رتـْق غشـاء البكـارة

 دراسة فقهية مقارنة مع القانون

إعداد

الأستاذ الدكتور أسامة الحموي

2024م

مقدمة البحث:

غشاء البكارة هو عبارة عن غشاء من الأنسجة اللحمية، يَشدُّ فتحة المهبل من الخارج ، ويكون رقيقاً في الغالب، وفيه فتحة أو ثقوب تسمح بنزول دم الحيض، ونظرة المجتمع إلى هذا الغشاء تختلف من مجتمع إلى آخر بحسب أعراف الناس واختلاف ثقافة المجتمع، فهو في ثقافة وأعراف المجتمعات الغربية التي تبيح الزنا مجرد غشاء عادي لا فائدة منه، بل يُعدُّ وجوده لدى الفتاة البالغة دلالة على انغلاق الفتاة وعدم رغبتها بالرجال، بل ينظرون إليها على أنها فتاة غير سوية ومعقدة نفسياً.وأما في المجتمعات العربية والإسلامية فوجوده ضروري في نظرة وأعراف المجتمع وثقافته، لأنه يدل على عفاف الفتاة واستقامتها وخصوصاً عند الزواج، وفقدانه قد يُسبب للفتاة التهمة وسوء السمعة ، وربما يؤدي ذلك إلى القتل من قبل أقاربها لغسل العار الذي لحقهم .وفقدان غشاء البكارة  تتعدد أسبابه فقد يكون سببه الزواج أو الاغتصاب بالإكراه، وقد يكون بسبب ارتكاب الفاحشة عن مطاوعة ، أو بسبب طبيعي كالحمل الثقيل أو الوثبة القوية أو الوقوع من مكان عال أو شدة الحيضة عند الفتاة وغير ذلك . وفي حال فقده قد تلجأ الفتاة إلى طبيب لرتق الغشاء لتبدو سليمة . وإن هذا الموضوع من النوازل المعاصرة  التي ظهرت في القرن العشرين، وانتشرت مع انتشار جريمة الفاحشة في الغالب، ومع تطور الجراحة الطبية وبالنظر إلى الباعث على ارتكاب ذلك الفعل، قد يُعدُّ محرماً وجريمة  في بعض الأحوال،وقد لا يكون جريمة ومباحاً جائزاً في حالات أخرى، وهذا الموضوع كان موضع خلاف من العلماء المعاصرين في الحكم على كل الحالات والصور التي تقع تحت هذه المسألة. وجاء هذا البحث لبيان آراء الفقهاء المعاصرين وعرض أدلتهم ، ثم تحليلها ومناقشتها في ضوء نصوص الشريعة وقواعدها ومقاصدها ؛ للوصول إلى الرأي الراجح الذي يمكن الاعتماد عليه في الفتوى أو ربما تقنينه  للعمل به في القضاء أيضاً.

Introduction

Hymen is a membrane of fleshy tissue that pulls the vaginal opening from the outside. The society’sview of this membrane varies from one society to another according to the customs of people and the different culture of society. In the culture and customs of Western societies that permit adultery, it is just an ordinary, useless membrane. Furthermore, its existence in the adult girl is an indication of the girl’s closed-mindset and unwillingness to engage with men; they also consider her as an abnormal and a girl with mental complexities. In Arab and Islamic societies, on the other hand, its existence is necessary in the view and customs of the society and its culture, because it indicates the chastity and integrity of the girl, especially upon getting married. Losing this membrane may raise accusations against the girls and bring her bad reputation. It may lead to murdering her by her relatives to wash away the shame inflicted on them. Many causes lead to losing the hymn. It could be the result of marriage or rape under duress; it could be the outcome of committing consensual adultery; or because of a natural reason such as carrying a heavy weight, a strong jump, falling from a high place or the intensity of menstruation to mention but a few reasons.

If the membrane is lost, the girl may resort to a doctor to repair it to look normal.

This issue is one of the contemporary calamities that emerged in the twentieth century, and it mostly accompanied the spread of the crime of adultery and the advancement of surgery. In light of the motive for committing that act, it could be considered prohibited and a crime in some cases. In other cases, it may not be a crime; it could be permissible and permitted. This subject has been a matter of debate among contemporary scholars in judging all cases and scenarios that fall under this issue.

This research has come to clarify the opinions of contemporary jurists and present their evidence, then analyze and discuss them in the light of the texts, rules, and purposes of Sharia to reach the most correct opinion that can be relied upon to render fatwas or perhaps enact it as a law to be used in the judiciary work as well.

أولاً- أسباب اختيار الموضوع :

  1. زيادة انتشار هذا الفعل مع انتشار جريمة الزنا بشكل أكبر.
  2. الخلاف الكبير الواقع بين العلماء المعاصرين في الحكم على هذا الفعل لتعدد صوره وأسبابه والبواعث عليه مما يؤدي إلى اضطراب في الفتوى.
  3. لم أقف على قانون يجرم هذا الفعل في كل الدول الإسلامية إلى الآن.
  4. لبيان الرأي والاجتهاد الراجح للفتوى والعمل به.

ثانياً- مشكلة البحث:

يكثر السؤال عن الحكم الشرعي لهذا النوع من العمليات التجميلية بسبب تعلق السؤال بمستقبل وحياة ونظرة المجتمع للفتاة عند فقد عذريتها،وبيان حكمها الشرعي ضروري وهام جداً ليس لبيان حكمها الشرعي فقط، بل من باب الحفاظ على حياة الفتاة وسمعتها ومستقبلها وهذا البحث يجيب على كل تلك الأسئلة.

ثالثاً – حدود البحث :

 سوف يكون البحث شاملاً لكل الصور الواقعة في المجتمع والتي يمكن تصورها، والبحث سوف يستقرئ كل الحالات التي يمكن أن يشملها، وعرض كل الفتاوى والآراء حول حكم هذه المسألة دون التعرض لما يتعلق بنظرة المجتمعات المختلفة لهذه المسألة من الناحية الاجتماعية فالدراسة تتعلق ببيان الحكم الشرعي في ضوء الفقه الإسلامي فقط ثم بيان موقف القانون مقتصراً على القوانين العربية باختصار.

رابعاً- منهج  البحث:

 سوى اتبع في هذا البحث المنهج الاستقرائي التحليلي المقارن، وذلك  باستقراء كل صور المسألة محل البحث الواقعية والتي يمكن تصورها، واستقراء الاجتهادات المعاصرة حول موضوع البحث كاملة ، ثم تحليلها ودراستها، وعرض الأدلة حولها، ثم مقارنتها وبيان الراجح منها حسب قوة الحجة والدليل بالنسبة لقائلها؛ مع بيان رأي الباحث في حكم صور المسألة محل البحث وبيان الراجح.

خامساً- الدراسات السابقة :

توجد بعض الأبحاث المتفرقة التي كُتبت حول الموضوع وأغلبها فتاوى مختصرة من دون بيان الأدلة، أو بعض الأبحاث التي عرضت بعض الآراء المنسوبة لبعض من اجتهد من المعاصرين في هذا الموضوع، وأما الدراسات الأكاديمية فقليلة جداً وهذه بعض الدراسات التي تعرضت له.

  1. رتق غشاء البكارة للدكتور أحمد ممدوح سعد بحث منشور في مجلة دار الإفتاء المصرية العدد الأول، رجب 1430 ه .
  2. الأحكام الطبية المتعلقة بالنساء في الفقه الإسلامي للدكتور محمد خالد منصور. رسالة ماجستير في جامعة عمان كلية الشريعة، دار النفائس الأردن الطبعة الثانية 1999م.
  3. رتق غشاء البكارة للمغتصبة وأحكامه في الفقه الإسلامي .

 إعداد عبد العليم الحسين أحمد بحث من 16 صفحة . بحث منشور في مجلة الآداب والعلوم الإنسانية – في جامعة المنية عام 2020 م .

  • أثر سقوط العذرة والبكارة على الزواج ، إبراهيم موسى أبو جزر

بحث قُدم استكمالاً لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في الفقه المقارن من كلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية غزة، 1429 ه – 2009م.

  • الحكم الشرعي لجراحة إصلاح غشاء البكارة دراسة فقهية مقارنة ،الأستاذ الدكتور عبد الله مبروك النجار، بحث مقدم إلى مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية الثالث عشر، 1-13 ربيع أول١٤٣٠ه- ١٠مارس٢٠٠٩م.
  •  الجرائم الجنسية دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون، رسالة ماجستير، للباحث منير أحمد زمار، قُدمت في جامعة الأوزاعي ونوقشت عام 2018م.

وهذه الرسالة تعرضت لهذا الموضوع بشكل جيد، ولكن الباحث لم يستقرئ كل الصور، كما لم يستقرئ كل الفتاوى والآراء المعاصرة الموجودة حول الموضوع .

وكذلك الأمر في رسالة إبراهيم موسى أبو جزرأثر سقوط العذرة والبكارة على الزواج .

  •  مدى مشروعية ترقيع البكارة للدكتور خالد عبد العظيم أحمد بحث منشور

الناشر المركز القومي للدراسات القانونية  بتاريخ 1 / 1 / 2009م ط1 .

  • وأيضاً بحث عملية الرتق العذري في ميزان المقاصد لمحمد نعيم ياسين .

ولكن بالرغم من ذلك لا يزال الجدل قائماً، والخلاف كبيراً حول ذلك الموضوع، ويحتاج إلى بيان الرأي الراجح للعمل به في الفتوى.  وفي القضاء لو رفعت دعوى تغرير من الزوج بعد العقد، بسبب كثرة صور المسألة واختلاف الآراء في الموضوع بشكل كبير.

سادساً- الجديد في البحث :

الاستقراء التام لصور المسألة في الواقع. وإجراء المقارنة بينها لبيان الراجح من الآراء المتعلقة بتلك المسألة بناء على أدلة وقواعد الشريعة؛ للوصول إلى الرأي الذي ينبغي الفتوى والعمل به مدعماً بالدليل، وربما تقنينه لتنظيم تلك المسألة في الحالات التي  نتوصل إلى جوازها وعدم تجريم فاعلها، والحالات التي ينبغي تجريم فاعلها .

ويُضاف إلى جديد البحث الأهم وهو صياغة تقنين مقترح في نهاية البحث، يمكن الاعتماد عليه مستقبلاً في القانون الجزائي من قبل أي دولة إسلامية في حال أرادوا وضع تقنين يضبط هذا المسألة بسبب كثرة وقوعها وانتشارها، وكثرة المفاسد التي تترتب عليها، وتجريم بعض صورها كما سنبين من خلال هذا البحث. ومن جديد البحث مقارنته مع  القوانين في الدول العربية باختصار غير مخل. وبالإضافة لذلك مناقشة صور البحث بشكل علمي دقيق في ضوء الأدلة الشرعية وقواعد الشريعة ومقاصدها لنتعرف على الراجح.

ولم أجد دراسات أخرى على رغم جهدي تناولت البحث من كل ما يتعلق بجوانب وصور موضوع البحث، مع مقارنته بالقانون، ووضع تقنين مقترح كما فعل الباحث.

سابعاً- الكلمات المفتاحية للبحث:

البكارة – رتق البكارة – المغتصبة –

ثامناً- خطة البحث :

عرضت الموضوع في خمسة مباحث وخاتمة مع بيان أهم النتائج والتوصيات.

المبحث الأول : التعريف بمصطلحات عنوان البحث.

المبحث الثاني: رأي القائلين  بالتحريم مطلقاً مع أدلتهم.

المبحث الثالث: رأي القائلين بالتفصيل مع أدلتهم.

المبحث الرابع : رأي القائلين بالجواز مطلقاً مع أدلتهم.

المبحث الخامس: مناقشة الأدلة وبيان الرأي الراجح لدى الباحث.

الخاتمة : وتتضمن أهم النتائج والتوصيات .

المبحث الأول- التعريف بمصطلحات عنوان البحث:

لا بد في بـداية البحث من التعريف بمفردات العنوان وهي:( غشاء البكارة، والرتق).

التعريف بغشاء البكارة والرتق لغة :

أولاً- التعريف بغشـاء البكـارة: وهي العُـذرة, وهي غشاء رقيق يُغطِّي الفتحة التناسليَّة في الأنثى البكر، فهي ما للبكـر من الالتحام قبل الافتضاض, ومنه جارية عذراء: لم يمسها رجل. وسُميت البكر عذراء لضيقها؛ ومنه: تعـذّر عليه الأمر, وجمعها: عَـذار وعـَذارى وعَـذاري([1]).

ثانياً- تعريف الرتق هو: شــدُّ الفتق وهو ضدُّه،أو: إلحام الفتق وإصلاحه. يُقال: رتقـه يرتُــقه ويرتِـقه رتقاً فارتتق إذا التأم, ومنه: امرأة رتقاء, أي: بيّـنة الرتق؛ إذا لم يكن لها خرق إلا المبـال([2]).

والعـذرة طبياً: صحيفة لحميّـة ناعمـة تقـع على مـدخـل المهبـل بعمق من(1-2) سم, ويـوجـد فيها فتحـة أو أكثر قطرها من(1-5) ميلمتـر لنـزول دم الحيض([3]). ويكون التمـزّق للغشاء عند أول دخول لجسم فيه نوع صلابة عادة, ويبقى أبداً دونما التئام.

    وبغض الطرف عن أنواع هذا الغشاء لدى النساء الأبكار أو أشكاله أو فوائـده الصحية, فالجدير بالذكر أنّ هذا الغشاء الخِلقيّ يفصل بين مكونات الظاهر من الفرج وبين باطنه, وهو إذ يحتلّ هذا الموضع رغم رقّـة نسيجه الذي يحوي شعيرات دموية دقيقة يكون بمثابة حارس يحجـز القاذورات الخارجة من السبيلين عند الطفلة الرضيعة, ويعين الفتاة اليافعة على التزام مسالك العفّـة؛ ذلك أنّ بقاءه لحين ليلة زفافها في النظرة الاجتماعية في مقام الدليل على عفتها.

وتجدر الإشارة هنا أن غشاء البكارة لدى الفتاة العـزَباء قد يتمـزق لكثير من الأسباب، ولا تنحصر بدخول جسم فيه صلابةٌ فوهةَ المهبل من عضوها؛ فمن الممكن حدوث التمزق نتيجة السقوط في أثناء ركوب الدراجة، أو توجيه تيار مائي قوي للمكان،أو لمجرد ركوبها الخيل, أو حدوث الوثب العنيف منها،أو السقوط من مكان عال، أو…. إلخ. ولكن أكثر الأسباب وقوعاً يتمثل بحدوث علاقة جنسية مكتملة بتحقق الوطء شرعية كانت تلك العلاقة أم غير شرعية, فضلاً عن المبالغة في المداعبة منها لنفسها في بعض الأحيان أو من غيرها بإدخال إصبع أو جسم صلب.

وبناءً على ما سبق من أنه ليس كلّ أسباب التمـزق عائـدة لارتكاب الفاحشة أو مقدماتها, فإنّ  هذا البحث سيكون عن حكـم الله تعالى في الجـراحـة الطبية التي تعمـل على إعـادة ضـمِّ ولحـم غشـاء البكـارة بعـد تمـزّقـه لأيّ سـبب كان إلى مثل ما كان عليه سابقاً. وإنّ البحث في هـذه المسألة من جملـة النـوازل والمسـتجـدّات في هـذا العصـر؛ حيث لم يتنـاولها أيّ من النصوص الشـرعية بشكل مباشـر أو صريح , كمـا لم يتعـرض الفقهاء لبيـان حكمها قديماً لعـدم تصـوّرهم إمكـان حـدوثها في حـدود ما تـوصـل إليه علـم الطِّـب آنـذاك في زمانهم.وعلى ضوئه لـم يبـقَ والحـال هـذه لدى الاستقراء والنظر في الحكم الشرعي إلّا النّـظـر في فـتاوى بعض الباحثين والعلماء المعاصـرين ممن اشتغل باسـتنباط الحكـم الشـرعي لهـذه المسـألة,ومن ذلك الحاصل في أعمال الندوة العلمية التابعة للمنظمـة الإسلامية للعلوم الطبية المقامة في دولة الكويت عام1407ه-1987م تحت عنوان:”الرؤيـة الإسـلامية لبعض الممارسـات الطبية”([4]), وكذلك بعض الأبحاث المقدمة من العلماء والباحثين المعاصرين.أما ما يخصّ موقف القانون فيمكننا الجزم بعدم وجود قانون من القوانين الجزائية  في الدول العربية أو الإسلامية يُعالج الحكم على هذا الفعل أو يُجرمه.

المبحث الثاني_ رأي القائلين  بالتحريم مطلقاً مع أدلتهم:

للباحثيـن المعاصرين في مسـألـة رتـق أو إصلاح أو خياطة غشــاء البكـارة أربعة أقـوال.

أولها: القائلون بتحريم كل الصور والحالات بغض النظر عن السبب الباعث لها.

وإلى هذا الرأي ذهب الدـكتـور “محمـد المختار الشـنقيطيّ”([5])والشيخ “عــزّ الـديـن التميمـيّ”([6]) والدكتور “حسام الدين عفانة”([7]), واستدلوا  للقول بعـدم جـواز رّتـق الغشـاء أياً كان سبب تمـزقه بالآتي:

   1ً- إن مبـدأ رتـق الغشـاء نوع من أنواع الغرر والغــشّ, وهـو محـرم شـرعاً؛ إذ فيه إيهـامٌ  للـزوج وتغرير بأنّ عـروســه عـذراء.كما قـد يـؤدي الـرتـق إلى اختلاط الأنسـاب والحلال مع الحـرام؛ فقـد تحمـل المـرأة من جمـاعٍ سواء كان بمطاوعـة منها أم بالإكـراه ثم تتـزوج بعـد رتق الغشـاء, الأمـر الـذي يعني إلحاقَ الحمـل بالـزوج وما يسـتتبع ذلك من أكـل الأمـوال بالباطل لجهة النفقـة على المولـود وتـوريثـه, وكلا الأمـرين محـرّم أيضاً. وإذا كان من القـواعـد المقررة في الشريعة أنّ: الضـرر يُـزال, وأنّ من فـروعهـا المسَـلّـم به أنه:

لا يجـوز للإنسـان أن يـدفـع الغـرق عن أرضـه بإغـراق أرض غيـره, فإنه وبالقياس: لا يجـوز للفتاة وأهلها أن يـزيلـوا الضـرر عن أنفسهم ويُلحقـوه بالـزوج.

 2ً- إنّ رتـق غشاء البكـارة فيه اطلاع على العـورة, والأصل في الكشـف عنها، والنظـر إليها فضلاً عن لمسـها الحــرمـةُ. أما الأعـذار التي يـراها المجيـزون فليست بالقـويـة إلى درجـة يمـكـن معها الحكـم باسـتثنـاء عمليـة الـرتـق من ذلك الأصل؛ ذلك أنه إذا تعـذّر الجمـع بين جلـب المصالح ودرء المفاسـد, على فـرض التسـاوي بينهما, فيرجح الـدرء للمفسـدة وعـدم المبالاة بفـوات المصلحـة كما قـرر العلماء ,وتطبيقاً لتلك القاعـدة: فإنّ ما يتــرتب على الــرتق من مفاســـد  هو أكبـر من المصالح ، وعلى أقـل تقـديـر يكون مسـاوياً لها, وهـو مـا يـوجب الحكم بعدم جـوازه.

 3ً- إن من شـأن رتـق البكارة أياً كان سـبب تمـزقـه أن يسـهّـل على الفتيـات ارتكـاب جــريمـة الـزنـا ويشجع عليها ؛ لعلمهنّ بإمكـان الـرتـق بعـد الجمـاع بطـريق الحـرام, وهي مفسـدة مظنـونة وقوعها. وبالمقابـل فإن الفتـاة حينمـا تعلـم أنها في حـال زنـاها لـن تجـد طبيبـاً يـرتق لها فإنها لـن تُقـدم على فعـل الخطيئـة.

 4ً-إنّ مفسـدة التّهمـة للفتـاة وأهلهـا إذا كان زوال البكارة بغير الزنا ، يمكـن إزالتهـا عن طـريق شـهادة طبيبـة فـور طـروء الحادثـة العـرضيـة ؛ تُثـبت بـراءتها مستقبلاً، وتكـون السـبيل الأمثـل لـزوال الحاجـة إلى فعـل الجـراحـة.

المبحث الثالث: رأي القائلين بالتفصيل مع أدلتهم .

وهؤلاء منهم من منعه وحرمه إلا في حالة التمزق بواقعة طبيعية بسبب حادث، أو إذا كان برضا أو طلب من الزوج .

ومنهم من رأى أن الأصل فيه المنع أيضاً إلا ما ســبَّبه الإكـراه على الـزنـا.

القـول الأول: التحريم ما لـم يكـن الـتمـزّق في حادثة طبيعية أو برضـا الـزوج بالجـراحـة .

وأصحاب هذا الرأي يقولون بالتحريم إلّا في حـالـة وقـوع الفتـق جـراء حـادث طبيعيّ في سـن الطفـولـة  بسبب القفـز أو السقوط من مكان عال ونحوه. وأيضاً فيما إذا كان الـزوج حاضـراً ورغـب في إعـادة رتـق غشـاء زوجـته تـرفّهـاً. وبه قال الشيخ “محمد المختار السّـلاميّ”([8]).

 وغاية ما استدل به: أنّ الفـتـق قـد وقـع في الحالـة الأولى لصغيرة بغيـر إرادة منها أو اختيـار, ولـذا جاز الـرتق، والحالة لا تغرير فيها مستقبلاً بالزواج . أما عن رتـق المتـزوجـة, فلأنّ زوال غشـائها كان بسـبب مشـروع , كما أن الغـشُّ في الحالـة هـذه منتـفٍ لـرضا الـزوج بتلك الجـراحة.

 ويُردُّ على هـذا الاسـتدلال بأنّ مطلق عـدم الاختيـار في الحالـة الأولى لا يكفي دليلاً لفتـح باب رتـق الغشـاء, كما أنه لا مسـوّغ مقبـولاً للتفـرقـة بين الصغيـرة والكبيـرة في ذلك , بل قـد تكـون الكبيـرة التي تعـرضـت لحـادث طبيعيّ أكثـر احتيـاجـاً إليـه. كما أنه لا فائدة معتبرة شرعاً لـرتق غشاء المـرأة المتـزوجـة وإنْ كان برضاً من زوجها؛ لعـدم وجـود مصلحة لها أدنى اعتبـار في تقـديـر العقـول الحكيمـة والفطـر السـليمة, فضلاً عمَّـا يسـتتبع ذلك من كشـف للعـورة المحرم دونما ضرورة وهو غير جائز شرعاً في تلك الحالة ، ويُعدُ ذلك من الترفه الممنوع، لأنه يقوم على كشف العورات، وذلك مصلحة تحسينية تعارض مصلحة ضرورية وهي الحفاظ على الدين وتلك لا تباح إلا في حالات الضرورة .

القـول الثاني-الأصل المنع والـرتـق جـائـز استثناء في حالاتٍ, منها ما ســببه الإكـراه على الـزنـا:

ذهب إلى هذا الرأي الدكتور تـوفيـق الـواعي([9]), وهو ما ذهب إليه مجمع الفقه الإسلاميّ التابع لمنظمة المؤتمر الإسلاميّ([10]). وقـد جـاء التنصيص من كلٍّ على جـواز الرتق في الحالات الآتية:

  • إذا كان الفـتق بسـبب إكـراه غيـر مُشـين؛ كحادث, أو عمل جـراحيّ لاسـتئصال أورام, أو أيِّ شيء اقتضى فضَّ الغشـاء كالقفـز, أو دخـول خشـبة, أو كان ناتجاً  عن تعـذيب… إلخ.
  • إذا كان الفـتق بسـبب الإكـراه على فاحشـة الـزنـا وثبـت ذلك فعلاً, أما  في حالة الـزنـا الـرضائيّ فلا يجوز .
  • أدلة أصحاب هذا الرأي:

    وقد اسـتدل أصحاب هـذا القـول: أنّ رتـق الغشـاء لمـن كانت تعاني إحـدى تلك الحالات, يُسـاعـد على العفّـة والطهـارة إنْ في الفتـاة نفسـها أو في المجتمع, كما يـؤدي إلى تفــريج الكـربـة عن الفتـاة وأهلها, ويُــزيـل العقـــد النفسـيّة والخـوف من سـوء الظـنِّ والقـالـة إنْ في الحـال أو في الاسـتقبـال. ويُعتُــرض على هـذا الاسـتدلال من وجهيـن:

الوجه الأول: مع التسـليم بأنّ رتـق الغشـاء مما يسـاعـد على عفّـة وطهـارة الفتـاة, إلّا أنّ هـذه المصالـح تصغر أمـام ما يمكـن أن يكـون في الجهة المقابلة من عظيـم المفاسـد؛ كـفتـح باب الـزنـا وشيوعه والتشجيع عليه , وكشـف العـورة دون ضرورة معتبـرة, ومعلـوم أنّ : درء المفاسـد مقـدّمٌ على جلـب المصالح, كمـا أن : الضـرر الخاص يُتحمّـل مقابـل الضـرر العـامّ.

الوجه الثاني: أنه يمكـن للعُـقـد النفسـية أن تـزول بالتّـوعيـة والإرشـاد وأخـذ الضمانات الكفيلـة بإثبـات بـراءتها أمام المجتمـع. أما الخـوف من ظـن السّــوء بها في الحـال والمـآل, فإنه لم يـقـل قائـل بأن يُعلـن وليُّ أمـرها على الملأ خبـر فقْــد ابنتـه غشـاء بكارتها, بل يبقى الأمـر سـراً, فإذا مـا دعـت الحاجـة في وقـت قيـام مشـروع الزواج إلى إبـراز دليـل عفتهـا, فحينها يُخبَـر الــزوجُ بالحقيقة ويُـوضـع بين يـديـه التـقـريـرُ الطبيُّ الثابتُ فيه ســـببُ زوال عـذريتها الـذي لا يـد لها في حدوثه.

المبحث الـرابـع: رأي القائلين بالجواز مطلقاً مع أدلتهم. والقائلون به اتجاهان:

الاتجاه الأول قال أصحابه : الـرتـق جـائـز حتى في الـزنـا الـرّضائيّ ما لـم يشــتهـر به.

وهـذا الـرأي قاله الـدكتور”محمد نعيـم ياسـين”([11]),ويقـوم على تـوسـيع دائـرة المشـروعيـة والتفصـيل بـآن, حيث خلص إلى أنّه:

    إذا ما كان سـبب التمـزّق حـادثـة أو فعلاً لا يُعـدُّ في الشـرع معصيـة, أو لم يكـن ناتجـاً عن مخالطـة جنسـية بطـريق الـزواج, فإنـه يُنظـر: فإن غلـب على الظـنّ  أنّ الفتـاة سـتلاقي عنتـاً وظلمـاً بسـبب الأعـراف والتقاليـد, كان الــرّتـق واجبـاً وإلّا فهـو منـدوب إليـه.

أما إذا كان سـبب التمـزق زنـاً لـم يُشـتهر بين الناس, فالطبيب مخيَّـر بين إجـراء العمليـة أو عـدم إجـرائها, وإن كان إجـراؤها أولـى. وفي المقابـل لـو اشـتهر أمـر زنـاها بين الناس, سـواء كان نتيجـة صدور حكـم قضائيّ على الفتـاة لـزنـاها, أم نتيجـة لتكـرار الـزنـا منها.., فالـرتـق حـرامٌ فعلُـه. 

    وقـد اعتمـد الـدكتـور “ياسيـن” للتـدليـل على سـلامة ما تـوصّـل إليـه بمجمـوعـة من الاسـتدلالات العامّـة التي سـبق تناولُها، وما قيـل في الـردّ عليها من قِبـل المعـترضيـن؛ ومن ذلك: أنّ النصوص الشـرعية دالّـة على مشـروعيـة السـتـر, وأنّ إجـازة الـرتق فيها قفـلٌ لباب سـوء الظـنّ بالفتـاة ودفـعٌ للظلم عنها من قِبـل الأهـل أو الـزوج أو المجتمـع, فضلاً عن أنّ منعها من رتـق غشـاء بكـارتها قـد يُـؤدّي بها إلى الـوقـوع في حمَـأة الـرذيلـة، بعـد أن كان اسـتصلاحها في بـداية الأمـر ممـكـنـاً.

   ونظـراً لأهمّيـة وخطـورة ما تـوصّـل إليـه صاحب هـذا الـرأي ومن وافقـه([12])؛ لجهة إباحة رتـق الـزانيـة(المطاوعـة) التي لـم يُشـتهـر أمـر زنـاها بين الناس, ولأنّ الـواقـع العمليّ على الأرض يقضي بأنّ غالـب حالات الـرتـق التي يجـريها الأطبـاء الجـرّاحـون من هـذا النـوع, يكـون من المفيـد إن لم يكـن ضرورياً التبسُّـط لـدى عـرض الأدلـة الخاصّـة التي ســـيقت تحت هـذا الـرأي؛ فهو إدخـال ليس بالهيّـن حقيقـة, ولتـوقّـف الإبـاحـة عليـه حال تقــريـره, أو التحـريـم له حـال بيـان خطـئه وردّه.

هـذا والاسـتدلالات الخاصّة لأصحاب هذا الرأي على جواز رتـق غشـاء بَكــارة زال بــزنـاً عـن رضاً من صاحبتـه هي التالية:

1ً-أنّ رتـق غشـاء البكـارة يُعيـن على تحقيـق المسـاواة بين الـرجل والمـرأة؛ فكمـا أنّ الـرجـل مهمـا تكـررت الفاحشـة منه لا يتـرتـب على فعلـه أيُّ أثـر مـادّي في جسـده ولا يثـور حـولَـه أيُّ شــكٍّ, فكـذلك ينبغي أن تكـون المـرأة؛ إذ تحقيق العـدل بينهمـا مقصِـدٌ شـرعيّ إلّا في الأحـوال المسـتثـناة بـدليل, وليـست هـذه الحالـة منها.

    وهذا الدليل فاسد ومردود لعـدم صحته واسـتقامـته في ميزان الشريعة؛ ذلك أنّ الله U خـلق الـذكـر والأنثى بطبيعتيـن مختلفتيـن, خِلقياً فالمـرأة لها غشـاء بكـارة والـرجل على خلاف ذلك, فطلـب تحقيق المسـاواة بينهما أمـر مخالـف لأصـل التّـكـوين الخلقي ولا مـدخل له في تحقيق العـدالـة أبداً, زيادة على أنه قـول يُحمـل بصورة أو أخرى معنى التّـشـكـيـك في أصـل العـدالـة الإلهية من جهة الخِلْـقـة!.

كما أنّ الأثـر المتــرتّـب على فعــل الفاحشـة في جانب الـرجـل خـالٍ عن اختـلاط الأنسـاب بخلاف ما هو الحـال عنـد المـرأة إذا ما لُـقّـحت بأكثــر من منيٍّ رجل. وفضلاً عن ذلك كلّـه, يحمـل القـول بتسـويغ رتـق الغشـاء لامـرأة زنـت بـرضاهـا بحجـة أنّ الـرجـل إذا فعـل الفاحشـة لا يظهـر عليـه دليل مـاديّ في جسـده إقـراراً ضمنيّـاً بفعـلها الفاحشـة!. بل يفتح هذا باب التشجيع على الفاحشة وتكرار وقوع الزنا منها .

2ً-أنّ رتـق غشـاء البكـارة يـنتج عنه دفـع الضـرر عـن المـرأة وأهلها؛ فلـو تُــركـت من غيـر رتـقٍ واطّـلع الـزوج على ذلك لأضـرّ ذلك بها وبأهلهـا, فإذا شـاع الأمـر بين الناس كان الضـرر بأهلها على وجـه الخصوص أعظـم؛ فإنّ تلك الأسـرة قـد يُمتـنـع من الـزواج منها, ولـذلك يُشــرع لهم دفـع الضـرر بإجـراء الـرتـق لابنتهم لأنهـم براء من ســببه. 

وقـد دُفـع هـذا الاسـتدلال القائـم على أنّ حمايـة المـرأة من العَسْــف الاجتماعيّ بإخفـاء القـرينـة  التي لم يعتبـرها الشـرع  عن أولئـك الـذين يبنـون أحكـامهم الظالمـة عليها بالقـول: لا ينبغي أن تُجعـل التقالـيد والأعـراف المناهضـة لقـواعــد الشــرع قانـونـاً يُلـتزم به في مقابـل وجـود مفاسـد عظيمـة من جـراء الأخـذ بـرتق الغشـاء بهـذه الحجّـة, على أنّ المفاسـد المـذكـورة في الاسـتدلال هي  بحسـب الـواقـع غيـر مقطـوع بها في كلِّ حـالـة. وعلى التسـليم أنّ في تـرقيـع الغشـاء رفعـاً للتّـعسّـف الاجتماعي عن المـرأة, فإنّ فسـاد أهـل الـزمـان والانحـراف الـذي تعيشـه المجتمعـات, هو أيضاً من الاعتبـارات التي ينبغـي مـراعـاتها عند إعطـاء حكـم لهـذه المسـألـة.

3ً-رغـم أنّ الأصل في كشـف العـورة التحريم , إلّا أنه في هـذه الحالـة محتمَـل إنْ لم يكــن منتفيـاً؛ لـوجـود حاجـة تقضي بدفـع المفسـدة عن المـرأة, قيـاسـاً على أن كشـف الطبيـب على مـواطـن العفـّـة من جسـد المـرأة بقصـد معالجـة الجـرح اعتياديّ.

    ورُدَّ على هـذا من قبل المعترضين, بأنّ قياس رتـق الغشاء على رتـق جـرح معتـاد قياسٌ مع الفارق, وأنه لا يصحُّ من وجهين:

الوجه الأول: مكان الجرح المعتاد ليس له خصوصية ولا يثير شبهة في العادة ، بخلاف الجرح في موضع غشاء البكارة ، ولا سيما أنه قرينة على طهارة وعفة الفتاة، وعليه فالقياس بينهما مع عظيم الفارق في المحل فيه تفويت لمصلحة وجود غشاء البكارة .

الوجه الثاني: رتق الجرح العادي يُطلب فعله لوجود حاجة طبية داعية إليه كنزيف ونحوه، بخلاف رتق غشاء البكارة، فليس ثمة حاجة طبية توجب التدخل الجراحي إلا إذا صاحبه نزيف فحينها يمكن القول بأنه يأخذ حكم الجرح العادي .

الاتجاه الثاني : يقول بإبـاحـة الرتق بإطـلاق حتى للمشـتهرات بالفجـور:

لقد انفـرد الـدكتور”عبد الله مبـروك النّـجار”([13])بتـوسـيع دائـرة الإبـاحـة لكلِّ ما سـبق من الصـور, سـواء ما اتُّـفـق سـابقاً على المنـع منه أم اختُــلـف في إباحتـه, ولتضـمَّ الـدائـرةُ إبـاحـة الـرتـق حتى للمشـتهرات بالفجـور والفاحشـة!؛ تغليبـاً منه لجانب السـتر المأمـور به شـرعاً, ولأنّ إجـراء الجـراحـة لتلك الفـتاة سـوف يشـجّعها على التـوبـة ويـدفعها إلى العفـاف!. ومن ذلك قـولـه: ” ولهذا نرى أنّ إجراء جراحة رتق غشاء البكارة لمن اشتهــرت بالـزنا أمرٌ جائز, ومثلها في الحكم من قُـدمـتْ للقضاء في جريمة الفحشاء أو قرأ الناس خبرَها على صفحات الجرائد السّيارة، أو أُشيع أمرُها على قنوات البـثِّ الفضائية أو المحليّة”!.

والحقيقـة تدل على ما يراه الباحث, وضوح بطلان هذا الرأي في نظر الشرع ؛ ذلك أن المشهور بالفاحشة أو المجاهـرَ بها سواء رجلاً كان أو امرأة,إنما هو شـخص أخـرج نفسـه عن دائرة الستر الذي طلبه الشارع ؛ لأن شيوع الفاحشة منه واشتهارَها يعني أنها متكررة منه ومعتادة، ويعني أنه مصر على معصيته وقـد قيل: “في الستـر على المعتـاد, ما يتنافى وزجــرَ المفســدين”. ومما يدلُّ على ذلك: ما رواه الشيخان من قوله r: “كلُّ أمتي معافىً إلا المجاهــرين، وإنّ من المجاهــرة- وفي رواية عند البخاري: وإن من المَـجانة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يُصبح وقـد ستره الله، فيقول: يا فلان, عملـت البارحةَ كـذا وكـذا. وقد بات يــستره ربُّـه, ويُصبح يكشــف سِـــتــرَ الله عنه([14]).

ووجـه الاستدلال: أنّ مسـتور المعصية متروكٌ وشأنه، وأما من كان يُـشيعها عـن نفسه حتى يـشتهر بها بين الناس، فهو مستثنىً من هذا الإعفاء؛ لأنّ الأمـر إذا كان بطبيعة الحال مفتضحـاً, لم يكـن السـتر عليـه مُجـديـاً, ولا سـيّما أنّ الطبيـب لا يملك بـخياطته غشـاء الفاسـقة تغييـر نظـرة المجتمـع لها أو تـرقيـع ما تمـزَّق من سـمعتهـا.

المبحث الخامس: المناقشة وبيان الرأي الراجح عند الباحث.

بعد عرض واستقراء الآراء السابقة , نجد أنْ الباحثـين ليسوا على رأي توافقي في أيٍّ من الصـور السَّـالف ذكرها , وإن كان للقول الأول والثاني الوارد في المبحث الثاني منها مـزيـد رجحان. وهم القائلون بالتحريم ما لم يكون التمزق بحادثة طبيعية أو ما كان سببه الإكراه على الزنا، ومع ذلك يمكـن القـول: بأنّ مـردَّ الخلاف الـذي كان بينهم عائـد للتـردّد في التـرجيـح بين المصالـح والمفاسـد؛ فمـن رأى أنّ الـرتـق يجلـب مصلحـة راجحـة قال بالجـواز, ومن رأى أنّ الـرتـق يفتـح باباً للمفسـدة أعظم قال بالتحريم.

أولاً- بيـان تفـاوت المصالـح والمفاســد بالنظـر إلى أسـباب تمـزق الغشاء:

لا بـدَّ قبل الوقوف على الراجح, من التقـريـر بأنّ مـدى تحـقق المصالح والمفاسـد التي يُعـدُّ الـرتـق مظـنَّة لها بصورة عامـة,يختلـف باختـلاف الأسـباب التي أدَّت إلى فسـاد الغشـاء العـذريّ بـدايـة,على أنّ  تلك الأسـباب قـد لُوحظ بالاستقراء أنها لا تخـرج عن ثلاثـة أسباب وهي:

  1. ما كان عـن وطء في نكـاح صحيح أو ما في حكمـه.

2) ما كان عـن سبب لا يُعـدّ في ذاتـه معصيـة .

   3) ما كان عـن زنـاً تـمَّ بـرضاً ومطاوعـة من الفتاة.

السـبب الأول: ما كان عن وطء  في نكـاح صحيح أو ما في حكمـه كالدخول بشبهة:

والمقصود: زوال البكـارة بسـبب دخول في نكـاح شرعي صحيح أو فاسـدٍ خالطته شبهة, ويستوي أن تكون المـرأة المـريدة للرتق ما زالـت على عصمـة زوجها أو أرملـة أو مطلقـة . والحقيقـة التي نجدها أنّمن كانت هذه حالها,لا نجد لها أيّـة مصلحـة معتبـرة شرعاً ترجوها بالـرتـق؛ لأنّ زوال البكـارة لهـذا الصنـف لا يتــرتّـب عليه أيُّ مفسـدة شــرعية أو عـرفيّـة, كمـا لا يخلـو الـرتـق هنا من تحقق المفاســد المحــرّمـة, وأهمها: الكشـف عن العـورة دون مسوغ شــرعيّ, ولا أثـر لمـوافقـة الزوج حال قيام الزوجية لجهة انقلاب الحـرمة إلى إباحة.

 وأما إن كانت مطلقـة أو أرملـة وهـي مُقـدِمـة على مشـروع زواج جديد على أنها بكـرٌ عذراء, فالتغرير المحرّم من الـوضـوح بمكان, فضلاً عن تبعات تتحملها قضاءً حال رفع الشكاية من الزوج بأنها قـد غشّــته وغررت به . أو رافق ذلك منه حين الإدعاء بأنها من ذوات الأحمال. والنتيجة: يحرم ولا يباح لامـرأة هـذه حالها أن تُجـري عملية الـرتـق بحـالٍ, وتلك نتيجة اتفق عليها أكثر أصحاب الآراء السابقة ، بل وهذا ما يرجحه الباحث ويقطع به لظهور الأدلة المانعة وقوتها.

السـبب الثاني: ما كان عـن سبب لا يُعـدُّ في ذاتـه معصيـة أو وقع على الفتــاة بغير اختيار منها:

ونقصد به تلك الأسـباب التي وقعــت على الفتاة من غيـر اختيار منها؛ ولا يُشـكّـل قيـام آحـادهـا معصية يتـرتّـب عليها الإثـمُ والمـؤاخـذة, بل تكـون أسـباباً للمغفـرة وحـطاً لخطايـا؛ كحـوادث وآفـات تصيب الفتاة العـذراء من غيـر إرادة منها فتـؤدّي إلى تمـزّق غشاء بكـارتها, ومن ذلك: الحِمـل الثقـيل والسّـقطـة والصّـدمـة الشـديـدتيـن, ودم الحيض الشديد , والعِـنـاس, والخطـأ في الجـراحة التي يكـون الغشـاء محـلّاً ملاصقاً لها, ونحو ذلك ممـا هـو ملحق به كالاغتصاب الواقع عليها        أو مقـدماته وما يرافقها من عنـف, أو أثنـاء النـوم, أو حيـن الإغمـاء, أو اسـتغلال صغـر سـنِّ الفتـاة….لخ, ففي كلِّ تلك الصور لم يكـن للفتـاة يد فيما أصابها, وهـو ما يُفسِّــر النظـرة الشـرعية التي أفـاض بـذكـرها الخبـر؛ من أنّ المسـؤوليـة  ديانة مـرفـوعـة عن الصغـار مهما ارتكـبوا من معاصٍ وكذا المكـرهيـن أيّـاً كانت سـنُّهم . لقوله صلى الله عليه وسلم : ” رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ “([15]).

والراجح على مـا يـراه الباحـث هنا , أنّ إصلاح تمـزق البكـارة الناشئ عن هـذا النوع من الأسـباب مظِنّــةٌ قـويّـة لتحقيق جميـع ما تقـدَّم من المصالح التي أشـارت إليها بعض الآراء السـابقة؛ لأنّ النساء الـلـواتي هـذا شـأنهنَّ أحـقُّ بالنظـر والـرعايـة والمسـاعـدة فيما لا يـد لهـنَّ في حـدوثـه ولا اختيـار. كمـا أن السـتـر عليهـنَّ لجهـة تصـرّف الطبيـب بإزالـة أثـر الحـادث, يُسـهم إلى حـدٍّ بعيـد في محــو مـبـرِّرٍ وهميّ قـد يـدفـع أفـراداً من المجتمـع إلى ســوء الظـنِّ ومـؤاخـذات ظالمـة. يُضاف لـذلك, أنّ الـرتـق لهـؤلاء الفتيـات قـد يشـجع كثيـراً منهـنَّ على مـواصلـة الاسـتقامة, ويســدُّ بابـاً قــد ينـفــذ الشـيطان منه إلى نفـوسـهنَّ ، فيما لـو لم يُســتجب إلى ما طلبـنَّ من العـون والمسـاعـدة.

أمَّـا ما ذُكر سابقاً عن المفاســد التي تترتب على هذا الـرتـق لهـذا الصنـف من الفتيـات, فإنها على التحقيـق تكون أوهاماً إذا ما وزنت بالمصالح التي سبق البيان لها, وفيما يلي تسليط الضوء على تلك المفاســد الثلاث ومناقشـتها:

  • غِــــشُّ الـزوج وخـداعـه:

    من المعلوم أنّ الغــشّ المُحرم إنما يتمثل بإخفـاء عيـب أو نقـص في المحـلِّ بحيـث يبـدو أمام طالبـه خاليـاً منه, وهـو مـا يعني من حيث النتيجة الإضـرارَ بـذلك الطالـب. فإذا كانت الفتـاة قـد تمـزّقـت بكـارتها بسـبب لا يُعـدُّ معصيـة ولا عيبـاً في عـرف الناس وإنما مـدعـاة لمواسـاتها, ثـمَّ قام الطبيـب بإصلاح ذلك الخلـل . لم يكـن المُطالب بالجـراحـة غاشَّــاً للـزوج؛ ذلك أنّ المعيـب لـه إما أن يكـون خِلقيـاً أو خُلقيـاً, وما حـدث مع الفتـاة من تمـزقٍ ليس عيـبـاً ناتجـاً عن أيّ منهما وإنما هو عيب في بعض زوايـا جـسدها, فإذا أصلحـه الطبيب فإنه يكـون بـذلك قـد أعـاده إلى أصل خِلقتـه قبـل الحادث المكتسـب الـذي لا يـد لها في كسـبه.بل ما أشـبَه صنيع الطبيب هـذا بما يجــريـه من عمـل جـراحيّ يُعيـد به إلى فتـاة فاقـدةٍ السـمعَ أو البصـر سـمعَها أو بصـرها ثـمّ يتقـدم لخِطبتهـا خاطـب, فأيـن الغـشُّ من عـدم إخبـار الأخير بأنها كانت غيـر سميعـة أو بصيـرة؟.

نعـم, قـد يكـون في التمثيل السابق ثمّـة فـرقٌ بين القياسـين؛ لجهة أنّ أحـدهمـا لا يمـسّ العــرض والآخـر يمسُّـه, ولكـنَّ التفـرقـة تلك تتلاشـى عنـد النظـر في هـويـة من فـرضها, أليـسـت هي التقاليـد والأعـراف التي ليس لها في الشريعة أدنى رصيد أو اعتبـار!.

    وأمّـا من الناحيـة الفقهيـة, فقد اتفق أهل العلم على أنّ فـوات البكارة بالأسباب السابقة التي لا يد لها فيها لا يُعـد عيبـاً يسـتوجب فسـخ عقـد النكـاح([16]). وفي هـذا ورد في مصنف عبد الرزاق: “أنّ رجلاً تـزوج امـرأة فلم يجـدها عـذراء؛ كانت الحيضة قـد خـرقـت عُـذريتها, فأرسـلت إليه عائشـة: أنّ الحيضـة تُـذهــب العُــذرة يقيـناً”([17]).

وقد ذكر “ابن قدامة” في كتابه المغني بعد إيراد الأثـر السابق ما نصه: “وعن الحسـن البصريّ والشَّـعبيّ والنَّخَـعيّ في الـرجل إذا لم يجـد امـرأتـه عـذراء: ليـس في ذلك شـيء؛ لأنّ العـذرة تـُـذهبها الـوثبـة, وكثـرة الحيض, والتعنيـس, والحِمـل الثقيـل”([18]). وعلى ما سـبق, فإنّ الطبيـب بـرتقـه بكـارة الفـتاة في هذه الحالات لا يكـون مفـوّتـاً على من سـيتـزوجها حقَّــه في الفسـخ ولا غاشّــاً لـه.

  • التشـجيعٌ على الفـاحشــة:

إن القول بتحقّـق تلك المفسدة عن طريق قيـام الطبيـب بإصلاح الغشـاء الـذي تمـزّق عنـد الفتاة ,لا يخلو من تكلّف؛ إذ لا يتـرتّـب عليـه أي معنىً من معاني التشـجيع على الفاحشـة, فمن المفتـرض أنّها لم تقـع في الفاحشـة أصلاً ولـم تعصِ ربَّهـا U بمـا وقـع عليها رغمـاً عنها لأنه لم يقع برضاها وإنما رغماً عنها. كما أن امتنـاع الطبيب عن رتـقها ليـس فيـه معنىً من معـاني الـزجـر لها عن الــوقـوع في الفاحشـة؛ لأنّ الـزجـر لا يكـون إلّا للعصاة, وليـس بنات هـذا الصنـف منهـنَّ. بل إنّ مفسـدة “التشـجيع على الفاحشـة” قـد تكـون أثـراً لامتنـاع الطبيـب عن الـرتـق لتلك الفتـاة؛ ففي ظـلِّ مـا رُكِّـب فيهـا من الغــريـزة الجنسـية, وخشـيتِها من الإقـدام على الـزواج الـذي من شـأنه كشـف مسـتور حالهـا, قـد تجـد نفسـها  أقـربَ إلى مطاوعـة الشـيطان وسـلوك طريق الاتصال الجنسيّ المحـرّم في مجتمع لا يطبق منهج الشـريعة في رفـع المـؤاخـذة. ولا سيّما أنّ دليـل عـذريتهـا قـد زال وأُغلقــت الأبـواب أمام إصلاحه([19]).

ج – كشــــف العــورة:

    لا شـكَّ في وجـود هـذه المفسـدة حين الــرتـق أيّـاً كان سـبب التمـزّق, غيـر أنّ الفقهـاء رخّصوا في كشف العورة في حال وجـدت الضرورة أو الحاجـة أو المصلحـة الـرّاجحـة, أو تــرتّـب عليها دفـع مفسـدة أعظـم منها([20]). وبنـاءً على هـذا الـذي تقـرر, ما دامـت المصالـح التي سـبق ذكـرها قائمـة, وما دام بقـاء التمـزّق مظِنَّـة قـويـة لتـرتّـب مفاسـد تصيب الفتـاة   والمجتمـع معـاً, فإنّ الحاجـة إلى كشـف العـورة في هـذا المـوطن بقصـد إصلاح ما فسـد جائـزٌ, ولا سـيّما أنه لا يقـلُّ عن المصالح التي ذكـرها الفقهـاء باعتبـارها مبـررات شـرعية للكشـف عن العـورة والنظـر إليها؛ كالمـداواة, والخـتان, والشـهادة على العـذريـة, والنّظـر إلى فـرج الـزانييــن للقـول بتحقق تحمّـل الشـهادة

    وبعـدَ هـذا الـذي يتبين من المـوازنـة بين المصالح والمفاسـد في رتـق فتيـات هـذا الصنـف, يغلـب على الظـنِّ إمكـانُ القـول بالجـواز والإبـاحـة لما ظهـر من رجحـان كِــفَّـة المصالح التي يحققـها الطبيب من خلال قيـامـه بإصلاح بكـارة تمـزّقـت بغيـر معصيـة. بل إنّ قيـام الطبيـب بالـرتـق لفتـاة فتق غشـاؤهـا بحـادث مـا, له شـبه بما تصوَّره بعض الأئمة المتقـدمـين من انـدمال الجـرح  تلقائيـاً بذاتـه, وفي هذا يقـول الإمام الشـافعيّ : ” العُــذرة قـد تعـود فيما زعـم أهـل الخبـرة بها”([21]).

وفي الجملة ما يترجّح لدى الباحث هنا يتفق مع ما قاله أصحاب الآراء الثلاثة الأخـر ولا سيّما رأي الدكتور”توفيق الواعي” وما ذهب إليه مجمع الفقه الإسلاميّ التابع لمنظمة المؤتمر الإسلاميّ.

وأما ما أثيـر من بعض المعترضين لجهة الاكتفـاء بتحــريــر وثيقـة من قِبـل الطبيب يذكـر فيها سـبب التّمـزق دون إصلاحـه, فهو إجـراء وإن بـدا من حيث الظاهـر إيجابياً ومسـهماً في حـلّ هذه المشـكلة, إلّا أنه من حيث الـواقـع ألصـق بالسّــلبيّـة؛ وذلك لعـدم فاعليـة هـذا الإجـراء أو كفايتـه في خـلق القنـاعة لـدى زوج المسـتقبل ببـراءة من يعـزم على خِطبتهـا, فضلاً عن الإيمـان ببـراءة الزوجـة بعـد الـوقـوف على حالها. إنّ الظـنَّ القـريب من اليقيـن في ظـلِّ الثقـافـة السَّـائـدة ليقضي بأنّ شـيطان الشَّـك في قضايـا العـرض أقـوى من أن يـدفع بوثائق ورقية تباع في كثير من الأحايين حين الطلب!([22]).  

السـبب الثالـث: ما كان عـن زنـاً تـمَّ برضاً من الفتـاة ومطـاوعـة:

    قـد يكون ســبب التمـزّق زنـاً وقعـت فيـه الفتـاة باختيـارهـا وهي عاقلـة بالغـة, فمـا مـدى تحـقّـق كلٍّ من المصالح والمفاسـد على إصلاح الطبيب لهـذا التمـزق؟. إنّ الإجابـة على هـذا السـؤال تقتضي التمييـز والفـرز بين صورتين اثنتيـن لهـذا النـوع من الـزنـا:

  • أن يكـون زنـاهـا ظاهـراً للناس, باشـتهارهـا به أو بثبوته عن طريق القضاء.
  • أن يكـون زنـاهـا خفيّـاً عن أعيـن الناس وأسـماعهم ولم يجـرِ أن عُــرض على القضاء.

الصـورة الأولى: إصلاح بَكـارة من ذاع خبـر زنـاها واشتهرت به:

الصورة الثانية: أن يكـون زنـاهـا خفيّـاً عن أعيـن الناس وأسـماعهم ولم يجـرِ أن عُــرض على القضاء.

الصـورة الأولى: إصلاح بَكـارة من ذاع خبـر زنـاها واشتهرت به:

ونبدأ في الحديث عن هذه الصورة وهي إصلاح بكارة من ذاع خبر زناها:

من الواضح أنه لا يتــرتـب على رتــق بكـارة صاحبةِ هـذه الصورة شـيءٌ من المصالح؛ فالسـتـر لـن يُجـدي معها لسـبق افتضاح أمـرها بين الناس وتناقلـه على الألسـن, كما لن يكـون للـرتق الـذي يجـريـه الطبيب أيُّ أثـر في إشـاعـة حسـن ظـنّ الناس بها؛ لأنّ دوافـع سـوء الظـنِّ قــد وجـدت بشـيوع فُحشـها. وبالتالي لن تمنـع الجـراحـة التي يطيب للبعض أن يُطلـق عليها الجـراحة التجميليـة ردودَ الفعـل النَّـابـذة اجتماعياً.

ورغم أنّ هـذا العمل الجـراحيّ لا ينطـوي على أيّ مصلحة جديرة بالاعتبار, فهـو لا يخلـو كذلك من مفاســد ليس الكشــفُ عن العـورة بغيـر مسـوّغ شــرعيّ أقبحَهـا؛ إذ الــوجـه الأقبـح يظهر في ذيـوع مفسـدة “ســوء الظـنَّ بالعفـائـف”, سـواء كـنَّ من الأبكـار حقيقة, أم من الأبكـار حكماً كاللواتي تعـرضـن لحـادث طبيعيّ.. فــرُتـقــن, وهـو ما يعني من حيث النتيجة فتـحَ أبـواب للشَّـر عـريضة؛ فـأيّ ثقـة بعـد ذلك ستبقى وأيّ شــكٍّ سيحـوم في نفـس الـزوجٍ قُـبيـل افتـراع عـروسـه أو بُعيـده, إذا أمكـن للثّيـبـات الماجنـات.. بدريهـمات ودقـائق على ســريـر الطبيـب يسـيـرة أن يعـدن أبكـاراً؟!. ولهـذا الـذي سـبق ولغيـره من الموانع, يتبيّـن للباحث والمدقق أنّ كِـفّـة مفاســـد الـرتـق لهـذا الصنف من النسـاء هي الـراجحـة, وأنّ القـول بالتحـريـم هنا متعيّـنٌ وهو الأقــربُ لـروح ومقاصد الشـريعة وقواعدها , كما يتفق مع الآراء الأربعة الأُول.

الصورة الثانيـة: إصلاح بكـارةِ من خفي أمـر زنـاهـا ولم يكن منها لها  اعتيـاد:

    والحقيقة أنّ هـذه الصورة من أكثـر الصور تعقيـداً وحاجـة إلى زيـادة إمعـان في مـدى تحـقق المصالح المـرجـوّة والمفاسـد التي ينبغي دفعـها, وذلك قبـل بيان الحكـم الـذي يحسِـبه أيُّ باحـث الأشـبهَ بحكـم الله في المـسألة. ولتكـن البـداية مع تحـريـر زِنـة المصالـح التي أشـار إليها المجيـزون, ومن ثـمّ زنـة المفاســد التي نبَّـه إليها المانعـون, تـوسـلاً لما يُـظـنُّ أنّه  الأثقـل الـراجـح.

أولاً: مـدى تحـقق المصالـح المـرجـوّة في هـذه الصـورة:

    إن المصالـح متعـددة هنـا, إلّا أنّ السَّـتـر الـذي حـثَّ عليـه الإسـلام على رأسـها. وقـد سـبقت الإشـارة إلى أنّ السـتـر المطلـوب: ما كان محلُّـه معصيـة صـدرت عن مستـتـر منها وغيـر مجاهـر, وظاهـرٌ أنّ زنـا الفتـاة في هـذه الصورة من هـذا النـوع.

وإنّالآثـار التي وردت في الحـثّ على السـتـر كثيـرة؛ منها ما هو عامٌّ كحـديث: “من سـتـر مسـلماً سـتره الله في الـدنيـا والآخـرة”([23]). ومنها ما هو قــريب من نقطة البحث, كخبـر”نعيـم بن هـزّال”أنّه لمّـا راح والــدُه يعبِّــر عن غبطتـه أمام النبيّ r مِن أنه هـو من شجّع “مـاعـزاً الأسـلميّ” على الاعتـراف بـزنـاه حتى أقيم عليه الحدُّ!، فقال له r: “ويلك, يا هـزّال: لو سـترته بثوبك كان خيراً لك”([24]). كما دلَّت آثار وردت عن عِلْيـة الصحابةرضي الله عنهم على لـزوم الستـر على من وقع في المعصية وخاصّة من النسـاء، وأنه لا يجوز إخبار الـزوج بما سبق منهـنَّ من انحراف عن سـبيل الفضيلة والعفـاف, بل وصل الأمـر عند بعضهم إلى القول بتعــزيـر من يُفشي ســـرَّ فتاة لمن يتقـدّم للزواج منها وإن كان من أقـرب الناس إليها, ومن ذلك على سـبيل المثال([25]):

    ما رواه عبد الرزاق في مصنّفه من أنّ  رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب t فقال: يا أمير المؤمنين: كنت قـد وأدْت ابنـة لي في الجاهلية,  فأدركتُها قبل أن تموت فاسـتخرجتها، ثم إنها أدركت الإسلام معنا فحـسُن إسلامُها.وإنها أصابت حـدّاً من حـدود الإسلام، فلم نفجأهـا إلا وقــد أخـذت السـكين تـذبح نفسها، فاسـتنـقــذتُها وقـد جـرحـت نفسُها, فداويتها حتى بـرأ كَلمُها[جـرحُها]، فأقبلت إقبالاً حسناً ؛ وإنها خُطبـت إليَّ، أفأذكــر ما كان منها؟. فقال عمر: هاه!, لئن فعلـت لأعاقبنّــك عقوبة يتحـدّث بها أهل الأمصار، أنكِحْها نكاح العفيفة المسلمة([26]).ووجه الدلالة في الأثـر: أنّ توعُّـــد عمــررضي الله عنه وليَّأمرها بالعقاب الشــديد  إن أفـــشى ســــرها, يـدلّ على وجـوب الستـر على الفتاة التي سـبق وقـوع الـزنا منها وعــدم ذكـر ماضيها المَعيب أمام الخطَّـاب. كما المسـتفاد من قـوله: “أنكحْها نكاح العفيفة المسلمة” ملحظـان, فيما له صلة, وهمـا:

1ً- إذا كانت لفظة “العـفيـفة” تُطلـق على التي لم يسـبق لها أن مارســت الفاحشـة, فإن الستر على الزانية التائبة يعود بها بحسب النصّ إلى مصافّ العفيفات, ويـؤيـد ذلك عموم قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: “التائب من الذنب كمن لا ذنب له”([27]).

2ً- عـدم ثـناء أميـر المؤمنين على أمانـة الأب بالقـول له مثلاً: أحسـنت,فالإخبار بالماضي من حقـوق الخاطب أو  الإفشــاء منك سـوف يمنع الغـــشَّ, وإنما قال له بالـذي قـال, لِيـشيـر إلى أنّ الستر في هذا الموطن ليـس غـشـاً محرماً وإنما أمـرٌ مطلوب . ومن هنا يمكن الاستئناس بعموم المفهوم أنّ الرتق لغشاء من شـردت حيناً عن صراط ربّها فتابـت  أحـد ألوان السـتر.

     وممـا يـزيـد النفـس اطمئنـانـاً لهـذه النتيجـة, أنّ استقراء الأخبـار الـداعيـة للسـتر على الـزانيـة تحكي بأنّ النظر لغشاء البكارة في عهود الصلاح لم يكـن كعهده هـذا الـزمـن؛ ذلك أنّ المسلمين آنـذاك لم يكن عندهم مثل تلك الأعـراف والعادات التي نشأت فيما بعد؛ لجهة التضخيم لأهمية غشاء البكارة من حيث هو وأنه يتعيّـن سـفح دمها ليلة البنـاء للاطمئنـان على طهـر الـزوجـة. كما لا يعني هـذا,أنّ المـوقـف الـذي اتـخـذه عمـر رضي الله عنه؛ مِن أمــره الآبـاء أو الأعمـام أو الإخـوة بالإحجـام عمَّـا أحـدثتـه البنـات, كان عـن غـير درايـة منه بأنّ ذهـاب البَكـارة مظِـنَّـة للـوقـوع في الـزنـا, أو أنّ الـزواج بعـدَه مظـنّة لوقوع شك الزوج  بذلك, غايـة الأمـر أنّ السـياق العامّ الـذي كان يحكـم جماعـة المؤمنين تلك الفتـرة, كانت مـوازيـن الناس فيه تابعـة لميزان الشـريعة, تلك الشــريعة التي لا تعتبـر زوال البكـارة دليلاً ولا حتى قـرينـة قـويـة على التورّط  بالــزنـا.

على أنّ انضبـاط ســــلوكيات المســلمين بهـذه المـوازيـن لم يكـن محصوراً بعصـر السلف الصالح فحسـب, فهـذا “العبـدريّ” المالكيّ (ت897ه) يقـول في كتابه: التـاج والإكليل: “إذا قال أي الـزوج: وجدتها مُـفتـضَّة !. فإنه يجب حـدُّه وإن ثبت قولُـه ، وبذلك أفتى الشيوخ في النوازل, كنوازل ابن الحاجّ وغيرها. ومن نـوازل البرزليّ: سُـئـل القابسيُّ عمن شَــرط عذراء فوجـدها ثيباً؟. قال: هذا شيء لا يمنع الـزوجَ الوطءَ, وشيء يدخل على المرأة وهي لا تشعــر إمّا في الصغـر من قفــزة ولعـب, وإما في الكبر من تكـرر الحيض فتأكله الحيضةُ ويزول الحجاب, وليس بعيب على كل حال”([28]). ومثلـه قـول “ابن نُجيـم” الحنفيّ(ت970ه) في كتابه: “البحــر الـرائق: “ومن زالـت بكـارتها بـوثبـة أو حيضة أو جـراحـة أو تعنيـس أو زنـاً فهي بكــرٌ”([29]).

وأمام هـذه المعطيات مجتمعـة, بات القـول بأنّ الأخبـار السـالفـة كانت تحكـي أدبـاً من آداب هـذا الـديـن العظيـم, وهـدياً أُمـر الناس بـه فمضـوا عليـه  إلى أن خَلَفـت من بعـدهم الخُلـوف, فجهلـوا أمـر دينهـم, وغالَـوا غلـوّاً فاحشـاً في اسـتبشـاع زلَّـة من زلَّ من أهـل الإيمـان؛ فقـتل الـرجلُ منهم بنتَـه وأختـه ومن له عليها ولايـة!, “وما فعلـوا ذلك إلّا بعـد أن فارقـوا جـادة الإيمـان في سـائـر ما أمـرهم الله به؛ فاسـتمسـكوا بالغلـوّ الفاحـش, وظنّـوا ذلك من تمـام ديانتهم ومـروءتهـم؛ وهـذا دليـل على أنّ كلَّ تفـريط في الـديـن يقـابلـه في الجانب الآخـر غلـوّ في التّـديـن بغيـر ديـن”([30]).

لكـن, ومـع كلِّ ما سـبق تقـريـره في الآثار الـداعيـة للسـتر, يـأبى إنعـامُ النظـر التّســليمَ بمطـلق النتيجـة التي توصل إليها الـدكـتور “محمد نعيم ياسـين”؛ من إباحته الرتق لمن لم يشتهر أمـر زناها. إذ الحقيقة التي يكـون من الخطـأ البيّـن غضُّ الطـرْف عنها,أنّ الأمـر بالسـتـر على فتـاة وقـعت في وحـل الخطيئـة ليـس على إطلاقـه, وإنما رهــنٌ بمن تابـت بصدق وحسـنت سـيــرتها.

    ويشـهـد لهـذا,أنّ الآثـار التي سبق عرضها لَتشـيـر بـوضـوح إلى الضابط في لـزوم السـتــر على الفتـاة؛ وهـو: تحـقق النـدم والتـوبـة وعـدم التفكيـر بالعَــود , ومن ذلك قـول الأب لأميـر المؤمنين عمــرt عن حـال ابنتـه بعـد أن بـرأ جـرحُها: “فأقبـلتْ إقبـالاً حـسناً”([31]). وفي لفـظ آخـر: “ثـمّ إنها نســكـت فأقبـلـت على القـرآن”([32]).

    ومن هنـا, فإنّ معظـم ما ذُكـر من المصالح التي تتـرتّـب على رتـق بكـارة فتـاة شـردت عن سـبيل ربّهـا فتـابـت إليـه قبـل أن يُفتضـح أمـر زنـاها بين الناس ولـم يُعـرض تحـت قبّـة القضاء مـرجـوٌّ تحقـقـه؛ كإشــاعة حسـن الظـنِّ بين المؤمنيـن, ووقـايـة التائبـة من سـوء القالـة, وتشـجيعها على الالـتزام بشـروط التـوبـة, والإحجـام عنـد التفكيـر بالعـود إلى الفاحشـة وغيـر ذلك من المصالح, ذلك أنّ السـتر الـذي حـثّ عليـه الإسـلام محلُّـه عندمـا يكـون العصاة مســتتـريـن غيـر مجاهـرين أمثال هـذه الفـتاة النادمـة.

أما الـقـول بـوجـوب المصارحـة بحقيقـة ما وقـع, وجلـوس الفـتاة على كـرسـيّ الاعتـراف أمام   الشاب العازم على الـزواج منها, وإخبـارها إيـاه عن خصوصيّـات حياتها الماضيـة بكـلٍّ مصداقيّـة, وإلّا كانت غاشَّـة له ومخالِفـة لما في شـرع الله . فإن رضي الـزوج على ذلك كان رضـاه عن بصيـرة, وإن انصـرف عنها عـوّضها الله خيـراً منه ؛ فهو قـول  مباينٌ للمنطقية لجهة أنّ ضرره متيقن ونتائجه غير حميدة, فضلاً عن مجافاته ما دعت الشريعة إليه من الستر, ولم يقل به أحـد في زمن سلف الأمـة الصالح, فكيف يُسـلّم به في مجتمعـات تبـوّأت المشـروعيـةَ والصـدارة فيها أعـرافٌ بالـية وعـادات مسـتوردة, وكـم من الـويلات ســـتحصـد من كانت سـتصبح زوجـة وكـذا أهلُها فيما لـو أشـاع الـزوج بين الناس سـرَّها بعـد أن فـرَّ منها.

ويجب الإشارة هنا إلى شـبهة قـد تخطـر ببـال القارئ وهي: أنّ قيـام الطبيـب بـرتـق  الغشـاء فعـل زائـد على مجـرد السـتـر المطلـوب؛ لأنّ السـتر منه لا يقتضي إصلاحَ ما فســد من بكـارتها, وإنمـا يتحـقق بأن لا يُفشـي سـرّها للغيـر.

والجواب على ذلك بأنّ السَّـتر الـذي حـثّ عليـه الشـارع جاء عامـاً وشـاملاً لكلِّ مـوقـف من شـأنه تحقيق السـتر, ومنه توجيه النبيّ صلى الله عليه وسلم لمن جاءه يعبِّــر عن غبطتـه مِن أنه هـو من شـجّع “مـاعـزاً الأسـلميّ” على الاعتـراف بـزنـاه حتى أقيم عليه الحدُّ: “ويلك, يا هـزّال: لو سـترته بثوبك كان خيراً لك”([33]).

وعليه يستوي لدى تحقـق السـتر أن يكـون المـوقف سـلبيّاً كالتكتّـم ، أو إيجابيـاً بفعـل ما يلـزم, فإذا كانت المعصية قـد تـركت في جسـد الفتـاة التائبة علامة, فإنه لا يمحـوها مجـرد السـتر السّـلبيّ من الطبيب؛ ذلك أنّه سـتــر مـؤقّـت ينتهي أمـده ليلة الزفاف . واكتشـاف الـزوج لحالها. والحاصل إذا تعيَّـن السَّـتـر في فعـلٍ أصبـح في حـق القادر عليـه أكثـر تأكيـداً([34]).

ثانيـاً- مـدى تحـقق المفـاســد المحتمـلـة في هـذه الصـورة:

إن مفـاســد رتـق غشاء هـذا الصنـف من الفتيـات على ما أحصاه المانـعون منه ثلاثـة وهي:

أ-  غــشُّ الـزوج وخـداعـه:

    وهـو عند النظـر مـوجـود في هــذا التصـرف لجهـة ما يمثّلـه من اطمئنـان الـزوج إلى بـراءة عـروسـه من ممارسة الفاحشـة قبلاً؛ وذلك من خلال طمـس ما يـدلّ عُـرفـاً على عكـس ذلك. لكن من الناحيـة الشـرعيـة, لا يكـون في عمل الطبيـب عندمـا يُعيـد غشـاء البكـارة إلى مثل ما كان عليـه أيُّ طمـس لدليل اعتبـره الشـارع سبحانه مفيـداً لـوقـوع الفاحشـة؛ لأنّ الأصل البراءة, ولأنّه كمـا مــرَّ لا يلـزم من عـدم وجـود الغشـاء زنـا المـرأة بإجمـاع الفقهـاء,بل ما يكـون للـزوج أن يتحدث متهماً زوجتـه بالـزنـا؛ لعـدم عثـوره على الغشـاء وعـدم سـفح دمـه ليلـة الـدخـول, فإن فعـل فهـو في حكـم الشـريعة قـاذف وعليـه الحـدُّ([35]).

ومن هنا, فإنّ المقصـود بالعيـب الـذي يتسـبّـب إخفـاؤه بالقـول بأنّ الـزوج قـد غُـرّر به, ذاك الذي أوجب اعتبارَه دليـلاً شـرعياً لا مجـرد قرينة تعارف الناس عليها. وبهـذه النظـرة الشـرعيـة, يتبيّـن أنّ مفسـدة التـغـريـر في فعـل الطبيـب بـرتـق البكـارة هنا,إنما هي مفسـدة مـوهـومـة لا وزن لها في ميـزان الشـريعة, وهو ما يعني نتيجة أنّ البحـث عن حكـم شـرعيّ لـرتـق الغشـاء لا ينبغي أن يُبنـى إلّا على ما أقــرتـه الشــريعة نفسـها.

ب- تشـجيعٌ على الفـاحشــة:

إنّ من المـوضوعيـة أن يُـقـال: إنّ قيـام الطبيـب بإصلاح الغشـاء الـذي تمـزّق عنـد فتاةِ هـذا الصنـف, يتـرتّـب عليه معنىً من معاني التشـجيع على الفاحشـة؛ إذ الفـتاة التي عـرفـت السـبيل لمحـو أثـر جـريمتها لـن تـسـتنكــف عن الممـارسـة كلّمـا دعـاهـا داعـي الهـوى والشـهوة, بل لـن يكلّفـها الأمـر قبيـل الاقتـران بـزوج المسـتقبل, إلّا إهـدارَ حفـنة من مـال وسـويعة تمضيهـا مسـتلقيـة على ســريـر الجـراحـة!.

لكـن ومع قيـام هـذا الافتـراض وتعـذّر ردّه, يكـون التّعميـم لـه على حـالِ كلِّ زانيـة لجـأت للجـراحـة حكمـاً لا يخلـو من التـوصيـف بأنـه ظالم ؛ لأنّ مبنـاه على ســوء الظـنّ بكـلِّ فتـاة, سـواء التائبـة من ذنبـها أم الفاسـقة المنافقة, فضلاً عن أنّ سـوء الظـنّ لا يُبنـى عليـه حكـم شـرعيّ من إبـاحـة أو تحـريـم؛ لأنه في الأصل محـرَّم, والمحــرّم لا يصلح للاحتجاج به.

وفـوق مـا ذُكـر, لا بـدَّ من اسـتـذكـار نقطـة البحـث في هـذه الصـورة التي كان فحواها: بيـان الحكـم في رتـق غشـاء فـتاة زنـت مـرّة أو أكثــر ثـمَّ أحسّــت بعظيـم وخطيـر ذنبهـا فتـابـت تـوبـة صادقـة ولم يُفتضـح أمـرها. ومعنـى هـذا  أنّ فعـل الجـراحـة لا يكـون إلّا لمـن ظهـر من حالها الصلاح؛ لا تلك التي تأتي الطبيـب والشـــرُّ قـد تمكَّـنَ من نفسـها, أو قلّـةُ الحيـاء تطفح من لسـانها واللامبالاة في تصـرفاتها. وسبق التدليل لهذا المعنىمن قـريب, ومنه قوله :صلى الله عليه وسلم كـلُّ أمتي معافىً إلا المجاهـرين”.([36])

    بل إنه ليصـحُّ القـول, بأنّ مفســدة “التشـجيع على الفاحشـة” قـد تكـون أثـراً لامتنـاع الطبيـب عن رتـق أغشـية التائبـات؛ إذ الفتـاة التي هـذه حالها ربَّمـا تجـد نفسـها, في ظـلِّ ثقافـة مجتمع لا ينهـج نهج الشــريعة الإسلامية في رفـع المـؤاخـذة, وقـد زال دليـل عـذريتهـا وأُغلِقــت الأبـواب أمام إعـادتـه, أقـربَ إلى مطاوعـة الشـيطان ومـواصلـة الطـريق الـذي أسـلكهـا إيـاه من قبـل.

ولذا يمكننا القول: إن إجراء جراحة الـرتق لهـذا الصنـف من الفتيـات التّـائبـات, فيما يظهـر ويترجح  للباحث, مظِنّـة قـويـة لِـتشـجيعهـنَّ وتثبيـتهـنَّ على طـريق الاسـتقامـة والعفاف؛ وإن كان ســببُ فتقـه راجعاً إلى ســوء سلوكها ثم أعقبها تـوبـة نصوح . ولو أن الطبيب قـد امتنع عن إجـراء تلك الجراحة، فإنه سـوف يمنع هذا الخير، بل ربّمـا يؤدي بها إلى الاسـتمـرار في طـريق الغواية      ما دامت الأعــراف السـائـدة قد حكمـت عليها بأن تظلّ سـائرة فيه, وأوصدت أمامَها بابَ التوبة والاستقامة وقـد أحكمـت الــرِّتـاج.

ج – كشـــف العــورة:

    لا شــكَّ في وجـود هـذه المفســدة في تصـرّف الطبيـب بالـرتـق لهـذا الصنـف أيضاً. غيـر أنّ ما يُقـال هنـا يـسـاوي ما قيـل قبلاً؛ من أنّ الفقهـاء أجـازوه ما وجـدت الحاجـة أو المصلحـة الـراجحـة أو تـرتّـب عليه دفـع مفسـدة أعظـم منه. وبنـاءً على تحقّـق المصالـح التي سـبق ذكـرها فيما لـو كان الـرتـق,وعلى ما قـد يتـرتّـب من مفاسـد, وفـق الـواقع الملمـوس, تصيب الفتـاةَ وأهلها والمجتمـع حـال بقـاء الغشـاء ممــزَّقـاً, فإنّ الكشـف على فتـاة من هـذا الصنـف بقصـد الـرتـق جائـز.

    وبعـد إجراء هـذه المـوازنـة بين المصالح والمفاسـد في رتـق فتيـات هـذا الصنـف, يغلـب على ظـنِّ الباحث إمكـانُ القـول بالإبـاحـة ما تحقّـق ضابطها المتمثل بعدم الاشتهار وظهور أمارات التوبة؛ لما ظهـر من رجحـان كِــفَّـة المصالح التي يحققـها الـرتـق على كفّـة المفاســد. بل إنّ تلك الإبـاحـة لتنقلـب إلى الـوجـوب فيما لـو كان اليقيـن حاضراً بأنّ الفتـاة رغـم تـوبتها ســتلقى حتفهـا على يـد أبيهـا أو أخيـها لا محالـة؛ ذلك أنّ عقـابهـا في شـريعـة الله تعالى , حـال ثبـوت زنـاهـا بالأدلـة الشـرعية, لا يعـدو الحـدَّ مـائـة جلـدة والتغـريب سـنة.نعـم, قـد يبـدو الـوجـوب الـذي يـراه الباحـث في هـذه الجـزئية بالـذات غيـر خـال من التَّـكلّـف, إلّا أنّ هـذا الـذي بـدا يمكـن لـه أن يتـبـدّى أمام ما يفـرضه فقـه الـواقـع.

وقبـل ترك هذه المسألة والتحـوّل لغيرها, يكـون من كمـال الفائـدة عـدم الاكتفـاء بتثبيـت النتائـج التي تقـررت لكـلِّ صنف من النسوة على حِــدة؛ فالمخاطـب رأسـاً بما يتـوصّـل إليـه أيُّ باحـث في أمثـال هـذه القضـايـا هو:”الطبيـب” الـذي لا تقتصـر مهمتـه على إجـراء الجـراحـة فحسـب, بل هو فيما يُفـتــرض فيه: المصلحُ والحكيـم والناصح, وعلى أدنى تقـديــر: الملتـزمُ بمضمـون القسـم الـذي نطـق بـه في يـوم يغلـب على الظـنِّ أنه لا ينسـاه.

ومنذ البـدايـة يجب أن يتعـرف الطبيب على سـبب التمـزّق من خلال سـؤال يطـرحـه على الفتـاة دونمـا اسـتقصاء منه وتحقق, ودونما تسـاهل في التصديق لكل ما يقال له في معرض الجواب, ثـمَّ يلتـزم ما سبق ترجيحه لكلّ صنـف منهنّ. ويحسـن أن يكـون عملـه وفــق التسـلسـل الفـرْضي الآتي:

  1. إذا كانت طالبة الرتق غير بالغة وافـق على إجـراء الـرتـق لها دونمـا تـوقّـف؛ سـواء كان سـبب التّمـزّق حادثة طبيعية أم معصيـة؛ لأنها على فـرض أنها معصية فهي غيـرُ مسـؤولـة شرعاً وقضاء.
  • إذا كانت طالبـة الـرتـق متـزوجـة أو مطلّـقـة أو أرملـة, فلا يُجيـبها إلى إجـراء الجـراحـة مطلقـاً.
  • إذا ادّعـت البالغـة الـراشـدة أنّ صـدمـة قـويـة أو ســقطـة أصابتها منـذ سـاعات أو أيـام, ورأى الطبيـب آثـار كُــدُوم أو رضوض قـريبـة من المكـان, وقريبة العهد فيما أصابها، فالقـول قـولهـا ويجـري لها الجـراحـة.
  • إذا ادّعـت البالـغـة الـراشـدة أن صـدمـة قـويـة أو سـقطـة أصابتها في سـني الصغـر, فالقـول قـولها ما صادق التشـخيص والفحص السَّــريـريّ على ادّعـائها لجهة أقـدميـّـة التـمـزق, على أنه أمـر يمكن لأيّ جـراح يملك أساسيات علم الطبِّ إدراكـه.
  • إذا ادّعـت البالـغـة الـراشـدة أن صـدمـة قـويـة أو سـقطـة أصابتها في سـني الصغـر وأنها مقبلة على الزواج, وأظهر الكشف السريـري كذبها لجهة قرب عهد التمزق بفعل الوطء, فإن الطبيب لا يجيبها؛ تغليباً منه للظنّ بأنه تمـزق ناتج عن فعل الخطيئة ولم يعقبه توبة منها صادقة؛ بقرينة كذبها وأخذاً بالأحوط ، إلا إذا قامت قرينة أقوى تدل على توبتها أو أنها مكرهة وكانت القرينة قوية لأن الأصل براءة الذمم وحسن الظن، فقد تكذب ستراً على نفسها وخوفاً وندماً وأسفاً على ما كان منها ما دامت لم تشتهر بذلك وهو الغالب.
  • إذا أقــرّت البالغـة الـراشـدة بممـارسـتها الفاحشة وأكّـدت على صدق تـوبتهـا, وظهــر بما لا يـدع للشَّــك مجالاً  أنها في محيط لن يغفـر لها خطيئتها إلا بقتلـها , وافـق دونمـا تـردّد.
  • إذا أقــرّت البالغـة الـراشـدة بممـارسـتها الفاحشة وأكّـدت على إنـابتهـا وصدق تـوبتهـا, واطمأن الطبيب لذلك بظهور أمارات تشهد يصدقها, أو تعسـر الوقوف على  حجـم الصـدق في التـوبـة التي تـدَّعيها, فالمقـدَّم حسن الظنّ وبالتالي المضيّ بإعمـال الجـراحـة؛ إذ الاعتراف بداية منها بالخطيئة قـرينة تفيـد صدقها برسوخ التوبة.
  • إذا ادعت البالغة اغتصابها  ممن اعترف بتلك الجناية تحت قبـة القضاء  وأمكن التحقق من ذلك, أو توافق زعمهـا مع ما شاع في الأوساط من تعرضها لتلك الجريمة, أو مع ما تحصل لديه من علم خاصّ يؤكـد صدقها, أجاب الطبيب طلبها, وتتأكـد الإجابة منه إن كانت قـريبـة عهد بزواج من رجل بعيد عن الوسط الذي ذاع فيه أمـر اغتصابها.
  • يُـرجئ الطبيـب في الحالات الثلاث الأخيـرات (6-7-8) مـوعـد الجـراحـة لِمـا بعـد الاطمئنـان لخلـوّ الـرحـم من حمـل محتمـل, وذلك بتمـريـر حيضـة عـادة؛ فقـد تكـون طالبـة الـرتـق حاملاًسواءٌ بمطاوعـة منها أم بإكـراه, ثم تتـزوج بعـد رتق الغشـاء وهو ما يعني إلحاقَ الحمـل بالـزوج وما يسـتتبع ذلك من النفقـة على المولـود وتـوريثـه, وكـلُّ هذا محـرّم.
  1. وأخيـراً إذا علـم الطبيـب الـذَّكـر وجـود النظيـر لـه من الجنـس الآخـر( طبيبة), وجب التّحـويـل منه إلى تلك الطبيبة لانتفـاء الضـرورة وتقليلاً من حجم مفسـدة انكشـاف العـورة.

والجدير بالتنبيه إليه نهاية أنّ القول بالحرمة ديانة, يستلزم المساءلة قضاء حال رفع الشكاية؛ كأن تنهض دعوى مثلاً بحق امرأة عرفت بالفجور أو متزوجة رتقت غشاءها خداعاً لزوجها المنتظر فحينها لا يملك قاضي الموضوع إلا تعـزيرها بما يراه منسجماً بالصادر عنها من الخضوع لعمل جراحي منهيّ عنه مع ما أضيف إليه من وجود الخداع والغــش وكشـف العورة من غير داع معتبر ، على أنّ الطبيب الذي أجرى لها تلك الجراحة لن يكون في عافية من المساءلة القضائية التي قد يمتــد حجم التعزير فيها ليشـمل سـحب شهادته العلمية, أو منعَـه مزاولة أعماله الطبية فترة من الزمن مع التوصية بنشر حكمه عبر الصحف والجرائد([37])

موقف القانون الوضعي في الدول العربية:

الحقيقـة أنّـه ليس في قوانين الدول العربية, ما يجعل إجراء جراحة رتق غشـاء البكـارة عملاً مُجرماً وممنوعاً.

 ومن المعلوم قانوناً أنه إذا فُقد النصّ القانوني في مجال التجـريم والعقاب فإن ذلك يـدل على إباحة الفعل؛ إعمالاً لمبدأ انتفاء المشروعية المسلَّم به في منطق القانون الوضعيّ وهـو:”لا جـريمة ولا عقـوبة بغيـر نصّ قانونيّ”([38]). وكما هو معلوم قانوناً أنّ التجـريم لا يجـري عليه القياس، ولا يجوز استجلاؤه من نصوصٍ غير تلك التي تقـرره تحديداً.

إذن فمشروعية إجراء تلك الجـراحـة قانوناً أوضح من أن يُـستدلّ عليها، ويكفي  دلالـة أنه لا يوجد ما يحظرها أو يقرر عقاباً على فعلها وإن باجتهاد واحد من محاكم النقض. وفي ظلّ غياب هذا النصّ يكون إجراؤها عملاً قانونياً مشروعاً  ما لم يـرافقـه جـريمـة نصّ المشرع عليها؛ إذ للقانون الجزائيّ في هذه المسألة مساحة يكون وجودها رهـنـاً بقيام الادعاء الشخصيّ من زوج على زوجته التي بان له أنها ممن خضع لعمل طبيّ خاطت من خلاله غشاء بكارتها بعـد تمزقه بفعل الفاحشة, ففي هذه الصورة الوحيدة فقط, يكون من القانون بعد التثبّـت تجـريمها بغـشّ الزوج وخداعه وكذا الطبيب. غيـر أنه لن يكون التجــريم لسبب الرتـق المحرّم كما هو الشأن في الفقه والقضاء الإسلاميّ بل للتغرير الحاصل .

 غشــاء البَـكـارة الصناعيّ:

 هذه المسألة من النوازل المعاصرة التي يجدر التعرض لها قبل نهاية البحث؛ حيث لـم تعـد الفتـاة التي فقـدت عُـذريتهـا بسـبب تفــريطها في أعــزّ ما أودع الله تعالى فيها من حيـاء, كما هو الغالـب في حالات تمـزق الغشـاء هـذه الأيـام, بحاجـة إلى الكثير من المـال كي تـدفعـه للطبيـب الجـرّاح طالبـة منه الســتر بتـرقيـع خطيئتها, ثم إعـادة عَــرضهـا على الفحص السَّــريـري للتـأكـد من نجاح الجـراحـة وإلّا فالإعادة؛ إذ أصبـح من بعض البلـدان الصناعيـة الكبـرى, من يحنـو على هـذا الصنـف من الفتيـات المسـلمات على وجـه الخصوص في أكثــر بلـدان الشـرق المسلمة وعلى المغتـربـات منهـنَّ في بلاد المهجـر من العالم؛ وذلك من خلال مـا يقـدّم لهـنَّ من خـدمـة جليلـة تتمثّـل في تقـديـم الـدليـلِ على طـهـر الفتـاة وعفّتـهـا من ناحيـة, والبـديـلِ عن اللجـوء إلى العمـل الجـراحيّ المكـلـف نسـبياً من ناحيـة أخـرى!.

والمعنيُّ بالـدليـل والبـديـل بآن, ما يعـرف اليوم  بـِ”غشــاء البكـارة الصناعيّ” الذي يثبّـت طبياً قـريبـاً من فـوهـة المهبـل ليطلق سائلاً أحمر يشبه الدم عند بدء الممارسة الجنسية. ولا يـدري الـواحـد كم جـرَّ وسيـجـرُّ هـذا الغشـاء على البلاد الإسـلامية من مفاسـد عظيمـة؟!؛ ولا سـيَّما أنّ الواقع أثبـت أنّ أكثر اللائي اسـتخدمنـه كـنّ يـهدفن إلى إخفاء الممارسـة الجنسـية قبل الزواج, وهو ما يعني نتيجـةً أنّ أساس العلاقـة الـزوجية كانت مبنيـة على الغـشّ والكـذب, فضلاً عن شــيوع ســـوء الظـنّ بالحـرائـر العفيفـات!. ومع ذلك, لا يمكن فصل الحكم في ذلك الغشاء عما تقرر من حكم الرتق للغشاء الطبيعيّ وقد تقدّم, غاية الأمر أنّ انتشار الغشاء الصناعيّ في بلدة ما مؤذنٌ بشيوع الفاحشة فيها.

  ولا شك عند أحد من العلماء بحرمة هذا الفعل، ولا يكـون مدعاة لكبير العجب مطالبة  بعض أعضاء مجمع البحوث الإسلامية في جامعة الأزهر بتطبيق حدِّ الحرابة على من يقوم باسـتيراد غشاء البكارة الاصطناعيّ إلى بلاد المسلمين؛ باعتبـاره من المفسدين في الأرض….. بسبب نشـر الرذيلة في المجتمع عموماً على ما يحكيـه ويدل عليه الـواقـع([39]).

الخاتمة : وتتضمن أهم النتائج والتوصيات .

أولاً- أهم نتائج البحث :

  1. يجوز إجراء عملية رتق البكارة ويُعدُّ من قبيل العمليات الجراحية الجائزة والمباحة في الحالات التالية :
  2. في الحالات الطبيعية التي تفوت معها البكارة ولا يد للفتاة بها .
  3. في حالات الاعتداء عليها بالإكراه ( الاغتصاب ).
  4. إذا كانت طالبة الرتق غير بالغة ؛ سـواء كان سـبب التّمـزّق طبيعياً ولا يد للفتاة فيه أم معصيـة؛ لأنها على فـرض الاحتمـال الثاني فإنها غيـرُ مسـؤولـة  شرعاً وقضاء.
  • لا يجوز إجراء رتق البكارة ويُعدُّ من قبيل العمليات الجراحية المحرمة في الحالات الآتية:
  • إذا كانت متزوجة وبطلب من الزوج ترفهاً أو كانت مطلقة أو أرملة .
  • إذا ادّعـت البالغـة الـراشـدة أنّ صـدمـة قـويـة أو ســقطـة أصابتها منـذ سـاعات أو أيـام, ورأى الطبيـب آثـار كُــدُوم أو رضوض قـريبـة من المكـان, فالقـول قـولهـا ويجـري لها الجـراحـة.
  • إذا ادّعـت البالـغـة الـراشـدة أن صـدمـة قـويـة أو سـقطـة أصابتها في سـني الصغـر, فالقـول قـولها ما صادق التشـخيص والفحص السَّــريـريّ على ادّعـائها لجهة أقـدميـّـة التـمـزق, على أنه أمـر يمكن لأيّ جـراح يملك أساسيات علم الطبِّ إدراكـه.
  • إذا ادّعـت البالـغـة الـراشـدة أن صـدمـة قـويـة أو سـقطـة أصابتها في سـني الصغـر وأنها مقبلة على الزواج , وأظهر الكشف السريـري كذبها لجهة قرب عهد التمزق بفعل الوطء, فإنه لا يجيبها؛ تغليباً منه للظنّ بأنه تمـزق ناتج عن فعل الخطيئة ولم يعقبه توبة منها صادقة؛ بقرينة كذبها وأخذاً بالأحوط . إلا إذا قامت قرينة أقوى دلت على توبتها وندمها أو دلت على كونها مكرهة عملاً بأصل حسن الظن والستر .
  • إذا أقــرّت البالغـة الـراشـدة بممـارسـتها الفاحشة وأكّـدت على صدق تـوبتهـا, وظهــر بما لا يـدع للشَّــك مجالاً أنها في محيط لن يغفـر لها خطيئتها إلا بقتلـها , فيجوز للطبيب أو الطبيبة إجراء الرتق دونمـا تـردّد.
  • إذا أقــرّت البالغـة الـراشـدة بممـارسـتها الفاحشة وأكّـدت على إنـابتهـا وصدق تـوبتهـا, واطمأن الطبيب لذلك بظهور أمارات تشهد يصدقها, أو تعسـر الوقوف على حجـم الصـدق في التـوبـة التي تـدَّعيها, فالمقـدَّم حسن الظنّ وبالتالي المضيّ بإعمـال الجـراحـة؛ إذ الاعتراف بداية منها بالخطيئة قـرينة تفيـد صدقها برسوخ التوبة.
  • إذا ادعت الفتاة البالغة اغتصابها ممن اعترف بتلك الجناية تحت قبـة القضاء  وتم التحقق من ذلك, أو توافق زعمهـا مع ما شاع في الأوساط من تعرضها لتلك الجريمة, أو مع ما تحصل لديه من علم خاصّ يؤكـد صدقها, أجاب الطبيب طلبها.
  • يُـؤخر الطبيـب في الحالات الثلاث الأخيـرة(6-7-8) مـوعـد الجـراحـة لِمـا بعـد الاطمئنـان لخلـوّ الـرحـم من حمـل محتمـل, وذلك بتمـريـر حيضـة عـادة ؛ فقـد تكـون طالبـة الـرتـق حاملاًسواءٌ بمطاوعـة منها أم بإكـراه, ثم تتـزوج بعـد رتق الغشـاء بحسب العادة؛ وهو ما يعني إلحاقَ الحمـل بالـزوج، وما يسـتتبع ذلك من النفقـة على المولـود وتـوريثـه, وكـلُّ هذا محـرّم.

9- إذا علـم الطبيـب الـذَّكـر وجود طبيبة مختصة وجب التّحـويـل منه إليها لانتفـاء الضـرورة وتقليلاً من حجم مفسـدة انكشـاف العـورة.

ثانياً- التوصيات :

  1. يوصي الباحث بوجوب وضع تقنين يعالج هذه المسألة بسبب كثرة وقوعها حتى أصبحت بحاجة لبيان حكمها قانوناً ملزماً .

ب – يوصي الباحث بوضع تقنين في القانون الجزائي يجرم حالات الرتق المحرمة التي سبق الإشارة إليها في البحث ، ويحدد عقوبة تعزيرية عليها .

ثالثاً : تقنين مقترح للبحث للفائدة منه مستقبلاً :

المادة الأولى: يجوز إجراء عملية رتق البكارة ويُعد من قبيل العمليات الجراحية الجائزة والمباحة في الحالات التالية :

       أ ) في الحالات الطبيعية التي تفوت معها البكارة ولا يد للفتاة بها .

       ب ) في حالات الاعتداء عليها بالإكراه .

المادة الثانية: لا يجوز إجراء رتق البكارة ويُعدُّ من قبيل العمليات الجراحية الممنوعة والمجرمة في الحالات الآتية:

أ ) إذا كانت متزوجة وبطلب من الزوج ترفهاً أو كانت مطلقة أو أرملة .

ب ) إذا كانت طالبة الرتق غير بالغة ؛ سـواء كان سـبب التّمـزّق طبيعياً ولا يد للفتاة فيه أم معصيـة؛ لأنها على فـرض الاحتمـال الثاني غيـرُ مسـؤولـة شرعاً وقضاء.

ت ) إذا كانت طالبـة الـرتـق متـزوجـة أو مطلّـقـة أو أرملـة, فلا يُجيـبها الطبيب إلى إجـراء الجـراحـة مطلقـاً.

المادة الثالثة: إذا ادّعـت البالغـة الـراشـدة أنّ صـدمـة قـويـة أو ســقطـة أصابتها منـذ سـاعات أو أيـام, ورأى الطبيـب آثـار كُــدُوم أو رضوض قـريبـة من المكـان, فالقـول قـولهـا ويُجـري لها الجـراحـة.

المادة الرابعة : إذا ادّعـت البالـغـة الـراشـدة أن صـدمـة قـويـة أو سـقطـة أصابتها في سـني الصغـر, فالقـول قـولها ما صادق التشـخيص والفحص السَّــريـريّ على ادّعـائها لجهة أقـدميـّـة التـمـزق.

المادة الخامسة: إذا ادّعـت البالـغـة الـراشـدة أن صـدمـة قـويـة أو سـقطـة أصابتها في سـني الصغـر وأنها مقبلة على الزواج , وأظهر الكشف السريـري كذبها لجهة قرب عهد التمزق بفعل الوطء, فإنه لا يجيبها؛ تغليباً منه للظنّ بأنه تمـزق ناتج عن فعل الخطيئة ولم يعقبه توبة منها صادقة؛ بقرينة كذبها وأخذاً بالأحوط .

المادة السادسة: يجوز للطبيب أو الطبيبة إجراء الرتق دونمـا تـردّدإذا أقــرّت البالغـة الـراشـدة بممـارسـتها الفاحشة وأكّـدت على صدق تـوبتهـا, وظهــر بما لا يـدع للشَّــك مجالاً أنها في محيط لن يغفـر لها خطيئتها إلا بقتلـها .

المادة السابعة: إذا أقــرّت البالغـة الـراشـدة بممـارسـتها الفاحشة وأكّـدت على إنـابتهـا وصدق تـوبتهـا, واطمأن الطبيب لذلك بظهور أمارات تشهد يصدقها, أو تعسـر الوقوف على حجـم الصـدق في التـوبـة التي تـدَّعيها, فالمقـدَّم حسن الظنّ وبالتالي المضيّ بإعمـال الجـراحـة؛ إذ الاعتراف بداية منها بالخطيئة قـرينة تفيـد صدقها برسوخ التوبة.

المادة الثامنة: يجوز للطبيب إجراء عملية الرتق إذا ادعت الفتاة البالغة اغتصابها  ممن اعترف بتلك الجناية تحت قبـة القضاء  وتم التحقق من ذلك, أو توافق زعمهـا مع ما شاع في الأوساط من تعرضها لتلك الجريمة.

    المادة التاسعة: يُـرجئ الطبيـب في الحالات الثلاث الأخيـرات(6-7-8) مـوعـد الجـراحـة لِمـا بعـد الاطمئنـان لخلـوّ الـرحـم من حمـل محتمـل, وذلك بتمـريـر حيضـة عـادة ؛ فقـد تكـون طالبـة الـرتـق حاملاًسواءٌ بمطاوعـة منها أم بإكـراه, ثم تتـزوج بعـد رتق الغشـاء بحسب العادة؛ وهو ما يعني إلحاقَ الحمـل بالـزوج، وما يسـتتبع ذلك من النفقـة على المولـود وتـوريثـه, وكـلُّ هذا محـرّم.

المادة العاشرة: يُعاقب الطبيب أو الطبيبة بمبلغ قدره يساوي قيمة 200 دولار إلى 500 دولار أمريكي، بالعملة المحلية لكل بلد ، ويرجع تحديد المبلغ في كل حالة مجرمة إلى سلطة القاضي التقديرية نظراً لكل حالة ممنوعة فيما سبق بيانه ، مع السجن شهراً كاملاً .

فهرس المصادر والمراجع

القرآن الكريم .

  1. محمود بن عمر بن أحمد الزمخشريّ, أبو القاسم جار الله (538ه), أساس البلاغة, تحقيق: محمد باسل عيون السود, دار الكتب العلمية, بيروت, لبنان, ط1, 1419ه-1998م.
  2. مجمع اللغة العربية في القاهرة, المعجم الوسيط, مكتبة الشروق الدولية, القاهرة, مصر, ط4, 2004م.
  3. محمد بن يعقوب, مجد الدين أبو طاهر الفيروز آبادي (817ه), القاموس المحيط, تحقيق: مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة, بإشراف محمد نعيم العرقسوسي, مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر, بيروت, لبنان, ط8, 1426ه-2005م.
  4. محمد بن مكرم, جمال الدين أبو الفضل بن منظور الأفـريقيّ المصريّ(711ه), لسان العرب,  تحقيق: عبد الله علي الكبير ورفاقه, دار المعارف, القاهرة, مصر, د.ط, د.ت.
  • زين العابدين بن إبراهيم, المعروف بابن نُجيْم الحنفيّ (970ه), البحر الرائق شرح كنز الدقائق, دار المعرفة, بيروت, لبنان, د.ط, د.ت.
  • محمد بن يوسف, أبو عبد الله العبدريّ(897ه), التاج والإكليل لمختصر خليل, دار الفكر, بيروت, لبنان, د.ط, 1398ه.
  •  زكريا بن محمد بن زكريا, زين الدين أبو يحيى الأنصاريّ (926ه), أسنى المطالب في شرح روض الطالب, تحقيق:محمد تامر, دار الكتب العلمية, بيروت, لبنان, ط1, 1422ه-2000م.
  • محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع, أبو عبد الله الشافعيّ(150-204ه), الأم, دار المعرفة, بيروت, لينان, د.ط, 1393ه.
  • عبد الله بن أحمد, أبو محمد بن قُدامة المقدسيّ(620ه), المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيبانيّ, دار الفكر, بيروت, لبنان, ط1, 1405ه.
  • علي بن أحمد بن سعيد, أبو محمد بن حزم الأندلسيّ(456ه), المحلّى, تحقيق: محمد منير الدمشقيّ, إدارة الطباعة المنيرية, القاهرة, مصر, ط1, 1352ه.
  • أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل, أبو العباس شهاب الدين البوصيري الكنانيّ(840ه), إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة, تحقيق: أبو تميم ياسر بن إبراهيم, دار الوطن للنشر, الرياض, السعودية, ط1, 1420ه-1999م.
  • يوسف بن عبد الله, أبو عمر النّمـريّ القرطبيّ (463ه), الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار, تحقيق: سالم عطا ومحمد معوض, دار الكتب العلمية, بيروت, لبنان, د.ط, 2000م.
  • محمد بن إسماعيل, أبو عبد الله البخاريّ الجعفيّ(194-256ه), الجامع الصحيح, تحقيق:  مصطفى ديب البغا, دار ابن كثير, بيروت, لبنان, ط3, 1407ه-1987م.
  • سليمان بن الأشعث, أبو داود السجستانيّ (202-275ه), ســنن أبي داود, دار الكتاب العربي, بيروت, لبنان, د.ط, د.ت.
  • محمد بن يزيد, أبو عبد الله القزوينيّ (273ه), ســنن ابن ماجه, تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي, دار الفكر, بيروت, لبنان, د.ط, د.ت.
  • محمد بن عيسى, أبو عيسى الترمذيّ السّــلميّ(279ه), ســنن الترمذيّ, تحقيق: أحمد محمد  شاكر وآخرين, دار إحياء التراث العربي, بيروت, لبنان, د.ط, د.ت.
  • أحمد بن الحسين, أبو بكر البيهقيّ (458ه), الســنن الكبرى, دائرة المعارف النظامية, حيدر آباد, الهند, ط1, 1344ه.
  • أحمد بن شعيب, أبو عبد الرحمن النَّــسائيّ (303ه), ســنن النسـائي الكبرى, تحقيق: عبد الغفار البنداريّ وسيد حسن, دار الكتب العلمية, بيروت, لبنان, ط1, 1991م.
  • أحمد بن محمد, أبو جعفـر الطّـحاويّ (321ه), شـرح معاني الآثار, تحقيق: محمد زهري النجار, دار الكتب العلميـة, بيروت, لبنان, ط1, 1399ه.
  • مسلم بن الحجاج, أبو الحسين القشيريّ النيسابوريّ(261ه), صحيح مسلم, تحقيق: محمد فـؤاد عبد الباقي, دار إحياء التراث العربي, بيروت, لبنان, ط2, 1972م.
  • علي بن أبي بكر بن سليمان, أبو الحسن نور الدين الهيثميّ(707ه), مجمع الزوائد ومنبع الفوائد, دار الفكر, بيروت,لبنان, د.ط, 1412ه.
  • محمد بن عبد الله, أبو عبد الله الحاكم النيسابوريّ (405ه), المستدرَك على الصحيحين, تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا, دار الكتب العلمية, بيروت, لبنان, ط1, 1411ه-1990م.
  • عبد الرزاق بن همـام, أبو بكر الصنعانيّ (221ه), مصنف عبد الرزاق, تحقيق: حبيب الأعظميّ, المكتب الإسلاميّ, بيروت, لبنان, ط2, 1403ه. 
  • مالك بن أنس الأصبحيّ(179ه), الموطّـأ, تحقيق: محمد مصطفى الأعظميّ, مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان, الإمارات العربية, ط1, 1425ه-2004م.
  • محمد بن جرير الطبريّ(310ه), جامع البيان في تأويل القرآن, تحقيـق: أحمد محمد شاكـر, مؤسسة الرسالة, بيروت, لبنان, ط1, 1420ه-2000م.
  • وهيب نيني, الطبيب ومسؤوليته المدنية, د.ن, بيروت, لبنان, ط1, 1977م.
  • محمد ياسين, أبحاث فقهية في قضايا طبية معاصرة, دار النفائس, عمان, الأردن, ط1, 1996م.
  • محمد خالد منصور, الأحكام الطبية المتعلقة بالنساء في الفقه الإسلاميّ, دار النفائس للنشر والتوزيع, عمان, الأردن, ط2 .
  • محمد المختار السّـلامي , الطبيب بين الإعلان والكتمـان, بحث مقـدم لندوة: الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية
  •  محمد بن محمد المختار الشنقيطيّ, أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها, مكتبة الصحابة, جدة, السعودية, ط2, 1415ه-1994م.

31-عز الدين التميميّ, رتق غشاء البكارة من منظور إسلاميّ, بحث علمي مقدم لندوة: الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية, ص563. بتصرف ونقلاً عن: محمد خالد منصور, المرجع السابق, والموضع نفسه.

حسام الدين عفانة, فتاوى يسألونك : موقع:WWW.YASALOONAK.net

  • توفيق الواعي, حكم إفشـاء السـرّ في الإسلام, بحث مقـدم لندوة: الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية,ص170-171. نقلاً عن: محمد منصور, الأحكام الطبية المتعلقة بالنساء في الفقه الإسلامي, م.س, ص212.
  • قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلاميّ التابع لمنظمة المؤتمر الإسلاميّ, رقم 1/147, ج1, ص333. نقلاً عن الموقع الإلكتروني: إسلام أون لاين:www.islamonline.netعلى الشبكة العنكبوتية.

33-وهيـب نيني, الطبيب ومسؤوليته المدنيـة, د.ن, بيروت, لبنان, ط1,  1977 م .

34-محمد خالد منصور, الأحكام الطبية المتعلقة بالنساء في الفقه الإسلاميّ, دار النفائس للنشر والتوزيع, عمان, الأردن, ط2, 1420ه-1999م,

35-محمد بن محمد المختار الشنقيطيّ, أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها, مكتبة الصحابة, جدة, السعودية, ط2, 1415ه-1994م .

36-عز الدين التميميّ, رتق غشاء البكارة من منظور إسلاميّ, بحث علمي مقدم لندوة: الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية .

37-حسام الدين عفانة, فتاوى يسألونك,. نقلاً عن: موقع:WWW.YASALOONAK.net

38-محمد المختار السّـلامي , الطبيب بين الإعلان والكتمـان, بحث مقـدم لندوة: الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية .

39-محمد نعيم ياسين, رتـق غشـاء البكـارة في ميزان المقاصد الشرعية, بحث مقـدم لندوة: الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية .

40-لجنة إعداد المناهج بالجامعة الأمريكية المفتوحة- كلية الدراسات الإسلامية والعربية, فقـه النـوازل, بحث مثبت على الـموقع الإلكتـروني: www.islamfeqh.com من الشبكة العنكبوتية.

41-عبد الله مبـروك النّـجار, الحكم الشرعي لجـراحة إصلاح غشـاء البكـارة ، دراسة فقهية مقارنـة, بحث مقـدم إلى مؤتمر: مجمع البحـوث الإسلامية الثالث عشر, 10/مارس- آذار2009م, ومثبت على إحدى صفحات الموقع الإلكترونيّ:www.waqfeya.com.

42-عبد العزيز بن عبد السلام المعروف بالعـزّ, أبو محمد السّلميّ الدمشقيّ (660ه), قواعد الإحكام في مصالح الأنام, تحقيق: محمود بن التلاميد الشنقيطيّ, دار المعارف, بيروت, لبنان, د.ط, د.ت .


([1]) انظر: ابن منظور, لسان العرب, ج4, ص2858.

([2]) انظر: ابن منظور, لسان العرب, م.س, ج10, ص114. ومحمود بن عمر بن أحمد الزمخشريّ, أبو القاسم جار الله(538ه), مجمع اللغة العربية, والمعجم الوسيط, م.س, ج1, ص327، أساس البلاغة, تحقيق: محمد باسل عيون السود, دار الكتب العلمية, بيروت, لبنان, ط1, 1419ه-1998م, ج1, ص336. مادة رتق .

([3])انظر: وهيـب نيني, الطبيب ومسؤوليته المدنيـة, د.ن, بيروت, لبنان, ط1, 1977, ص297.

([4]) نقلها بتمامها وما دار فيها من مناقشات علمية: محمد خالد منصور, الأحكام الطبية المتعلقة بالنساء في الفقه الإسلاميّ, دار النفائس للنشر والتوزيع, عمان, الأردن, ط2, 1420ه-1999م, ص211 وما بعدها.

([5]) ينظر: محمد بن محمد المختار الشنقيطيّ, أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها, مكتبة الصحابة, جدة, السعودية, ط2, 1415ه-1994م, ص429 وما بعدها.

([6]) عز الدين التميميّ, رتق غشاء البكارة من منظور إسلاميّ, بحث علمي مقدم لندوة: الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية, ص563. بتصرف ونقلاً عن: محمد خالد منصور, المرجع السابق, والموضع نفسه.

([7]) ينظر: حسام الدين عفانة, فتاوى يسألونك, ج3, ص159. نقلاً عن: موقع:WWW.YASALOONAK.net

([8])محمد المختار السّـلامي, الطبيب بين الإعلان والكتمـان, بحث مقـدم لندوة: الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية, ص81. بتصرف . 

([9]) توفيق الواعي, حكم إفشـاء السـرّ في الإسلام, بحث مقـدم لندوة: الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية,ص170-171. نقلاً عن: محمد منصور, الأحكام الطبية المتعلقة بالنساء في الفقه الإسلامي, م.س, ص212.

([10]) ينظر: قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلاميّ التابع لمنظمة المؤتمر الإسلاميّ, رقم 1/147, ج1, ص333. نقلاً عن الموقع الإلكتروني: إسلام أون لاين:www.islamonline.netعلى الشبكة العنكبوتية.

([11])محمد نعيم ياسين, رتـق غشـاء البكـارة في ميزان المقاصد الشرعية, بحث مقـدم لندوة: الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية, ص606-607. بتصرف نقلاً عن: محمد منصور, الأحكام الطبية المتعلقة بالنساء. م.س, ص212 وما بعدها.

([12]) ينظر: لجنة إعداد المناهج بالجامعة الأمريكية المفتوحة- كلية الدراسات الإسلامية والعربية, فقـه النـوازل, ص218 وما بعدها. بحث مثبت على الـموقع الإلكتـروني: www.islamfeqh.com من الشبكة العنكبوتية.

([13]) ينظر: عبد الله مبـروك النّـجار, الحكم الشرعي لجـراحة إصلاح غشـاء البكـارة- دراسة فقهية مقارنـة, بحث مقـدم إلى مؤتمر: مجمع البحـوث الإسلامية الثالث عشر, 10/مارس- آذار2009م. ص16-31, ومثبت على إحدى صفحات الموقع الإلكترونيّ:www.waqfeya.com. وينبه إلى أنّ الرأي الخامس هذا لم يكن العرض له في الندوة العلمية في دولة الكويت, وإنما كان تحريم الرتق للفاجرات من جملة ما اتفق عليه المشاركون فيها.  

([14]) أخرجه: البخاريّ, صحيح البخاري, م.س, كتب: الأدب, باب: ستر المؤمن على نفسه, رقم/5721, ج5, ص2254. مسلم, صحيح مسلم, م.س, كتاب: الزهد والرقائق, باب: النهي هم هتك الإنسان ستر نفسه, رقم/2990, ج4, ص2291, وكلاهما من حديث أبي هريرة, واللفظ للبخاريّ. والمَجانة: الاستهتار وعدم المبالاة.

 -([15]) أخرجه أبو داود في ” الحدود ” ، والنسائي ، وابن ماجه في ” الطلاق ” . ورواه الحاكم في ” كتاب المستدرك في أواخر الصلاة ” ص(373)، وقال : حديث  صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه .انظر نصب الراية للزيلعي ج 5 / 371 .

([16]) ينظر: ابن نجيم, البحر الرائق, م.س, ج3, ص124.العبدريّ, التاج والإكليل, م.س, ج3, ص490. زكريا الأنصاري, أسنى المطالب, م.س, ج3¸ص176. ابن قدامة, المغني, م.س, ج7, ص422. ابن حزم, المحلى, م.س, ج11, ص276.  وينظر الجرائم الجنسية ، منير زمار ص306.

([17]) رواه: عبد الرزاق, مصنف عبد الرزاق, م.س, كتاب: الطلاق, باب: قوله لم أجـدك عذراء, رقم/12406, ج7, ص106. 

([18]) ينظر: ابن قدامة, المصدر السابق, والموضع نفسه. 

 -([19])  ينظر :الجرائم الجنسية، منير زمار ص 307.

  ([20]) ينظر: عبد العزيز بن عبد السلام المعروف بالعـزّ, أبو محمد السّلميّ الدمشقيّ (660ه), قواعد الإحكام في مصالح الأنام, تحقيق: محمود بن التلاميد الشنقيطيّ, دار المعارف, بيروت, لبنان, د.ط, د.ت, ج1, ص98. 

([21]) ينظر: الشافعيّ, الأم, م.س, ج5, ص40.        

 -([22])ينظر : الجرائم الجنسية منير زمار ص 307- 308.

([23]) رواه: مسلم, صحيح مسلم, م.س, كتاب: الذكر والدعاء.., باب: فضل الاجتماع.., رقم/2699,ج4, ص2074. من حديث أبي هريـرة t. 

([24]) رواه: النَّسائيّ, سنن النسائي الكبرى, م.س, كتاب: الرجم, باب: الستر على الزاني, رقم/7280, ج4, ص307. الحاكم, المستدرك, م.س, كتاب: الحدود, رقم/8080, ج4, ص403. وقال: صحيح. ووافقه الذهبيّ.

([25]) للاطلاع على مزيد من الآثار ينظر: البيهقيّ, السنن الكبرى, م.س, كتاب: النكاح, باب: ما يُستدل به على قصر الآية, رقم/14249, ج7, ص155. مالك, الموطأ, م.س, كتاب: النكاح, باب: جامع النكاح, رقم/1141, ج2, ص547. علي بن أبي بكر, نور الدين الهيثميّ (807ه), بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث, مركز خدمة السنة والسيرة النبوية, المدينة, السعودية, تحقيق: حسين الباكريّ, ط1, 1413ه, كتاب: الحدود والدّيات, باب: فيمن أصاب حداً ثم تاب, رقم/507, ج2, ص559.ابن عبد البرّ, الاستذكار, م.س, ج5, ص539. وغيرهم.

([26]) رواه: عبد الرزاق, مصنف عبد الرزاق, م.س, كتاب: النكاح, باب: ما ورد من النكاح, رقم/10690, ج6, ص246-247. وغيره. وبعد أن ذكره شهاب الدين البوصيري قال: هذا إسنادٌ رجاله ثقات, إلا أنه منقطع؛ فإن رواية الشعبيّ عن عمر مرسلة. أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل, أبو العباس شهاب الدين البوصيري الكناني (840ه), إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة, تحقيق: أبو تميم ياسر بن إبراهيم, دار الوطن للنشر, الرياض, السعودية, ط1, 1420ه-1999م, ج4, ص 272.

([27]) رواه: ابن ماجه, سنن ابن ماجه, م.س, باب: ذكر التوبة, رقم/4250, ج2, ص1419. وقد ذكر محققه قول “السخاويّ” بعد أن ذكر من رواه كالقرطبيّ والبيهقيّ: رجاله ثقات. بل حسنه شيخنا- يقصد: ابن حجر- لشواهده.

([28]) ينظر: العبدريّ, التاج والإكليل, م.س, ج3, ص491.

([29]) ينظر: ابن نجيم, البحر الرائق, م.س, ج3, ص124.

([30]) ينظر: محمد بن جرير الطبريّ(310ه), جامع البيان في تأويل آي القرآن, تحقيق: محمود وأحمد شاكر, مؤسسة الرسالة, بيروت, لبنان, ط1, 1420ه-2000م, ج9, ص584. وينبّـه إلى أنّ النقـل للمحـقق: محمود شاكر .

([31]) ينظر: ابن عبد البرّ, الاستذكار,م.س, ج5, ص539.

([32]) ينظر: الهيثميّ, زوائد الهيثمي,م.س, ج2, ص559.

([33])رواه مالك في ((الموطأ)) (5/1198)، والنَّسائي في ((السُّنن الكبرى)) (4/306) (7277). من حديث سعيد بن المسيب. قال ابن حزم في ((المحلَّى)) (11/146)، والزَّيلعي في ((نصب الرَّاية)) (4/75): مرسل. وقال ابن عبد البر في ((التمهيد)) (23/125): [مرسل] وهو يستند من طرق صحاح.

 -([34]) ينظر الجرائم الجنسية ، منير زمار ص 311- 312.

([35]) ينظر: ابن نجيم, البحر الرائق,م.س,ج3, ص124.العبدريّ, التاج والإكليل,م.س,ج3, ص490. الشافعيّ, الأم, م.س,ج5, ص132. ابن قدامة, المغني, م.س,ج7, ص422. ابن حزم, المحلّى, م.س, ج11, ص276. 

 -([36]) سبق تخريجه ص 15.

 -([37]) ينظر فيما سبق الجرائم الجنسية، منير زمار ص 313 – 316 .

 ([38])انظر المادة/29من الدستور السّوريّ لعام1973م, و:(م/66) من المصريّ, و:(م/8) من اللبنانيّ, و:(م/23) من الكويتيّ, و:(م/27) من الإماراتيّ, و:(م/20) من العراقيّ. ينظر:محمود زكي شمس, شرح قانون العقوبات, م.س, ج1,ص17.أحمد شوقي أبو خطوة, المساواة في القانون الجنائي,م.س, ص54 وما بعدها.

([39]) أمثال: عميـد كلية أصول الدين بجامعة الأزهــر- سـابقاً- “عبد المعطي بيوميّ” والدكتور: “محمد رأفـت عثمان”.ينظر: الموقع الإلكترونيّ: مصريات, على الرابط:www.masreat.com  من الشبكة العنكبوتية.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *