح إنكار السبكي لها.
(3). فقد قال البيضاوي: ( منا من قال: يختص بالأول وفي الآخر قضاء )
-3 أما قول بعض الحنفية: إن الوجوب يتعلق بالجزء الأخير من الوقت ولا تخيير فيه فهو ضـعيف
ولا يصمد أمام أدلة أصحاب المذهب الأول الذين استدلوا بأدلة نقلية من الكتاب والسـنة، بينمـا
اعتمد هؤلاء على الأدلة العقلية فقط. وقد تم الرد على أدلتهم أيضاً وتبين عدم قوتها.
ولا بد من الإشارة أخيرا في الحديث عن التخيير في الواجب الموسع إلى الحالات التالية التي ينتهـي
التخيير فيها في الواجب الموسع، وهي ما يلي:
1 _ إذا غلب على ظن المكلف طروء مانع يمنعه من الأداء كالموت تعين عليه الفعل قبل طروء ذلك المانع
. (4) ويسقط التخيير بذلك، فإن أخر الفعل مع هذا الظن أثم،لأن الوقت تضيق عليه بغلبة ظنه
2_إذا لم يبق من الوقت إلا ما يتسع للفعل كأداء أربع ركعات صلاة الظهر،فينتهي الخيار المفـوض
. (5) للمكلف ويأثم بالتأخير بعد ذلك دون عذر
انظر: السبكي ـ الإبهاج .96/1 (1)
انظر: الآمدي ـ منتهى السول ص.45 (2)
انظر: البيضاوي ـ المنهاج .84/1 (3)
انظر ابن اللحام القواعد والفوائد الأصولية .82/1 (4)
انظر الجصاص الفصول في الأصول 2 .121/ (5)
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -25 العدد الأول2009- أسامة الحموي
713
المطلب الثاني- التخيير في الواجب المخير:
تعريف الواجب المخير:هو ما طلب الشارع فعله حتما من أمور معينة،كأحد خصـال الكفـارة وحكـم
. (1) الأسرى
وقد اختلف علماء الأصول فيما بينهم فيما يعد واجبا مخيرا من الأشياء المخيـر فيهـا علـى وجـه
الوجوب، وبالتالي وقع الخلاف فيما بينهم في بعض الفروع أهي من الواجب المخير أم لا.
-1 فقد ذهب الشنقيطي إلى أنه لا يعد من الواجب المخير إلا إذا جاء بصيغة تفيـد التخييـر فـي
اللغة.يقول الشنقيطي في نشر البنود:(إن الله تعالى إذا قال اجعلوا كذا وكذا أو قال افعلوا إما كـذا
أو كذا،فهو للتخيير وهذا هو الواجب المخير،أما إذا قال:أعتق عبدا، أو قال أخرج شاة في الزكـاة
لا يكون واجبا مخيرا لعدم الصيغة،وان كان الكلام لم يوجب خصوص عبد ولا خصوص شاة، بل
. (2) مفهوم كل منهما من غير تعيين)
والملاحظ أن الصيغ التي ذكرها لا تكون إلا بين أمور محصورة، فلا يمكن أن تدل هذه الصيغ علـى
أمور مطلقة دون حصر، ولكن صيغ التخيير ليست محصورة فيما ذكره، فهناك صيغ أخرى تدل على
التخيير في اللغة ومثال ذلك ما ورد في الحديث عن عائشة أنها قالت: (خرجنا مع رسول االله صـلى
الله عليه وسلم فقال:من أراد أن يهل بحج أو عمرة فليفعل،ومن أراد أن يهل بحج فليهل،ومن أراد أن
. (3) يهل بعمرة فليفعل)
وهذا الحديث فيه تخيير صريح بين الإفراد أو التمتع أو القران لأداء واجب الحج، والصيغة الـواردة
بالتخيير من شاء فليفعل كذا ومن شاء فليفعل كذا.
-2 وذهب القرافي إلى أن التخيير يكون بين أجناس أو أنواع مختلفة وهو الذي يسمى واجبا مخيرا
كالأجناس الواردة في كفارة اليمين، عتق أو إطعام أو كسوة.
وأما إن كان التخيير بين أفراد جنس واحد فلا يسمى واجباً مخيراً، كمفهوم دينار من أربعين،أو
. (4) إعتاق رقبة من رقاب الدنيا أو شـاة من أربعين، فهذه كلها فرد من أفراد جنس واحد
الغزالي، المستصفى 1 ،66/د.محمد الزحيلي،الوجيز في أصول الفقه.328 (1)
سيد عبد الله الشنقيطي، نشر البنود على مراقي السعود /1 .191 (2)
أخرجه مسلم، صحيح مسلم، باب بيان وجوه الإحرام، رقم 1211 /ج2 / .880 (3)
انظر القرافي، الفروق، 422/2 وانظر نفائس الأصول للقرافي 3 .280/ (4)
التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي (دراسة أصولية مقارنة)
714
إلى أن الواجب المخير هو كل ما كان واجباً مبهماً سـواء أكـان فـي أقسـام (1) -3 وذهب الطوفي
محصورة أم غير محصورة ووافقه على ذلك محمد الأمين الشنقيطي في كتابـه مـذكرة أصـول
، كإعتاق رقبة في الظهار أو في كفارة القتل أو اليمين من رقاب كثيرة هو مـن الواجـب (2) الفقه
المخير،لأن الواجب في ذلك رقبة لا بعينها
وقال الطوفي: ( قلت ولا حاجة بنا إلى قولنا في أقسام محصورة، لأن السيد لو قال لعبـده: اخـدمني
اليوم نوعا من الخدمة أي أنواعها شئت أو تصدق عني بنوع من أنواع مالي أيها شــئت أو أكـرم
شخصا من الناس أو من أصحابي أيهم شئت صح هذا الكلام عقلا،وخرج به من العهدة، وان لم تكن
. (3) في أقسام محصورة في الخطاب )
-4 وذهب السبكي إلى اعتبار الأمور المخير فيها من الواجب المخير أو عدم اعتبارها هو أن يكـون
تعلق التخيير بالخصوصيات وبين أن القدر المشترك يقال على نوعين أحدهما من الواجب المخير،
والثاني ليس منه.
-1 أما الأول الذي من الواجب المخير فهو المبهم بين شيئين أو أشياء،كأحد الرجلين، فـإن القصـد
أحد الشخصين بعينه وإن لم يعين ولذلك سمي مبهما،لأنـه أبهـم علينـا أمـره فهـو متعلـق
بالخصوصيات وهو ما تعلق الوجوب منه بالقدر المشترك بين أمـور معلومة،كخصـال كفـارة
اليمين.
-2 أما الثاني والذي لا يعتبر من الواجب المخير فهو المتواطئ،كالرجل ولا إبهـام فيـه،و حقيقتـه
معلومة متميزة عن غيرها من الحقائق،ولم يقصد منه إلا الحقيقة التي هي مسمى الرجولية،وهذا
لم يقل أحد أن الوجوب يتعلق بخصوصياته،كالأمر بالإعتاق، فإن مسمى الإعتاق ومسمى الرقبـة
متواطئ،فلا تعلق للآمر بالخصوصيات لا على التعيين ولا على التخيير، فلا يقال فيه إنـه واجـب
. (4) مخير وأكثر أوامر الشريعة من هذا النوع
لذلك نجد السبكي لا يعتبر من الواجب المخير نصب أحد المستعدين للإمامة في حالة خلو الزمان عن
إمام وهناك جماعة ويجب نصب واحد،بل هو من القسم الثاني.
الطوفي،شرح مختصر الروضة .280/1 (1)
محمد الأمين الشنقيطي، مذكرة أصول الفقه34، والتي بعدها. (2)
الطوفي، شرح مختصر الروضة 1 .280/ (3)
السبكي،الإبهاج .84/1 (4)
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -25 العدد الأول2009- أسامة الحموي
715
بينما يعتبر من الواجب المخير، جعل عمر بن الخطاب الأمر في أهل الشـورى لأن الأمـر تعلـق
. (1) بأعيانهم أي بخصوصياتهم
الترجيح:يرى الباحث أن اعتبار ما كانت خصاله غير محصورة من الواجب المخير لم يقل بـه غيـر
الطوفي ومحمد أمين الشنقيطي،وعند التحقيق نجد أنه لا يمكن اعتباره من الواجب المخير، وإلا كان
اعتبار أنصبة الزكاة من الواجب المخير، وكذلك جميع المطلقات في الشريعة، لأن هذه المطلقات غير
مقصودة للشارع بخصوصياتها،وهذا لم يقل به أحد.
وهذا ما أشار إليه الشاطبي عندما بين أن الأمر بالمخير يستلزم قصد الشارع الى أفراده المخير
فيها،لذلك يتم تعيينها وتحديدها.
أما سائر المطلقات فلا قصد للشار ع في أفرادها،ففي عتق الرقبة قصد الشارع أن يتم التكفيـر بـين
أمور محددة مقصودة للشارع لحكمة معينة ولو لم يكن كذلك لأصبح الحصر لا فائدة منه فيدخل فـي
. (2) باب العبث،والله تعالى منزه عن العبث
أما بالنسبة لرأي السبكي والقرافي وسيد عبد الله الشنقيطي فمرادهم واحد من حيث النتيجة،وهي أن
الواجب المخير لابد وأن يكون بين أشياء محصورة،ولكن كلاً منهم نظر إلـى المسـألة مـن جهـة
مختلفة،ولذلك نجد انطباق آرائهم على ما كان من مسائل الواجب المخير.
والخلاصة: أن معرفة آراء العلماء السابقة تفيدنا في تمييز ما هو من الواجب المخيـر أم لا، وفـي
معرفة الحق فيما اختلف فيه العلماء من المسائل هل هي من الواجب المخير أم لا. ؟!!
المطلب الثالث- التخيير في الواجب الكفائي:
تعريف الواجب الكفائي اصطلاحا:هو ما طلب الشارع فعله من مجموع المكلفـين،لا مـن كـل فـرد
بعينه،فان قام به بعض المكلفين سقط الإثم عن الباقين.
. كـالأمر (3) ويسمى واجبا كفائيا لأن قيام بعض المكلفين به يكفي للوصـول إلـى مقصـد الشـارع
بالمعروف والنهي عن المنكر، ورد السلام، والجهاد، واكتساب العلوم والصنائع وصلاة الجنازة….
إلى قسمين: الأول واجبات دينية:كتحصيل العلـوم الشـرعية والجهـاد، وتجهيـز (1) وقسمه بعضهم
الموتى،والصلاة عليهم،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و.. والثاني: واجبات دنيويـة: كتعلـيم
السبكي،الإبهاج .90/1 (1)
الشاطبي، الموافقات، 3 .130/ (2)
انظر الشاطبي، الموافقات ،100/1 والآمدي،الإحكام ،94/1ود.محمد الزحيلي الوجيز في أصول الفقه .324/ (3)
التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي (دراسة أصولية مقارنة)
716
الصناعات والحرف وما به قوام العيش من بيع وشراء وزراعة وغير ذلك مما فيـه سـبيل لتنميـة
المجتمع بجلب المصالح له ودرء المفاسد عنه دون أن يطلب من أفراد بأعيانهم.
، فالوجوب يسقط بفعل من يكفي من المكلفين سواء (2) ومحل التخيير في الواجب الكفائي هو المكلفون
كان فردا أو طائفة،ويكون هؤلاء الذين سقط بهم الوجوب هم القدر المشترك بين الأفراد أو الطوائف
. (3) وهو المسمى بالواجب عليه
وهذا ما يميز التخيير في الواجب الكفائي عن غيره من الواجبات.
والتخيير في الواجب الكفائي له صورتان:
الصورة الأولى: وهي أن كل مكلف مخير بين الواجبات الكفائية المختلفة،فله أن يختار ما يميل إليه
ويناسبه، من أنواع العلوم أو الحرف والصناعات أو غير ذلك.
ويبقى مخيرا بين كل هذه الواجبات حتى تتعين عليه واحدة منها بصورة من صور التعيين فعند ذلـك
ينتهي التخيير، كالأمر من الإمام حيث يتعين به فرض الكفاية بسبب تعيين الإمام.
الصورة الثانية: وهي أن المكلفين مخيرون بين الترك أو الفعل في الواجب الكفائي شريطة أن يوجـد
غيرهم من يقوم به، وإلا فإن الواجب الكفائي يتعين إذا انفرد أحد في إمكانية القيام به. كما لـو لـم
يوجد إلا قاض واحد في البلدة.
المبحث الثالث: التخيير وأثره في المباح:
المطلب الأول: تعريف المباح وأساليب التخيير فيه:
. (4) أولاً- تعريف المباح اصطلاحاً:هو ما خير الشارع المكلف بين فعله وتركه
فالشارع لم يطلب فعل المباح، ولم يطلب تركه واجتنابه، فهو مستوي الطرفين، ولكن هذا التعريـف
منتقد بأنه غير مانع لدخول الواجب المخير فيه،لأن المكلف مخير في كل خصلة منه بين الفعـل أو
. (5) الترك،ورد عليه بأن الواجب المخير مطلوب من الشارع وبعد طلبه خير المكلف في أجزائه
انظر ابن أمير الحاج،التقرير والتحبير: 2 ،180/ والزركشي، المنثور .33/3 (1)
وهذا سواء على رأي جمهور الأصوليين الذين قالوا:بأن حكمه يتعلق بكل المكلفين، لأن الخطاب موجه إلى كـل مكلـف أو (2)
على رأي بعضهم بأن المكلف به هو بعض المكلفين دون الكل.
انظر القرافي،نفائس الأصول .1504/3 (3)
الاسنوي، نهاية السول .91/1 (4)
انظر د.محمد الزحيلي الوجيز في أصول الفقه .384/ (5)
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -25 العدد الأول2009- أسامة الحموي
717
. فالشارع هو الـذي (1) وعرف الشوكاني المباح فقال: المباح هو مالا يمدح على فعله ولا على تركه
قصد تخيير المكلف بين الفعل أو الترك،فما فعله المكلف هو قصد الشارع لتساوي المفاسد والمصالح
في المباح.
كإباحة الطعام والشراب واللباس وغير ذلك، ولذلك فاعله لا يستحق المدح والذم، ويـرادف المبـاح
. (2) الحلال والجائز والمطلق
ثانيا- الأساليب التي تفيد التخيير في المباح:
-1 النص الصريح في القرآن على إباحة الفعل أو التخيير فيه،مثل افعلوا إن شئتم، أو اتركوا
إن شئتم.
-2 النص من الشارع على عدم الإثم على الفعل، أوما في معناها كنفي الحرج أو الجناح.
كقولـه تعالى: لاَّ جنَاح علَيكُم إِن طَلَّقْتُم النِّساء ما لَم تَمسوهن أَو تَفْرِضواْ لَهـن فَرِيضـةً] البقـرة:
.[236
وقوله تعالى: وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء ] البقرة: 235 ].
وآقوله تعالى: لّيس علَى الأعمى حرج ولاَ علَى الأعرجِ حرج ولاَ علَى الْمرِيضِ حرج ] النور: 61 ].
وكقولـه تعالى: واذْكُرواْ اللّه فِي أَيامٍ معدوداتٍ فَمن تَعجلَ فِي يومينِ فَـلاَ إِثْـم علَيـهِ
[البقرة 203 ].
-3 الأمر بالفعل مع القرينة التي تدل على الاباحة وليـس للوجوب أو الندب. مثل قوله تعالى: فَإِذَا
قُضِيتِ الصلَاةُ فَانتَشِروا فِي الْأَرضِ ] الجمعة: 10 ].
وقولـه تعالى: وكُلُواْ واشْربواْ ] الأعراف: 31 ].
-4 الأمر بالفعل بعد حظره، فإنه يدل على الإباحة، كقوله تعالى: فإِذَا حلَلْتُم فَاصطَادواْ ] المائدة:
2 ]، بعد أن كان محرِماً بالحج، وحرم عليه الصيد بقوله: غَيـر محِلِّـي الصـيدِ وأَنـتُم حـرم
[المائدة1:].
-5 النص على حل الفعل، كقولـه تعالى: أُحِلَّ لَكُم لَيلَةَ الصيامِ الرفَثُ إِلَـى نِسـآئِكُم] البقـرة:
.[187
الشوكاني،إرشاد الفحول .6/ (1)
الشوكاني،ارشاد الفحول ،6/وانظر د.محمد الزحيلي الوجيز في أصول الفقه .483/ (2)
التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي (دراسة أصولية مقارنة)
718
وكقوله تعالى: الْيوم أُحِلَّ لَكُم الطَّيباتُ وطَعام الَّذِين أُوتُواْ الْكِتَاب حِلٌّ لَّكُم ] المائدة: 5 ].
المطلب الثاني- مفهوم التخيير وأثره في المباح:
تظهر حقيقة التخيير في المباح ومفهومه من خلال تعريفه، وذلك أن الشارع لم يطلب من المكلف فعله ولا
تركه. وفاعله لا يستحق الثواب ولا العقوبة، ولا الذم أو المدح. فهو مستوي الطرفين.
. (1) ولا أفضلية لأحدهما على الآخر
فحقيقة المباح عند الشارع هو التخيير بين الفعل أو الترك من غير مدح ولا ذم.
والدليل على أن المباح غير مطلوب الفعل أو الترك ما يلي:
-1 إن النذر بمباح لا يلزم الوفاء به، لأن فعل المباح ليس طاعة، وكذا تركه، وانعقد علـى ذلـك
. (2) الإجماع
-2 إن فاعل المباح لا يعتبر مطيعاً، كما أن تاركه لا يكون مطيعاً. لأن الشارع لم يطلب تركه، كمـا
لم يطلب فعله. ولو فرضنا أن فاعله مطيع وله الأجر، فيجب أن يكون تاركه مطيعاً ولـه الأجـر،
وهذا غير صحيح ولا معقول باتفاق العلماء.
-3 إن حقيقة المباح عند الشارع هو التخيير بين الفعل أو الترك من غير مدح ولا ذم، وعند تحقق
الاستواء بين الطرفين والتخيير فيهما فلا يتعلق الثواب والأجر أو الذم والعقاب علـى الفعـل أو
. (3) الترك
-4 إن المباح قسم خاص في الحكم التكليفي يختص بالتخيير من الشارع، والمساواة بـين الطلـب
والترك، وعدم تعلق الطاعة به، فلو تعلقت به طاعة كان مطلوباً، ودخل في الواجب أو المنـدوب،
. (4) وخرج عن كونه قسماً خامساً، وهو مخالف للإجماع
، ولم يخالف فـي (5) وقد ذهب جمهور علماء الأصول إلى أن المباح غير مأمور به من حيث هو مباح
. (6) ذلك إلا أبو القاسم الكعبي من المعتزلة، وقال: إن المباح مأمور به
انظر الشاطبي- الموافقات: 109/1 والتي بعدها. (1)
انظر ابن قدامة – المغني: ،346/8 والنووي، المجموع: .346/8 (2)
انظر الآمدي، الإحكام: ،168/1 وابن بدران- المدخل- ص ،156 والغزالي- المستصفى- ص .60 (3)
انظر د. محمد الزحيلي، الوجيز في أصول الفقه ص .377 (4)
انظر الغزالي، المسـتصفى ،60 وابن الحاجب، منتهى الوصول والأمل ص .40 والآمدي، الإحكام: .168/1 (5) ص
انظر المراجع السابقة، والخضري، أصول الفقه .58 (6) ص
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -25 العدد الأول2009- أسامة الحموي
719
ومعنى قول أبي القاسم الكعبي أن المباح مأمور به، هو أن فعل المباح يتحقق به ترك حرام أو فعل
واجب، فمثلاً يتحقق بالسكوت ترك القذف، وبالسكوت ترك الفعل، وما يتحقق بالشيء لا يتم إلا بـه،
وترك الحرام واجب، ومالا يتم ترك الحرام إلا به فهو واجب، فيصبح معنى المبـاح واجبـاً فيكـون
مأموراً به بهذا الاعتبار.
ورد عليه الزركشي والشيخ حلولو أيضاً وقالا: إن ما ذهب إليه أبو القاسم الكعبي من أنه لا مباح في
: (1) الشريعة عليه مأخذان
المأخذ الأول- المباح عند الكعبي مأمور به ولكنه دون المندوب، وبناه على أن المبـاح حسـن،
ويصح أن يطلبه الطالب لحسنه، وهذا غير معقول، لأن هذا المطلوب إما أن يترجح فعله على تركه،
أو يترجح تركه على فعله، فإن لم يترجح فهو المباح بعينه، وإن ترجح فإن لحق الذم على تركه فهو
الواجب، وإلا فهو المندوب.
المأخذ الثاني- أن المباح يقع تركاً لمحظور فيقع من هذه الجهة واجباً، وهـذا يمنـع أن يكـون
التخيير ثابتاً في الشرع، وهو فاسد من جهتين:
الأولى: أن ذلك يفضي إلى تناقض، فإنه قد يترك بالفعل واجباً وحراماً ويمنع أيضاً من إثبات
المندوب والمكروه فترجع الأحكام إلى قسمين.
الثانية- أن هذا مخالف للإجماع.
كما رد جمهور الأصوليين على الكعبي فقالوا: إن ترك الحرام والكف عنه أمـر نفسـي وإرادي ولا
. (2) يتحقق بالاشتغال بالمباح، وأن المكلف عندما يفعل المباح يفعله دون أن يخطر بباله ترك الحرام
والخلاصة: يترجح للباحث والمحقق مما سبق أن الشارع جعل المباح تحت خيرة المكلـف وحسـب
رغبته وميوله، لأن المباح من حيث هو مباح غير مطلوب الفعل ولا الترك بخصوصـه؛ فـلا قصـد
للمكلف من فعل المباح دون تركه، ولا في تركه دون فعله، بل هو مخير بين هذا وذاك، وأيهما فعـل
فلا يلحق به مدح ولا ذم من حيث هو مباح.
انظر الزركشي، البحر المحيط: ،225/1 وحلولو، الضياء اللامع: .309/1 (1)
انظر الخضري، أصول الفقه 59 و د. محمد الزحيلي، الوجيز ص .389 (2) ص
التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي (دراسة أصولية مقارنة)
720
وإن وجد من المباحات ما يبدو وكأن الشارع قصدها بالفعل أو الترك، فإن ذلك بما لحقها من بعـض
الأمور أو الأسباب التي خرجت بها عن أصل الإباحة، فتصبح مطلوبة الفعل أو مطلوبة الترك نتيجـة
لهذا العارض الذي لحق بها.
ولو اقتصر الكعبي على أن بعض المباح قد يكون واجباً لكان صحيحاً، لأن المكلـف إذا اتجـه إلـى
الحرام، ولم يستطع تركه إلا بالاشتغال بمباح، فيكون المباح هنا واجباً، لأنه وسيلة إلى واجب وهـو
. وإن كان المباح يؤدي في بعض الأحيان إلى تحقيق مصلحة أو دفع مفسدة، أو يؤدي (1) ترك الحرام
. (2) إلى ضرر ومفسدة محققة، فيتغير وصفه من المباح إلى غيره كالمندوب أو المكروه فيتغير حكمه
وهذا معنى الكلام السابق بأن المباحات إذا لحقها بعض الأمور التي تخرجها عن أصل الإباحة تصبح
مطلوبة الفعل أو مطلوبة الترك لهذا العارض.
وخلاصة القول: إن المباح حكم شرعي، وإن المباح غير مأمور به شرعاً، لكنه ليس حكماً تكليفيـاً،
لأن التكليف ما فيه كلفة ومشقة، والتخيير الذي هو حقيقة المباح ليس فيه كلفة ولا مشقة.
المطلب الثالث- المباح من حيث الجزء والكل عند الشاطبي:
ذكر الشاطبي مسألة لطيفة في المباح، حيث قسم المباح بحسب الكلية والجزئية إلـى أربعـة أقسـام
: (3) تظهر من خلالها المؤثرات على التخيير في المباح، وهي
أولاً- المباح بالجزء المطلوب بالكل من جهة الوجوب:
كالتمتع بالطيبات من المأكل والمشرب والملبس، فإن هذه الأمور مباحة بالجزء، ويكون المكلف بالخيـار
في فعلها أو تركها في بعض الأوقات أو الأحوال، أو إذا قام بها غيره من الناس، أما من حيث الجملـة
فإن الأكل والشرب يجب فعلهما، وإن ترك المكلف الأكل والشرب بشكل كلي حتـى أصـابه المـوت أو
المرض فهو آثم، ويكون تركه حراماً، فيجب عليه الأكل والشرب، ومثله البيع والشراء ووطء الزوجـة
وممارسة الاكتساب.
انظر الدكتور محمد الزحيلي، الوجيز ص .380 (1)
انظر الدكتور محمد سلام مدكور، الإباحة 382 وما بعدها. (2) ص
الشاطبي، الموافقات: 130/1 – ،132 وانظر الدكتور محمد الزحيلي، الوجيز في أصول الفقه ص 383 والتي بعدها. وأبو (3)
زهرة، أصول الفقه ص .46
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -25 العدد الأول2009- أسامة الحموي
721
ثانياً- المباح بالجزء المطلوب بالكل على جهة الندب:
كالتمتع بالأكل والشرب بما فوق الحاجة، فهذه الأشياء مباحة بالجزء، ويخير المكلـف بـين فعلهـا
وتركها في بعض الأحوال أو الأزمان، لكنها مندوبة بالكل بحيث لو تركها المكلف لكان تركه مكروهاً
لمخالفة طلب الشارع لها طلباً غير جازم، مثل قوله :} إن االله يجب أن يـرى أثـر نعمتـه علـى
. (1) عبده}
. (2) وقوله : } إن االله جميل يحب الجمال }
وقوله تعالى: قُلْ من حرم زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرج لِعِبادِهِ والْطَّيباتِ مِن الرزقِ قُلْ هِي لِلَّذِين آمنُـواْ فِـي
الْحياةِ الدنْيا خَالِصةً يوم الْقِيامةِ ] الأعراف: 32 ].
ثالثاً – المباح بالجزء المحرم بالكل:
كالمباحات التي تقدح المداومة عليها في العدالة، كالتمتع باللذائذ، والمجازفة فـي الكـلام، واعتيـاد
الحلف، وشتم الأولاد، فإنها مباحة في الأصل، ولكن الإكثار منها والاعتياد عليها يصبح حراماً، ومثله
الأكل فوق الشبع مما يؤدي إلى التخمة والمرض.
رابعاً – المباح بالجزء المكروه بالكل:
كالتنزه في البساتين وسماع تغريد الحمام واللعب به والغناء المباح، فإنها مباحة بالجزء في
أصلها إذا فعلها المكلف مرة أو مرتين في يوم ما، ولكن الاستمرار عليها وقضـاء الأوقـات
فيها وجعلها عادة للمرء يترتب عليها بعض الضـرر بمخالفـة محاسـن العـادات، فتصـبح
مكروهة.
ثم قال الشاطبي بعد ذلك: « ونخلص أن كل مباح ليس بمباح بإطلاق، وإنما هو مباح بالجزء خاصة،
وأما بالكل فهو إما مطلوب الفعل أو مطلوب الترك، أفلا يكون هذا التقرير نقضاً لمـا تقـدم مـن أن
المباح هو التساوي بين الطرفين؟ فالجواب أن لا، لأن ذلك الذي تقدم من حيث النظر إليه في نفسـه
من غير اعتبار أمر خارج، وهذا النظر باعتباره بالأمور الخارجة، فإذا نظرت إليه في نفسـه فهـو
أخرجه الترمذي، ســنن الترمذي، باب ما جاء أن االله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، رقـم 2819 / (1)
ج 5 / 123 وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
أخرجه مسلم، صحيح مسلم، باب تحريم الكبر، رقم ( 91 ) ج 1 / .93 (2)
التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي (دراسة أصولية مقارنة)
722
الذي سمي هنا المباح بالجزء، وإذا نظرت إليه بحسب الأمور الخارجـة فهـو المسـمى بـالمطلوب
. (1) بالكل»
المبحث الرابع – التخيير في المندوب والمكروه:
المطلب الأول – حقيقة التخيير وأثره في المندوب.
. وهـذا التعريـف يتعلـق (2) – تعريف المندوب اصطلاحاً: هو ما طلب الشارع فعله طلباً غير لازم
بالماهية في دليل الحكم.
بينما عرفه آخرون باعتبار أثر الخطاب بالمدح أو الذم فقالوا: المندوب هو: ما يحمد فاعله ولا يـذم
. (3) تاركه
. (4) وجمع الآمدي بين التعريفين فقال: المندوب هو المطلوب فعله شرعاً من غير ذم على تركه مطلقاً
وعرفه ابن بدران مبيناً حقيقة التخيير في المندوب فقال:
. (5) المندوب: هو ما أثيب فاعله ولم يعاقب تاركه مطلقاً سواء تركه إلى بدل أو لا
فهذا التعريف يبين أن التخيير في المندوب قد يكون إلى بدل، وقد يكون إلى غير بـدل. وهمـا أحـد
أقسام التخيير التي ذُكرت سابقاً في أول البحث.
القسم الأول من أقسام المندوب: التخيير في المندوب إلى بدل.
والمكلف في هذا النوع من أقسام المندوب يكون مخيراً بين مندوبين في أن يفعل أحدهما دون إلزام،
كأن يتخير في الأضحية بين الإبل أو البقر أو الغنم عند من يقول بأنها سنة مؤكدة، وهو تخيير بـين
أجناس مختلفة بحيث إذا ترك أحدها ندب إلى فعل البدل عنها دون أن يلزم بفعل هذا البدل.
والتخيير هنا يشبه التخيير في الواجب المخير والواجب الموسع من حيث إنه يترك أحد الخصال ليفعل
غيرها، غير أنه يختلف عنها في ناحية الإلزام، فالتخيير في المندوبات يكون من غير إلزام، ولو لـم
يفعل أي خصلة منها لا يترتب عليه شيء. بينما في الواجب الموسع والمخير يكون الإتيـان بالبـدل
على وجه الإلزام. ففي كفارة اليمين مثلاً إذا ترك المكفر العتق ألزم بالإطعام أو الكسوة.
الشاطبي، الموافقات: 142/1 – .143 (1)
الشوكاني – إرشاد الفحول ص ،6 ونهاية السول 1 / .40 (2)
المراجع السابقة. (3)
الآمدي – الإحكام 1 / .111 (4)
ابن بدران، المدخل: .152/1 (5)
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -25 العدد الأول2009- أسامة الحموي
723
القسم الثاني في أقسام المندوب: التخيير إلى غير بدل:
وهذا التخيير متعلق بذات المندوب وماهيته، وهذا ما ذكره بعض العلماء فعرفه على أنه: « اقتضـاء
. (1) الفعل بالقول ممن هو دونه على وجه يتضمن التخيير بين الفعل والترك »
فالمندوب يتضمن التخيير بين الفعل والترك دون الحتم أو اللزوم والمكلف لا يؤاخذ علـى تركـه ولا
يلحقه إثم في ذلك. غير أنه يثاب على الفعل، والتخيير هنا بين الفعل أو الترك إلى غير بدل، فالمكلف
غير ملزم في هذا النوع من المندوب بإتيان بدل عن الفعل الذي تركه. وهو ما صرح به الغزالي عند
تعريفه فقال: المندوب هو المأمور به الذي لا يلحق الذم بتركه من حيث هو ترك له من غير حاجـة
. (2) إلى بدل »
وهذا ما يميز بينه وبين الواجب المخير والموسع حيث يطالب المكلف- بالبدل.
وبين الشاطبي حقيقة التخيير في المندوب فذكر أن المندوب من حيث هو مندوب يشبه الواجب مـن
جهة مطلق الأمر، ويشبه المباح من جهة رفع الحرج عن التارك، فهو واسطة بين الواجب والمبـاح
لا يتخلى إلى واحد منهما، إلا أن قواعد الشرع اشترطت في ناحية العمل به شرطاً، كما اشترطت في
ناحية تركه شرطاً، فشرط العمل به أن لا يدخل فيه شيء يؤدي به إلى الحرج مما يؤدي إلى انخـرام
الندب فيه، وما وراء هذا موكول إلى خيرة المكلف، أي أن المندوب لا يخرج عن كونه مخيراً فيـه،
. (3) إلا إذا تعلق به ما يخرجه عن مندوبيته إلى الإلزام
المطلب الثاني- حقيقة التخيير في المكروه وأثره فيه:
. وهـذا تعريـف للمكـروه بالرسـم (4) تعريف المكروه اصطلاحاً: هو ما يمدح تاركه ولا يذم فاعله
والصفة.
. (5) وعرفه الأصوليون أيضاً بالذات والماهية فقالوا: هو ما طلب الشارع تركه طلباً غير جازم
فالمكروه هو الفعل الذي طلب الشارع تركه، وكان هذا الطلب بدون حتم ولا إلزام، ممـا يـدل علـى
كراهة الفعل.
أبو يعلى الفراء، العدة: 1 / .162 (1)
الغزالي، المسـتصفى، .136 وانظر ابن اللحام، المختصر في أصول الفقه: 63/1 إذ عرفه فقال: (( هو مأمور به (2) ص
يجوز تركه لا إلى بدل )).
الشاطبي، الاعتصام: 2 / .321 (3)
الإسنوي، نهاية السول: 1 / ،61 إرشاد الفحول، الشوكاني ص .6 (4)
انظر المراجع السابقة. (5)
التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي (دراسة أصولية مقارنة)
724
وحقيقة التخيير في المكروه واضحة من تعريفه الذي يدل على أن المكلف غير ملزم فيـه بفعـل أو
ترك، إنما هو مثاب على ترك المكروه، فإن فعله فلا إثم عليه، فالمكلف في المكـروه مفـوض إليـه
الفعل دون أن يلحقه إثم، والتفويض من الشارع هو تخيير للمكلف. فإن اختار الفعل فهو داخل فـي
دائرة العفو ورفع الحرج.
وإن اختار عدم الفعل فلا يلحقه إثم ولكنه مثاب. وهذا ما يميزه عن الواجب، لذلك يبقى المكلف فـي
دائرة التخيير.
ويختلف عن المحرم لأنه وإن كان تاركه مثاباً لكن فاعله آثم.
ولكن الشاطبي ذهب إلى أن الحرج غير مرفوع عن المكروه ابتداء، ولكن يرفع الحرج عـن الفاعـل
بعد الوقوع فيه. وهذا ما يؤكد أن المكلف في المكروه يبقى في دائرة التخيير بين الفعل أو الترك مع
علمه بأفضلية الترك.
قال الشاطبي: « ولا شك أن فاعل المكروه مصادم للنهي بحتاً، كما هو مصادم في الفعـل المحـرم،
ولكن خفة شأن المكروه وقلة مفسدته صيرته بعدما وقع في حكم مالا حرج فيه، استدراكاً لـه مـن
. (1) رفق الشارع بالمكلف »
كما أن الشاطبي ذكر مسألتين من لطائف ودقائق المسائل التي تتعلق بالمكروه والتخيير فيـه. وفـي
هاتين المسألتين ينتهي التخيير المفوض إلى المكلف في المكروه.
المسألة الأولى:
أن الإصرار على فعل المكروه من المكلف يحولّه إلى صغيرة. وهذا يعني أن التخيير فـي المكـروه
ينتهي عند الإصرار على فعله.
يقول الشاطبي: « وأما المكروه فلا إثم فيها في الجملة ما لم يقترن بها ما يوجبها، كالإصـرار عليهـا، إذ
الإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة، فكذلك الإصرار على المكروه فقد يصيره صغيرة فـلا فـرق بـين
. (2) الصغيرة والكبيرة في مطلق التأثيم، وإن حصل الفرق من جهة أخرى »
المسألة الثانية:
يرى الشاطبي أن فعل المكروه وإن كان مكروهاً فهو مكروه بالجزء، لكنه ممنوع بالكل مع المداومة
عليه.

الشاطبي، الموافقات، .22 (1) ص
الشاطبي، الاعتصام: 1 / .173 (2)
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -25 العدد الأول2009- أسامة الحموي
725
ولذلك يرتفع التخيير وينتهي عن فعل المكروه وإتيانه مع المداومة عليه لأنه يخل بالمروءة، ويشغل
الإنسان.
يقول الشاطبي في الموافقات: « إذا كان الفعل مكروهاً بالجزء كان ممنوعاً بالكل، كاللعب بالشطرنج
و النرد بغير مقامرة وسماع الغناء المكروه، فإن مثل هذه الأشياء إذا وقعت على غير مداومة لم
. (1) تقدح في العدالة، فإن داوم عليها قدحت في عدالته، وذلك دليل على المنع »
المبحث الخامس- التخيير في الرخص وأثره فيها:
المطلب الأول- تعريف الرخصة:
. (2) تعريف الرخصة: لغة تطلق على التيسير والتسهيل
. (3) واصطلاحاً: الحكم الثابت على خلاف الدليل لعذر
أو هي: استباحة المحظور مع قيام الحاظر.
. (4) أو هي ما شرع من الأحكام للتخفيف عن العباد في أحوال خاصة
ونعتمد في شـرح وبيان معنى الرخصة على التعريف الأول لأنه أدق التعاريف، بأن الرخصة هي
(الحكم) أي الشرعي، (الثابت على خلاف الدليل) أي الدليل الذي يثبت به الحكم الأصلي، وهو
العزيمة، فالرخصة تأتي على خلاف الدليل الذي ثبت به حكم العزيمة. كجواز الإفطار للمسافر
والمريض في رمضان. وكجواز أكل الميتة للمضطر رخصة. وكجواز ترك الصلاة مع الجماعة بسبب
المرض رخصة.
وهذا الضابط أو العبارة احتراز عن الحكم الخاص الذي لا يخالف دليلاً شرعياً لعدم ورود دليل أصلاً،
كحل المنافع المباحة من أكل وشرب ولبس مما لم يرد بمنعها دليل. فإباحتها لا تكون رخصة، بل
تبقى مباحة بحسب الأصل.
واحترز بهذا القيد أو الضابط أيضاً عن دليل المنع المنسوخ أو المرجوح، فالحكم الثابت على
خلافهما لا يعتبر رخصة بل هو عزيمة.
الشاطبي، الموافقات: 1 / .133 (1)
الفيروز ابادي- القاموس المحيط: .304/2 (2)
البيضاوي- نهاية السول: 1 / .87 (3)
انظر الغزالي – المستصفى: ،62/1 ط ،1 وابن قدامة، روضة الناظر ص .32 (4)
التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي (دراسة أصولية مقارنة)
726
وقوله في التعريف (لعذر) هو قيد أيضاً، وذلك لإخراج ما يستباح لغير عذر، والمقصود بالعذر ما
يشمل الضرورة، كأكل الميتة عند الإشراف على الهلاك، والمشقة كجواز الإفطار في رمضان
للمسافر، والحاجة كجواز عقد السلم.
ولفظ (العذر) احتراز أيضاً عن التكاليف الشرعية، فإذا ورد التكليف فلا يعتبر ذلك رخصة. واحتراز
أيضاً من المانع كوجوب ترك الحائض للصلاة، لأن العذر يجتمع مع المشروع كالسفر والمرض مع
الصوم، أما المانع فلا يجتمع معه.

  • والرخصة التي تثبت على خلاف الدليل لعذر تشمل الأحكام الشرعية الأربعة، فقد تكون رخصة
    . (1) واجبة مثل أكل الميتة للمضطر، فهو واجب عند جمهور الفقهاء
    وقد تكون الرخصة مندوبة، كقصر الصلاة للمسافر عند الجمهور خلافاً للحنفية الذي يعتبرونها
    عزيمة.
    وقد تكون الرخصة مباحة، مثل إباحة رؤية الطبيب للعورة الذي أبيح لرفع الحرج عن الناس.
    وقد تكون الرخصة مكروهة، مثل النطق بكلمة الكفر مع اطمئنان القلب بالإيمان، فالنطق بالكفر حرام،
    ومع الإكراه يجوز النطق بها مع الكراهة، لأن الصبر أولى.
    ومثل الإفطار في رمضان لمن لا يجد مشقة فهو خلاف الأولى لقولـه تعالى: وأَن تَصومواْ خَير لَّكُم
    [ البقرة: 184 ].
    المطلب الثاني- أنواع الرخصة باعتبار حقيقتها وصلة التخيير بها:
    تتجلى صلة التخيير بالرخص من خلال بيان أنواع الرخصة، فالتخيير له صلة ببعض هذه الأنواع
    دون البعض الآخر، وقد قسم الأصوليون الرخصة إلى أربعة أنواع.
    نوعان عدهما الأصوليون جميعاً رخصة حقيقية لثبوت العزيمة المقابلة لهما، ونوعان آخران عدهما
    الحنفية رخصة مجازاً، ووافقهم على ذلك الغزالي في المستصفى، وقد أطلقوا على النوعين الأول
    والثاني من الرخصة رخصة ترفيه، وعلى النوعين الثالث والرابع رخصة إسقاط، لأن الترخيص
    . (2) أسقط حكم العزيمة، وأصبح الحكم الشرعي هو الرخصة
    وهذه الأنواع هي:
    انظر النووي- المجموع: 4 / .222 (1)
    انظر الغزالي- المستصفى: ،98/1 والسرخسي- أصول السرخسي: 1 ص 117 وما بعدها. والتوضيح: 3 ،86/ وانظر (2)
    البزدوي- كشف الأسرار: .635/2 ود. محمد الزحيلي- الوجيز ص .442
    مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -25 العدد الأول2009- أسامة الحموي
    727
    النوع الأول: الرخصة في فعل المحظورات، ويقصد بها استباحة فعل المحرم عند الضرورة.
    وهذه الرخصة تجعل الفعل في حكم المباح، فتسقط المؤاخذة عنه، مع بقاء حكم الحرام فيه. ولذلك
    . (1) عبر عنها بعض الأصوليين بأنها ما استبيح مع قيام السبب المحرم وقيام حكمه
    وذلك مثل الترخص بإجراء كلمة الكفر على اللسان عند الإكراه على النفس بالقتل، لقوله تعالى: إِلاَّ
    من أُكْرِه وقَلْبه مطْمئِن بِالإِيمانِ ] النحل: 106 ] والامتناع عن النطق بكلمة الكفر عزيمة، فإن صبر
    حتى قتل كان شهيداً. وإن نطق بها فهو غير مؤاخذ لوجود الإكراه مع وجود الإيمان ورسوخه في
    القلب.
    وهذا النوع يدخله التخيير لأن المكلف هنا مخير في أن يترخص بالإقدام على ما فيه رفع الهلاك عن
    نفسه، وفي ذلك توسعة له وتيسير من الشرع عليه، وإن امتنع فهو أفضل إظهاراً لعزة الدين،
    والامتناع وإن حدث معه إتلاف النفس فهو عزيمة هنا، ولكن يبقى ذلك واقعاً تحت اختيار المكلف،
    . (2) وإن اختيار العزيمة هنا أفضل
    النوع الثاني: الرخصة في ترك الواجبات، ويقصد بها استباحة ترك الواجب إذا شق فعله،
    وهذه الرخصة تجعل الفعل في حكم المباح مع قيام السبب الموجب لحكمه، ولكن الحكم متراخٍ عن
    . (3) السبب حتى يزول العذر، وهذا العذر هو الذي اتصل بالسبب فمنعه من العمل
    ولذلك عبر عنها بعض الأصوليين بأنها: ما استبيح مع قيام السبب المحرم إلا أن الحكم متراخ عن
    . (4) السبب
    ومثال هذه الرخصة إفطار المسافر والمريض في رمضان.
    فهذا رخصة مع قيام السبب الموجب للصيام وهو شهود الشهر الثابت، ولذلك لو أدى لكان المؤدى
    فرضاً، وتراخى الحكم وهو وجوب الصوم وحرمة الإفطار إلى إدراك عدة من أيام أخر، لقولـه تعالى:
    فَمن شَهِد مِنكُم الشَّهر فَلْيصمه ومن كَان مرِيضا أَو علَى سفَرٍ فَعِدةٌ من أَيامٍ أُخَر ] البقرة:
    .[ 185
    وبما أن السبب قائم فيجوز لهما الصوم، وبما أنه يجب الصوم عليهما على التراخي إلى حين إدراك
    أيام أُخر، فلا يجب عليهما الفدية إذا ماتا قبل وجوب الأيام الأخر.
    انظر السرخسي- أصول السرخسي: ،117/1 والدبوسي- تقويم الأدلة ص .81 (1)
    انظر المراجع السابقة. (2)
    انظر البزدوي- كشف الأسرار: .638/2 (3)
    انظر السرخسي- أصول السرخسي: .119/1 (4)
    التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي (دراسة أصولية مقارنة)
    728
    وحكم هذا النوع جواز الإفطار في رمضان لقولـه تعالى: فَمن كَان مِنكُم مرِيضا أَو علَى سفَرٍ فَعِدةٌ
    من أَيامٍ أُخَر ] البقرة: 184 ]. ولكن الأخذ بالعزيمة هنا أفضل إذا لم يضعفه الصوم. لقولـه تعالى:
    وأَن تَصومواْ خَير لَّكُم ] البقرة: 184 ].
    وهنا يظهر لنا وجه التخيير في هذا النوع من الرخصة، فالمكلف هنا مخير بين الصوم والإفطار.
    . (1) وهو نوع ترفه يخير المكلف بينهما للتيسير عليه من الشارع
    أما إذا أضر به الصوم وكان يضعفه فالفطر أفضل ولا يرتفع عن المكلف هنا أيضاً التخيير بل يبقى
    مخيراً بين الصوم والفطر وإن كان الفطر أفضل. أما إن خاف على نفسه الهلاك والموت فيجب الفطر
    ويرتفع التخيير عن المكلف.
    النوع الثالث: وهو ما رفع االله تعالى عن هذه الأمة من الآصار والأغلال، وهي الأحكام والتكاليف
    التي كانت في الشرائع السابقة. لقولـه تعالى: ويضع عنْهم إِصرهم والأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ علَيهِم ]
    الأعراف: 157 ]، وذلك كتطهير الثوب بقطع موضع النجاسة منه، وبطلان الصلاة في غير المسجد،
    وإخراج ربع المال زكاة، والتوبة بقتل النفس وغير ذلك.
    وهذا النوع من الأحكام رخصة مجازاً لا حقيقة، لأن الأصل لم يرد في شريعتنا، فهذا النوع غير
    مشروع في حقنا أصلاً تيسيراً وتخفيفاً علينا، وليس بناء على عذر موجود في حقنا، فكانت رخصة
    . (2) مجازاً
    ولا يمكن تصور التخيير في هذا النوع، لأن هذه الأحكام سقطت أصلاً ونسخت من شريعتنا ولا وجود
    لها.
    النوع الرابع: ما شرع من العقود استثناء من قواعدها العامة دفعاً للحرج، ومثاله: عقد السلم،
    وعقد الاستصناع، فكلاهما شُرعا استثناء على خلاف القياس، فكلاهما صورة من صور بيع المعدوم،
    . (3) وبيع المعدوم باطل لقوله : } لا تبع ما ليس عندك }
    فأباح السلم (1) وقد رخص النبي في السلم فقال: { من أسلف فلا يسلف إلا في كيل معلوم ووزن معلوم }
    ترخيصاً وللتيسير على المحتاجين للوصول إلى الأثمان قبل إدراك غلاتهم، ولكي يتوصل صاحب
    الدراهم إلى مقصوده من الربح.
    انظر السرخسي- أصول السرخسي: ،119/1 و د. محمد الزحيلي- الوجيز ص .441 (1)
    انظر الشـاطبي- الموافقات: ،304/1 والآمدي- الإحكام: 178/1 وابن النجار- شرح الكوكب المنبر: ،481/1 ود. (2)
    محمد الزحيلي- الوجيز ص .441
    رواه الترمذي- سنن الترمذي- باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك- رقم 1232 / ج 3 ص .534 (3)
    مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -25 العدد الأول2009- أسامة الحموي
    729
    . (2) وهذا النوع من الرخصة من حيث انعدام السبب الموجب للحكم يشبه النوع الثالث، فكان مجازاً
    وهذه الرخصة مباحة للمكلف، وهذا يقتضي أن المكلف مخير فيها بين الفعل والترك من حيث
    يتساوى فيها الفعل والترك.
    ومن الأمثلة على هذا النوع قصر الصلاة في السفر، وقد عده جمهور الأصوليين رخصة، بينما عده
    . (3) الحنفية عزيمة وأطلقوا عليه اسم الرخصة مجازاً لا حقيقة
    المطلب الثالث- أنواع الرخصة باعتبار ما تؤول إليه وصلة التخيير بها:
  • وهي- رخصة (4) قسم جمهور الأصوليين الرخصة باعتبار حكمها الذي تؤول إليه إلى أربعة أنواع
    واجبة- ومندوبة- ومباحة- وخلاف الأولى.
    أما الرخصة الواجبة: كحل الميتة للمضطر عند الخوف من الهلاك، وكوجوب الفطر على المسافر
    إن خشي على نفسه الهلاك.
    فحكم الرخصة هنا هو وجوب العمل بها ولا خيار للمكلف هنا في تركها فإن تركها كان آثماً.
    وأما الرخصة المندوبة: فهي كقصر الصلاة في السفر عند جمهور العلماء خلافاً للحنفية الذين
    يقولون بأنها عزيمة لا رخصة.
    فالأفضل عند الجمهور الأخذ بالرخصة هنا، ويبقى المكلف بالخيار بين فعلها أو تركها.
    وأما الرخصة المباحة: فهي كعقد السلم، والجمع بين الصلاتين في السفر عند الجمهور خلافاً
    للحنفية الذين لا يجيزون الجمع في السفر إلا للحاج في عرفة ومزدلفة، فيجمع الحاج في عرفة بين
    الظهر والعصر في وقت الظهر جمع تقديم، وبين المغرب والعشاء في مزدلفة في وقت العشاء جمع
    تأخير. وهو واجب من واجبات الحج عندهم لا رخصة من رخص السفر.
    رواه مسلم- باب السلم – رقم 1604 / ج 3 / .1226 (1)
    السرخسي- أصول السرخسي: .120/1 (2)
    انظر الإسنوي- نهاية السول: ،122/1 وانظر ابن النجار- شرح الكوكب المنير: ،479/1 السرخسي- أصول السرخسي: (3)
    .122 – 120/1
    وتجدر الإشارة هنا إلى أن جمهور الأصوليين عدوا بيع السلم رخصة لأنه استثناء من بيع المعدوم للحاجة، بينما عدَّة الحنفية
    عزيمة لسقوط اشتراط العينية في السلم، ولذلك أطلق الحنفية أيضاً عليه اسم الرخصة مجازاً. انظر الزركشي- البحر المحيط:
    .329/1
    انظر ابن بدران- المدخل: ،167/1 وابن اللحام- القواعد والفوائد الأصولية ص ،118 والزركشي- المنثور: .164/2 (4)
    التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي (دراسة أصولية مقارنة)
    730
    والمكلف عند جمهور العلماء مخير في هذا النوع من الرخص المباحة بين الفعل أو الترك لتساوي
    الطرفين فيها.
    وأما الرخصة خلاف الأولى: فالأولى في هذا النوع عدم العمل بها لرجحان العمل بالعزيمة فيها،
    وذلك كالفطر في رمضان للمسافر عند عدم المشقة فهو خلاف الأولى، حيث ذهب جمهور العلماء إلى
    . (2) ، بينما ذهب الحنابلة إلى أن الفطر هو الأولى (1) أن الأولى هو الصيام
    وهذا النوع لم يذكره كثير من الأصوليين لأنهم يعدونه من الرخص المباحة. بينما ذكره البعض كابن
    . (3) السبكي في جمع الجوامع
    وإن المحقق في أنواع الرخص الأربعة السابقة يجد أنها لا تدخل في معنى الرخصة من حيث
    كونها واجبة أو مندوبة أو خلاف الأولى، لأن معنى الرخصة هو التيسير والإحلال، وذلك بحصول
    الفعل أو الترك، فحقيقة الرخصة عند وجود العذر هو الإحلال ورفع الحرج والتيسير على المكلف،
    ثم تؤول إلى حكم تكليفي جديد نتيجة أمر خارج عنها، فالترخيص للمضطر في أكل الميتة إنما هو
    لإحلالها بعد أن كانت حراماً، وأما كونها تجب عليه فهو أمر آخر نشأ عن وجوب حفظ الأنفس، وهذا
    . (4) ما أشار إليه بعض الأصوليين كالزركشي والسبكي
    المطلب الرابع- أنواع الرخصة باعتبار سببها وصلة التخيير بها:
    قسم الأصوليون الرخصة بهذا الاعتبار إلى نوعين:
    النوع الأول- رخص سبببها الاضطرار، وهذا النوع المكلف فيه على حالين:
    الأول: أن يخاف على نفسه الهلاك، وفي هذه الحالة لا تخيير للمكلف في فعل المحرم، فيباح له فعل
    المحرم دفعاً للهلاك عن نفسه لضرورة حفظ الأنفس، وذلك كحل أكل الميتة للمضطر أو شرب
    الخمر لإساغة غصة الطعام.
    الثاني: ألا يخاف المكلف على نفسـه من الهلاك، ولكن يلحقه مشـقة كبيرة، وفي هذه الحالة يصبح
    المكلف مخيراً بين الفعل وتركه، فله الأخذ بالرخصة أو عدم الأخذ بها، وفي المثال السابق إن خاف على
    نفسه مشقة الجوع فيكون مخيراً بين الصبر على ألم الجوع وبين الأخذ بالرخصة.
    انظر الدسـوقي- حاشية الدسـوقي: ،515/1 ابن الهمام- شـرح فتح القدير: ،351/2 النووي- روضة الطالبين: .370/2 (1)
    انظر ابن قدامه- المغني: .43/3 (2)
    حلولو – الضياء اللامع: 1 / .246 (3)
    انظر السبكي- الإبهاج: 1 / ،82 والزركشي- البحر المحيط: 1 / .264 (4)
    مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -25 العدد الأول2009- أسامة الحموي
    731
    النوع الثاني- رخص سببها اختياري:
    وهذا النوع من الرخص يدخله التخيير من ناحيتين:
    الناحية الأولى في اختيار أسبابها، فالمكلف في رخص السـفر مخير في إحداث السفر أو عدم إحداثه. ثم
    هو بعد ذلك يكون مخيراً عند اختيار السفر من ناحية ثانية بين الأخذ برخص السفر أو لا.
    المطلب الرابع- انتهاء التخيير للمكلف في الرخص:
    بين الأخذ بالرخصة أو العزيمة، ويلزم (1) ينتهي تخيير المكلف عند جمهور العلماء من الأصوليين
    بالأخذ بالعزيمة في الحالات الآتية:
    أولاً- إذا كانت الرخصة في معصية، كسفر المعصية، مثل قطع الطريق أو السفر لأجل السرقة أو
    القمار أو البغي فإذا قصد المكلف من سفره المعصية، فليس له أن يترخص في سفره. والقاعدة تنص
    في ذلك على أن الرخص لا تناط بالمعاصي.
    إلى أن الرخص لا تبطل بسفر المعصية. (2) وذهب بعض الأصوليين كالحنفية وبعض المالكية
    ثانياً- إذا ألزم المكلف نفسه إبطال الرخص: كمن نذر ألا يصوم في السفر، أو نذر أن يصوم وهو
    مريض. وقد اختلف العلماء في بطلان الرخص في هذه الحالة.
    . وذهب (3) فذهب أكثر العلماء إلى أن التزام المكلف إبطال الأخذ بالرخص باطل وممنوع شرعاً
    . (4) القاضي حسين والبغوي إلى بطلان الأخذ بالرخص في هذه الحالة
    والراجح هو قول جمهور العلماء في أنه ليس للمكلف إلزام نفسه إبطال الرخص وعدم العمل بها،
    لكثرة النصوص التي وردت عن الشارع وتدل على ذلك ومنها:
    . (5) قوله :} إن االله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه }
    وقوله  لأبي إسرائيل الذي نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم وأن يصوم:
    . (1) {مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه }
    انظر حلولو- الضياء اللامع: 1 ،246/ والزركشي- المنثور: ،167/2 والسيوطي- الأشباه والنظائر ص .138 (1)
    وانظر ابن جزيء- القوانين الفقهية ص ،59 وابن قدامه- المغني: .51/2
    انظر الشنقيطي- نشر البنود: ،51/1 والسرخسي- أصول السرخسي: .92/1 (2)
    انظر الزركشي- المنثور: 2 / .172 (3)
    انظر الزركشي- المنثور: 2 / .172 (4)
    رواه ابن حبان- صحيح ابن حبان- رقم 354 – ج 2 / .69 (5)
    التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي (دراسة أصولية مقارنة)
    732
    . (2) ولأن المكلف بذلك يعارض ويناقض مقصد الشارع في ما شرع ومناقضة قصد الشارع باطلة
    ثالثاً- تعمد سبب الترخيص بقصد الوصول للرخصة:
    كمن تعمد السفر في رمضان للفطر، أو سلك الطريق الأبعد لقصر الصلاة، فذهب العلماء إلى أن الأخذ
    بالرخصة مشروط بألا يتسبب المكلف فيها ليصل إلى التخفيف، لأن ذلك مخالف لقصد الشارع من
    تشريع الرخص للمكلف عند وقوع الحرج حقيقة للتيسير عليه، لا أن يتعمده لينال الترخيص من
    . (3) أجله
    الخاتمة وأهم النتائج:
    يستنتج الباحث من خلال البحث النتائج الآتية:
    -1 معنى التخيير عند الأصوليين هو تفويض الشارع المكلف في فعل أمر أو تركه إلى بدل أو إلى
    غير بدل بقصد التيسير ورفع المشقة بشروط معلومة.
    -2 الهدف والغاية من مشروعية التخيير ووجوده هو التخفيف ورفع الحرج عن المكلفين للوصول
    إلى تطبيق الأحكام الشرعية بيسر وسهولة.
    -3 أركان التخيير هي ثلاثة: المخير – المخير – المخير فيه.
    -4 التخيير في الواجب المخير يكون بين أشياء محصورة.
    -5 أثر التخيير في الواجب المخير هو لزوم فعل خصلة من الخصال المخير فيها، ولا يلزم المكلف
    فعل الجميع. وتبرأ ذمة المكلف عند أدائه لواحدة منها، لتساويها في الوجوب.
    -6 إذا فعل المكلف جميع الخصال في الواجب المخير، فيكون الواجب هو ما يفعله أولاً لتحقق
    الواجب به قبل غيره، ويثاب المكلف على الباقي ثواب المندوب.
    -7 أثر التخيير في الواجب الموسع هو إيقاع الفعل في أي جزء من أجزاء الوقت المحدد
    له.
    -8 حقيقة التخيير في الواجب الموسع تقع على الوقت.
    -9 ينتهي التخيير للمكلف في الواجب الموسع في حالتين:
    رواه البخاري- صحيح البخاري- باب النذر فيما لا يملك وفي معصيته رقم 6326 / ج 6 / .2465 (1)
    انظر الشاطبي – الموافقات: 1 / .346 (2)
    انظر الزركشي – المنثور: 2 / .170 (3)
    مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -25 العدد الأول2009- أسامة الحموي
    733
    الأولى: إذا ظن المكلف طروء مانع يمنعه من الأداء كغلبة الظن أنه سيموت.
    والثانية: إذا ضاق الوقت بحيث لم يبق منه إلا ما يتسع لفعل الواجب.
    -10 حقيقة التخيير في الواجب الكفائي متوجه إلى جميع المكلفين، لأن الخطاب متوجه للجميع. فإذا
    قام به البعض سقط عن الجميع، لعدم لزوم الواجب لأحد بعينه.
    -11 حقيقة التخيير في المباح هو تساوي الطرفين الفعل أو الترك، فالمكلف مخير بين الفعل أو
    الترك، وأيهما فعل فلا يلحقه مدح ولا ذم. ولكن هذا مشروط بعدم وجود النية الصالحة عند
    الفعل، وإلا لحقه الثواب دون ترجيح الفعل على الترك، بل يبقى على صفة الإباحة.
    -12 حقيقة التخيير في المندوب ثابتة للمكلف بالجزء، أما بالنسبة للكل فلا تخيير فيه لو فرضنا ترك المندوب
    بالكلية كالأذان في المساجد، أو صلاة الجماعة، وصلاة العيدين. فهي مندوب إليها بالجزء.
    -13 حقيقة التخيير في المكروه ( تنزيهاً ) هو تساوي الفعل والترك للمكلف، وإن كان مثاباً على
    ترك المكروه، فإن فعله فلا إثم عليه، ويدخل المكلف في دائرة العفو عند الفعل.
    -14 أثر التخيير في المكروه هو أن الفاعل له غير آثم ومعفو عنه وتاركه مثاب.
    وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين
    التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي (دراسة أصولية مقارنة)
    734
    فهرس المراجع
    كتب أصول الفقه
    المذهب الحنفي
    أمير بادشاه: محمد أمين، تيسير التحرير، دار الكتب العلمية، بيروت.
    ابن أمير الحاج: العلامة الحلبي، التقرير والتحبير، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى.1417،
    التفتا زاني: سعد الدين مسعود بن عمر بن عبد االله، التلويح إلى كشـف حقـائق التنقـيح، تحقيـق
    محمد درويش، دار الأرقم، بيروت، الطبعة الأولى، 1419 ـ .1998
    تيلخ : عبد الرحمن ، التخيير عند الأصولييين ، أطروحة دكتوراة، كلية الشريعة ،جامعة دمشق.
    الجصاص: أبي بكر أحمد بن علي،أصول الجصاص المسمى الفصول في الأصول، تحقيق د. عجيـل
    النشمي، وزارة الأوقاف، الكويت، الطبعة الأولى، .1405
    الدبوسي: أبو زيد عبيد االله بن عمر، تقويم الأدلة في أصول الفقه، تحقيق، خليل الميس، دار الكتـب
    العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1421 ـ .2001
    السرخسي: الإمام أبي بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل، أصول السرخسي، دار المعرفة، بيروت.
    السغناقي: حسام الدين حسين بن علي بن حجاج، كتاب الوافي في أصول الفقه، تحقيق د.
    أحمد اليماني، دار القاهرة، 1423ـ .2003
    السمرقندي: أبي بكر محمد بن أحمد، ميزان الأصول في نتائج العقول، تحقيق د. محمد زكي، الطبعة
    الأولى، 1404 ـ .1984
    صدر الشريعة: عبيد االله بن مسعود المحبوبي، التنقيح مع التوضيح، تحقيق محمد درويش، دار
    الأرقم، بيروت، الطبعة الأولى، 1419 ـ .1998
    عبد العزيز البخاري: علاء الدين عبد العزيز بن أحمد، كشف الأسرار، تحقيق عبد االله عمـر، دار
    الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1418 ـ .1997
    اللكنوي: محمد عبد الحليم بن محمد أمين، قمر الأقمار لنور الأنوار في شرح المنار، تحقيق محمد
    شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت.
    مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -25 العدد الأول2009- أسامة الحموي
    735
    المحلاوي: محمد عبد الرحمن عيد، تسهيل الوصول إلى علم الأصول، مطبعة مصطفى البائي، مصر،
    .1341
    ابن ملك: عبد اللطيف، شرح منار الأنوار في أصول الفقه، دار سعادت، مطبعة عثمانية، .1314
    ابن نجيم: زين الدين إبراهيم، الأشباه والنظائر، تحقيق محمد مطيع الحـافظ، دار الفكـر، دمشـق،
    الطبعة الأولى، ،1403 .1983
    ابن الهمام: كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي، التحرير مع التقرير والتحبيـر، دار الفكـر،
    بيروت، الطبعة الأولى.1417،
    المذهب المالكي الباجي: أبو الوليد، إحكام الفصول في أحكام الأصول، تحقيـق عبـد االله الجبـوري،
    مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1409 ـ .1989
    ابن الحاجب: جمال الدين أبي عمرو عثمان بن عمرو (ت646)،منتهى الوصول والأمل فـي علمـي
    الأصول والجدل، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1405 ـ .1985
    حلولو: أحمد بن عبد الرحمن بن موسى، الضياء اللامع شـرح جمع الجوامع، تحقيق د.
    عبد الكريم النملة، جامعة الإمام محمد بن سعود، الطبعة الأولى، 1414 ـ .1994
    ابن رشيق: العلامة الحسين، لباب المحصول في علم الأصول، تحقيق محمـد جـابي، دار البحـوث
    للدراسات الإسلامية، الإمارات، الطبعة الأولى، 1422 ـ .2001
    الرهوني: أبي زكريا يحيى بن موسى، تحفة المسؤول في شرح مختصر منتهى السول، تحقيـق د.
    الهادي شبيلي، دار البحوث للدراسات الإسلامية، الإمارات، الطبعة الأولى، 1422 ـ .2002
    الشاطبي: إبراهيم بن موسى اللخمي، الموافقات، تحقيق عبد االله دراز، دار المعرفة، بيروت.
    الاعتصام، المكتبة التجارية، مصر.
    الشنقيطي: سيدي عبد االله بن ابراهيم العلوي، نشر البنود على مراقي السعود.
    الشنقيطي: محمد الأمين، مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر،تحقيق أبي حفص العربـي، دار
    اليقين، مصر، الطبعة الأولى، 1419 ـ .1999
    ابن العربي: أبي بكر بن العربي المعافري، المحصول، تحقيق حسين علـي البـدري، دار البيـارق،
    عمان، 1420 – .1999
    التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي (دراسة أصولية مقارنة)
    736
    العضد: عبد الرحمن بن أحمد الآيجي، شرح العضد، تحقيق فادي نصيف و طارق يحيـى، دار
    الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1421 ـ .2000
    القرافي: أبي العباس أحمد بن إدريس، الذخيرة،مطبعة الموسوعة الفقهية، الكويت، الطبعة الثانيـة،
    1402ـ .1982
    القرافي: أبي العباس أحمد بن إدريس، نفائس الأصول في شرح المحصول، تحقيق عادل أحمـد و
    علي معوض، مكتبة نزار الباز، مكة المكرمة، الطبعة الثانية، 1418 ـ .1997
    المذهب الشافعي
    الآمدي: علي بن محمد، الإحكام في أصول الأحكام، تحقيق سيد الجميلي، دار الكتاب العربي، بيروت،
    الطبعة الأولى، .1404
    الآمدي: سيف الدين أبي الحسن، منتهى السول في علم الأصول، الجمعية العلمية الأزهرية، مطبعـة
    محمد صبيح.
    الإسنوي: جمال الدين عبد الرحيم، نهاية السول مع شرح البدخشي، دار الكتب العلمية، بيروت.
    الإسنوي: جمال الدين عبد الرحيم، نهاية السول شرح منهاج الوصول إلى علم الأصول، تحقيق د.
    شعبان إسماعيل دار ابن حزم، بيروت، الطبعة الأولى، 1420 – .1999
    الأصفهاني: أبي عبد االله محمد بن محمود بم عباد العجلي، الكاشف عن المحصول، تحقيق عـادل
    أحمد و علي معوض ، دار الكتب، العلمية بيروت.
    البيضاوي: عبد االله بن عمر، المنهاج مع معراج المنهاج، تحقيق د. شعبان إسماعيل، مطبعة الحسين
    الإسلامية، القاهرة، الطبعة الأولى، 1413 ـ .1993
    الجاربردي: العلامة فخر الدين أحمد بن حسن بن يوسف، السراج الوهاج في شرح المنهاج تحقيق
    د. كرم أوزيقان، دار المعراج الدولية، الطبعة الأولى، 1418ـ.1998
    الجويني: إمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك بن عبد االله، التلخيص في أصول الفقه، تحقيق محمـد
    حسن، دار الكتب، العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، -1424 .2003
    الجيزاوي: الشيخ محمد أبو الفضل الوراقي (ت1346)،حاشية الجيزاوي مع شرح مختصر المنتهـى
    الأصولي، تحقيق محمد إسماعيل، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1424 ـ .2004
    أبو الحسين البصري: محمد بن علي بن الطيب، كتاب المعتمد في أصول الفقه، تحقيق خليل الميس،
    دار الكتب العلمية، بيروت، .1403
    مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -25 العدد الأول2009- أسامة الحموي
    737
    الدركاني: نجم الدين محمد، التلقيح شرح التنقيح، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولـى، 1421
    ـ .2001
    الرازي: فخر الدين محمد بن عمر، المحصول في علم أصول الفقه،تحقيق طه العلواني، جامعة الإمام
    محمد، الرياض، الطبعة الأولى، .1400
    الرازي: فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين، المعالم في علم أصول الفقه، تحقيق علـي عـوض ،
    عادل أحمد، دار المعرفة، 1414 ـ .1994
    الزركشي: محمد بن بهادر بن عبد االله الزركشي، البحر المحيط، تحقيق محمـد تـامر، دار الكتـب
    العلمية، بيروت، الطبعة الأولى1421، هـ – .2000
    الزنجاني: أبو المناقب محمود بن أحمد، تخريج الفروع على الأصول، تحقيق محمد أديب، مؤسسـة
    الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية، .1398
    السبكي: علي بن عبد الكافي، الإبهاج في شرح المنهاج، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولـى،
    .1404
    ابن السبكي، تاج الدين عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي، جمع الجوامع مع الآيـات البينـات، دار
    الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1417 – .1996
    السمعاني: أبي المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار، قواطع الأدلة في أصول الفقه، تحقيق محمد
    إسماعيل، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1418 ـ .1997
    السيوطي: عبد الرحمن بن أبي بكر، الأشباه والنظائر، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، .1403
    الشوكاني: الإمام محمد بن علي، إرشاد الفحول، تحقيق محمد إسماعيل، دار الفكر، دمشق، الطبعـة
    الأولى، 1419 ـ .1999
    الشيرازي: أبو إسحاق ابراهيم بن علي بن يوسف،التبصرة في أصول الفقه، تحقيق د. محمد هيتـو،
    دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى، .1403
    الشيرازي: أبو إسحق إبراهيم بن علي، اللمع في أصول الفقه، دار الكتب العلمية، بيـروت، الطبعـة
    الأولى، 1405 – .1985
    العز بن عبد السلام: عبد العزيز بن عبد السلام السلمي، الفوائد في اختصار المقاصد، تحقيـق إيـاد
    الطباع، دار الفكر المعاصر، دمشق، الطبعة الأولى.1416،
    التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي (دراسة أصولية مقارنة)
    738
    العز بن عبد السلام: أبي محمد عز الدين السلمي، قواعد الأحكام فـي مصـالح الأنـام، دار الكتـب
    العلمية، بيروت.
    العطار: الشيخ حسن، حاشية العطار على جمع الجوامع، دار الكتب العلمية، بيروت.
    الغزالي: أبي حامد محمد بن محمد بن محمد، المنخول، تحقيق محمد هيتـو، دار الفكـر، دمشـق،
    الطبعة الثانية، 1400 ـ .1980
    الغزالي: أبو حامد محمد بن محمد، المستصفى، تحقيق محمد عبـد الشـافي، دار الكتـب العلميـة،
    بيروت، الطبعة الأولى.1413،
    النووي: أبو زكريا يحيى بن شرف الدين، الأصول والضوابط، تحقيق محمـد هيتـو، دار البشـائر،
    بيروت، الطبعة الأولى، .1406
    المذهب الحنبلي
    آل تيمية، المسودة، تحقيق محمد محيي الدين، دار المدني، القاهرة.
    ابن بدران: عبد القادر بن أحمد بن مصطفى الدومي، نزهة الخاطر العاطر، تحقيق عبد االله محمود،
    دار الكتب العلمية، بيروت.
    ابن بدران: عبد القادر بن أحمد بن مصطفى الدومي،المدخل إلى مذهب الإمام أحمد، تحقيق عبـد االله
    التركي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية، .1401
    البعلي: علي بن عباس البعلي، القواعد والفوائد الأصولية، تحقيق محمـد الفقـي، مطبعـة السـنة،
    القاهرة، 1375 – .1956
    الطوفي: نجم الدين أبي الربيع سليمان بن عبد القوي، شرح مختصر الروضة، تحقيـق د
    عبد االله التركي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية، 1419 ـ .1998
    الفراء: القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين،العدة في أصول الفقه، تحقيق د. أحمد المباركي، مؤسسة
    الرسالة.
    ابن قدامة: عبد االله بن أحمد بـن محمـد المقدسـي، روضـة النـاظر وجنـة المنـاظر، تحقيـق
    د.عبد العزيز سعيد، جامعة الإمام محمد، الرياض، الطبعة الثانية، .1399
    ابن القيم: شمس الدين أبي عبد االله محمد بن أبي بكر، إعلام الموقعين عن رب العالمين، تحقيق طه
    سعيد، دار الجيل، بيروت.
    مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -25 العدد الأول2009- أسامة الحموي
    739
    ابن مفلح: شمس الدين محمد المقدسي، أصول الفقه، تحقيق د. فهد السـدحان، مكتبـة العبيكـان،
    الرياض، الطبعة الأولى، 1420 ـ .1999
    المرداوي: علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان، التحبير شرح التحرير، تحقيـق عبـد الـرحمن
    الجبرين، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى، 1421 ـ .2000
    كتب أصول الفقه المعاصرة
    الباحسين: يعقوب عبد الوهاب، رفع الحرج في الشريعة الإسلامية، مكتبة الرشد، الريـاض، الطبعـة
    الرابعة، 1422 – 2001 ، و قاعدة المشقة تجلب التيسير، مكتبة الرشد، الرياض، .2003
    ابن حميد: صالح بن عبد االله، رفع الحرج في الشريعة الإسلامية، جامعة أم القرى، كلية الشـريعة،
    مكة المكرمة، الطبعة الأولى، .1403
    الزحيلي: محمد ، الوجيز في أصول الفقه ،دار الفكر ط1 .
    الزحيلي: وهبة، سد الذرائع في السياسة الشرعية والفقه الإسلامي، دار المكتبي، دمشق، 1419 – .1999
    الزحيلي: وهبة، الرخص الشرعية أحكامها وضوابطها، دار الخير، دمشق، .1993
    أبو زهرة: الإمام محمد، أصول الفقه، دار الفكر العربي، القاهرة، 1417 ـ .1997
    زيدان: عبد الكريم، الوجيز في أصول الفقه، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة السابعة، 1420 ـ .1999
    العالم: يوسف حامد، المقاصد العامة للشريعة الإسلامية، الدار العالمية للكتـاب الإسـلامي، الطبعـة
    الثانية، 1415 ـ .1994
    كتب الفقه
    السرخسي: شمس الدين، المبسوط، دار المعرفة، بيروت.
    الكاساني: علاء الدين، بدائع الصنائع، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثانية، .1982
    ابن الهمام: كمال الدين محمد السيواسي، شرح فتح القدير، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثانية.
    الدسوقي: محمد عرفة، حاشية الدسوقي، تحقيق عليش، دار الفكر، بيروت.
    ابن رشد: محمد بن أحمد بن محمد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، تحقيق عبد الحميـد حلبـي،دار
    المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى، 1418 – .1997
    ابن عبد البر: أبو عمر يوسف بن عبد االله، التمهيد، تحقيـق مصـطفى العلـوى، وزارة الأوقـاف،
    المغرب، .1378
    التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي (دراسة أصولية مقارنة)
    740
    الشربيني: محمد الخطيب، مغني المحتاج، دار الفكر، بيروت.
    الشيرازي: إبراهيم بن علي بن يوسف، المهذب، دار الفكر، بيروت.
    النووي: يحيى بن شرف الدين، المجموع، دار المعرفة، بيروت.
    النووي: يحيى بن شرف الدين، روضة الطالبين، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، .1405
    ابن قدامة: عبد االله بن أحمد المقدسي، المغني، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى، .1405
    كتب التفسير
    الجصاص: أحمد بن علي الرازي، أحكام القرآن،تحقيق محمد قمحاوي، دار إحياء التراث، بيروت، .1405
    القرطبي: محمد بن أحمد الأنصاري، الجامع لأحكام القرآن، دار الشعب، القاهرة.
    كتب الحديث والتخريج
    البيهقي: أحمد بن الحسين بن علي، سنن البيهقي الكبرى، تحقيق محمد عطا، مكتبة دار الباز، مكـة
    المكرمة، 1414 – .1994
    الترمذي: محمد بن عيسى السلمي، سنن الترمذي، تحقيق أحمد شاكر، دار إحياء التراث، بيروت.
    الحاكم: محمد بن عبد االله النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، تحقيق مصطفى عطا، دار الكتـب
    العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، -1411 .1990
    الشوكاني: محمد بن علي بن محمد، نيل الأوطار، دار الجيل، بيروت.
    الصنعاني: محمد بن إسماعيل الأمير، سبل السلام، تحقيق محمد الخولي، دار إحياء التراث، بيروت،
    الطبعة الرابعة، .1379
    مسلم: مسلم بن الحجاج القشيري، صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد، دار إحياء التراث، بيروت.
    كتب المعاجم
    ابراهيم مصطفى وأحمد الزيات و حامد عبد القادر و محمد النجار، المعجـم الوسـيط، دار الـدعوة،
    استانبول ـ تركيا.
    الرازي: الإمام محمد بن أبي بكر بن عبد القادر، مختار الصحاح، تحقيق يحيى توفيق، مكتبة الآداب،
    القاهرة، الطبعة الأولى، 1418 ـ .1998
    الزبيدي: السيد محمد مرتضى، تاج العروس، دار ليبيا، بنغازي.
    مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد -25 العدد الأول2009- أسامة الحموي
    741
    سانو: د. قطب مصطفى، معجم مصطلحات أصول الفقه، دار الفكر المعاصر، بيروت، الطبعة الأولى،
    1420 ـ .2000
    غلاييني: الشيخ مصطفى، جامع الدروس العربية، المكتبة العصرية، بيروت، الطبعة الثلاثون، 1414
    ـ .1994
    الفيروزأبادي:مجد الدين محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، دار الفكر،بيروت.
    الكفوي: أبي البقاء أيوب بن موسى الحسيني، الكليات، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعـة الأولـى،
    1412 ـ .1992
    ابن منظور: الإمام العلامة ابن منظور، لسان العرب، تحقيق مكتب تحقيق التراث، دار إحياء التراث،
    بيروت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *